الغاز الثروة السائلة- بن لحباب مولاي أحمد الإدريسي

لغاز_الثروة_السائلة
وصل إلى  مسامعي صوتيات مضمونها يتحدث عن استفادة موريتانيا من استخراج الغاز و التي حسب التقديرات تترواح ما بين 30$ و 60$ مليون (دولار طبعا)، و هو مبلغ زهيد إذا ما قورن بحجم الثروة المستخرجة. كما أنني استمعت إلى صوتيات مرافقة تطرح بعض التساؤلات حول استفادة الدولة المجاورة-الشريك السنغال من مزايا أخرى تتمثل في إقامة العمال الأجانب في فنادق مدينة "إندر" و كذلك تشغيل اليد العاملة السنغالية، و التبضع من أسواق مدينة "إندر" و استئجار السيارات من عند رجال أعمال سينغاليين كل هذه المزايا و غيرها تجعل السنغال أكبر مستفيد من غاز آحميم رغم تساوي الحصص بين الشريكين.
من هنا أسجل ما يلي:
الدولة الموريتانية لديها أكبر مشكل يمكن أن تواجهه أي دولة تزخر بالثروات الطبيعية ألا و هو مشكل #اليد_العاملة_ذات_الخبرة  و الذي هو نتاج غياب تام لتكوين مهني قادر على تغذية سوق العمل بالكادر البشري المؤطر في شتى المجالات، على عكس الدول المجاورة التي اهتمت بهذا النوع من التعليم و تمكنت من توفير اليد العاملة اللازمة و الضرورية لمواكبة أي ثروة يتم استخراجها، و ما تواجد هذه العمالة من سباك، و لحام، و بناء، و ميكانيكي، و كهربائي، و صياد تقليدي على جنبات الطرق في العاصمة انواكشوط و في انواذيبو إلا خير مثال و دليل على افتقار سوق العمل الموريتانية و حاجتها الماسة إلى هذه الفئة من العمالة. 
إن ثقافة البداوة السائدة في المجتمع الموريتاني و التي تتغذى عليها عقلية الموريتاني لهي أكبر عائق في توفير بنية تحتية متكاملة (طرق، فنادق، مطاعم، مشافي، مؤسسات تعليمية، ساحات عمومية، مرافق رياضية للتنس و كرة السلة، و صالات للرياضة بمواصفات عالمية...) إذ أنها في الغالب ليست بمواصفات عالمية و لا ذات خدمات جيدة، و لإن كان البعض منها (فنادق و مطاعم) بدأ يظهر، فإنه يبقى خجولا و لا يرقى إلى تقديم الخدمات اللازمة للعمالة الأجنبية و التي تضم من بينها خبراء و أطر أجانب هم أحوج ما يكونون إلى هذه الخدمات و ما رحلات الاستجمام التي كان يقوم بها عمال كنروس-تازيازت إلى جزر الكناري إلا خير مثال على ذلك و هو أمر يفوت على من يستثمرون في هذه القطاعات الخدمية أموالا طائلة.
ينضاف إلى هذه النواقص و العوائق مسألة ضعف العدالة و غياب الشفافية، ذلك أن الموريتاني على العموم يتقوى بمكانته القبلية و الجهوية، و حتى بالمنصب الذي يشغله و غالبا ما يكون يرتدي "بدلة رجل الأعمال" و هو أمر لا يخفى على المستثمر الأجنبي خاصة أن الشركات الدولية التي تنشط في مجال النفط و الغاز غالبا ما تكون أقوى من الدول التي تستثمر فيها و مطلعة على كل شاردة و واردة في ذلك البلد فلديها هيئات متخصصة في تقديم تقارير عن الحالة الإجتماعية و الثقافية و كذلك قوة القانون و مكامن النواقص فيه في البلد-المشروع.
كل هذه العوامل تمنح الدولة الجارة الشريك-السنغال- مزايا تتقدم بها على الملف الموريتاني مما يمنحها استفادة أكبر من حقل آحميم.
لا لوم على وزير الإقتصاد السابق، و لا إتهام بالتقصير لوزير الإقتصاد الحالي حين كانت خرجاتهما تصب في نفس السياق ، "لن تستفيد الدولة الموريتانية من استغلال آحميم كثيراً و لن ينعكس على الإقتصاد على المدى القريب." نعذر الوزيرين، و اللوم يجب أن يقع علينا جميعا كل من موقعه. 
لن نستمتع بثرواتنا رغم وفرتها ما دام التعليم عندنا يسلك طريقا ملئ بالمطبات، و التكوين المهني 'صفر'.