غلاء الأضاحي يحرم الموريتانيين فرحة الاحتفال بعيد الأضحى- موقع الفكر

ما إن يقترب عيد الأضحى حتى تتحول جنبات الطرق والساحات العمومية إلى أسواق مفتوحة لبيع الأغنام، إنها الفرصة التي ينتظرها المنمون كل عام لتعويض ما أنفقوا من أموال على قطعانهم، بل ولتحقيق أرباح غير محسوبة.. إلا أن وفرة العرض مقارنة بمحدودية الطلب هذا العام لا تحمل أي بشائر بتراجع أسعار الأضاحي عن مثيلاتها العام الماضي خاصة في ظل ارتفاع التضخم وتدهور القوة الشرائية للأوقية..

وتكشف المؤشرات الإحصائية إلى استمرار ارتفاع معدلات التضخم إلى حدود 10.1% في فبراير الماضي مقارنة بـ 9.6 % في ديسمبر 2022، كما أن أكثر من 56.9 %من الموريتانيين يعيشون في حالة فقر متعدد الأبعاد.

ارتفاع العرض والطلب

في سوق الأغنام بالميناء والذي يعد من أكبر أسواق الأضاحي في نواكشوط ما تزال الشاحنات تحط حمولتها من الكباش والنعاج المجلوبة من الحوضين أو المناطق الرعوية في ولايات الضفة، كما تصل تباعا القطعان التي يجلبها المنمون من الولايات القريبة، إنها عملية إغراق فوضوية لأسواق الأغنام بنواكشوط تصل ذروتها ليلة عيد النحر، كما صرح أحد المنمين للفكر وهو ما زال يحط قطيعه من الكباش من إحدى الشاحنات.

مواطنون كثر يتوافدون على هذا السوق حتى قبل حلول العيد في مهام البحث عن أضحية غير مجحفة كما يقول الطالب محمد الأمين والذي يشكو من غلاء الأضاحي هذا العام والتي لا يقل ثمنها في المتوسط عن 60ألف أوقية قديمة وهو مبلغ يزيد عن نصف مرتبه الحكومي كمدرس، ومع ذلك يصر على الشراء حتى ولو كلفه الأمر الاستدانة أو اقتراض المبلغ، فلا يريد أن يفوت أجر هذه الشعيرة على حد تعبيره.

السالم ولد عبد الله أكد لنا أن الزوج والأبناء أخرجوه في عز النهار لتلبية مطالبهم المتعددة بمناسبة  العيد، يقول السالم لكنني لا استطيع شراء أضحية تزيد على 30.000 أوقية قديمة، لأني مؤجر لمنزل وأنفق على أبنائي الخمسة وأنفق على دراستهم، والمدرسة يقول السالم تحتجز كشوفهم الدراسية حتى أدفع لها راتب الشهر السادس.

مع أن الحانوت المجاور لنا هو الآخر يطلب علينا ديونا متأخرة.

فأنا يقول السالم سأرجع لعلي أجد من بين  الأقارب أو الأصدقاء من يقرضني لأجل غير مسمى حتى ألبي رغبة الأبناء والزوجة.

عملية كسر العظم

وكغيره من المواطنين من محدودي الدخل فإن الأمل الأخير في العثور على أضحية يكون في ليلة العيد والساعات الأولى من يومه وذلك في انتظار أن تستقر الأسعار أو تعرف بعض التراجع.

إنها عملية كسر العظم بين تجار الأغنام والراغبين في شراء الأضاحي يعلق أحد الباعة.

ومع ذلك تظل الخيارات شبه معدومة أمام رواد أسواق الأغنام هذا الموسم، مما يضطر البعض إلى التأجيل لليوم الثاني أو شراء إناث الضأن بدل الكباش وحتى التيوس والماعز..

ورغم التفاؤل بجودة موسم الأمطار العام الماضي حيث صرح وزير الزراعة قبل أيام أن المنمين الموريتانيين لم يضطروا إلى الانتجاع خارج حدود الوطن هذا العام إلا أن غياب الرقابة والمضاربة في الأسعار وانتهاز فرصة الطلب المتنامي لأداء هذه الشعيرة الدينية لا يترك مجالا للحديث عن انخفاض في أسعار الأضاحي هذا العام والتي تتراوح بين 50وال  100ألف أوقية حسب حجم الأضحية ومواصفاتها كما يقول البائع إبراهيم ولد سيدي من سوق المواشي بالميناء.

ويجمع المتسوقون على غلاء الأسعار مما اضطر البعض لتأجيل الشراء إلى يوم العيد، فيما يواصل آخرون البحث في أسواق الأغنام بغية الحصول على عرض أفضل.

غلاء ومضاربات

في سوق توجنين يقول محمد إبراهيم وهو رب أسرة التقاه موفد موقع الفكر إنه أرجأ الطلب إلى ضحوة الغد لأن الأسعار ما تزال باهظة ولا يستبعد أن شراء نعجة في حال ظلت أسعار الكباش على مستوياتها.

وبالنسبة لبائع الأغنام بسوق الميناء سيد محمد عثمان فإن ارتفاع أسعار الأضاحي مرده غلاء كلفة النقل، وكذا الإيجار والعلف والخدمات المرتبطة بهذه المهنة والتي من أبسطتها تأمين القطعان من السرقة، وتوفير العلف والماء..

ويحل عيد الأضحى في ظل ارتفاع في أسعار اللحوم البيضاء خاصة الدجاج، حيث يتوقع زيادة الطلب على معروضاته خلال أيام العيد.

آثار سلبية

ويوضح بائع الدجاج علي ولد محمود إن المنفذ الذي يعمل فيه يحاول التكيف مع موجة الغلاء بالتركيز على الدجاج المحلي ومن النوعيات الأقل حجما بما تيماشى مع تراجع القوة الشرائية.

ويضيف الشاب الذي يقول إنه لا يفكر في شراء أضحية العيد، إن لحوم الدجاج تشكل بديلا لدى كثيرين ممن لا يجدون حيلة لشراء الأضحية، وينفقون ضمن حدود دخولهم المحدودة.

وكان وزير التنمية الحيوانية الموريتاني قد أكد في لقاء مع نظيره السنغالي أن مصالح القطاع المختصة ستتخذ كافة الترتيبات لضمان التموين السلس للأسواق السنغالية بالأغنام ومشاركة الأسر السنغالية أفراح عيد الأضحى المبارك.

فيما أشاد الوزير السنغالي بهذه الخطوة مشيرا إلى أن موريتانيا تزود السنغال بأعداد كبيرة من الأضاحي ضمن تعاون مثمر يتبادل فيه البلدان الخبرات في مجال الصحة الحيوانية والانتجاع.

وتصدر موريتانيا سنويا إلى السنغال أكثر من 210 آلاف رأس من الضأن، وفق الوكالة الموريتانية للأنباء.