انت مواطن بدون وساطة...لماذا جئت إذا إلى مرفق عمومي( وزارة أو إدارة) إفتتاحية موقع الفكر

يقتضي تحقيق مبدأ المساواة أن يكون هناك تكافؤ في الفرص أمام كل المواطنين، وأن يجد المواطنون أنفسهم سواسية في الاستفادة من خدمات المرافق العمومية وبكل شفافية وتجرد والتي يظل الهدف الأول من إنشائها هو خدمة المواطنين بلا استثناء ودون أي تمييز ولا انحياز..تلك مبادئ تظل تنظيرا على الورق لدى الكثير من الإدارات والوزرات الحكومية، فمجرد الولوج إلى مكتب المدير أو المسؤول الأول امتياز لا يحصل عليه إلا قلة ممن كانت لديهم طرق أخرى للظفر بهذا الاستحقاق من قبيل القرابة أو المحابة والمحسوبية أو وساطة جهة متنفذة..

إن من الشائع في الإدارات والوزرات وجود باب خلفي يلج منه المدير أو يغادر مكتبه دون أن أي علم لمن أمضوا الساعات أمام مكتبه ودون أي اكتراث بحاجات المراجعين، إن الباب الخلفي أصبح إشارة إلى أن الولوج من هذا الباب شرط في استقبال المراجع واستفادته من حقوقه المشروعة..ومع ذلك لم تعد سياسية الباب الخلفي وحدها سلما للظفر بالحقوق بل إن الثورة في تكنولوجيا الاتصال مكنت من نصب كمرات أمام مكتب المدير يتعرف من خلاله على طبيعة مراجعيه ومن له الحق في الدخول عليه بعدما كان السكرتير الخاص أو الحاجب هو من يتولى هذه المهام..

إن تقريب الإدارة من المواطنين يظل شعارا أجوف ما لم تكن هناك معايير واضحة للاستماع لمراجعي الإدارات الحكومية والنظر في تظلماتهم، وما لم يخصص كل مسؤول يوما أو يومين في الأسبوع لمقابلة كل المراجعين والاستماع إليهم والنظر في الطلبات المعروضة أمامه، إن الثورة الرقمية كشف زيف المماطلات الإدارية وقطعت دابر الروتين الحكومي المقيت وأتاحت للمدير أو الوزير أن يبت في أي قرار أو مطلب بمجرد ضغة زر وأن يراجع عشرات الطلبات في أقل وقت ممكن بعد جدولتها وفرزها من الإداريين العاملين معه..

إن سياسية الأبواب الخلفية أوصدت الأبواب الرسمية في التواصل بين الإدارات الحكومية ومراجعيها، كما جعلت عشرات المكتتبين في مهام الاستقبال والسكرتريا والعلاقات العامة بطالة مقنعة لا دور لهم سوى ترديد عبارات: المسؤول مسافر أو في اجتماع أو ارجع في الغد أو الأسبوع القادم...إلى غيرها من عبارات محفوظة تترك انطباعا للمراجع أن طريق قضاء مهمته قد لا يكون بالضرورة عبر السلم الإداري ولا بوسائل التي تقرها اللوائح والترتيبات التنظيمية..بل إن الأبواب الخلفية و والمسلكيات المناوئة لدولة العدل والقانون هي الوسيلة الأسرع والأضمن لنيل الحقوق و تحقيق المطالب والبت في القرارات ...وعندها لن يتأسف أحد لانتهاك القانون ولا للقفز على الروتين الإداري ولا على الضرب بكل الأعراف والمثل العليا عرض الحائط !!!!!