موقع الفكر في لقاء شامل مع الوزير السابق بيجل ولد هميد/ قناة "كرمسين" رافد مهم لدعم الزراعة والتنمية بالجنوب

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منه إلى إطلاع المتابعين الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية والإدارية في الدولة الموريتانية، حيث تقلب في عدة مناصب إدارية واقتصادية، محاسبا مركزيا في بعض الوزارات، ثم مفتشا عاما للمالية، وبعد ذلك مراقب دولة، ثم مديرا عاما للضرائب، وأمينا للخزانة العامة، ثم مفوضا للأمن الغذائي، وبعدها وزيرا في عدد من القطاعات، كالمالية والتنمية الريفية والصيد والتجارة والصحة، هذا إضافة إلى عمله مديرا لبعض المؤسسات العمومية، فقد عمل مديرا لشركة "smcp"ومديرا لمشروع الصندوق الوطني للتأمين الصحي عند إنشائه ثم مديرا له بعد ذلك. هذا إضافة إلى أنشطته السياسية حيث كان رئيسا ومؤسسا لحزب الوئام قبل أن يندمج في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ونائبا في البرلمان الموريتاني الذي كان يشغل فيه منصب نائب رئيس الجمعية الوطنية، وعمدة لبلدية "انجاكو".

نلتقي به اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل يتناول بعض القضايا المتعلقة بالاقتصاد الموريتاني وإدارته لبعض المؤسسات العمومية، مثل مفوضية الأمن الغذائي، والصندوق الوطني للتأمين الصحي، إضافة إلى موقفه من لجنة التحقيق البرلمانية، وإنجازاته ببلدية "انجاكو" إلى غير ذلك من القضايا التي تطرق لها الحوار مع النائب البرلماني والعمدة  والوزير السابق، فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم معالي الوزير بيجل بن هميد.

 

موقع الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهدين والسامعين بالرئيس بيجل من حيث الدراسة والنشأة وكذا أهم الوظائف التي تقلدتم خلال مساركم المهني؟.

أنا اسمي بيجل بن هميد بن بيجل بن اصنيبه  وهي أسرة مشهورة مما يعرف تقليديا بـ"اركاكنه" و"فخظ" منها يسمى "أهل اكدبياي" وخاصة "أهل اكدبياي الخظر" ومما يزيد على قرن وأسرتنا تتولى المشيخة التقليدية للقبيلة، وأول ما درست القرآن في فترة كنا رحل، ففي فترة الشتاء نكون فيما يعرف بـ"ادخل" كلمدن ومبيو وبيرت، وفي فترة الخريف كنا نصعد إلى جانب الشاطئ إلى "بارييل" ولنا هناك منازل معروفة نقضي فيها فترة قبل قدوم الشتاء وقبل أن تحتاج المواشي لـ"ادخل"، وهذه الظروف هي التي أدركت فيها، فدرست القرآن مبكرا، بعد ذلك درست الفرنسية  في الستينيات في دكار؛ لأن والدي وأعمامي كانوا تجارا في دكار، ووالدي رحمه الله – ورحم الله الجميع – كان تاجرا في منطقة تسمى "ايزين بنتالي" أو "ايزين بارك" عند من يعرف المنطقة هناك جيدا، ودرست في مدرسة هناك "مدرسة واكويناي 2" وبعد أن وصلت للسنة الخامسة  من الثانوية قرر والداي أن أكمل دراستي في موريتانيا، فعدت إلى "انجاكو" ودرست فيها السنة الخامسة والسادسة من الثانوية ونجحت في شهادة الباكالوريا من ثانوية "لكوارب"، وبعد محاولتي الثانية نجحت في دخول المدرسة الوطنية للإدارة وأصبحت مفتش خزانة عامة، وبعدها أجريت امتحانا في سفارة فرنسا للمدرسة الوطنية للخزانة العامة في فرنسا وأمضيت هناك سنتين وتخرجت مما يعرف في الإدارة الموريتانية بإداري من السلك المالي وهو inspecteur de finance وهذه هي مراحل دراستي.

أما الوظائف فقد تقلدت العديد منها، كنت رئيسا لمصلحة قسم الرواتب وقبل ذلك كنت محاسبا مركزيا في بعض الوزارات، كوزارة التهذيب ووزارة التخطيط والمالية وكنت محاسبا للمعهد التربوي الوطني، وعملت أيضا فيما يعرف بالمكتب الوطني للسينما "office national du cinema"، بعد ذلك أصبحت رئيسا لمصلحة قسم الرواتب التي سبق أن عملت فيها من قبل كمراقب خزانة، وكانت هذه المصلحة أولا قسما ثم مصلحة والآن إدارة، وبعد ذلك أصبحت مفتشا عاما للمالية، وبعد ذلك مراقب دولة، ومن مراقب دولة أصبحت مديرا عاما للضرائب، وأمين الخزانة العامة، ثم مفوض للأمن الغذائي، وبعدها وزيرا في عدد من القطاعات، كالمالية والتنمية الريفية والصيد والتجارة والصحة، وكنت أيضا مديرا عاما لـشركة "smcp"، وأنا من أسست الصندوق الوطني للتأمين الصحي "كنام" مديرا للمشروع، ثم أصبحت مديرا عاما له بعد أن صار مؤسسة، وفي حكومة سيدي محمد بن الشيخ عبد الله كنت وزيرا أمينا عاما للحكومة، أظن أن هذه هي أهم الوظائف التي عملت فيها، إضافة إلى عملي نائبا، فهذه هي المرة الرابعة التي أكون فيها نائبا، وشغلت سابقا منصب نائب رئيس الجمعية الوطنية لمدة عام، وعمدة بلدية "انجاكو" لمأموريتين، وما زلت عمدة حتى الآن، وربما نسيت أن أذكر بعض الوظائف الانتخابية التي تقلدتها، كالنقابة، فقد كنت أمينا عاما لنقابات المالية، وأمينا عاما لاتحاد العمال الموريتانيين، وفي تلك الفترة لم يكن هناك إلا اتحاد واحد للعمال، وهذه الوظائف تؤدي إلى الكثير... فالنقابة عندما ترأسها تكون لك وظائف في النقابات الإفريقية، والنقابات العربية، وكلاهما كانت لدي فيها بعض الوظائف، وهذا اختصارا ما تقلدته من الوظائف.

 

موقع الفكر: هل سبق أن دخلتم السجن؟ وفي أي زمان؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم، تم سجني مرتين، وكان ذلك في عهد الرئيس محمد خونه بن هيداله.

 

موقع الفكر: هل كنتم من مؤسسي حركة الحر؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا، لست من مؤسسي حركة الحر، لكنني من قيادتها الثانية، فحركة الحر أسسها 12 رجلا، منهم من هو مشهور ومنهم من ليس مشهورا جدا، أذكر أنني اتصل بي بعد تأسيس الحركة بعض قادتها وهم محمد الأمين بن أحمد رحمه الله، وبلال ورزك، وأحمد سالم دمب رحمه الله، وأعطوني أول وثيقة للحركة، وأذكر أنني قلت لهم إنه عندما يكون الهدف من حركة الحر قضايا اجتماعية فقط، فإني قد أنضم إليهم وعندما يكون هدفهم كما ألمحوا له في وثيقتهم أن "لحراطين"، يعرفون بـ"لونهم لخظر "وزغبتهم لمشكردة"، وثقافتهم كالتطبيل وما شابهه من ممارسات، وأنهم قومية، فلا يمكنني أن أكون معهم، وعندما تكون القضية قضية اجتماعية فأنا جاهز للانضمام للحركة، حينها قالوا إنهم لم يقولوا إن "لحراطين" قومية، وأعرف أناسا في الحركة كانوا يريدون لـ "لحراطين" أن يكونوا قومية ولكن الأمر لم يحصل، وقلت لهم إن سبب اعتراضي هو أني أرى أن "اتبيظين" ليس لونا بل ثقافة، ويوجد "احراطين" بيض أكثر من باقي "لحراطين"، ويوجد أشراف سود ومعنى هذا أنه لا يمكن أن يكون اللون هو المرجعية ، وكان البعض يضحك مما أقوله دائما، وهو أنه عندما تكون القضية قضية لون، فقد تم حلها؛ لأنه مؤخرا لم تعد توجد "حرطانية" إلا ولونها أقرب إلى الحمرة بسبب  مستحضرات التجميل، ومثال الأشراف السود عندنا في الترارزة، الأمير وهو من قبيلة أولاد أحمد بن دمان وأمه سكينة بنت اجيرب وهي من منطقة كرمسين،  والشيخ محمد فاضل والشيخ سعد بوه كلهم سود، وخالي الشيخ سيداتي بن الشيخ سعدبوه فأمه ياسين بنت كوْتل جدتي أنا وأمه هو، ومعنى هذا أن القضية لا يمكن أن تكون قضية لون، وأمير تكانت " الدان" الكل يعلم أنه أسود، وهذا هو ما دار بيننا في تلك الفترة من أن القضية لا يمكن أن تكون قضية لون، وبعد ذلك أصبحت الحركة اجتماعية ولم يكن بإمكانها أن تكون حركة سياسية وقد قلت لهم إن السياسة لها طريقها الخاص، وعندما تم إنشاء الأحزاب انضممت إلى أحدهم، وقلت بأنني لا يمكن أن أكون في حزب باسم شريحة، لأن من كان لديه حزب، المفترض أن يكون لديه برنامجًا لموريتانيا كلها، وبرنامج موريتانيا كلها لا يمكن أن يكون خاصا بجماعة عن أخرى بل يجب أن يكون لكل الموريتانيين بعربهم وزنوجهم، وهذا هو السبب الذي جعلني لا أكون من مؤسسيها ولكن بعد تأسيسها بستة أشهر أصبحت قياديا فيها وبقيت فيها حتى أغسطس من العام 1991م. وأذكر أن الجماعة التي كانت تقودها قبلي جلهم غادر مناصبه القيادية، كما أذكر أنه في تلك الفترة دخل معي في قيادتها رجل مشهور جدا وهو بو بكر مسعود، وعاشور صمب، وسيدي جابر رحمه الله، والكيحل بن محمد العبد، وبعضهم كعاشور صمب، والكيحل، ومحمد الأمين بن أحمد من المؤسسين الذي بقوا معنا في القيادة الجديدة للحركة، وهذا هو ما أذكر عن الحركة.

 

موقع الفكر: هناك طرحين حول العبودية في موريتانيا الأول هو أن العبودية لا تزال موجودة في موريتانيا، والثاني أن العبودية لم تعد موجودة ولكن توجد بعض مخلفاتها وهي كثيرة وآثارها واضحة وخطيرة، فما هو رأيكم؟

الرئيس بيجل بن هميد: رأيي في العبودية سبق وأن أوضحته من زمان، وهو أن العبودية قانونيا لم تعد موجودة فلم يعد هناك قانون يقر العبودية، والدولة  قررت أن العبودية لم تعد موجودة، فكما قلتم، وهو أمر مؤكد أنه لم يعد موجودا منها إلا ما يمارس خلسة سواء من المملوك أو المالك، لأن الدولة لم تعد تسمح بذلك والعالم قد تجاوزه، ودائما ما أضرب مثالا على ذلك بالسرقة، فالسرقة يحرمها الشرع والدين ولكن لا يزال هناك من يقتحم المتاجر ويسرق، وهذا هو حال العبودية، فمن أراد أن يمارس العبودية لا يمكن أن يفعل ذلك إلا خلسة، فلا يمكن أن يعلن أحد أنه يملك عبدا، كما لا يمكن لأي أحد أن يقول إنه عبد وأن هذا سيده ومالكه، ومعنى هذا أنها لم تعد موجودة، أما المخلفات فلا بد من العمل دائما على التخلص منها، وسبق أن كنت في جماعة استدعانا السفير الأمريكي للحديث حول العبودية وأذكر أنه أعطاني كتابا مكتوب فيه أن الولايات المتحدة الأمريكية رسميا ومنذ 150 عاما لم تعد توجد فيها العبودية، ولكن لا تزال مخلفاتها موجودة، وهم يعملون عليها، فقلت له: أنتم أقوى دولة في العالم والعبودية محرمة في بلدكم منذ 150 عاما ولا تزال مخلفاتها موجودة فيكم، فكيف بموريتانيا وهي لم تجرم العبودية إلا منذ 10 أو 20 عاما فكيف يمكن أن نلام بسبب ذلك.

كما أن "فيكتور شويرسل" في عام 1848م عندما جرم العبودية في فرنسا ظلت موجودة، لكنهم حاربوا مخلفاتها ومن ذلك أنهم كانوا يحتجزون البواخر التي كانت تقل العبيد من إفريقيا، والمهم أن الدولة الموريتانية اليوم لم تعد تعترف بالعبودية، وقوانينها تجرم العبودية ومواطنوها يدركون أن العبودية غير مسموح بها، وربما يكون هناك القليل منها ولكنه يمارس بسرية.

 

موقع الفكر: هل هناك شرائح أخرى تمارس العبودية كالسوننكى والولف؟

الرئيس بيجل بن هميد: أنا أعرف جيدا "الولف" و"الفلان" لأننا نسكن في نفس المنطقة أما "اتكارير" فلا أعرفهم جيدا ولكني أعرف ممارساتهم وكذلك "السونيكيين"، لكن العبودية عند المكونات الزنجية وعند "البيظان" ليست متشابهة، فالزنوج بصفة عامة عبوديتهم لا تعني الاستعباد فإذا أطلقت عندهم فلا تعني الاستعباد بمعناه الحقيقي، وإنما العبودية عندهم على سبيل الشرائحية، فالعبودية عندهم مثل الشرائحية عند "البيظان" مثل "لمعلمين" و "إيكاون"، ومعنى ذلك أن العبد فيهم يظل عبدا، فكما تعلمون ففي مُكون "البيظان" عندما يحرر العبد يصبح حرا وله جميع الحقوق ولا يمكن لأحد أن يصفه بأنه عبد، أما عندهم فقد لا يستعبدونه لكنه سيظل عبدا في نظرهم، لأن العبيد عندهم طبقة، وهذا هو الفرق بينهم مع "البيظان"، ولا زالوا يفرقون بين العبيد منهم وأولئك الذين ليسوا عبيدا، لا يستعبدونهم ولكنهم لا زالوا يصفونهم بالعبيد وهناك أماكن لا يستطيعون الوصول إليها ولا يدخلون فيها، ويحرمون عليهم بعض الأمور، وهذا هو الفرق بين العبودية عندنا، والعبودية الموجودة عندهم، وستبقى كذلك، وأنا دائما أقول أن قومية "البيظان" فيها "لحراطين" و"لمعلمين" و"إيكاون".

 

موقع الفكر: بالنسبة لكم هوية "لحراطين" محسومة فهم جزء من مجتمع العرب؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم، ولكني أتحفظ على مصطلح "لحراطين" لأنها تعتبر تقسيما فئويا، ولا يجب أن تقال إلا في صيغ معينة منها على سبيل المثال إذا أردنا أن نتحدث عن أصل أحدهم فنقول إنه من "لحراطين"، وهم من مجتمع العرب، وأنا دائما أقول لهم إن "اتبيظين" لا يمكن أن يمنه علي أحد، وهناك الكثير ممن  يقال إنهم من "البيظان" سبقتهم لـ"اتبيظين" وجدوني قد سبقتهم إليه، ووجدوا أهلي كذلك، كلهم "اكبير قبيلةُ" و"بكراتو حمر" وخيامنا من لوبر "لكحل" فهذا ليس من ثقافة الزنوج بل ثقافة "البيظان" وعندهم كل ما يوجد عند الأسر العريقة، ويوجد اليوم الكثير من "البيظان الخظر" اليوم إذا قلت إنهم "احراطين" تكون قد ظلمتهم؛ لأنه لم يسبق أن مورس عليهم الاسترقاق ولكنهم "بيظان خظر"، وعندما يذهب إلى السنغال اثنان يلبسان زي الدراعة ويتحدثان بالحسانية أحدهم أبيض والآخر أسود، سيقولون لهذا "بيظاني أبيض" وللآخر "بيظاني أخظر" وهذا هو ما يجب قوله، وأخبرني صديق وزميل لي في السياسة أن هذا هو ما يصفنا به أهل " مالي" يقولون فقط هذا "بيظاني أبيض" أو "بيظاني أخظر".

أما بالنسبة لـ"اتحرطين" فهو كما أخبرتك تسمية أقرتها حركة الحر، ودخلوا منها مشكلة؛ لأنه كان من بينهم من يريد الحركة أن تتسمى بحركة العبيد، واستقر الرأي على تسميتها بـ"حركة لحراطين"، وكان سبب التسمية من أجل ما يسميه الفرنسيون "attirer la tension"، ومثل ذلك ما قام به مثقفو حركات الزنوج قبل الاستعمار فلم يقولوا "les noirs" بل قالوا "négre" وبنوا عليها، وأظن أن هذا هو ما ألهم مثقفي "لحراطين" الذين أسسوا الحركة فسموها "حركة لحراطين" وكما قلت لك سلفا كان من بينهم من يريد أن تكون فئة "لحراطين" قومية وذلك مستحيل.

 

موقع الفكر: ما هو موقفكم من ميثاق لحراطين؟

الرئيس بيجل بن هميد: اتصلوا بي عند تأسيس "ميثاق لحراطين" ولكنني اعتذرت لهم، لأنني إذا حضرت لميثاق "لحراطين" يجب أن أحضر لميثاق "الزوايا" وميثاق "لكور" وميثاق " بني حسان"، وميثاق "لمعلمين" وتصبح موريتانيا مقسمة وهذا هو ما بررت به موقفي، وفعلا الرجل الذي أسس "الميثاق"، صديقي وأحبه كثيرا وقلت له إنني أعلم أن ما أسسه سيكون مصيبا فيه ولكنها ليست قناعتي ولا يمكنني أن أحضر.

 

موقع الفكر: متى توليتم مفوضية الأمن الغذائي؟ وماذا أنجزتم فيها؟

الرئيس بيجل بن هميد: توليت المفوضية عام 1992م. والمفوضية اليوم تغيرت كثيرا، ففي الفترة التي قضيتها مفوضا للأمن الغذائي وكذا فترة الدكتور محمد سيديا بن أباه رحمه الله، لم تكن الدولة تشارك في ميزانية المفوضية، بل كانت تعتمد في تمويلها على الممولين، وتقوم بالتقسيم على ذلك الأساس، فكانت معنية بتقسيم كل ما تحصل عليه موريتانيا من مساعدات، وتقيم برامج لذلك مع الممولين حتى في النقل، كالنقل الأولي الذي هو نقل المساعدات إلى نواكشوط، والنقل الثانوي أي نقل المساعدات من نواكشوط إلى الولايات الداخلية، والنقل الثلاثي وهو نقل المساعدات إلى القرى والبلديات، إذًا، هذا هو عمل المفوضية، وفي تلك الفترة التي ترأستها أدخلت عليها مشاريع كالغذاء مقابل العمل، وكانت المساعدات التي تقدم في برنامج الغذاء مقابل العمل من المساعدات التي يجب بيعها وتعود أرباحها إلى الدولة لتقيم بها مشاريع تنموية لصالح المواطنين.

 

موقع الفكر: ما هي أهم إنجازاتكم في تلك الفترة التي تزامنت مع دخول اللاجئين من إقليم أزواد إلى موريتانيا؟

الرئيس بيجل بن هميد: تعاونا في تلك الفترة مع "HCR" و"pam" وأعطونا الكثير من المساعدات فقسمناها على الأزواديين، كما أقمنا العديد من المشاريع في داخل البلد، بعضها لا زال المواطنون يذكرونه إلى حد الساعة، وهناك بعض التقسيمات ربما لم نعد نتذكرها لأنها تمت منذ 30 عاما، وأذكر أن مديرة "pam" في تلك الفترة منحتني 14 ألف طن من الذرة (لحميرَه) وهي التي لم تمنح لموريتانيا منذ فترة، فقسمناها على المواطنين، وظلوا يذكرونها؛ لأنه يبدو أنها كانت مهمة عندهم جدا، كما قمنا بتقسيم كميات كبيرة من القمح.

 

موقع الفكر: بعد تجربتكم الطويلة في المفوضية، ألا ترون أن ظاهرة التقسيم غير مهمة وأنه كان من الأفضل للمستفيدين منه  لو مولت لهم مشاريع تشغيل أو دراسة ؟

الرئيس بيجل بن هميد: كثيرا ما يقال هذا الأمر، وهذا هو السبب في استحداث نظام "الغذاء مقابل العمل" في تلك الفترة، وهو ما جعل الممولين يمتنعون عن تقديم الكثير من المساعدات إلا في حالات الجفاف القوي، أو ما شابه ذلك.

 

موقع الفكر: نريد رأيكم في التوزيعات خصوصا أن بعضها لا يزال يقدم كعلف للمواشي؟

الرئيس بيجل بن هميد: أنا أرى أن الذي كان يفعله الناس قديما من الترحال إلى أي مكان يسمعون أن فيه بعض النباتات لم يعد بالإمكان القيام به، ولم يعد هذا زمانه، ففي العام الماضي وجدت رحلا في إحدى المناطق الجنوبية وعندما سألتهم من أين قدموا وجدت أن من بينهم من قدم من لبراكنه وتكانت من أجل الحصول على حشائش الأرز في المناطق الجنوبية، فينبفي للمواطنين أن يقوموا بما يسمى "le lavage intensive" وهو ما يقوم به هنا بعض المغاربة، فيقومون بزرع أعشاب للحيوانات، وإذا حلت فترة الصيف يقدمونه لمواشيهم، وهم يبيعون هذه الخدمة، لكن على الدولة مساعدة الناس في الحصول على تلك الخدمة من أجل أن يبقى السكان في أماكنهم ولا يكون الصيف سببا دائما في ترحالهم من أجل الحصول على المأكل  لحيواناتهم.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في القول: إن الثروة الحيوانية لا تدخل في الدورة الاقتصادية (مال كبير سائب) ومن المنطقي في هذه الحالة أن علف الحيوان يستفيد منه الأغنياء فقط في أغلب الاحيان؟

الرئيس بيجل بن هميد: دعم الحيوان دعم للمواطنين، وأنا رأيت الناس في الداخل عندما تكون عند أحدهم بقرتين يغنيه ذلك عن الدخول إلى المدينة، عكس المزارع الذي إذا حصد مزرعته يذهب إلى المدينة باحثا عن عمل، أما المنمي إذا كانت لديه بقرتين فيمكن أن يوفر منهما ما تتغذى منه أسرته وما كان فائضا عن حاجته يقوم ببيعه، ومنهم من لديه مشاريع مهمة توفر فرص عمل لكثير من العاطلين، فمن المشاريع ما يعمل فيه 15 إلى 20 منمي وكلهم له أجر شهري يعيش به، ومنهم من يعمل في مصانع اللبن، وهذا هو ما يتقدم به الاقتصاد، وإذا نظرت إلى أغلب الدول اليوم تجد أنهم حققوا تقدمهم بالزراعة والتنمية، في حين أننا نهملهما وكأننا لا نريد أن تكون لنا تنمية!، وما أشرت إليه في سؤالك يقوله البعض لكنه غير صحيح، فبقرنا يعاني من قلة المعاش، ففي أوروبا من كانت عنده 60 بقرة يعد غنيا، وهنا تجد أحدهم يمتلك ألف رأس من البقر ولا يكفيه ذلك، لأنها لا تنتج  200 أو 300 لتر من اللبن في اليوم، وسبب هذا سوء معاش الحيوانات، فعندما تجد المعاش المناسب تكون أفضل من البقر في باقي مناطق العالم. في موسم الخريف وقبل أن تكون هناك شركات للألبان كان بعض الناس يسكبون اللبن على الأرض وحتى الآن ما زال هناك أناس يسكبون اللبن، وإذا كانت فترة الصيف لا يجدون أي قطرة من اللبن، ومعنى هذا أن المشكلة الأساسية هي معاش الحيوانات.

 

موقع الفكر: كيف تفسرون أن موريتانيا التي تملك 30 مليون رأس من الحيوان، ولا تفرض ضرائب على الألبان المستوردة، مقارنة مع هولندا التي تملك خمسمائة ألف بقرة ومع ذلك تصدر هذه الدولة  كميات مهولة من الألبان ومشتقاتها واللحوم للعديد من البلدان حول العالم؟

الرئيس بيجل بن هميد: هذا لا ينبغي، ولكن وزيرا في حكومة لا يمكنه القيام بأي شيء، فأقصى ما يمكنه فعله هو أن يقدم مقترحا وإذا كانت السياسة العامة لا تتجه في ذلك الاتجاه لن يتم إنجازه وليس هذا خاصا بالتنمية، ومثالا على ذلك قضية "سنيم" فنحن نقول منذ 60 عاما إننا نملك الحديد وفي الحقيقة ما نمتلكه ليس حديدا بل إنه مجرد غبار، فعلى مدى 60 عاما عجزنا عن إنتاج الحديد الصلب فلو أنتجتاه لزادت القيمة المضافة، وسيوفر الكثير من فرص العمل للعاطلين.

الدول الأوروبية واليابان الذين يقومون بشراء خام الحديد يعملون جاهدين ويقدمون رشاوى من أجل أن تظل موريتانيا دون مصانع لإنتاج حديد الصلب؛ لأنه إذا تم إنتاج الحديد الصلب في موريتانيا فسيتم إغلاق العديد من المصانع في تلك الدول؛ فهم لا يمتلكون الحديد الخام، ومثال ذلك أيضا قضية الحليب فالمغرب لا يمكن أن يدخل إليه الأجانب لبنًا مستوردًا، والسنغال خلال فترات ماضية كانوا يفضلون الألبان الموريتانية عما يستوردونه من الدول الأخرى ولكنهم أوقفوا استيراده بعد ذلك بحجة أن موريتانيا ليست عضوا في "CDAO"، ولازالت إلى الآن الكثير من العملة الصعبة يتم صرفها في الحليب المستورد، وهناك ما هو سهل، ويمكن للدولة القيام به، كمنع استيراد الحليب وهو ما سيعطي قيمة للألبان المحلية، وسيشجع ذلك الكثير من الناس للاستثمار في المواشي.

 وملاك المواشي يجب دعمهم لتتغير حالتهم إلى الأفضل، وهناك بعض الناس بدؤوا بذلك ولكن مثل هذه المشاريع لا يمكن أن تتقدم دون دعم من الدولة، فلو أنهم وزعوا على ملاك الحيوانات "الفصة" في الصيف فستحل مشاكلهم بذلك؛ لأن البقر سينتج من اللبن في فترة الصيف مثل ما ينتجه في فترة الخريف، وكما قلتم من يملك هذه الأعداد من المواشي  يجب أن لا يستورد اللبن من الخارج، ولكن هذه سياسة واتجاه.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم للقانون العقاري؟

الرئيس بيجل بن هميد: أرى أنه كان قانونا مهما كغيره، لكن لم يتم تطبيقه كما يجب، فهو مهم لو تم تطبيقه.

 

موقع الفكر: هل تعاني شمامة من عائق الاستثمار بسبب القانون العقاري؟

الرئيس بيجل بن هميد: شمامة ليست متساوية، ففي الجانب الذي نسكنه نحن لا توجد هذه المشكلة، والسبب أن ملاك الأرض معروفون، والدولة تقسم منها ما أرادت، ومن الأمثلة على ذلك هذه القناة التي أنشأت في شمامة، حيث أن نسبة كبيرة من أهلها ليسوا من سكان الأرض الأصليين.

 

موقع الفكر: هل قناة كرمسين ملك لكم؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا أبدا، وعند إنشاء هذه القناة وقفت ضدها؛ لأنها أنشأت في أرض  للتنمية، وهناك بئران أحدمها في مكان يسمى "الشمسيات"، والآخر يسمى "لبظي"، وكان يوجد هناك الكثير من الحشيش ولكن الحيوان لا يمكن أن يبقى هناك؛ لأن الماء غير موجود، وهذه القناة أنشأت على أنقاض" ديارنا " وحيث تنزل مواشينا وهذا هو ما جعلنا نتظاهر ضدها ولكن الرئيس محمد بن عبد العزيز رغم كل ذلك أصر على إنشائها، واليوم وبعد إنشائها أدركنا أن وجود القناة كان أفضل من عدم وجودها، وفي زيارة أمس لتلك المنطقة رأيت البقر يجتمع عليها، وأصبحت الزراعة متوفرة  بشكل عام، وزراعة الأرز بشكل خاص، وأصبحت مهمة في اقتصاد البلد ومن شواهد ذلك أن أهل "ازبار" الذين لم يكن بإمكانهم سقي مواشيهم أصبحوا يسقونهم هناك، وأهل "الذراع" أيضا، والقناة ممتدة ل55 كيلومتر.

 

موقع الفكر: هل ترون أن الدولة تستغل نصيبها من الثروة المائية من نهر السنغال؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا أظن أنها تستغلها، وأنا كما تعلم رئيس لجنة "le comité du bassin"  في نهر السنغال، والمياه الغير مستغلة كثيرة جدا، بل تبلغ مليارات الأمتار المكعبة، وكل عام يتم سكبها في البحر لأن الناس لم تتمكن من استغلالها، وهناك جماعة معنية بهذا في نواكشوط.

 

موقع الفكر: هل ترون أن سبب هذا هو قلة التمويلات؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم قلة التمويلات وأمور أخرى مثل الذي يحدث في باقي الجوانب، والقناة التي كنا نتحدث عنها آنفا عندما قررت الدولة إنشائها عارضها السكان، وهذا هو حال السكان أحيانا يكون الأمر في مصلحتهم ولكنهم لا يدركون ذلك، وأما بخصوص المياه في سد "جاما" و سد "ماننتالي" فإن السدين لم يكونا كافيين للسيطرة على المياه، وكل عام نخسر منها الكثير وكان بالإمكان ألا نخسره، وأنا أقول أنهم ما داموا ينشئون "les forages" في أطار وغيره من المناطق فيمكن أن يشقوا قناة بين نواكشوط وأطار، لتستفيد مدينة أطار من مياه النهر.

 

موقع الفكر: هل يمكن القول بأن الغرب لا يريد أن تنشأ في موريتانيا مدن على البحر، وسيمنع عنها القروض الخاصة  بإقامة مشاريع مدن على شاطئ المحيط؟

الرئيس بيجل بن هميد: ليس هذا هو السبب، وإنما السبب هو أنهم لا يريدون لموريتانيا أن تتقدم، والسمك في جانب البحر الغربي والجانب الشرقي ليسا متشابهين، والقناة التي أخبرتك أنها أصبحت مهمة للتنمية والزراعة عندما تمر عليها تجد أناس يصطادون السمك هناك، ومعنى ذلك أنه بامتداد البحر تكثر الأسماك.

 

موقع الفكر: أين تقترحون أن تصل القناة؟

الرئيس بيجل بن هميد: أقترح أن يصل إلى كل مكان يحتاج للمياه، كأكجوجت التي لا ماء فيها، وأطار، أما بخصوص ما يقال أن التربة هناك مالحة فغير مهم لأنه؛ عندما يتم إنشاء قناة بطريقة صحيحة فسيحافظ الماء دائما على عذوبته، وقد قيل ذلك عن قناة كرمسين أن تربتها مالحة وهي فعلا مالحة لكن الماء أصبح عذبا ومتوفرا هناك.

 

موقع الفكر: كم تتوقعون أن تكون تكلفة القناة؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا أعلم بالتحديد فالأسعار تتغير كل زمن، والأرض ليست متشابهة، ولكن ما يقول له الفرنسيون "long term" دائما أفضل من كل ما يتم القيام به حاليا.

 

موقع الفكر: لماذا لم تستفد عشرات القرى المترامية على طريق نواكشوط روصو من مشروع آفطوط الساحل ؟

الرئيس بيجل بن هميد: سبب ذلك هو نقص التمويلات، وكان يقال إنه إذا وصلت مياه "آفطوط الساحلي" إلى نواكشوط ستحصل الدولة على تمويل يمكنها من خلاله توفير المياه لجميع القرى التي تمر بها خط مياه "آفطوط" وإلى الآن لم يحدث ذلك.

 

موقع الفكر: ماذا تعرفون عن البحيرة التي تشكلت في جنوب نواكشوط؟

الرئيس بيجل بن هميد: إذا كنت تقصد المياه التي توجد في الجانب الأيسر من جنوب نواكشوط أظن أنها تكونت من المياه المفرغة من "آفطوط الساحلي"، وسبق أن زرتها ورأيت العشب والبعض يربي مواشيه هناك.

 

موقع الفكر: هل سبق أن زرتم سد "فم لكليته"؟ وهل ترون أنه حقق الغرض الذي تم إنشاؤه لأجله؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم، زرته أيام كنت وزيرا للتنمية الريفية، وسد "فم لكليته" و"تامروت انعاج" سدان مهمان جدا، لو تم إنجازهما كما يجب، وأذكر أنه أيام دراستي للإعدادية دائما ما أسمع الرئيس المختار بن داداه في كل خطاباته بمناسبة رأس السنة أو عيد الاستقلال لا يتحدث إلا وذكر ثلاثة مشاريع وهم: "تامورت انعاج"، و"فم لكليته"، وآفطوط الساحلي"، و"آفطوط الساحلي" لم ينجز بالطريقة التي كان يجب أن ينجز بها ولكن ما أنجز منه كان مهما، والموريتانيون لا يعرفون كيف يتعاملون مع الماء، وكما قلت الممولين لا يمولون ما يتعارض مع مصالحهم، وكل مشروع  لا يصب في مصلحتهم، وكل ما ينقص من قيمتهم المضافة لن يمولوه، ومن المهم أن تكون الدولة قادرة على تمويل مشاريعها، والمشاريع الكبيرة كانت تمولهم "فاديس" و"لفون كوفيتيه" وغيرهم.

 

موقع الفكر: من الملاحظ أن المنطقة الواقعة شرقي "روصو" بثلاثين كلم إلى منطقة العطف لا تستغل بالشكل الكافي، ولعله  من المفارقة أن هناك رجل أعمال سعودي سبق أن اتفق مع الرئيس محمد بن عبد العزيز على القيام باستثمارات في الزراعة بغلاف مالي قدره خمسمائة مليون دولار لزراعة القمح وريه بالرش، لكنه غادر بعد ذلك ويبدو أن الدولة لم تكن جادة ولا مهتمة بهذا الاستثمار، وأصبح السكان هناك يتظاهرون بدعوى أن أرضهم سلبت منهم وفي واقع الأمر فالأرض معطلة وليس فيها أي شيء، ما هو تعليقكم؟

الرئيس بيجل بن هميد: كما قلت لك سلفا، الناس مختلفة، فهناك من الناس من ليس بمقدورهم استثمار أرضهم وبسبب الملك التقليدي، لا يريدون أن يستثمرها أي شخص آخر، وهذا كان موجودا في دول العالم الأخرى، وهنا يجب على الدولة أن تنظر مع المواطنين؛ لإيجاد طريقة يمكن أن تستثمر من خلالها كل الأرض، وهو ما ستكون نتيجته على البلد وعلى المواطنين أهم من كل شيء، فالمواطنون لا يدركون مصالحهم، ومن أمثلة ذلك أننا عارضنا القناة التي أنشأت في كرمسين، وأدركنا بعد ذلك أنها تصب في مصلحتنا.

 

موقع الفكر: هل هناك رقابة على جودة البذور والأسمدة؟

الرئيس بيجل بن هميد: يمكن للجميع استيراد ما أرادوا من الأسمدة، وبالأمس كنت مع مزارعين للأرز وكان من بينهم مزارعون أرباحهم من الأرز قليلة، وعندما سألت المزارع الذي برفقتي – وهو من أحسن المتخصصين في الزارعة بموريتانيا – قال إن سبب ذلك هو البذور، وأنهم استعملوا بذورا تسمى "ديساه فاه" وهي غير مناسبة، والبذور تختلف من كل موسم من مواسم السنة، ومما أخبروني به أن الوزارة لا تقوم بدورها كما ينبغي حتى لا تدخل إلا البذور التي يجب أن تدخل.

 

موقع الفكر: لماذا لم تفكروا خلال توليكم للوزارة في تطبيف نظام الجودة كمراقبة الأسمدة والإنتاج والبذور؟

الرئيس بيجل بن هميد: الفترة التي قضيت في الوزارة قديمة، وحينها لم تكن الزراعة موجودة بكثرة، وأظن أن ذلك كان في العام 1995م، وكانت هناك إدارة في الوزارة مكلفة بهذا، ولكن هذا لا بد له من الكثير من الخبرة لدى المديرين والموظفين ومن المزارعين أنفسهم، والآن أصبح لدينا مزارعون أصحاب خبرة ويعرفون الأسمدة التي سيستخدمونها لزراعة الأرز، وأصبحت أيضا لديهم الخبرة في تهيئة الأرض للزراعة، وكل هذا مهم.

 

موقع الفكر: هل يمكن تصدير ما تتم زراعته في موريتانيا؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم، ما تتم زراعته هنا أفضل مما يتم استيراده من الخارج.

 

موقع الفكر: هل إجابتكم هذه مبنية على دراسة أم ماذا؟

الرئيس بيجل بن هميد: هذه مجرد حقيقة، وعن تجربة، ويتم فحصه في المختبرات، والسبب الذي يمنعنا من تصديره للخارج هو عدم إنتاج كمية تزيد على حاجة البلد، وما لم نحقق منه اكتفاء ذاتيا لا يمكن أن نصدره، ومن خصه الله بأرض واسعة صالحة للزراعة ولديه المياه يجب أن يقوم بالزراعة، ولكن الموريتانيين لا يريدون العمل، فحتى الذين يحلبون البقر أجانب.

 

موقع الفكر: ما هو موقفكم من العمالة القادمة من السنغال؟

الرئيس بيجل بن هميد: يحدث ذلك مع المواطنين من كل الدول، فهناك من الأعمال في السنغال ما لا يقوم به غيرنا هناك، كتنمية البقر والإبل هناك، ولا بد أن ننفتح على عمالتهم الوافدة إلينا، ولكن يجب أن لا يكونوا فوضويين، وما يقومون به لا تتم مراقبته، وليس السنغاليون وحدهم، بل معهم في ذلك عمالة دول إفريقية أخرى كعمالة غينيا، وغينيا بيساو، ومالي، وهم بذلك لا يضايقون المواطنين لأننا نحتاجهم وليس هناك من سيقوم بتلك الأعمال غيرهم، فالعمال لا يشعرون بمضايقة العمالة الإفريقية لهم؛ لأنه ليس من بينهم من يريد أن يكون مزارعا، أو أن يحلب البقر.

 

موقع الفكر: ما هو موقفكم من القروض التي كانت تأخذها موريتانيا من البنك الدولي في فترتكم؟

الرئيس بيجل بن هميد: وجدت المديونية أمامي في الفترة التي توليت الوزارة مليارين، وأنا أرى أنه من الأفضل للدولة الاستغناء عن الدين إذا أمكنها ذلك، لكن دولة كدولتنا لا بد لها من الدين، ولكن لا بد للدولة أن تكون على علم بمقدراتها وما يمكنها أخذه من القروض وألا تأخذ قرضا لا يمكنها تسديده، فالقروض تأخذ على ضوء دراسات وهذا معروف، ووزارة الاقتصاد هي المسؤولة عن ذلك الجانب أما وزارة المالية فإنها معنية فقط بالتسيير وتسديد الديون.

فصلاحية وزارة الاقتصاد أو التخطيط تخص الجانب المتعلق بالدين إذا كان مهما للبلد، هل سيحقق له تنمية وهل تستطيع الدولة تسديده، وأحيانا تسمى هذه الوزارة بالاقتصاد، وأحيانا بوزارة التخطيط، وأحيانا تندمج مع وزارة المالية ولكنها تبقى دائما هي المسؤولة عن ذلك.

 

موقع الفكر: ما هي أهم المشاريع التي أنجزتم في وزارة المالية؟

الرئيس بيجل بن هميد: وزارة المالية ليست هي المسؤولة عن المشاريع، فنحن دورنا فقط سحب ما تريده الوزارة المعنية من الأموال، ففي الفترة التي توليت فيها وزارة المالية أنشئت طريق نواكشوط – نواذيبو أذكر أنها كانت قد بدأت قبل أن أتولى الوزارة، ولكن نحن هم من دفع جزءا كبيرا من أقساطها، وفي نفس الفترة أيضا تم إكمال الطريق التي تمر من "تجكجه" إلى صنكرافه، وأنجزنا كثيرا غير ذلك.

 

موقع الفكر: هل كنتم تستهدفون بالضرائب معارضي الرئيس معاوية؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا، ذلك لم يحدث في فترتنا، وأعطيك مثالا على ذلك، في تلك الفترة كان المزارعون الموريتانيون يبيعون لـ"سونمكس" بعض الأرز مختل الوزن، وبعد أن اشترته "سونمكس" أصبح لا بد من معالجته وبيعه، وكان وزير التخطيط في تلك الفترة محمد بن أعمر، واقترحت عليه أن يكون من بين مشاريعه شراء ذلك الأرز من المفوضية وتقسيمه على الضعفاء، واشترته الدولة وكان عبارة عن 500 طن من الأرز الرقيق الذي يخالطه الكثير من الأوساخ، وبعد انتهاء عملية الشراء وقبل تقسيمه بقليل استفسرت الرئيس  معاوية – وأنا في تلك الفترة في قيادة الحزب – عن إمكانية تخصص جزء منه لمنتسبي الحزب، فقال لي: لا، هذا الأرز لموريتانيا كلها، ولا ينبغي التمييز بينهم، فقسموه على المعايير الموجودة عندكم، وهذا ما تم القيام به بعد ذلك، فمعاوية كان يضع السياسة على جانب وموريتانيا والمواطنين على جانب آخر، وهذه كانت هي قناعته التي أشهد له بها.

 

موقع الفكر: هل كان يتبع لكم البنك المركزي وكذا الخزينة العامة للدولة؟

الرئيس بيجل بن هميد: الخزينة فقط هي التي كانت تتبع لي، أما البنك المركزي فلم يكن كذلك.

 

موقع الفكر: هل سبق أن قدم البنك المركزي أو الخزينة العامة تقارير مغلوطة للمنظمات الدولية خلال فترة توليكم لمهاكم كوزير المالية؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا علم لي  بذلك.

 

موقع الفكر: الذين قاموا بتغيير 5 أغسطس قالوا إن السلطة في موريتانيا خلال عشر سنوات كانت تقدم تقارير مغلوطة للمولين؟

الرئيس بيجل بن هميد: ذلك غير مهم، فكلما جاءت جماعة جديدة تقول إن كل ما كان قبلها غير صحيح، والصحيح فقط هو ما سيقومون به، وعندما تأتي بعدهم مجموعة أخرى تقول مثل ذلك أيضا، أما موريتانيا فنحن نعرفها، وأنا من أوائل الموظفين الذين عملوا فيها، وقديما كان أهل السيارات يمكن عدهم على الأصابع أما اليوم إذا خرجت في نواكشوط سترى أن الوضع تغير كثيرا، وبالأمس عندما مررت بـ"تكنت" كانت الطريق مكتظة بالناس والسيارات فقلت للسائق الذي يرافقني إنني أعرف زمانا كنت أمر من تكنت سنة 1975م. في طريقي إلى المذرذرة في السبعينات ليس فيها إلا منزل واحد تملكه امرأة تدعى " انياله" كنت أركن عندها سيارتي من نوع "504"، فانظر إلى حال المدينة الآن.

 

موقع الفكر: ما هي المعايير التي تمنح على أساسها رخص الصيد؟

الرئيس بيجل بن هميد: أكتفي بأن أقول لك أنني عندما أصبحت وزيرا للصيد استدعاني الرئيس معاوية في اليوم الثاني، وقال لي إنه بخصوص السمك السطحي لا توجد مشكلة في منح رخصه؛ لأنه يوجد منه في موريتانيا ما يكفي وإذا ما لم يتم صيده سيهاجر ويصطاده ناس آخرون، أما صيد الأسماك التي توجد بالعمق فقد طلب منه بعض الرؤساء ترخيصه ولم يرخصه لهم، وكان هذا كافيا من كلام الرؤساء، فمعناه أنه يجب أن لا أرخص صيد الأعماق، وأمضيت تلك الفترة على وزارة الصيد ولم أمنح أي رخصة لصيد الأعماق، ولا يمكن لأي كان أن يثبت عكس هذا.

 

موقع الفكر: هل الرخص في مجال الصيد متاحة عند الوزارة أم لا بد لأخذها من المرور بالطرق الملتوية؟

الرئيس بيجل بن هميد: في الفترة التي أمضيت في وزارة الصيد لم أمنح أي رخصة لصيد الأعماق أما الصيد السطحي فكل من قدم طلبًا كنا نراجعه ونوافق على بعض الطلبات ونرفض بعضها طبقا للنظم المعمول بها، وبخصوص وزارة المالية في اليوم الثاني من تولي الوزارة استدعاني الرئيس معاوية وقال لي لا تمنح أرضا للذين يستولون على الأراضي العمومية بغير وجه حق، ولم أفعل ذلك حتى غادرت الوازرة، وأذكر أنه في تلك الفترة طلب مني ذلك مقربون من الرئيس ولكني رفضت طلباتهم لأن الرئيس أوصاني بعدم منحها، وتم بعد ذلك منح أراض بالطرق الغير قانونية ، فهناك وزراء قاموا بهذه الأمور وهناك وزراء لم يقوموا بذلك.

 

موقع الفكر: ما أهم إنجاز قمتم به في مجال الصيد خلال فترة توليكم للوزارة؟

الرئيس بيجل بن هميد: كنت أول من أقر الراحة البيولوجية في مجال الصيد وليس هناك ما هو أهم منها، وكنت أيضا أول من نشر قوات خفر السواحل بين "نواكشوط" و"انجاكو" وسبب ذلك هو أنه في زيارة من الزيارات للأهل رأيت مجموعة من القوارب تمتد من هنا إلى "اندر"، وعندما عدت إلى نواكشوط وأخبرت الرئيس بالأمر الذي شاهدته تم نشر خفر السواحل، وهذا مهم للبلد بالإضافة إلى الراحة البيولوجية.

 

موقع الفكر: ما هو تقييكم لاتفاق الصيد بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، وهل تم تجديده في فترة توليكم لوزارة الصيد؟

 

الرئيس بيجل بن هميد: اتفاق موريتانيا مع الاتحاد الأوروبي قديم فأنا وجدته قبلي في الوزارة، ولكنه لم يكن بهذه الأهمية، ويتضمن الاتفاق معايير،  فليس بإمكانهم الصيد إلا بأمور محددة في الاتفاق.

 

موقع الفكر: هل كنتم تفرضون عليهم تفريغ حمولتهم في الموانئ الموريتانية؟

الرئيس بيجل بن هميد: هناك قوانين واتفاقيات تتضمن الطرق التي يجب أن يتم بها الصيد، والكمية التي يجب أن يأخذوا، وحتى نوعية السمك التي يمكنهم أخذه.

 

موقع الفكر: هل لاحظتم أزمة بيئية ناتجة عن الاقتصار في الاستفادة من الأسماك بنزع بيضها ورمي السمكة بعد ذلك على الشاطئ؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم، ما يتم رميه من السمك هي الأنواع الغير مفضلة لديهم كـ"ياي بوي" وفئة من "آزول"، فـ"آزول" فئتين، الأولى الفئة الأصلية وتعرف بذيلها الأحمر ويوجد في "انوامغار" ويقال إنه دواء، والفئة الثانية الغير مفضلة  التي تسمى "بوني" وهي التي يتم نزع بيضها ورمي السمكة ولكن هذه الفئة أيضا لم تعد موجودة بكثرة لأن الصينين يأخذونها لصناعة دقيق السمك.

 

موقع الفكر: هل كان اتفاق موريتانيا والسنغال في مجال الصيد موجودا في فترة توليكم الوزارة؟ وهل سمعتم الأسعار التفضيلية التي يباع بها السمك للسنغال؟ وما هو موقفكم منها؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا، لم يكن موجودا، وحتى الأسعار التي من المفترض أنهم يدفعونها مقابل ما يحصلون عليه من السمك لا يدفعونها، وللعلم فأنا خبير بالسنغاليين "حتى من أنفسهم"، وكما قلت لكم، في الفترة التي كنت فيها وزيرا للصيد تم إنشاء هيئة رقابية في "انجاكو" ولم يعد بإمكانهم الدخول، وبعد ذلك أنشئت البحرية وإلى الآن لا زالوا ينقمون علي بسبب ذلك، وكانوا يقولون إنهم قبل الاستقلال وقبل أن تكون هناك دول كنا نصيد من "اندر" إلى نواكشوط، واليوم أحد سكان "انجاكو" هو أول من يحرم علينا الصيد هناك، وسبق أن تشاجرت معهم في "سينلوي" وكنت حينها قادما إلى موريتانيا، وأذاعوا ذلك في إذاعتهم الخاصة فقالوا في إحدى نشراتهم، الشخص الذي تشاجر في "سينلوي" أمس وكان موقوفا لدى الشرطة هو أحد سكان "انجاكو" وهو أول من جاء بخفر السواحل إلى الحدود البحرية، ومعنى هذا أنهم لم ينسون ويعرفوني جيدا، ويعرفون أني أحبهم، لكن كلنا يعرف حدوده مع الآخر.

 

موقع الفكر: هل أنتم مع اتفاق الصيد بين موريتانيا والسنغال؟

الرئيس بيجل بن هميد: السنغاليين لم يكونوا يحتاجون إلى اتفاق ولكن بعد فرقة خفر السواحل التي وضعتها على الحدود البحرية الموريتانية السنغالية أصبح لا بد لهم من اتفاق، إذا هو مهم، لكن ماذا وقع في الاتفاق؟ فهم يذهبون على أساس أنهم سيأخذون سمك "الكشبة" فقط ، وما يقومون به من "فوس بيش" يأخذون فقط "كالمار" والسمك السطحي، وزوارقهم تلك منها ما يتسع لأربعين وثلاثين طن، ومن بينها ما يمكن أن يقضي أسبوعًا في البحر ومنها ما يقضي شهرا، يجوبون المنطقة  من هناك إلى نواذيبو، ومعنى هذا أنه اتفاق مهم مع دولة كما قلت لك سلفا أننا نحتاجهم وهم يحتاجون إلينا، ونحن قبل كل شيء إخوة، ولكن على كل منا أن يقف عند حدوده، ومن الأمثلة على ذلك عند خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أصبحت المشكلة الكبيرة عند الفرنسيين هي الصيد فالاتفاقية كانت تخول لهم الدخول للأراضي البريطانية والصيد  فيها وهو ما لم يعد مسموحا به بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، ونحن لسنا في "cdao" ولسنا ضمن "cao"، و سبق أن كتب عني أحد السنغاليين بعض الأمور، وأجبته أن ما قاموا به هم في بحرهم في "يوف" الذي كان مليئا بالسمك و "تارو يسيرمير" و"ريفيسك"، و"اندر"، و"امبور" فعله صيادوهم لأنهم  لم يستطيعوا أن يسيطروا عليهم حتى لم يعد يوجد في البحر أي نوع من أنواع السمك، وهو ما كانوا يريدون أن يقوموا به في بحرنا، ونحن بالطبع نرفض ذلك، وأؤكد لكم أنهم في الفترة الأخيرة أصبحوا يقومون بما يحلوا لهم، نحب لهم الخير ولكننا نحب عنهم أنفسنا، وهذا ما قلته لعمدة " اندر" عندما قال إنه إذا تم تفريغ حمولة السمك في "انجاكو" فسيموت " اندر" بسبب ذلك، قلت له إننا لا نحب موت اندر، ولكننا نفضل حياة انجاكو، وهم عندما يأخذون السمك من "نواذيبو" وينزلونه  في "سيمبوندن" أو "اندر" يصبح سمكا سنغاليا ويبيعونه من دون ضرائب "cdao"، وهذا هو السبب الذي يجعلك - الفترة التي لم تكن الحدود البحرية بيننا معهم مغلقة – لا تجد أي سنغالي يشتري السمك من هنا بل يشتريه فقط من عندهم لأنهم يبيعونه بسعر أقل، فنسبة 18% التي تمثل الضرائب غير مفروضة هناك، وعندما يكون الموريتانيين كما قالوا في الاتفاق الذي صدر منذ سنتين أو ثلاث – وهو الذي لم يستطيعوا تطبيقه – أن من صاد في موريتانيا يفرغ حمولته هنا يكون الأمر جيدا، وكانوا سيطبقونه لكن تلك الفترة كانت فترة انتخابات في السنغال وكان الرئيس السنغالي ماكي صال غير قادر على الدخول لـ"اندر" بسبب هذا القرار، فاضطرهم ذلك لتركه مدة من المفترض أن يتمكن السنغالوين خلالها من تفريغ حمولتهم في "اندر"، ولكن عندما تنتهي تلك المدة سيفرغون حمولتهم في "انجاكو" وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لواقع التنمية المحلية في موريتانيا؟

الرئيس بيجل بن هميد: بلدية "انجاكو" من أحسن البلديات لأن لديها مداخيل خاصة بها من مصادر عديدة منها سد "جاما" المتوقف حاليا فكل السيارات التي تخرج وتدخل من وإلى موريتانيا تدفع ضريبة، وكل ما هو خارج من "لحويطات" للبلدية دخل منه، وكذلك دخل من جزيرة "امبويو"، وكانت  المداخيل معتبرة ولكن بسبب "كورونا" أصبحت الحركة هناك ضعيفة، وسيارات النقل الداخلة يوميا أيضا تعود بدخل إلى البلدية، وحتى الطرق التي يتم إنجازها، وهناك الطين الذي يؤخذ منها يتم أخذ رسوم مقابل أخذه، لدينا عقود معهم ويدفعون للخزينة العامة، وهناك فرق بين الطين و"ازبار" ف"ازبار" لا يسمح بأخذه، وبالأمس تم القبض على مجموعة هناك كانوا يقطعون "الفرنان" و"أيش" فأرسلنا لهم فرقة من الدرك الوطني وقبضت عليهم ولا زالوا في السجن، وكما ذكرت لكم سلفا كنا قديما في فترة الخريف نذهب إلى الشرق ولكن قبل أن تذهب الناس لا بد من أن تذهب مجموعة لتأمين الطريق التي دائما ما تكون مغلقة بسبب الأشجار الكبيرة.

 

موقع الفكر: ما هي إنجازاتكم في البلدية؟

الرئيس بيجل بن هميد: لنا إنجازات عديدة منها المدارس، وفتح المجال للجمعيات لتعمل معنا كـ"bp"، ولا يوجد هناك تلميذ منذ 3 أو 4 سنوات قد اشترى دفترا أو قلما أو شيئا من المستلزمات المدرسية بل كلها توزع عليهم مجانا.

 

موقع الفكر: هل يحضر المعلمون في مدارسهم بانجاكو؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم يحضرون، وربما يسجل عليهم بعض الغياب كغيرهم، ولكنهم يحضرون، وبلدية "انجاكو" فيها 17 مدرسة، وإعدادية واحدة، وثانوية واحدة.

 

موقع الفكر: كيف ترون نسبة نجاحهم في البكالوريا؟ وهل ترون أن هناك مستقبلا للتعليم في "نجاكو"؟

الرئيس بيجل بن هميد: نجاحهم ليس كنجاح الآخرين؛ لأنهم لا يعرفون ما يجب القيام به لأجل ذلك، ولكن ينجح بعضهم. نعم هناك مستقبل للتعليم، ولكن الناس بسبب ضعف نسبة النجاح يذهب الكثير منهم بأبنائه إلى نواكشوط.

 

موقع الفكر: هل سبق أن التقيتم الرئيس محمد خونه بن هيداله؟ وكيف تقيمون فترته؟

الرئيس بيجل بن هميد: كنت حينها رئيسًا لإحدى المصالح الحكومية، وزارني في " ابدن" وأمضى معي هناك ليلة كاملة وهو رجل طيب يحب بلده، وأنا كنت من المتعاونين معه في اللجنة الوطنية المسماة "التطوع" وكان معي فيها أناس طيبون رحمهم الله، منهم محمد يحظيه بن ابريد الليل، ومحمد المصطفى بن بدر الدين وقمنا بالكثير من العمل معا، وجاءته مجموعة بعد ذلك وقالوا له أن ينشأ الهياكل ويدخل فيهم رجال الحزب الواحد، وخرجنا من هناك ونحن غير متفقين معه سياسيا، ولكنه رجل طيب ويحب بلده، بالرغم من أنه سجنني إلا أن السياسيين لا يحملون بسبب ذلك ضغينة.

 

موقع الفكر: ما هو تقييمكم لفترة المختار بن داداه؟

الرئيس بيجل بن هميد: المختار عملت معه في عام 1973م ولكنني لم أره إلا من بعيد.

 

موقع الفكر: ما هو تقييمكم لفترة حكم معاوية؟ وتعامله معكم كوزراء؟

الرئيس بيجل بن هميد: الرئيس معاوية كان إذا عين وزيرا لا يسأله عن شيء لأنه كان يثق فيه، وإذا بلغه أن ذلك الوزير قام بمخالفات يقيله مباشرة سواء كان ما بلغه حقيقة أو كذبا، لكن ميزته أنه إذا أدرك أنه أقال شخصا بناء على معلومات مغلوطة يعيده إلى وظيفته، وهذا هو الذي جعل الكثير من الناس لا يفهمون الأسباب الكامنة وراء إقالة وزير واستدعائه للعمل مرة أخرى بعد شهر أو شهرين، فسبب ذلك أن الرئيس معاوية أدرك أن المعلومات التي وصلته كانت مغلوطة، وهو وطني، وموريتانيا يرى أنها "une puissance"، ويحب بلده كثيرا.

 

موقع الفكر: ما هو تقييمكم لأزمتي التسفير(1989) والإرث الإنساني، وموضوع الأزمة مع السنغال في عهد الرئيس معاوية؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا أحب أن أتكلم في هذا الموضوع؛ الإرث الإنساني سبق أن سمعته يقول – وهو أمر معقول ومعروف – إن هناك ضباطا زنوجا قاموا بمحاولة انقلاب فتم القبض عليهم، وهناك أناس يقولون إنهم يجب أن لا يقتلوا وأن يعاملوا بما تم التعامل به مع البعثيين الذين حاولوا الانقلاب، وفرسان التغيير أيضا بعد ذلك، وهناك من يقول إن محاولي الانقلابات يجب أن يتم قتلهم كما حدث لأحمد سالم بن سيدي وكادير ومجموعتهما عندما قاموا بمحاولة انقلابية وفشلت وتم قتلهم، ومعنى هذا أن الناس تختلف في هذا الموضوع، وأنا أرى أن التغيير بالانقلاب ليس أمرا مناسبا وليس هو الحل.

 

موقع الفكر: أين كنتم يوم انقلاب 8 يونيو 2003؟ وهل التقيتم بالرئيس معاوية بعد الانقلاب؟ وهل كان هناك من يدعوه للتصعيد؟

الرئيس بيجل بن هميد: يوم انقلاب 8 يونيو 2003، كنت هنا في نواكشوط، و التقيت بالرئيس معاوية بعد الانقلاب، في فترة انقلاب 8 يونيو 2003، وكنت وزيرا للمالية ولكنني لم أتكلم في هذا الموضوع نهائيا مع الرئيس معاوية، ونحن كمجلس وزراء في تلك الفترة لم نناقش هذا الموضوع، وأيضا قضية "لحراطين" و"لكور" لم يسبق أن تحدثت حولها مع الرئيس معاوية.

 

موقع الفكر: أين كنتم يوم انقلاب 2005م؟ وهل كنتم تتوقعونه؟

الرئيس بيجل بن هميد: في ذلك اليوم كنت في نواكشوط ولم أكن أشغل وظيفة ولم أكن أتوقع الانقلاب، يوم ذهاب الرئيس معاوية إلى السعودية أذكر أنه غادر الساعة 12 زوالا، وفي تلك الأيام كما تعلم الوزير الأول هو السغير بن امبارك، كنت في تلك اللحظة في الطريق إلى وسط العاصمة وأوقفوا سيارتي ليمر موكب الرئيس معاوية وفي اليوم المولي اتصل بي شخص وأخبرني أنه تم الانقلاب على الرئيس معاوية.

 

موقع الفكر: كيف تقيمون فترة الرئيس سيدي محمد بن الشيخ عبد الله رحمه الله ؟ وهل كان صديقا لكم؟

الرئيس بيجل بن هميد: سيدي محمد بن الشيخ عبد الله رحمه الله كان رجلا طيبا، مؤمنا بالديمقراطية، ويحب البلد، نعم كان صديقي سياسيا فأنا تعرفت على الرئيس سيدي أيام كان وزير دولة عام 1976 أو 1977م، وكما قلت لكم سابقا في تلك الفترة كنت محاسبا مركزيا لوزارة الدولة المكلفة بالاقتصاد الوطني وتعرفت عليه في تلك الفترة وبعد ذلك التقينا مرة أو مرتين، وعندما أراد الترشح للرئاسيات اتصل بي فقلت له إنني مرتبط بخيار الحزب، رغم أنني أفضله على غيره من المرشحين.

 

موقع الفكر: ألم تساندوا الزين بن زيدان في انتخابات موريتانيا عام 2007م؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا، فالزين بن زيدان رجل طيب لكنني لا أنتخب من كان أصغر مني سنا.

 

موقع الفكر: كيف كانت علاقتكم بالرئيس اعلي بن محمد فال؟

الرئيس بيجل بن هميد: لسنا أصدقاء، ولم تكن بيننا أية علاقة، وهناك صديق مشترك بيننا بعد أن قام الرئيس اعلي رحمه الله بالانقلاب جمعني معه في عدة لقاءات، ولكننا لم نكن أصدقاء، فقط معارف، وهو رجل طيب رحمه الله.

 

موقع الفكر: ما هو رأيكم في الجبهة الوطنية للديمقراطية؟

الرئيس بيجل بن هميد: الجبهة كانت مهمة، وأظن أنها كان يمكن أن تغير البلد لو أنها ظلت موحدة.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لفترة الرئيس محمد بن عبد العزيز؟

الرئيس بيجل بن هميد: محمد بن عبد العزيز، لم يسبق أن كنت ضمن حكومته، وكنت دائما معارضا له، ولم أصوت له في أية انتخابات، ولكن كلانا معجب بالآخر، وما زالت معجبا به إلى الآن لأنه رجل يحب بلده، ويؤمن بهذا البلد، كما أنه قام بأمر لن يضره ما فعل بعده وهو قرار الذهاب عن السلطة طواعية، وهو لا يزال على كرسي الرئاسة، والموريتانيون يصفقون له ويدعونه لمأمورية ثالثة، ولكنه رفض المأمورية الثالثة وذهب، وأنا لم أكن في حكومته كما كنت مع حكومة سيدي محمد بن الشيخ عبد الله، أو الرئيس معاوية، لكن كلانا معجب بالآخر والذي أعجبني فيه أنه شفاف.

 

موقع الفكر: لماذا لم يتم تعيينكم في أي منصب خلال فترة حكم محمد بن عبد العزيز، هل هو عدم رغبة منكم أم ماذا؟

الرئيس بيجل بن هميد: السبب الذي جعله لم يقم بتعييني هو أنني كنت أرأس حزبا معارضا، ولن أقبل أن أكون في حكومة وأنا معارض لها، وأيام ترشحه لمأموريته الثانية استدعاني وقال لي أنه يريدني أن أنضم إلى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية ، ولذلك أقمت مؤتمرا للحزب واندمجنا في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وأصبحت من قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية وبعد ذلك وقع ما وقع.

 

موقع الفكر: يقال إن الرئيس عزيز أراد أن يستخدمكم في السيطرة على البرلمان لتأمين عودته للحكم بشكل سلس.

الرئيس بيجل بن هميد: لم أتحدث معه في هذا الموضوع، ولكنني أذكر أنهم عندما قاموا باستدعائي وطلبوا مني التوقيع على لائحة النواب المطالبين بالمأمورية الثالثة رفضت ذلك لأنني لم أكن مقتنعا بها، ولم يدر بيننا من الأحاديث إلا ما يتعلق باستدعائه لي وطلبه مني الانضمام للحزب، وقلت له حينها إنني أشترط شرطا واحدا وهو أن ينتظر حتى ألتقي بشركائي في الحزب وبعد أن عرضت عليهم الفكرة قبلوها، وأقمنا لذلك مؤتمرا، نعم الرئيس محمد بن عبد العزيز و الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني عرفتهما أيام انقلابهما كنت حينها مديرا لـ"كنام" وبعد الانقلاب كنت أنا في صفوف المعارضة وكنت مسؤولا عن الحوار. بعد نقاش مرجعية الحزب قلت إن المرجعية لا يمكن أن تكون لشخص ولا زلت على ذلك الموقف، وهذا ما قلته للرئيس غزواني مباشرة.

 

موقع الفكر: هل التقيتم بالرئيس محمد الشيخ الغزواني؟ وما الذي دار بينكما؟

الرئيس بيجل بن هميد: التقيت به مرات عديدة، لا يمكن أن أذكر لكم ما دار بيننا ولكن يمكنني أن أقول إن هناك تفاهما بيننا  في العديد من النقاط، -لنعرج قليلا على السياسة- فأنا عندما نشبت أزمة المرجعية وكان موقفي أن المرجعية لا يمكن أن تكون لشخص، وبينت موقفي هذا لعزيز ونحن متفقان على هذا الموقف، وعندما ذكرت نفس الأمر لغزواني، قال لي: أنا لم أسمع بالمرجعية إلا هذه الأيام، فالمرجعية يمكن أن تكون في الدول الشيوعية، وبعض الدول الإسلامية كإيران، ولكنها لا يمكن أن توجد عندنا، فقلت له إننا نعمل بنظام الجمهورية الخامسة وأن المرجعية فيه لا يمكن أن تكون للأشخاص، فديكول هو من أقر الجمهورية الخامسة وبعد أن خرج من حزبه ظل يلتقي برئيس حزبه كل يوم اثنين أو ثلاثاء، يتحدثون ويحددون الاستراتيجية والطريقة التي سيتعاملون بها مع الساحة السياسية ولكنه لم يكن أبدا مرجعية ولا يمكن أن يكون كذلك، وأما إن كانت هناك مجموعة تريد أن تغير ذلك وأن تكون المرجعية للرئيس فذلك أمر آخر، ولا بد فيها من تغيير الدستور، وهذا هو الذي اتفقت عليه مع الرئيس، وقلت إنني سأترك السياسة التي "كرهون" فيها الموريتانيون بـ"تصفاكهم"،  ولكن عندما عدت لكرمسين توافد علي الكثير من الناس وقالوا إنهم لن يقبلوا بذلك، وأنني أنشأت حزبا ودعوتهم إليه وأنهم لن يقبلوا ذلك إلا إذا قررت مغادرة الحزب وعندها سيغادرون معي، فقلت لهم إنني لن أغادر الحزب ولم يعد بإمكاني ذلك لكبر سني، وإنني سبق أن كنت من المعارضة ومن الأغلبية وأريد أن أترك السياسة لكنهم لم يقبلوا بذلك، واتفقنا على أن يبقوا هم في الحزب وأنني سأبقى معهم ولكن من بعيد، وإذا احتاجوا إلي في بعض الأمور كالانتخابات فأنا معهم، وأما أن أحضر مهرجانا فلن أفعل ذلك، وهذا هو موقفي وكتبته أيضا، وعندما التقيت بالرئيس غزواني قلت له هذا الأمر.

 عزيز لا أكرهه؛ لأنه لم يفعل لي ما أكرهه بسببه ولو استدعاني اليوم لأتيته.

 

موقع الفكر: كيف تفسرون أن أغلب الصيدليات غير معتمدة عند الصندوق الوطني للتأمين الصحي (اكنام)؟

الرئيس بيجل بن هميد: الصندوق الوطني للضمان الصحي "اكنام" عندما تأسس كانت موريتانيا في حاجة إليه، ولا تزال كذلك، وهناك معايير على أساسها يعتمد الصندوق الصيدليات، فإذا لم يكن في الصيدلية صيدلاني وآخر متخصص لا يمكن أن يعتمدها الصندوق، وإذا توفرت الصيدلية على جميع المعايير الفنية المطلوبة يعتمدها الصندوق.

 

موقع الفكر: هل ترون أن الصندوق الوطني للضمان الصحي أدى دورا كبيرا؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم أدى دورا كبيرا، ومن الأمثلة على ذلك أنه أيام تأسيس الصندوق وفي بداية عمله زارني مريض مصاب بالقلب وقام أهله بتحصيل مبلغ بغية علاجه وحصلوا على 3 ملايين أوقية، وعندما ذهب إلى تونس كان المبلغ غير كاف لإجراء العملية فالمبلغ المطلوب هو 17 مليون أوقية، وتكفلنا في الصندوق بعمليته وتم إجراء العملية له، وهو أحد موظفي وزارة الصيد، لا أريد ذكر اسمه، وبعد أن أجريت له العملية وشفي ودفعت عنه الأقساط زارني في المكتب وقال لي إنه لا يملك إلا أهله أو عمله، وعمله لن يتمكن من خلاله من تحصيل المبلغ الذي تعالج به، و قد عالجتني الدولة فأدركت أن أفضل قبيلة وأفضل شيء هو الدولة عندما تكون أمورها مستقيمة.

 

موقع الفكر: ماذا بخصوص المشاكل التي يعاني منها المواطنون من أجل استرجاع مبلغ فواتير بسيطة وكذا التنقل بين الصيدليات والصندوق إذا أرادوا شراء دواء؟

الرئيس بيجل بن هميد: أنا لم أعد هناك ولا علم لي بما يجري هناك في هذه الفترة، وأنا مصاب بمرض السكري منذ 30 سنة، ولم يسبق أن أرسلت لهم فاتورة ليدفعوا عني ثمنها.

 

موقع الفكر: لماذا "اكنام" تتعاقد مع العيادات الخصوصية في تونس في حين ترفض التعامل مع العيادات الخاصة في موريتانيا؟

الرئيس بيجل بن هميد: تونس لا يمكن أن يذهب إليها كل شخص؛ لأن المجلس الوطني للصحة هو المخول لرفع من يتطلب علاجه الذهاب إلى خارج موريتانيا، وهذا المجلس يرفض الكثير من الحالات، والكثير من الأمراض تتم معالجتها في داخل البلد هنا ولا يمكن لأصحابها أن يرفعوا إلى تونس أو أي دولة أخرى.

 

موقع الفكر: لماذا لم تستثمر "اكنام" في شراء واقتناء الأجهزة والمعدات الطبية؟

الرئيس بيجل بن هميد: هذه الفكرة كانت موجودة عندهم، وكان يخصص لها مبلغ من الميزانية، وكانوا يتطلعون لتمويل المستشفيات، وأذكر أنه في فترة إدارتي لـ"اكنام" كانت نسبة كبيرة من ميزانية مركز الاستطباب الوطني تدفعها "اكنام".

 

موقع الفكر: بنظركم ما هي مشكلة "سنيم"؟

الرئيس بيجل بن هميد: "سنيم" مؤسسة عمومية ولها ستون عاما لا تنتج إلا الأحجار والغبار، ومن المفترض أن تكون أنشأت مصنعا في ازويرات أو نواذيبو لإنتاج وبيع الحديد الصلب، لا أن يظلوا يبيعون الغبار، وما يقال له "la deterioration de la terme de l’échange"، فطن من الحديد الخام ربما كان في فترة معينة يشتري علبة من "القلوريا" ولكنه اليوم لا يشتري منها قطعة واحدة، والحديد الصلب الذي يتم إنتاجه من الحديد الخام الذي نصدره يعود إلينا منه عمود حديدي بسعر أطنان!، وهذا هو الذي كان ينبغي أن يفكر فيه!. ولكن كما قلت لكم سابقا فالدول التي كانت وما زالت تستعمرنا اقتصاديا لن تقبل بتمويل مصانع لإنتاج الحديد الصلب، ولو كانوا يقبلون بذلك لأنشئوا مصانع هنا وأنتجوا الحديد الصلب ولقاموا بذلك في مجال الصيد، وأنا في فترة تولي وزارة الصيد ذهبت إلى "بورّين"، وجاءوني ببعض المؤسسات منها ما هو للدولة، ومنها مؤسسات كبيرة خصوصية ومؤسسات صغيرة خصوصية أيضا، وأذكر من بين ذلك إحدى المؤسسات قمت بزيارتها وكان فيها مالكها وأبناؤه فقط ، وكانوا يأخذون نوعية من السمك تسمى "يايبوي" ويقطعون ذيله وما يسميه أهل البحر "العوامات"، وينزعون "لمصارين"، وينزعون أيضا ما تتنفس به تلك الأسماك ويسمى "انتخون"، ويعلبونها ويبيعون طنها بـ3.000 دولار ونحن في تلك الفترة نرمي "يايبوي" لأنه لا يحتاجها أحد، وإذا أردت بيعها تبيع الطن منه بـ300 أوقية.

 كان يجب علينا أن ننشئ مصانع خاصة بأنواع السمك ذات القيمة الكبيرة، ولا نقبل أن يصدر سمكنا بنفس الوضعية التي يصطاده بها، فما الفائدة من أن يصدر البعض السمك مباشرة بعد اصطياده؟! بل لا بد من أن يغير شيء في السمك المصطاد حتى يتغير سعره.

 

موقع الفكر: ذكرتم سابقا اتفاقية الصيد بين موريتانيا والأتراك والصينيين؟

الرئيس بيجل بن هميد: قلت إنني سمعت أن الأتراك والصينيين يأخذون الكثير من السمك، وقد رأيت بعض الفيديوهات الشائعة يقومون فيها باصطياد السمك عن طريق تقنيات تجذب منه الكثير وهي تقنيات سيئة، ولا يفصلون بين ما يجب أن يأخذوا منه وما هو محرم عليهم في الاتفاقيات، وعندما يستمرون في القيام بهذه الأمور فالسمك مع مرور الزمن سينفد.

 

موقع الفكر: ما هو موقفكم من دكاكين أمل؟ وهل ترى أنه يوجد بها فساد؟

الرئيس بيجل بن هميد: حسب ما لاحظت من زياراتي للداخل الموريتاني أن دكاكين أمل مهمة جدا للمواطنين، لكن مشكلتهم هذه الأيام أن البضاعة التي كانوا يحصلون عليها أصبحت تتأخر عنهم أربعة أو خمسة أو ستة أشهر، ولكنها مهمة للمواطنين.

فالفساد ربما يكون موجود فيها، فأينما وجد تسيير سيكون هناك فساد.

 

موقع الفكر: هل اطلعتم على تقرير لجنة التحقيق البرلمانية؟ وما هو موقفكم منه؟

الرئيس بيجل بن هميد: نعم اطلعت عليه، وموقفي منه سبق أن قلته مرارا، وهو أنها لجنة سياسية.

 

موقع الفكر: أي المقولتين ترجحون، أن الفساد إذا كان سيحارب يجب أن يشمل كل الفترات السابقة؟ أم أنه يمكن الانتقاء فالمهم فقط أن نقضي على أحد جيوبه؟

الرئيس بيجل بن هميد: من فترة المختار إلى الآن لم يعد بالإمكان محاربته لأنه بموجب قانون التقادم لا يمكن أن تعود لما سقط بالتقادم، وفي القانون أن كل تسيير بعد 3 أو 4 سنوات لا يمكن الرجوع إليه، وأيضا لا يمكن محاكمة رئيس الجمهورية، والدستور واضح، لا يمكن محاكمة الرئيس إلا عن طريق محكمة العدل السامية وكذلك الوزراء، ومحكمة العدل السامية في موريتانيا تم إنشاء القانون المنظم لها ولكنه لا يزال مجرد أوراق وكذلك في فرنسا، ولكن إذا تلقى أحدهم رشوة أو قام بخيانة يمكن محاكمته بسبب ذلك، وما قلت لكم الآن سبق أن قلته في الجمعية الوطنية.

 

موقع الفكر: ألا ترون أن القانون المنظم لمؤسسات الرقابة المالية يحتاج إلى مراجعة؟

الرئيس بيجل بن هميد: في الفترة التي كنت فيها وزيرا للمالية لم تكن محكمة الحسابات موجودة، كان يوجد مراقب دولة، وأنا كنت مراقب دولة وكنا نتبع للوزير الأول والرئيس، وتم أيضا استحداث مفتش مالية في فترة سيدي بن أحمد ديه، وكانوا أربعة فقط، وأنا كنت من بينهم، وعملهم مختلف، فمفتش المالية فني ويمكن أن يدقق الأمور المالية في جميع الوزارات، ومؤسسات الدولة، أما مراقب دولة يمكنه مراقبة التسيير المالي، والتسيير الإداري كذلك كأن يكون هناك حاكم أو والي لا يؤدي واجبه كما ينبغي، وبعد ذلك أنشئ قانون يمزج بين مراقب دولة ومحكمة الحسابات، فمحكمة الحسابات كانت مسؤولة فقط عن الغرفة المالية التي تتولى مراقبة حسابات الآمرين بالصرف، وأنا من حسن حظي أن كنت "conseiller refenander " لدى محكمة الحسابات، وأذكر أنه عندما تم دمج محكمة الحسابات مع مراقب دولة كنت حينها في الحكومة التي أنشأت القانون، وكان يرأس المحكمة في تلك الفترة حسني بن ديدي رحمه الله، والتقيت معه عدة مرات بهذا الخصوص، ومعنى هذا أن محكمة الحسابات في ذلك القانون مزج لها بين الجانب الإداري والمالي والقضائي، ومعنى هذا أن محكمة الحسابات إذا كانوا سيحكمون على حساب يعقدون جلسة محاكمة ويلبسون زي القضاة، وبجانب ذلك أيضا يعملون عملا إداريا فقط، وما حدث للوزراء كان يجب أن تكون مسؤولة عنه محكمة الحسابات، ومحكمة الحسابات سبق أن وافقت على قانون التسوية ولا يمكن الرجوع إلى الوراء، فقانون التسوية عندما يكتبه أمين الخزانة العامة يرسله لمحكمة الحسابات قبل أن يصل إلى وزير المالية ويكتبون على أساسه تقريرا حول تطابق الحساب المالي عند المسير والمحاسب، وهذا يتبع لقانون يسمى قانون المطابقة، وبعد هذا يرسل إلى السلطة العليا في البلد وإذا وافقت عليه لا يمكنها الرجوع إلى ذلك الملف، وهذه هي الظرفية الحالية فكل تسيير العشرية تمت الموافقة عليه وأنا حضرت وقت الموافقة عليه.

 

موقع الفكر: لماذا صادقتم في البرلمان على تسوية الميزانية من  2008م إلى 2018م ولماذا حصل هذا التأخير؟

الرئيس بيجل بن هميد: لأنهم وصلوا متأخرين، ولم يتم إعدادهم منذ فترتي وزيرا للمالية، فأنا أعددت منهم السنوات التي قبلي والسنتين التي أمضيت هناك، وبعد ذلك لم يتم إعدادهم إلى أن تولى وزارة المالية مدير "سنيم" الحالي المختار بن أجاي.

 

موقع الفكر: هل أنتم راضون عن أداء مدير "سنيم" الحالي لمهامه؟

الرئيس بيجل بن هميد: لست معنيا بذلك الأمر.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لأداء الرئيس محمد الشيخ الغزواني بعد مرور أكثر من سنة على تقلده لمهامه...؟

الرئيس بيجل بن هميد: لا أريد أن أذكر شيئا عن حكم الرئيس الحالي، لا بخصوص الحكومة الحالية التي يقودها الوزير الشاب وهو ينحدر من منطقتي، ولا التي قبلها.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

الرئيس بيجل بن هميد: أنصحكم أن تكونوا صحافة حقيقية، وألا تتبعوا زلات شخص ما؛ بسبب أنكم مختلفون معه أو لا تحبونه، وألا تلمعوا شخصا آخرا لأنكم تحبونه أو راضون عنه وهذه هي نصيحتي لكم وليس هناك شيء آخر يمكن أن أضيفه.

 

موقع الفكر: في نهاية هذا اللقاء نتقدم بالشكر الجزيل لمعالي الوزير والإطار الموريتاني الكبير بيجل بن هميد، ونشكره على ما خصنا به من وقته الثمين، جزاه الله خيرا تقبلنا بصدر رحب واستقبلنا ببشاشة، وقد استفدنا منه كثيرا، فنحن ممتنون له ونرجو أن تكون هذه بداية علاقة وصداقة.