نسائم الإشراق الحلقة رقم (1611) 7 يونيو 2021م، 26 شوال 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (641)

 

لرجوع إلى الدوحة:
رجعنا إلى الدوحة، لنستأنف العام الدراسي، ليذهب التلميذ إلى مدرسته، والطالب إلى جامعته، والموظف إلى عمله.
وكان محمد قد تخرج في كلية الهندسة، وعُيِّن معيدًا، وعبد الرحمن ينجح في كليته بامتياز، وأسامة قد دخل كلية الهندسة، وإلهام وسهام تعملان للحصول على الدكتوراه من إنجلترا: إلهام من جامعة لندن، وسهام من جامعة ريدنج. وأسماء حصلت على الماجستير من جامعة الخليج في البحرين. وتتهيأ للابتعاث للدكتوراه بتوفيق الله تعالى.
بداية العام الدراسي بالدوحة (1990 - 1991)
واحتلال الكويت هو القضية الأولى
عدنا إلى الدوحة، في بداية العام الدراسي 1990 - 1991، أو قبله بقليل. والعالم كله يصبح ويمسي، وليس له حديث إلا غزو العراق للكويت، وما وقع لأهل الكويت من مآسي، وكيف تفرقوا في البلاد، بعد العز والرفاهية، ولا سيما أن الكويتيين معروفون بالعُجْب والزهو، فأمسى حالهم، كحال ابنة النعمان بن المنذر ملك الحيرة، بعد زوال ملك أبيها، وهي التي قالت:
فبينا نسوسُ الناس والأمر أمرنا   **  إذا نحن فيهم سوقة نتنصَّفُ
فأف لدنيا لا يدوم نعيمها   **  تقلَّب تارات بنا وتصرَّفُ
والمفروض أني في هذه السنة معار إلى جمهورية الجزائر، وعلي أن أستعد لذلك، على أن أباشر عملي هناك من أول شهر أكتوبر.
خطبة تاريخية في مسجد عمر بن الخطاب:
وفي هذه الأثناء، خطبت خطبة تاريخية في مسجد عمر بن الخطاب بالدوحة، حول العدوان على الكويت. دنت فيها هذا الغزو الآثم، الذي يتَّسم بالحماقة وعدم التدبر في العواقب، كما يتَّسم بالغدر بشقيق وقف معه في وقت الشدة، فهو يجزي الإحسان بالإساءة، وهو يقسم العرب في وقت يحتاجون فيه إلى التوحد والتلاحم، وهو يعيدنا إلى عهد الجاهلية حيث يغير الأخ على أخيه بأدنى سبب. كما قال قائلهم:  وأحيانًا على بكر أخينا  **  إذا ما لم نجد إلا أخانا
وقد حذرنا رسولنا من ذلك حين قال في حجة الوداع: «لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض»(1)... ثم هو يفتح الباب للتدخل الأجنبي، بعد أن تحررت المنطقة منه إلى حد كبير.
ولا أذكر بالضبط ما قلته في هذه الخطبة، وأعتقد أنها مسجلة، وقد أذاعتها إذاعة الكويت التي كانت تعمل من خارج الكويت، وظلّت تعيدها وتكررها عدّة مرات في كل يوم من أيامها الأولى(2).