أما محمد الزواري/ إبراهيم الدويري

أما محمد الزواري الإنسان، هذا الذي حاز المجد من أطرافه كلّها، وهذا الذي صهل شريان دمه في حيّ بعيد في صفاقس التونسية، فتردد صداه مدويًا في غزة، ثم صادحًا في جنبات الأمة كلها، هذا الذي أقام الحجة على جميع المتعللين بالحدود والحواجز والتحديات، وهذا المتجرّد من كل شيء؛ من وعثاء الدنيا ورهبة الإقدام وبريق الشهرة وحظ النفس، المنحاز إلى مبادئه الخفية العظيمة، كان يؤدي فرض الجهاد في كل حركة وسكنة؛ في انسحابه من مضمار الأنا، في إنكاره ذاته الحقيقية، في إخفاء هويته حتى عن زوجه، في اختياره أن يعيش في عداد المجهولين، في يقينه المتفاعل إيمانًا وثقة بأنه ما دام الله يعرفه ويطّلع على نيته وأثر عمله فلن يضيره أن تنكره الدنيا كلّها، وألا تستضيفه الشاشات ليحكي تجربته، وألا تهتزّ الموجات الإعلامية في العالم في الساعات الأولى لاغتياله.