احتياطيات الغاز في أفريقيا.. حضور موريتاني واعد

تتطلع دول القارة السمراء إلى تطوير احتياطيات الغاز في أفريقيا من أجل دعم عمليات التصنيع والتنمية المحلية ومكافحة فقر الطاقة الذي وصل لمستويات ضخمة.

وتتمتع أفريقيا بموارد وثروات طبيعية هائلة وتضم خُمْس سكان العالم وتسهم بنسبة 3% فقط من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، ما يجلعها تنظر إلى الغاز الطبيعي باعتباره المورد الأكثر أهمية في طريقها إلى التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة.

وتشكل احتياطيات الغاز في أفريقيا عنصرًا أساسيًا في توفير الطاقة لأفقر البلدان في القارة السمراء، وفي عملية تصنيع راسخة في جميع أنحاء المنطقة، وفي الحد بشكل كبير من الفقر، بحسب ما نشرته غرفة الطاقة الأفريقية إيه إي سي (energychamber).

وتضم المنطقة 33 من أصل 46 دولة من أقل البلدان نموًا في العالم، إذ يقل متوسط دخل الفرد عن 1018 دولارًا سنويًا، لذلك، يتعين على أفقر بلدان القارة أن تشهد نموًا بنسبة 6% إلى 7% سنويًا إذا أرادت تقليص الفقر بشكل كبير وتحسين مستوى المعيشة لمئات الملايين من البشر.

وتحتاج هذه الدول إلى طاقة وفيرة ورخيصة لتحقيق هذا الهدف؛ حيث يتوافر الغاز الطبيعي لدى العديد من الدول الأفريقية.

ويسهم الغاز في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 5% فقط من إجمالي مزيج الطاقة مقابل متوسط عالمي يتراوح بين 20% و25%، رغم إمكاناته الهائلة.

الغاز في أفريقيا

يتطلب استغلال احتياطيات الغاز في أفريقيا رؤية جديدة للقارة وشبكة متكاملة من خطوط أنابيب الغاز الطبيعي التي تنقل الطاقة إلى جميع أنحاء المنطقة.

وتُعدّ مساهمة القارة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية ضئيلة ولن تزداد إلا قليلًا إذا تم استغلال احتياطيات الغاز في أفريقيا.

إضافة إلى ذلك، توجد فرصة هائلة لإبعاد الأفارقة الفقراء عن استعمال وقود الكتلة الحيوية والمساعدة في حماية غابات المنطقة من خلال استعمال مواقد صغيرة تعمل بغاز النفط المسال.

 

ويمثل تغير المناخ مشكلة في أفريقيا، لكن الحد من الفقر يمثل مشكلة أكبر، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

موقع لحفر آبار الغاز البرية في الغابون - الصورة من الغارديان البريطانية

وتمتلك أفريقيا أدنى معدل لاستعمال الطاقة للفرد في العالم، فمتوسط استعمال الكهرباء للمقيم في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى أقل من استهلاك الثلاجة المنزلية في الولايات المتحدة.

ويبلغ متوسط استهلاك الفرد في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، باستثناء جنوب أفريقيا، 185 كيلوواط/ساعة سنويا فقط، مقارنة بنحو 6500 كيلوواط/ساعة في أوروبا و12700 كيلوواط/ساعة في الولايات المتحدة.

وتستعمل مدينة سان أنطونيو بولاية تكساس الأميركية، التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، كمية من الكهرباء سنويًا تعادل ما تستعمله نيجيريا بأكملها، التي يبلغ عدد سكانها 203 ملايين نسمة.

وتستهلك غولدن، بولاية كولورادو، وهي بلدة صغيرة يبلغ عدد سكانها 19 ألف نسمة فقط، الكمية نفسها من الكهرباء التي تستعملها تشاد، الدولة التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة.

على صعيد آخر، يسعى الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة إلى "ضمان الوصول إلى الطاقة الحديثة والموثوقة والمستدامة للجميع بأسعار معقولة" بحلول عام 2030، وهذا هدف طويل الأمد.

أنواع الوقود المستعملة

في عام 2019، اعتمد 917 مليون شخص في أفريقيا (نحو 80% من سكان المنطقة) على الحطب والفحم والكيروسين ومخلفات الحيوانات والمحاصيل أو أنواع الوقود الصلب الأخرى لطهي طعامهم وتدفئة منازلهم.

وتشير تقارير وكالة الطاقة الدولية إلى أن ما يقرب من 490 ألف شخص يموتون قبل الأوان سنويًا في  الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى لأسباب مرتبطة بتلوث الهواء المنزلي، نابعة من عدم القدرة على الوصول إلى مرافق الطهي النظيفة.ويُعدّ الغاز شكلًا أنظف بكثير من أشكال الطهي مقارنة بالكتلة الحيوية وينبغي تشجيع استعماله، بحسب ما نشرته غرفة الطاقة الأفريقية إيه إي سي (energychamber) في 26 سبتمبر/أيلول الجاري.

بدورها، تطلق محطات توليد الكهرباء التي تعمل بحرق الكتلة الحيوية ثاني أكسيد الكربون بنسبة 300 إلى 400% أكثر من الغاز الطبيعي عن كل وحدة كهرباء يتم إنتاجها، ويطلق الغاز الطبيعي ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50% أقل من الفحم.

احتياطيات الغاز الطبيعي

توجد احتياطيات الغاز في أفريقيا في نصف دول القارة البالغ عددها 55، إذ تبلغ الاحتياطيات في جميع أنحاء المنطقة نحو 17.5 تريليون متر مكعب، وتشكل نحو 9% من إجمالي احتياطيات الغاز في العالم.

وتستحوذ دول شمال أفريقيا على 45% من الاحتياطيات الأفريقية، خاصة في الجزائر ومصر وليبيا، أما غرب القارة فتمتلك 32% من احتياطيات الغاز في أفريقيا، على وجه الخصوص.

في السابق، كانت 4 دول فقط من المنطقة مراكز رئيسة لإنتاج الغاز الطبيعي: نيجيريا (بإجمالي احتياطيات غاز 5.8 تريليون متر مكعب)، والجزائر (4.5 تريليون متر مكعب)، ومصر (2.2 تريليون متر مكعب)، وليبيا (1.5 تريليون متر مكعب).

وتمثل هذه الدول الـ4 نحو 78% من احتياطيات الغاز في أفريقيا في عام 2021، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية.

 

ومع ذلك، فإن 7 دول أفريقية -موزمبيق والسنغال وتنزانيا وموريتانيا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا والمغرب- ليس لها تاريخ في استغلال الغاز الأحفوري، فتحت الآن أبوابها أمام مشروعات الغاز.

من ناحية ثانية، يوجد نحو 84% من احتياطيات الغاز في أفريقيا الجديدة في مرحلة ما قبل الإنتاج في هذه الدول، ويبلغ إجمالي الاحتياطيات الجديدة 5.1 تريليون متر مكعب.

وتمتلك موزمبيق احتياطيات قابلة للإنتاج تبلغ 2.3 تريليون متر مكعب، والسنغال 779 مليار متر مكعب، وموريتانيا 575 مليار متر مكعب، وتنزانيا 512 مليار متر مكعب، وجنوب أفريقيا 96 مليار متر مكعب، وإثيوبيا 42 مليار متر مكعب، والمغرب 39 مليار متر مكعب.

واكتُشِفت احتياطيات كبيرة غير مستغلة في أنغولا، والكاميرون، وغانا، وغينيا الاستوائية، وجمهورية الكونغو، وكينيا، وأوغندا.

ويعمل عدد من هذه الدول، بما في ذلك موزمبيق وتنزانيا وموريتانيا والسنغال، على تسويق الغاز الطبيعي للاستفادة من الاكتشافات الأخيرة. وفي الواقع، أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن أفريقيا هي "الحدود الجديدة" في مجال النفط والغاز العالمي.

من ناحيتها، ستستمر الدول الـ4 الكبرى المنتجة للغاز في الهيمنة على إنتاج الغاز على المدى القريب، لكن الخبراء يقدرون أن موزمبيق والوافدين الجدد الآخرين سيسهمون بأكثر من 50% من إنتاج الغاز في المنطقة بحلول عام 2038.

المصدر الطاقة