4 سنوات من حكم ولد الغزواني.. اتساع في الإنجازات والتشغيل وارتفاع متزايد في الأسعار- موقع الفكر

في السنة قبل الأخيرة من مأموريته الأولى، يعتقد نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن مساراته التنموية قد بدـأت في النضج وأن أولوياته أصبحت حقيقة مماثلة، ولا تتقاسم مع الرجل المعارضة هذا الرأي، لكن أغلب أطرافها أيضا لا يبالغ في اتهام النظام بالإخفاق

أزمات عند استلام السلطة.

استلم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الحكم في الربع الأخير من العام 2019 بعد انتخابات فاز فيها بنسبة 52%، وقد كان وصوله إلى المنصب سيرا بين أشواك كثيرة، وخصوصا في تدبير العلاقة مع سلفه محمد ولد عبد العزيز،  الذي كان عاقدا العزم على جرجرة ولد الغزواني إلى شوط ثان " خدمة للديمقراطية"

ويؤكد مقربون من النظام لموقع الفكر أن الوضعية التي استلم فيها النظام الحكم كانت الخزينة فيها أقرب إلى الإفلاس، كما كانت ثقة النظام في دوائر النفوذ المتحكمة في الملف المالي والأمني ضعيفة للغاية، وكانت أولى خطوات الرجل هي الإقالة المتتالية للشخصيات القوية التي ترتبط بنظام الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.

ومع أزمة أكجوجت التي حطمت وبشكل نهائي بين "المحمدين" بدأ مسار جديد، لصناعة الهوية الخاصة بنظام ولد الشيخ الغزواني.

تعهداتي وأولوياتي.. في مواجهة عاصفة كوفيد

فوجئ العالم ككل بجائحة كوفيد التي فرضت تغيير الأولويات وحطت من الأسقف العالية للطموح والآمال، وفرضت أولويات جديدة على البلاد بشكل عام، وبعد عبور مرير كلف البلد عدة مئات من أرواح الموريتانيين وآلاف الإصابات، استعاد النظام الصحي للبلاد عافيته وتطورت قدراته مقارنة مع ما كان قبل أزمة كوفيد الماحقة.

وإذا كان كوفيد قد وفر للبلاد إعادة بناء منظومتها الصحية، فإنه أيضا وفر حالة فساد غير مسبوقة وفق ما يتردد بشكل كبير في أورقة وزارة الصحة، ومنع عددا كبيرا من المسؤولين حالة ثراء هائلة لم تكن معروفة عنهم من قبل.

ويمكن باختصار الحديث عن جملة من النجاحات حققتها الحكومة خلال السنوات الأربع وذلك وفق المحاور التالية التي حددتها الحكومة وهي:

1-  دولة قوية وعصرية، في خدمة المواطن؛

2- اقتصاد مَرِن وصامد وصاعد؛

3- تثمين رأس المال البشري لتحقيق التنمية؛

4- مجتمع معتز بتنوعه ومتصالح مع ذاته.

يجزم أنصار النظام بأنه استطاع تقوية الدولة ومؤسساتها، بل وينسبون إليه جزء أساسيا من قوة المؤسسة العسكرية خلال العشرية المنصرمة، باعتبار قيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للمؤسسة العسكرية، طيلة مأموريتين من حكم سلفه ولد عبد العزيز.

لكن لا يمكن الحديث عن قوة الدولة بشكل مطلق في عهد ولد الشيخ الغزواني، بل يمكن الجزم بأنها أصبحت أكثر قوة من ذي قبل، بقدر ما استطاعت وبشكل مؤقت تجاوز أو تحييد بعض أزماتها،  أو ترحيلها، خصوصا فيما يتعلق بالعلاقة مع المعارضة، أو الأزمة العنصرية، إلا أنها تواجه أزمات أخرى منها تفاقم أزمة العنف في محيطها، وتصاعد الصراعات الدولية، خصوصا في ظل تقدم وتفاقم سيطرة مجموعة فاغنير على المناطق الحدودية، وسقوط عدد من المواطنين الموريتانيين بنيران هؤلاء المرتزقة المتوحشين.

وفي بنية النظام فإن التقاعد المتوقع لكبار قادة المؤسسة العسكرية والأمنية سيعيد بناء التوازن داخل القوة الصلبة للدولة، ويدفع بقادة جدد ومطامح وأطماع جديدة.

وإلى جانب ذلك فإن غياب  أي معطيات أو مؤشرات  على الخليفة المرتقب للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بعد اكتمال مأموريته يدفع هو الآخر إلى الترقب ويعزز مطامح الصراع الذي سيبرز خلال السنوات القادمة بين السياسيين وحتى الشخصيات العسكرية الراغبة في كرسي الرئاسة، مالم يبدأ النظام بسرعة ترتيب أوراقه والتنسيق مع الجهات الدولية "المهتمة" بموريتانيا.

 

الحكومة.. أداء متفاوت وحديث متصاعد عن الفساد

تتفاوت وبشكل كبير مستويات الإنجاز بين القطاعات الحكومية، ويمكن اعتبار قطاع الإنشاءات الأكثر فعالية في الرباعية المنصرمة من حكم ولد الشيخ الغزواني، رغم الحديث عن فساد متصاعد وضعف في الالتزام بالمعايير الفنية في المنشآت التي أوكلت إلى عدد من النافذين والمقربين من شخصيات من عمق النظام.

وقد استطاع النظام خلال السنوات المنصرمة بناء أكثر من 2.000 قسم دراسي، وعدد  من المجمعات الوزارية، ومقار المجالس الجهوية،  كما يستعد لبناء أربعة مجمعات وزارية جديدة، إضافة إلى تأهيل عدة مدن من بينها: تمبدغة- النعمة- جيكني- الركيز ومدن أخرى..

ويعمل القطاع حاليا على تهيئة القطاع 22 الذي يضم عدة مدارس وساحات عمومية، ومستشفى، ويتوقع أن يحتضن سكان أكثر من 35 تجمعا عشوائيا، ويضم أكثر من 10 آلاف قطعة أرضية جديدة.

لم يخل عمل قطاع الاسكان من القيل والقال، ومن الأعمال المريبة والغريبة، حيث هدمت البنايات باسم صحيح القانون.

وفي الوقت ذاته تعيش بعض الأسرة مشردة لأكثر من 13 سنة، بسبب مايسميه البعض فساد وكالة التنمية الحضرية.

ويمكن القول إن تسارع العمل في هذا القطاع يرتكز على حجم الأموال الهائلة المتحركة في هذا القطاع والتي يمكن التغطية على ما يمكن أن يشوبها من فساد ومن محسوبية وتأثير النافذين من خلال وتيرة الإنجاز وحجم ما يعلن عنه شهريا من أعمال منتهية، رغم أن الكثير منها لم يدخل حيز الخدمة.

المدرسة الجمهورية.. الرهان الأكثر صعوبة

يراهن الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني على المدرسة الجمهورية والتي تعني النهوض بالتعليم وتشارك الأطفال الموريتانيين للقيم الجمهورية، وخلال السنوات الأربع أنجز القطاع عدة منجزات من أبرزها

  • زيادة حجم المنشآت التربوية: ووفق ما أعلنته الوزارة  فقد اكتمل العمل في 2.000 حجرة دراسية من أصل 3.900 قيد الإنجاز
  • اكتتاب حوالي 8.000 مدرس
  • مراجعة البرامج
  • توزيع 85.000 طاولة جديدة
  • توزيع حوالي مليون نسخة من الكتب المدرسية
  • إقامة كفالة مدرسية لصالح قرابة 80 ألف تلميذ
  • توزيع منح مالية لصالح 10 آلاف تلميذة
  • زيادة علاوات المدرسين
  • احتكار السنة الأولى من التعليم الابتدائي لصالح التعليم العمومي.

ورغم هذه الإنجازات محدودة، والتقم لهب الأسعار روحها حتى جعل أثرها سلبا، فإن تحقيق أهداف المدرسة الجمهورية ما زال بعيد المنال، وترفع نقابات المدرسين الشكوى بشكل مستمر من سوء أوضاع المدرسين، ونفذت النقابات عشرات الوقفات الاحتجاجية، التي توجت  بإضرابين خلال السنوات الأربع المنصرمة، كما أسقط المدرسون أيضا خيارات سعت إليها الوزارة، مثل تقييم المدرسين مما أظهر ضعف الوزارة وعدم قدرتها على فرض قراراتها، وضعف قيادتها وعدم قدرتها  على تنفيذ خطة جادة.

ومع مغادرة الوزير السابق ماء العينين ولد أييه للقطاع فقد تراجعت بشكل كبير أولويات الإصلاح في القطاع، وجرى حديث واسع عن عودة للمحسوبية في التحويلات والترقيات، قبل أن تضطر الوزارة إلى تجميد ترقية 280 معلما وقع قرار ترقيتهم الأمين العام السابق للوزارة، وسط حديث عن غياب معايير واضحة للترقية نحو هذا المنصب الذي يعاني كثيرا من الفراغ والتسيب.

قطاع الزراعة.. تقدم بطيئ ومخاوف بشأن الأمن الغذائي للبلاد

تبلغ إمكانات موريتانيا من الأراضي الصالحة للزراعة 513.000 هكتارا موزعة على النحو التالي:

-135.000 هكتار في وادي نهر السنغال.

-12.000 هكتار في المنطقة البحرية

– 250.000 هكتار للزراعة المطرية

– 100.000 هكتار للزراعة الفيضية وخلف السدود

-16.000 هكتار لزراعة الواحات والزراعة تحت النخيل

ورغم ذلك فإن السنوات الأربع المنصرمة لم تخفف حاجة البلاد إلى الاستيراد إلا بشكل محدود، وخصوصا في مادة الأرز التي ارتفع إنتاجها المحلي، فيما لا يزال البلد يعتمد على استيراد الخضروات والزيوت.

وقد أنفقت موريتانيا خلال السنوات المنصرمة عشرات المليارات على استصلاح الأراضي الشاطئية، وتوفير آلاف الأطنان من البذور، كما أطلق رئيس الجمهورية حملة زراعية من سد لكراير سنة 2022، لتغادر الآليات الزراعة بعد ساعات مغادرته إلى العاصمة.

يشتكي المزارع على الدوام من ارتفاع تكلفة الحصاد الطارئة مع  النظام الحالي.

عاش المزارع في الفترة الأخيرة على أزمات منها: 

نقص حاد في مادة السماد، وعدم توفرها في الوقت المناسب

التضارب في اسعار المحصول الزراعي، بين رغبة المزارع الذي ضللته الأحلام والأماني، وبين الواقع الذي يتحكم فيه التاجر، حيث يقدم أسعارا ترى أغلب النقابات أنها زهيدة.

كما تضرر القطاع بفعل الأمطارالقوي التي أفسدت بعض المواسم الزراعية الماضية.

ولاشك بوجود حديث قوي عن أن القطاع الزراعي مستودع للفساد بشكل كبير، فآلية توزيع الأراضي والقروض والإعفاءات.

ولعلنا نذكر جميعا الطريقة التي أوقع فيها النظام السابق خلفه عندما  نقض غزله وتنازل لخصوصيين عن آليات الشركة الوطنية للاصلاح الزراعي- اسنات- ولعل ذلك يفسر الغلاء الذي شهدته تكاليف الانتاج بدء بتقليب الأرض وانتهاء بالحصاد.

وقبل ذلك عندما كلفها بمهام خارج المنطوق المهني لاختصاصها.

ثم إن الفساد في بعض عمليات الاستصلاح وماينتج عنه من نقص في الروية بسبب ضعف شبكة التوصيل الداخلية، سببت إضرارا كبيرة للمزارعين.

يتهم البعض كبار النافذين بأنهم استحوذا على الأرض وباتو يؤجرونها لصغار التجار.

وعلى كل حال فالتاجر لن يواصل مع الزراعة مالم تكن عائداتها مجزية وربحها مضمون يغطي المخاطر ويقي رإس المال.

ويرى الوزير الجديد للزراعة- وهو بدون  شك الأعرف بالقطاع-  أن الحملة الحالية ستحقق نتائج من بينها استغلال مساحة تتجاوز 390 ألف هكتار،  وبإنتاج إجمالي يزيد على 776 ألف طن،  من مختلف الشعب الزراعية، مشيرا إلى أنه سيتم اتخاذ الكثير من الإجراءات لضمان نجاح هذه الحملة، وذلك من خلال توفير الأسمدة لكل الشعب الزراعية، بما فيها الخضروات، بكميات كبيرة وبأسعار مدعومة، كما سيتم اتخاذ العديد من الإجراءات في المناطق المطرية، كتوفير الميكنة الزراعية اللازمة للحد من مشكلة هجرة اليد العاملة، وذلك عن طريق اقتناء 476 محراثا آليا و164 جرارا بقدرات متفاوتة.

وأضاف أنه تم اتخاذ إجراءات تحفيزية خاصة وشاملة تتعلق بدعم زراعة الخضروات من خلال زيادة الضريبة على بعض الأصناف المنافسة بنسبة 38% بدلا من 13%، وذلك في فترة ذروة الإنتاج الوطني ما بين شهري يناير وإبريل، إلى جانب خفض الضريبة على استيراد المدخلات والآليات الزراعية إلى نسبة 3% بدلا من 26% و46%، إضافة إلى إعادة جدولة مديونية التعاونيات القروية في القطاع المروي على مدى خمس سنوات والتسوية الفورية ل 10% من هذه الديون.

وإضافة إلى ذلك تتحدث الوزارة عن تنفيذ 66 سدا، وإقامة أكثر من 3000 كلم من السياج، وتجهيز حوالي 659 بئرا لسقاية النخيل.

ولعل من اهم الوعود التي ذكر الوزير ، فتح باب التأمين الزراعي،  ما يعتبر تلبية لمطلب قديم عند المزارعين.

ورغم هذه الوعود والإنجازات فإن السير إلى الأمن الغذائي أو تحقيق الاكتفاء الذاتي ما زال بعيدا عن المأمول بشكل كبير، ويظهر الارتفاع الهائل في أسعار البصل بشكل خاص أن هذا الهدف ما زال أبعد من المنتظر.

زمع تباشير كهربة الضفة التي بدأ تنفيذها في عهد الرئيس الغزواني يشرق الأمل في القلوب المعناة بمستقبل الزراعة، التي ستكون رافعة اقتصادية وقطبا تنمويا واعدا.

قطاع الطرق.. مليارات ووعود وحصيلة متأخرة

قبل أسابيع أقسم أحد وزراء الحكومة الحالية بأن مقطع الطريق الرابط بين آمرج وعدل بكرو، لن يكتمل قبل قدوم المسيح عيسى بن مريم، ويظهر هذا القسم حجم التأخر  بسبب  منح الطرق لشركات ومقاولين عديمي القدرة، ورغم  حركية الإنجاز في القطاع مستمرة، حيث أنجزت لحد الآن أكثر من 1.500 كلم من الطرق الوطنية والداخلية، إضافة إلى السير المتقدم في ثلاث محولات  في العاصمة نواكشوط، والجسر الرابط بين موريتانيا والسنغال، زيادة على أشغال متعددة في مناطق متعددة، ومن أهمها مسار إعادة بناء طريق الأمل، وقد اكتملت منه لحد الآن عدة مقاطع.

وتعمل الوزارة الآن على إنجاز 35 مشروعا للطرق، من بينها 11 مشروعا متأخرا، ويصل الغلاف المالي لهذه الأشغال إلى 150 مليار أوقية، فيما يتوقع أن الميزانية المخصصة للطرق في ميزانية 2023 تتجاوز 200 مليار أوقية، وهو مبلغ قريب من ميزانية وكالة تآزر.

ويعيش المواطنين مشاكل جمة على بعض المحاور المتهالكة مثل طريق روصو كيهيدي، ومحور ألاك  مكطع لحجار.

ورغم أن المأمورية الأولى قاربت على الانتهاء فإن محاور طرقية كثيرة مازالت في الإدراج رغم تعهد الرئيس بإنجازها في هذه المأمورية، مثل طريق السواطة مومكل، وطريق السواطة باركيول.

وطرق أخرى مثل اركيز بوكمون.

ويطالب خبراء ومهندسون في قطاع الطرق بفصل قطاع الإنشاء الطرقي عن النقل، وإنشاء وكالة وطنية للطرق تتبع بشكل مباشر للرئاسة كما هو الحال في بلدان متعددة، تكون لها رؤية واضحة بعيدا عن تخبطات وزارة التجهيز التي يرى البعض أنها تخبط خبط عشواء.

القطاع الصحي يتراجع

بات واضحا أن الدفعة القوية التي حصلت  في سنوات الرئيس الأولى تراجعت بفعل ضعف الميزانيات ونقص الرؤية التي ربما تمتع بها القطاع في بداية المأمورية، وهكذا اصبح القطاع يئن تحت عوامل الهدم المتعددة.

ويرجع البعض السبب الأساسي في ذلك لعدم الاستقرار حيث أن هناك  معدل وزير في كل سنة تقريبا، ثم هناك عدم حصول المشافي الوطنية من الدولة على مقابل الخدمات التي فرضت الدولة مجانيتها بشكل سيادي وشعبوي.

ترهل في بنايات المستشفيات الموجودة بالعاصمة وتقادمها.

فأول وزير اختاره الرئيس لحالي عارف  بالقطاع لكونه من أبنائه وأطره، وربما لديه رؤية واضحة جعلته ينجح في تمرير بعض القوانين الخاصة بالقطاع.

وهي الميزة التي ربما لاتتوفر في وزراء الصحة من بعده.

ويرى البعض أن الخدمات تراجعت بفعل قلة الوسائل وشحها.

حديث واسع عن فساد في بعض البرامج الصحية.

لم يجد جديد في بعض المستشفيات التي أعلن عنها في عهد الرئيس السابق.

وتراجعت الإجراءات التي حدثت في بداية العهدة الرئاسية الحالية.

ولعل من أبسط المفارقات عدم وجود مستشفى جامعي  بموريتانيا حتى هذه اللحظة.

الدبلوماسية.. هل التطبيع على الأبواب

أدار نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دبلوماسية رئاسية مكنت من امتصاص كثير من الأزمات في جوار البلد، وخصوصا مع السنغال والمغرب وقطر، إلا أن النظام أدار ملفه الدبلوماسي بارتهان شديد للإمارات العربية المتحدة، بحيث أصبح النظام معنيا بكل التفاصيل الدقيقة ليوميات أبو ظبي تضامنا وتعزية وتهنئة وزيارات متكررة.

ورغم ذلك فإن النظام قد أدار علاقته بالإمارات بمستوى من المرونة والحذر، حيث كان نظام أبو ظبي أكبر داعم خارجي لنظام ولد الشيخ الغزواني، دون أن ينجح لحد الآن في مجاراتها في ملف التطبيع مع الكيان الصهيوني أو مضايقة التيارات الإسلامية، حيث يعتبر هذان الهدفان من صميم التأثير الإماراتي على أصدقائه الضعاف.

لكن مصادر متعددة تؤكد أن جناحا قويا داخل السلطة الموريتانية  يدفع باتجاه إعادة العلاقات مع الكيان الصهيوني بعد أكثر من 15 سنة من طرد سفير الكيان الغاصب، فيما لا يزال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رافضا لفكرة التطبيع، ويحاول كسب الوقت رغم الضغوط الخليجية عليه، وميل بعض مساعديه إلى تلك الضغوط.

قرب الإدارة من المواطنين.. الحلم الغائب.

يجمع من قابلنا أنه لاسبيل لتحصيل منفعة أو إكمال نعاملة دون المحسوبية والزبونية، فأغلب الإدارات تعمل بشكل بيرقراطي، والتعيينات تمارس بنفس الوتيرة، وكذلك العقود.

يقول أحد المواطنين فما الذي تغير بين اليوم والأمس.

هيئة الزكاة.. في خبر كان

مرت أربعة  أعوام على تعهد رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بإنشاء هيئة وطنية للزكاة، ومأسسة قطاع الأوقاف، وتضمن التعهد الرسمي النهوض بهذا القطاع ليؤدي دوره في مكافحة الفقر والقضاء على التفاوت الاجتماعي.

ومرت 4 أعوام على حديث الوزير الأول حينها اسماعيل بن بد بن الشيخ سيديا  في تقريره السنوي أمام الجمعية الوطنية المتضمن  عرضا حول حصيلة نشاط الحكومة خلال سنة ٢٠١٩، والخطوط العامة لبرامجها لسنة ٢٠٢٠

الأكيد أن الهيئة أخذت من الوقت والجهد على الورق مالم تكن بحاجة إليه من المأمورية التي بدأت رحالها تشد وعاريتها ترد.

وفضلا عن ذلك، وفي عهد الوزير الفقيه شغل قطاع الشؤون الاسلامية الناس قبل فترة بالجدل الدائر بينه مع أقوى مؤسسة رقابية حول شفافية صفقة تأثيث الجامع السعودي.

هل انتهى شهر العسل  بين النظام والمعارضة.

تبخرت أحلام المعارضة الوردية، وبدى أن ولد الشيخ الغزواني، مستعد  للسلام مقابل السلام، وخلال الأربع سنوات تراجعت ثقة المعارضة بالنظام واختلت حساباتها المبرمجة، وبدأت تصوب مدافعها الثقيلة تجاهه، بعد أن صرمت الانتخابات الأخيرة حبل الود بينهما.

وفي التحليل المحايد يرى البعض أن النظام سجل هدفا على نفسه بطريقة إدارته للانتخابات الأخيرة، وباتت الثقة فيه أقل لدى طيف كبير من المعارضة والشارع الموريتاني.

وتكون الخسارة مضاعفة إذا علمنا أن النظام كان بمقدوره النجاح دون أن يترك لبعض الجامحين فيه فرصة تأليب الرأي العام ضده، ووضع صدقيته وجدارته في محك الاختبار.

 وبين مختلف هذه المحطات، يمكن القول إن التقييم الإيجابي يوزاي الجوانب السلبية، حيث ينغص التباطئ  مؤشرات الإنجاز وتتصدع جدران التهدئة وتتآكل، في سياق مضطرب وظروف اقتصادية عالمية صعبة، كما أن حجم الآفاق الاقتصادية ما زال مبشرا رغم كل العثرات،  رغم ماينغصه من حديث عن استشراء الفساد، ومحدودية عمل القطاعات الرقابية التي لم تنشر تقاريرها بعد على نطاق واسع منذ أن تسلم الرئيس الحالي السلطة، ومع ذلك ما زال النظام في حاجة ماسة لانطلاقة أكثر فعالية، بطواقم جديدة ونظيفة، وجديرة و قادرة على الانجاز وبعيدة من المحسوبية والفساد.

فهناك خيبة عريضة لآمال الموريتانيين في حصول نهضة اقتصادية يقطفون ثمارها، بسبب الطاقم المحيط بالرئيس والذي يرى الكثير من المواطنين أنه سبب الخيبة بالنسبة له وخسران الرجاء.

فالعاصمة تعيش أزمة عطش دائم، وأزمة بسبب انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة، وغلاء اسعار الكهرباء وتضاعفها، وبفعل هشاشة وغياب البنية التحتية، ورغم مرور 6 عقود على الاستقلال فالعاصمة لا تتوفر على صرف صحي رغم الدعاية التي مارستها كل الانظمة بما فيها نظام ولد الشيخ الغزواني.

ولم تسلم تدخلات تآزر من النقد باعتبار أنها تفتت مبالغ كبيرة بمقدورها مجتمعة أن تمول مشاريع كبرى تنهض البلد، وفضلا عن ذلك فثقافة التوزيعات يعتبرها البعض فاشلة وتبني في المجتمع الاتكالية. 

يعيش المواطن العادي في هم وغم بفعل ارتفاع تكاليف المعيشة، وسرعة التضخم، ومع ذلك فإنهم  يرجون أن لا يقلد نظام ولد الشيخ الغزواني سلفه الذي قسم مأموريته بين أولى للبناء ومحاربة الفساد وثانية للهدم والفساد.