الصمت والتأويل/ المصطفى اكليب

التأويل مفهوم له مسار معرفي وحقول دلالية يتم استخدامه فيها، ولكن من أبسط دلالاته أنه (إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقية إلى الدلالة المجازية من غير أن يخل في ذلك بعادة لسان العرب) حسب تعريف ابن رشد.

وهذا يعني أن المؤول يتجاوز المعنى الظاهر بحثا عن معنى أكثر تماسكا.

فالتأويل إذن يرتبط بالملفوظ أو المكتوب، إلا أن الصمت أحيانا قد يحتاج إلى تأويل، وفي هذا الإطار تساءل بعض الدارسين عن صمت الغزالي عن الكندي أثناء نقده لفلاسفة المسلمين؛ باحثين عن دلالة ذلك الصمت .

وهو السؤال نفسه الذي يمكن طرحه إزاء صمت الوزارة عن إضراب المدرسين.

لا شك أن الوزارة تختلف مع المضربين في تقدير الظرفية وفي الأسلوب الذي ينبغي اتباعه للوصول إلى تحقيق الأهداف، وهو أمر مفهوم؛ لأن اختلاف "المواقف" تابع لاختلاف "المواقع".

ولا شك كذلك أن المدرسين قد صبروا طويلا، على مرارة التهميش وتدني الرواتب، ودونية المكانة والإذلال المعنوي، وكان التحرك بالنسبة لهم نوع من تجديد الوجود وتأصيل الكيان حسب تعبير فراتس فانون. 

ولكن عدم استخدام وزارة التهذيب الوطني لمنابر الإعلام العمومي من أجل شن هجوم على المدرسين، يتهمهم بالخيانة والعمالة، والسعي إلى تدمير المنظومة التربية ... إلى آخر مفردات القاموس الذي درجت وزارات الأنظمة السابقة على اتباعه نهج يحسب لها لا عليها حسب تأويلي وقراءتي.

مع أن بعض المدونين المتطوعين حاولوا القيام بذلك الدور التقليدي، هجوما على المدرسين الميدانيين وعلى نقاباتهم المشرعة التي تقود الإضراب من أجل الوصول إلى مطالب مشروعة لم يعد السكوت عنها أو تجاهلها أمرا ممكنا.
وكل شخص ميسر لما خلق له.

ولذلك أقترح إذا انصرمت أيام الإضراب أن يلتقي الطرفان على كلمة سواء تنطلق من معايير متفق عليها، معايير عادلة منصفة.

وعلى الجميع أن يعلم أن التعليم بدون الميدانيين مجرد تجريد نظري ومفهوم فارغ بدون تضمن ولا شمول.