نسائم الإشراق الحلقة رقم (1615) 11 يونيو 2021م، 30 شوال 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (645)

السفر معارًا من قطر إلى الجزائر - السنة الدراسية 1990 - 1991م

عملي في الجزائر:

كان لا بدّ لي من أن أسافر إلى الجزائر، بعد موافقة أمير قطر على إعارتي لها، لأبدأ مباشرة عملي هناك. وكان عملي يُمَثِّل في أمرين:

الأول: رئاسة المجلس العلمي بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في قسنطينة. وهذا لا يتطلَّب مني دوامًا كاملًا هناك.

والثاني: أن أعمل مستشارًا لوزارة الشئون الدينية في العاصمة، ووزيرها صديقنا الفاضل الدكتور سعيد شيبان، الذي طالما التقيناه في ملتقيات الفكر الإسلامي، وعرفناه طبيبًا مثقفًا، وداعية للإسلام، متعاونًا مع الدعاة والعاملين لنصرة الإسلام. وهو شقيق صديقنا الشيخ عبد الرحمن شيبان، وزير الشئون الدينية الأسبق.

مقابلة رئيس الوزراء مولود حمروش:

وقد استقبلني الدكتور شيبان، وصحبني لمقابلة رئيس الوزراء، السيد مولود حمروش، وقد لقيته مرارًا من قبل، وهو يعرفني جيدًا. وقد رحَّب بي الرجل، ونوَّه بمنهجي في الدعوة إلى الإسلام، وجرى الحديث بيننا طيبًا، فقد قلت له: في مصر عندنا عائلة حمروش أيضًا: وحين كنت طالبًا بكلية أصول الدين كان شيخ الأزهر في ذلك الوقت هو: الشيخ إبراهيم حمروش. والذي ذكرته في قصيدتي في وداع كتيبة الأزهر، التي كانت مسافرة إلى قناة السويس للمشاركة في مقاومة الإنجليز، مع شباب الجامعات المصرية. الذين قاموا بالعبء الأكبر في هذه المقاومة، وكانت إيران في ذلك الوقت ثائرة على الشاه وعلى الاستعمار البريطاني. وكان رائد الثورة ومشعلها في ذلك الوقت، هو آية الله الكاشاني. فكان مما قلته في قصيدتي:

يا أزهر الخير، قدها اليوم عاصفة     فإنما أنت من نور ونيران!

هذا شبابك للميدان منطلق      فهل نرى في الشيوخ اليوم كاشاني؟!

وكان في القصيدة بيت يقول:

متى نرى ألسن الدنيا تتحدث عن      حمروش مصر ككاشاني إيران؟!

وقال رئيس الوزراء:

لقد لقيت منذ سنوات السيد أحمد حمروش، من كتاب ثورة يوليو ومن ذوي الاتجاه اليساري، وتحدثنا حول هذا الموضوع. وهل أصل «الحمارشة» مصر أو الجزائر؟

قلت: وإلام انتهيتم؟

قال: انتهينا إلى أنّ الغالب في الهجرة: أن تكون من المغرب إلى المشرق، وإن كان العكس قد يحدث.

قلت: هذا صحيح، وكثيرًا ما يظل بعضهم منتسبًا إلى بلده الأصلي: فيقال: الشيخ طاهر الجزائري، والشيخ عبد القادر المغربي، وبيرم التونسي، وعمر التلمساني ... إلخ.

وكان لقاء الرجل معي في غاية الودّ واللطف، وقال: أي عقبة تصادفها، فليس بيني وبينك حجاب، ولك أن تتصل بي إما مباشرة، وإما عن طريق الدكتور شيبان إن شئت.

وأذكر أني طلبت منه شيئًا يتعلق بالجامعة، نسيته الآن، واستجاب له فورًا.

وودعنا مشكورًا، على أن نلتقي بين الحين والحين.

مناقشة رسالة ماجستير في علم التفسير:

وكان من أوائل ما قمت به: أن طلبت مني جامعة الجزائر، قسم العلوم الإسلامية: أن أكون عضوًا في لجنة مناقشة لرسالة للماجستير، ستناقش قريبًا، في علم التفسير، وإن كان الوقت ضيقًا... قالوا: ولكن مثلك لا يحتاج إلى وقت لقراءة الرسالة. فيكفي أن تنظر فيها وتتصفحها، لتحكم عليها. ورحَّبت بذلك، وبعد أيام قليلة، حضرت المناقشة، وشاركت فيها مشاركة إيجابية، فشهد الحاضرون بأنها كانت هي المناقشة العلمية والمنهجية المستوعبة التي استفاد الطالب المناقش منها، واستفاد منها كذلك جمهور الحاضرين. بل قال بعض إخواني من المناقشين، ولا أذكر أيّا منهم الآن: نحن شخصيًا قد استمتعنا بحضورك ومناقشتك.