التعليم في الداخل.. وظيفة مقابل المليونين- عمر ولد سيدي محمد ولد أحمد الجواد

عندما يمتايل سونيف باتجاه سيلبابي وتختلط أحاديث الركاب برغاء الأطفال ورنات الهواتف تعصف بي عاصفة من العطاس الكامن في خياشمي من حساسية الأنف التي زادتها كيديماغا اضطرابا واستمرارا، يهيج ذلك العطاس بمجرد ذكر كيديماغا الولاية التي يتعاقبها الغبار والحر والدخان والناموس منذ القرون.
 
هنا تظهر قساوة الوظيفة المعارة أو الوظيفة القهرية التي تلزمك بمكان واحد من غير مراعاة الممكن؛ حيث تغلق وزارة التهذيب الوطني أبواب التحويل بين الولايات منعا لا تقتضيه طبيعة العمل وما تستلزمه ظروف المدرس الصحية، الأمر الذي يكلف جماعات كثيرة دفع مليونين في سبيل التبادل إلى العاصمة انواكشوط، أو مكان ملائم لأبسط مقومات الحياة وماأندره؛ فكانت النتيجة النهائية أن تعبوا في الدراسة على صعوبتها واجتهدوا في مطاردة الوظيفة حتى أدركوها في آخر رمق ليبيعوا حصادهم سنتين أو ثلاثة مقابل مكان لائق للعمل، ففي أي عصر أو في أي دولة نحن وما نعاني من الظلم؟ وعلى أي أساس تمنع الوزارة التحويل أمام المدرسين وتفتح لمرتزقة الوزارة  آفاقا رحبا لاستغلال آلامنا ومعاناتنا المزمنة؟
 
إن الجميع يدرك جيدا صعوبات الحياة العادية في الداخل وإن أهل الداخل يدركون جيدا أن كيديماغا جحيم تحت ذلك بأضعاف مضاعفة.

نعم تمارس الدولة إرهابا إعلاميا يوهم الأكثرين أن "البعد" تعويض مشجع على غمض العين على السفا أو الغربة في الوطن لكن هيهات هيهات لما توعدون!

وأكبر فضيحة أن الحصة الشهرية من البعد في أكثر المناطق النائية لا تسد عشر مصروفك الشهري، في حين يطاردون الأساتذة وينكلون بهم ويجلبون عليهم بالخيل والأرجل ليواظبوا في أماكن عملهم حتى كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون.

هذا وليس للأستاذة سبيل على حل مشاكلهم الإدارية أو المالية حتى في وزارة التهذيب الوطني التي ينبغي أن تكون ساعدا يستند إليه بل وليس لهم سبيل على إيصال الرأي وإنما هم سجناء مشردون في حواشي المجتمع لا يزورهم زائر ولا يتألم لآلامهم إلا الصخور.
هذا ومازالت تطالعنا صور الوزير في كل يوم له وعود مجملة وتلويحات سينكشف عنها القناع الليلة ونحن له بالمرصاد إن خيرا فخير ...وسنختبر مداه في عاجل الأيام هنا سنوجه إليه السهام من غير رجعى لا تختشي طيشا ولا التوى.

فعلى السيد الوزير أن يعيد الأمور إلى مجراها ويتخذ حلا في التحويلات بين الولايات فمتى تكون النتيجة في وظيفة تحتاج للتأمين بغرامة لا يتقاضاه المدرس لسنتين من عمله المر؟ وعلى أي معيار يستمر هذا الاعتصار؟