أفريقيا قادرة على قيادة تحول الطاقة عالميًا.. وهذه أبرز إمكاناتها

دورًا بارزًا في تحول الطاقة، وقد احتفظت القارة السمراء، لقرون عديدة، بمكانة خاصة في الاقتصاد العالمي بصفتها مورّد المواد الخام.

حتى الآن، تأتي الشركات الأجنبية إلى القارة السمراء -في المقام الأول- لاستخراج معادنها ومواردها الأخرى؛ ونادرًا ما يبحث المستثمرون عن فرص لتسخير الإمكانات الصناعية لدى القارة، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

ومن الممكن أن يؤدي تحول الطاقة، وهو التحول الاقتصادي الكبير في القرن الـ20، إلى تعزيز هذا النموذج، أو قد يغيره في نهاية المطاف، وفق ما جاء في مقال "هل يمكن للصناعات الثقيلة في أفريقيا أن تصبح خضراء؟"، لمراسل شؤون الطاقة والبنية التحتية بمجلة أفريكان بيزنس (african.business)، بن بايتون.

تجدر الإشارة إلى أن مساحات شاسعة من أفريقيا، وخصوصًا حول منطقة الصحراء الكبرى، توفر بعض أفضل ظروف الطاقة الشمسية على مستوى العالم، كما توجد حاليًا مشروعات متعددة لبناء خطوط الكهرباء تحت سطح البحر من القارة السمراء إلى أوروبا، ستتيح للكهرباء المولدة في شمال أفريقيا تشغيل للصناعات الأوروبية.

المعادن وتحول الطاقة في أفريقيا

تتمتع أفريقيا بوفرة المعادن، مثل الكوبالت والنحاس وخام الحديد والبوكسيت وغيرها الكثير، ونتيجة لذلك، تؤدي القارة دورًا حيويًا في سلاسل التوريد العالمية، بما في ذلك السيارات الكهربائية، إلّا أن معالجة المعادن الموجودة لديها تجري في الغالب خارج القارة، وخصوصًا في الصين.

وتوجد لدى القارة فرصة لتوسعة نطاق صناعاتها ذات القيمة المضافة في بداية تحول الطاقة، ويتمتع العديد من البلدان الأفريقية بوضع جيد يسمح لها بأن تصبح منتجة رئيسة للهيدروجين الأخضر، وذلك باستعمال التحليل الكهربائي الذي يعمل بالطاقة المتجددة.

وعلى الرغم من أن هذا الهيدروجين الأخضر يمكن تصديره، ربما على شكل أمونيا خضراء، فإن هناك مزايا قوية لاستعمال المورد بدلًا من ذلك محليًا، بصفة مادة وسيطة للصناعات الثقيلة.

وتُعدّ مهمة تحويل الثورة الصناعية الخضراء من حلم إلى حقيقة واقعة بالنسبة لأفريقيا محفوفة بالمخاطر والتعقيد، ويمكنها إعادة ترتيب مكانة القارة في النظام الاقتصادي العالمي.

الإمكانات الخضراء للقارة السمراء

يوفر استغلال مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب الصناعات التي يمكن تشغيلها بالكهرباء الخضراء، فوائد اقتصادية هائلة لأفريقيا.

مراسل شؤون الطاقة والبنية التحتية لدى مجلة أفريكان بيزنس، بن بايتون

في الواقع، يمثّل التصنيع الأخضر خطوة رئيسة نحو تحقيق إمكانات الطاقة المتجددة، ففي كثير من الحالات، ليس من المجدي اقتصاديًا ربط موارد الطاقة المتجددة بشبكة الكهرباء الوطنية، بسبب نقص الطلب. ومع ذلك، تتغير المعادلة عندما تتمكن منشأة صناعية من التدخل لتصبح متعهد الكهرباء.

وقال الرئيس التنفيذي لمنصة العمل المناخي من أجل أفريقيا (سي إيه بي-إيه)، جاك كيماني: "لإطلاق العنان لإمكانات الطاقة المتجددة لتحقيق تحول الطاقة، فإنك تحتاج إلى طلب أساس، وإلى قطاع الطاقة الثقيلة والصناعات الاستهلاكية التي تجعل الاستثمار في الطاقة المتجددة قابلًا للتمويل".

 

ومن الممكن تسخير مصادر الطاقة المتجددة بالكامل، إذ يمكن للصناعة في القارة السمراء أن تكتسب ميزة تنافسية كبيرة من خلال انخفاض تكاليف الكهرباء، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وتشير تقديرات منصة العمل المناخي من أجل أفريقيا إلى أن نظام الكهرباء، الذي يتميز بتخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والبطاريات، سيكلّف 50% أكثر في إسبانيا (الموقع الرائد للطاقة المتجددة في أوروبا) مقارنة بكينيا، وأكثر بنسبة 17% مقارنة بنيجيريا.

ويعكس هذا قدرة الطاقة الشمسية على توفر إمدادات موثوقة من الكهرباء عبر أجزاء كبيرة من القارة، ما يعني أن هناك حاجة إلى سعة تخزين أقلّ بكثير للبطاريات.

وقال مدير الاستثمارات والخدمات الاستشارية في صندوق تحدّي المشروعات الأفريقية، وهو منصة تمويلية، سانجيف ديبيبرساد: "إننا نرى إمكانًا هائلًا لخلق فرص العمل".

وأضاف أن الطاقة المتجددة يمكن أن توفر "تأثيرًا مضاعفًا" في تحفيز نمو الشركات، بما في ذلك تلك العاملة في الصناعات التحويلية الخفيفة، التي غالبًا ما تكافح من أجل الوصول إلى إمدادات طاقة موثوقة في الوقت الحاضر.

اندفاع نحو الهيدروجين

يُعدّ الهيدروجين الأخضر موردًا بالغ الأهمية، إذ يمكن استعماله بصفته مصدرًا للطاقة محايدًا كربونيًا في الصناعات التي تصعب كهربتها بالكامل، وتشمل هذه صناعة الصلب والمواد الكيميائية والأسمدة والبلاستيك.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للهيدروجين الأخضر إنتاج الوقود لأشكال النقل الثقيلة، بما في ذلك الطيران والشحن والشاحنات، وفق مقال "هل يمكن للصناعات الثقيلة في أفريقيا أن تصبح خضراء؟"، لمراسل شؤون الطاقة والبنية التحتية بمجلة أفريكان بيزنس، بن بايتون، الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وقال مدير الاستثمارات والخدمات الاستشارية في صندوق تحدي المشروعات الأفريقية -وهو منصة تمويلية- سانجيف ديبيبرساد، إنه -على الأقلّ من الناحية النظرية- قد يكون من السهل نسبيًا بالنسبة لبعض الصناعات التحول إلى استعمال الهيدروجين الأخضر.

وأشار إلى أنه على الرغم من الحاجة إلى استثمار كبير مقدمًا، فإن الهيدروجين الأخضر يمكن أن يقلل بشكل كبير من تكاليف التشغيل لبعض الصناعات.

وأوضحت رئيسة قسم المناخ والتنوع والاستشارات في مؤسسة الاستثمار الدولي البريطانية، مؤسسة تمويل التنمية في المملكة المتحدة، أمل-لي أمين، أن "السطوع الشمسي في أفريقيا قوي بشكل لا يُصدق، ما يعني أن القارة يجب أن تكون المنتج الأكثر تنافسية للهيدروجين الأخضر".

وتُعدّ ناميبيا -على سبيل المثال- واحدة من الدول الرائدة في سباق الهيدروجين الأخضر في أفريقيا، وقد أبرمت الحكومة الناميبية صفقة مع شركة هايفن هيدروجين إنرجي، وهي جزء من المشروع مملوك لمستثمرين ألمان، لتطوير مشروع بقيمة 10 مليارات دولار لإنتاج الأمونيا الخضراء في البلاد، وسيُصَدَّر معظم الإنتاج إلى ألمانيا وأسواق خارجية أخرى

المصدر الطاقة