الوزير السابق محمد ولد اعبيدنا في لقاء شامل مع موقع الفكر/ كان لي الشرف بوضع الحجر الأساس لشركة تازيازت

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد القامات الوطنية، ممن خبروا دروب الاقتصاد الوطني، وعايشوا تحدياته خاصة فيما يتعلق بقطاع التعدين الذي تولى ضيفنا تسيير الوزارة التي تتبع لها الشركات الناشطة في ميدانه، حيث واكب بدايات عمل شركتين في من شرائك التعدين، هما شركتي: "تازيازت" و"أم سي أم"، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر... في لقاء شامل يتناول واقع وآفاق قطاع التعدين في موريتانيا، وأبرز المعوقات والمشاكل التي تعيق تطويره، فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم معالي الوزير محمد بن إسماعيل بن اعبيدنا.

موقع الفكر: في البداية نود منكم أن تعرفوا المشاهد بشخصكم الكريم من حيث تاريخ ومحل الميلاد و الدراسة والشهادات والوظائف التي تقلدتم؟

الوزير محمد بن إسماعيل: بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على نبيه الكريم، ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي؛ أولا نتشرف بلقائكم ونشكركم على العناية التي تعطون للشأن العام في برامجكم وصفحاتكم، وأود في البداية أن أشكر الشباب على الجهود التي يقومون بها، وما تقوم به الهيئات الصحفية الناشئة من التحلي بالمصداقية، وكل ما من شأنه خدمة الوطن من جميع الزوايا بغض النظر عن الأمور التي لا فائدة فيها، وعلى ذلك الأساس أشكركم جزيل الشكر على هذا النهج الذي تتخذونه.

أنا اسمي محمد بن إسماعيل بن اعبيدنا من مواليد 1954 في أطار، درست المرحلة الابتدائية في أطار، والمرحلة الثانوية في الثانوية الوطنية في نواكشوط، وبعد الباكالوريا التحقت بالتعليم الجامعي بفرنسا بجامعة نيس جنوب شرق فرنسا، وتخرجت منها بشهادة دكتوراه في قانون البحار، وعدت إلى البلاد رغبة في المساهمة في بناء الدولة التي وفرت لي الفرصة لأتعلم، ومنحتني حتى تكون لي مردودية إيجابية  على البلد الذي لا يزال يفتقر للأطر والكفاءات رغم مرور 15 إلى 20 سنة من الاستقلال، ونتيجة لظروف خاصة حالفني الحظ في الحصول على وظيفة مستشار في ميناء نواذيبو المستقل لأقترب من الصيد والبحر والبحث الذي أقوم به على أساس الرسالة التي كنت سأقدمها في تينك السنتين في ميدان قانون البحار.

 بعد حصولي على شهادة الدكتوراه من جامعة نيس عدت إلى البلد؛ وعرض علي أن أعمل مستشارا قانونيا لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وكإطار تخرج حديثا وقدم ليخدم دولته كنت مستعدا لذلك بكل ما أستطيع، وهكذا عملت مستشارا للمدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وأمضيت في هذه الوظيفة عدة سنوات، وكان النهج المتبع آنذاك مع كل الموظفين هو التريث حتى يكتسبوا تجربة في إطار عملهم، ثم يرتقون في عملهم، وقد تحقق لي ذلك بعد سنوات فعملت مديرا مساعدا لنفس المؤسسة وأمضيت في ذلك المنصب ما يزيد على عقد من الزمن، وبعد ذلك دخلت وزيرا للصناعة والمعادن في الحكومة الانتقالية ما بين 2005 إلى 2007، وهذه هي الخلاصة للمسار الذي مررت به.

 

موقع الفكر: كيف وجدتم قطاع المعادن وكيف تركتموه؟

الوزير محمد بن إسماعيل: أنا أرى شخصيا أنني عملت في الحكومة من باب الصدفة، وطبعا كانت هناك معايير لدى القيادة الوطنية – وأنا لا أعلمها – جعلتني أكلف بتولي هذا القطاع؛ فأسندت لي حقيبة وزارة المعادن، وجئت الوزارة وهي مرتبة شيئا ما، بمفهوم أن نصوصها جيدة وأن هيكلتها منتظمة، ولكن العمل فيها لا يترجم النصوص ولا المنهجية التي يجب أن تكون متبعة، ومن باب الصدفة أيضا كانت هناك للمرة الثالثة – حسب ظني – أول شركة معادن للذهب تريد أن تعمل في موريتانيا بعد الحصول على رخص التنقيب والاستغلال وهي شركة "تازيازت" الحالية، وكانت هناك شركة أخرى للنحاس ونسبة من الذهب في أكجوجت تسمى "ام سي ام" وكان آنذاك ملفها في آخر مراحله لاستغلال منجم "أم كرين" في أكجوجت، وكان لي الشرف بوضع الحجر الأساس لشركة تازيازت مع شركة كندية تدعى "ريو نيرسير"، وحددنا معها الخطوط العريضة لاستغلال المنجم، وطبقنا القانون المعمول به في إطار المعادن، وهو أن تقوم بإعطاء نسبة مئوية للدولة تتمثل فيما بين 3.5% إلى 5% من قيمة إنتاجها من الذهب سنويا، وقامت تلك الشركة بإعطائنا في الوزارة شهادات تعترف فيها بنشاطنا الذي نقوم به في الوزارة والتزامها للقانون المسير للوزارة، وشكرت طواقمنا على تجاوبهم، وكانت أول نقلة نوعية في التجاوب مع الشركات الأجنبية التي نقبت واكتشفت وستقوم بالاستغلال.

 

موقع الفكر: كم كانت مدة العقد؟

الوزير محمد بن إسماعيل: التنقيب له حدود وهي 3 سنوات، وبعد كل سنة يرجعون الأراضي التي لم يحصلوا فيها على شيء، والترخيص للإنتاج يمتد حتى انتهاء مخزون المنجم، و"ام سي ام" وجدناها في مرحلة متقدمة من مفاوضاتها مع موريتانيا لأنها لم تقم بالتنقيب، فالمعدن كان موجودا منذ قديم الزمان، وكان مستغلا منذ 1957م. من طرف شركة "ميكيما" قبل استقلال موريتانيا، وخلفتها شركة أخرى وهي "سوميما" وقد استغلت المنجم بعدها هي أيضا عدة شركات، وكانت شركة "ام سي ام" تريد الحصول على نفس الامتيازات التي عند شركة "تازيازت" وقمنا بعدة مفاوضات معها وشرحنا لهم فيها أنه من المستحيل الحصول على تلك الامتيازات التي عند "تازيازت"، لأنهم قدموا من أجل معدن معروف وسبق أن تم استغلاله قبلهم، وهذه الأخرى شركة قامت بالتنقيب ولم يكن لدينا آنذاك إلا توقع أنه قد يوجد الذهب في موريتانيا، فقاموا هم بالتنقيب واكتشفوا المعدن ووصلت لمرحلة رخصة الإنتاج وستقوم بالإنتاج، وستبدأ في الإنتاج وبهذا لا يمكن أن تكون الصلاحيات القانونية التي منحت لها تملكها شركة تريد استغلال معدن موجود منذ 1957م.

 

موقع الفكر: هل صحيح  أن "سنيم" هي من اكتشفت الذهب الموجود في منطقة تازيازت؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أعلم إن كان صحيحا، فأنا لم أجد له من الوثائق ما يدل عليه، وقضية المعادن موثقة ومأطرة بالقانون، وكل شركة بما فيها "سنيم" يحق لها طلب رخص للتنقيب، لكن رخص التنقيب لا يتم إعطاؤها على أساس أن شركة طلبتها، بل لا بد أن يكون لدى الوزارة قبل ذلك مؤشر – ولو بنسبة ضئيلة – يوحي بأن ذلك المعدن المطلوب وجدت له آثار في تلك المنطقة؛ ربما يكون صدفة، وربما يكون منجما، وربما يكون عابرا فالوزارة لا تتعمق في التنقيب بل تبحث فقط عن مؤشر، ولا أذكر أن شركة "سنيم" قامت بتنقيب معمق إذا كانت قد حصلت على رخصة للتنقيب في إطار الذهب، والمهم أن الشركة الوطنية للصناعة والمناجم "سنيم" اختصاصها ومجال عملها هو استغلال الحديد في الشمال الموريتاني.

 

موقع الفكر: هل "سنيم" هي من تقوم حاليا باستغلال الجبس؟

الوزير محمد بن إسماعيل: الجبس تقوم "سنيم" باستغلاله عن طريق شركة متفرعة عنها هي "ساميا"، ونتيجة لحصولها على رخصة التنقيب عن الجبس ووجدته، ومنحت رخصة لاستغلاله، ف"سنيم" لا تقوم باستغلال الجبس وإنما تستغله شركة "ساميا" التابعة لها.

هذا بالأساس ما وجدته في القطاع، هاتين الشركيتين "تازيازت" و"MCM"، واتفق قدومي مع بدايتهما، ووضعت حجر الأساس لشركة "تازيازت"، ورافقت رئيس الدولة آنذاك اعل بن محمد فال رحمه الله حيث قمنا بتدشين استغلال منجم النحاس في أكجوجت.

 

موقع الفكر: هل طورتم القطاع من ناحية النصوص، أم أنه لم يكن بحاجة لتطوير؟

الوزير محمد بن إسماعيل: القطاع متشعب وفيه الكثير من الأمور، وعند استلامي له كانت نصوصه مرضية ولكن غير مطبقة بالشكل الذي ينص عليه القانون، ومن أمثلة ذلك وجود شركة لديها العديد من رخص التنقيب في حين أن القانون يمنع على الشركة الواحدة الحصول على أكثر من 5 رخص للتنقيب. وهناك شركات منحت رخصا للتنقيب وهي لا تتوفر فيها الشروط التي يجب أن تتوفر في شركة حاصلة على تلك الرخص.

 

موقع الفكر: هل كان أصحاب تلك الشركات أقارب للرئيس السابق أو اللاحق، أو الوزير، أم لم تكن لهم بهم علاقة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لم يكن بالضرورة على أساس القرابة بل كان على أساس الإهمال، والمصالح المتبادلة.

 

موقع الفكر: هل قمتم بسحب رخصة استغلال "بوفال" من أهل عبد الله أم سحبت قبلكم؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا تم سحب تلك الرخصة بعدي؛ "بوفال" معدن للفوسفات وكانت لأهل عبد الله شراكة مع شريك ألماني وشريك أجنبي آخر للتنقيب عنه، واكتشفوه، ثم بدؤوا في إجراءات الترشح لرخصة الإنتاج وتركناهم في تلك المرحلة، هل سحب منهم أم لم يسحب، ذلك وقع بعدي أنا تركتهم في وضعية ترشح لرخصة الاستغلال.

 

موقع الفكر: ماذا يستفاد من إعطاء الرخصة أو بيعها لفرد ؟

الوزير محمد بن إسماعيل: هناك رخصتان؛ فكما قلت لكم في البداية رخصة التنقيب ولا تعطى بعفوية، وهناك مؤسسة عمومية للبحث المنجمي عندما تحصل على أقل ما يمكن أن يحصل السكوت عليها مما يثبت وجود منجم يتوقف عملها عند هذه النقطة؛ حين تقول أنه في المساحة المعينة وجد مؤشر للمعدن الفلاني، ونحن بدورنا نعد من خلال ذلك لوائح بالمعادن التي وجدت لها مؤشرات في البلد، وقدومي للوزارة كان فيها 900 مؤشر معدني.

 

موقع الفكر: ما هي أهم المعادن التي حصلتم مؤشرات تدل على وجودها؟

الوزير محمد بن إسماعيل: بالنسبة للمهندسين فكل المعادن مهمة، وتختلف من حيث تكاليف استغلالها وطريقة المعاملة معها، وهناك معادن نفيسة معروفة كالذهب، و"البلاتنيوم" – الذي هو أغلى من الذهب –، والنحاس، والحديد، والألماس .. الخ.

ونحن ننطلق من المؤشر؛ فإذا كانت لدينا مؤشرات وأتتنا إحدى الشركات تريد الاطلاع على أحد المؤشرات نطلعها عليه كي تعمق البحث، حول المعدن هل هو صالح للاستغلال وله مردودية أو منجم معتبر يمكن استغلاله، يمكنها حينئذ الترشح لرخصة الاستغلال، فإذا قامت بالتنقيب ووجدت أنه فقط معدن عابر أو أن إنتاجه لن يكون بالقدر الكافي الذي يجعلهم يستثمرون فيه يعيدون رخصة التنقيب.

ونحن في الوزارة كان عندنا ما يفوق 900 مؤشر معدني في موريتانيا موزع على 6 مناجم، ومن أهم هذه المعادن: الحديد، والذهب، والنحاس، والمانغانيز، والألماس .. الخ

 

موقع الفكر: أين يوجد معدن الألماس مثلا؟

الوزير محمد بن إسماعيل: الألماس لو كان موجودا لتم استغلاله، ولكن حسب مؤشراته يوجد في الوسط الموريتاني كله، ومنطقة الشمال الشرقي من موريتانيا التي تسمى المجابات الكبرى، وحسب ما عندي من معلومات فالتنقيب عنه لا يزال مستمرا، لكنهم لم يصلوا لمرحلة الاستغلال.

الشركتان اللتان بدأتا عملهما تزامنا مع وصولي للوزارة هما: "تازيازت"، و"ام سي ام"، فبالنسبة للشركة التي قامت بالتنقيب عن الذهب، واكتشفت المنجم، ومنحت رخصة الاستغلال تم بيعها في مرحلتها الأولى وكان اسمها "ريو نارسيا"، وقامت ببيع رخصتها لاحقا والشركة التي تستغل المنجم الآن هي الشركة الرابعة بعد عدة صفقات بيع منذ تدشين المنجم إلى اليوم.

 

موقع الفكر: ألا ترون أنه من المجحف أن تكون استفادة موريتانيا من عقد استغلال الذهب 3.5%، هل هذا أفضل أم عدم الاستغلال؟

الوزير محمد بن إسماعيل: هذا طرح جيد، ولكن المشكلة أننا لم نكن نعلم هل حقا نملك الذهب أم لا، والشركة هي من قامت بالتنقيب والتأكد من وجود الذهب من خلال المؤشرات التي حصلنا عليها سابقا، وهي من استثمرت أموالها في تلك الصحاري إلى أن اكتشفت المعدن وحددت حجمه، وما هي مدة استغلاله .. الخ.

وفي المفهوم الفلسفي للقانون بالنسبة للقوانين التي ترتب النسب التي يجب أن تحصل عليها الدولة الموريتانية فإننا نشجع كل من قام باكتشاف المعادن، ونريد أن يوجد لدينا معدن، ولو لم نحصل على نسبة، ويكفينا أن تقوم الشركة بتشغيل مواطنين، وأن يعرف بالبلد أكثر من خلال المعدن، وأن نأخذ عليه ضرائب..الخ. إضافة إلى نسبة مئوية مهما كان حجمها تحصل عليها الدولة.

و الآن بعد أن عرفنا أن عندنا معادن كالذهب الخ. وهذا ما أردت التبويب عليه، -ومثاله ما هو حاصل بين "تازيازت" و"ام سي ام" - هو أن الشركات التي تأتي إلى منجم كان مستغلا قبلها لا يمكن أن تحصل على  الامتيازات ولا النسب المئوية ذاتها التي كانت عند اللذين استغلوا المعدن قبلهم، وعرفونا على المعدن وقيمته، وحجمه في الاستغلال، واليوم – وإن كنت غير مطلع على أخبار قطاع المعادن – أظن أن النسبة ارتفعت إلى حدود 10%، وإن كانت أيضا هي الأخرى نسبة ضعيفة إلا أن المبدأ الذي ننطلق منه هو أننا نبحث عمن يجلب لنا استثمارا ويقوم باكتشاف المعادن لنعرف القدر الذي نملكه من ذلك المعدن فهو تشجيع للمستثمر الأجنبي أكثر مما هو التفات إلى  نسبة الدولة من الشركة، وهذه هي الفكرة التي تسير عليها قوانين تشجيع الاستثمارات في ميدان المعادن.

 

موقع الفكر: كم أعددتم من قانون في فترة توليكم للوزارة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: في فترتنا لم نقم بإعداد أي قانون في قطاع المعادن، لأن القوانين يقرها البرلمان وكان حينها مجمدا، ولكن طلبنا أن يتم إقرار قوانين في المستقبل من طرف الحكومة التي سيتم انتخابها - التي انتخبت فيما بعد برئاسة سيدي بن الشيخ عبد الله رحمه الله – ترفع من النسب المئوية التي تحصل عليها الحكومة من المعادن المستغلة، وقوانين تحد من تفشي إعطاء رخص التنقيب للشركات التي ليست لديها خصوصيات وتجارب ومصداقية في التنقيب في المعادن، واقترحنا قانونا آخر معنيا بالشفافية في استغلال الصناعات الاستخراجية، والبرلمان الذي انتخب بعدنا في عام 2006م. درس بعد انعاقده قضية "ام سي ام" على أساس مشاريع القوانين التي اقترحنا، وهي أن الشركة التي تريد استغلال منجم كان مستغلا قبلها، لا يمكن أن تحصل على نفس الامتيازات التي كانت عند الشركات التي اكتشفت ونقبت واستثمرت في التنقيب إلى درجة الوصول للدراسات التي توحي بجدوائية الاستغلال.

 

موقع الفكر: من يملك "ام سي ام"؟

الوزير محمد بن إسماعيل: "ام سي ام" شركة اشترتها شركة إماراتية بمبلغ زهيد أظن أنه مليون دولار من الشركة التي كانت تستغل المنجم قبلها.

 

موقع الفكر: هل أنتم هم من طرد الشركة التي باعت رخصة استغلالها ل "ام سي ام"؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا، لم نطردها، كان لها ملف عند القضاء بسبب مشاكل بينها مع القضاء لا علاقة للوزارة به، و الذي لاحظنا هو أن الشركة الإماراتية اشترتها فقط بمليون دولار، ودفعت منها 400 ألف دولار نقدا، وقالت إنها ستدفع 600 ألف الباقية على شكل أقساط خلال سنوات الاستغلال الثلاث، وبعد ذلك لم تقم الشركة الإماراتية باستغلال المنجم وباعت رخصتها للشركة الحالية "ام سي ام" وهي شركة كندية، والمهم أنني ذهبت عن الوزارة وموريتانيا لم تدفع لها 600 ألف دولار التي كانت ستعود إليها خلال 3 سنوات، وهناك أمور تركناها كتوصيات للبرلمان، منها أن أي شركة اشترت منجما ملزمة باستغلاله، ولا يمكنها أن تداول المنجم إلى شركة أخرى لا نعرفها وليست بيننا معها صلة.

والشركة الإماراتية باعت المنجم لشركة كندية وهي "ام سي ام" التي تقوم باستغلال المنجم حاليا، والشركة الإماراتية كانت لرجل إماراتي يدعى زين الزبيدي، والوثائق التي وجدت أمامي في الوزارة، والتي كانت موقعة من طرف وزارة المعادن، ووزارة المالية أنهم اشتروا تلك الشركة بمليون دولار من الدولة الموريتانية  دفعوا منها 400 ألف دولار نقدا، و600 سيدفعونها على ثلاثة أقساط في ثلاث سنوات بمعدل 200 ألف دولار للسنة، وهو الذي لم يحدث.

موقع الفكر: هل المبلغ المتبقي من الصفقة كان يجب دفعه لموريتانيا؟

 

الوزير محمد بن إسماعيل: نعم، لأن موريتانيا كانت لديها نسبة 57% من الشركة.

موقع الفكر: من أبرم العقد؟

الوزير محمد بن إسماعيل: العقد تم في الفترة التي قبلي، تم إبرامه من وزارة المعادن، ووزارة المالية آنذاك.

 

موقع الفكر: هل ترونه صحيحا؟

الوزير محمد بن إسماعيل: ربما يكون غير صحيح، ونحن لاحظناه، ولاحظنا أنهم لم يدفعوا تلك الأقساط، ربما يكونون قاموا بتسديده في وقت لاحق – لا أعلم – وعند مغادرتنا الوزارة طرحنا القضية على رئيس المجلس العسكري، كما قمنا بطرحها أيضا على الوزير الأول وتركناها للنظر والدراسة.

 

موقع الفكر: ما النسبة المئوية التي تحصل عليها الدولة الموريتانية من عقد تقاسم الإنتاج مع شركة "ام سي ام"؟

الوزير محمد بن إسماعيل: عقد "ام سي ام" تم إجراؤه قبل أن أتولى الوزارة، وأنا فقط كنت حاضرا لتنفيذه، وهي أيضا كانت لدى الدولة الموريتانية نسبة من إنتاجها 3.5% وأذكر أنها ناقشتها ونوقشت معها ووعدت برفع تلك النسبة ولا أعلم ما حدث بعد ذلك.

 

موقع الفكر: كيف كانت علاقتكم بإدارة "سنيم" ؟ هل كنتم تراقبونها؟ وهل كنتم ترسلون لهم لجان تفتيش؟

 

الوزير محمد بن إسماعيل: "سنيم" شركة وطنية 100% وتعمل تحت وصاية وزارة المعادن، لكن هذا لم يكن مطروحا هكذا؛ لأن شركة "سنيم" ترى أنها فوق الوزارة، وفوق كل شيء، وتتعامل مع الرئاسة مباشرة، وما دامت تتعامل مع الرئاسة وتقوم فقط أحيانا بإشعار للوزارة ليست هناك مشكلة مطروحة؛ لأن الأمور تسير بصفة سلسة.

وفي أول زيارة قمت بها لشركة "سنيم" بعد قدومي للوزارة، أخبرتهم أنني سأقوم بالزيارة من أجل الاطلاع على وضعية الشركة، وفي تلك الفترة كان لـ"سنيم" مدير جديد وهو يوسف بن عبد الجليل، وبعد زيارتي للشركة أخبرتهم أنني أريد معرفة الظروف الحقيقية التي تعيش فيها الشركة، وقلت لهم إن الوصاية وصايتي، وأنني أنا من يملك باسم الوزارة والدولة 87% من الشركة، وأنها للدولة وأننا سنتابعها كجميع المؤسسات التابعة للدولة، وهو الخطاب الذي لم يسبق لهم أن سمعوا مثله وسايرونا شيئا ما، وفي إحدى المرات سألناهم عن إحدى الصفقات التي قاموا بإجرائها فقالوا إنها تدخل في إطار خصوصيات "سنيم" وأمورها الداخلية، وأعلمنا رئيس الدولة بذلك فأمرنا بمتابعة الموضوع وتابعناه، واتصلت "سنيم" على الرئاسة وأظن أنها لم توفق في الوصول إلى الرئيس وفهموا أن ما قلنا لهم هو الواقع.

وقمنا بتكوين لجنة من الأطر مكونة من مختلف الوزارات للتحقيق في تلك الصفقة، وكانت صفقة لشراء مولدات كهربائية ضخمة لمنجم "الكلابه 2" ، وكانت اللجنة تتكون من مدير الطاقة في وزارة البترول والطاقة، ومهندس سامي في "صوملك"، ومفتش دولة من مفتشية الدولة وكلفناها بالنظر في ذلك الملف، وقمنا ببحثه على مستوى الوزارة وتوصلنا من خلال ذلك إلى أن تلك المولدات لم تكن ذات جودة، وأنهم يستهلكون الكثير من الطاقة، واكتشفنا أمورا فنية أخرى كعدد الدورات التي تقوم بها في الدقيقة والثانية.. وأن الشركة المزودة بالمولدات لم يسبق لها بيع إلا 3 مولدات لإحدى الشركات الألمانية العاملة في دولة من دول أمريكا اللاتينية، وبعد انتهاء البحث أعطينا نسخة من خلاصته لرئيس الدولة آنذاك وشكرنا على الجهد الذي بذل، وتم إيقاف الصفقة لكن الغرض من التحقيق كان معرفة الحيثيات التي جرت بها، وبعد انتهاء التحقيقات وإعطائنا التقرير النهائي للرئيس أخبرته أنه لا بد أن يتغير شيء، فإما أن أذهب عن الوزارة أو تتغير إدارة "سنيم"، وفعلا تغيرت إدارة "سنيم"، وأصبح يتولى إدارتها محمد عالي بن دياه.

 

موقع الفكر: على أي أساس قمتم بتعيينه؟

الوزير محمد بن إسماعيل: قمت أنا باقتراحه، وعينه الرئيس، وكان ذلك على أساس أنه من الأطر الأوائل اللذين عملوا في الشركة في الفترة التي كانت اسمها "ميفارما"، وعلى أساس كفاءاته الخاصة فهو في تلك الأثناء كان ممثلا مقيما لهيئة منظمة الشغل العالمية في دكار، وعلى أساس الروابط التي ستربط الشركة مستقبلا بسلطة الوصاية.

 

موقع الفكر: كم لبث محمد عالي بن دياه مديرا للشركة؟

 الوزير محمد بن إسماعيل:  تركته مديرا لها، وواصل عمله طوال فترة رئاسة سيدي بن الشيخ عبد الله، والسنة الأولى من 2008، وأظن أن فترة الرئيس المنتخب سيدي بن الشيخ عبد الله كان بالإضافة إلى إدارته لـ"سنيم" مديرا لاتحادية أرباب العمل الموريتانيين لأن "سنيم" شريك مهم في اتحادية أرباب العمل.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في إقحام شركة "سنيم" في مجال العقار، وهل ترضون عن هذه السياسة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: أنا أرى أن شركة أنشئت لغرض معين يجب أن تبقى فيه وتكون معنية بإتقانه دون أن تتورط في بعض الأمور الخارجة عن الهدف من إنشائها، وكان من المفروض أن الربح الذي يدخل للدولة من "سنيم" أن الدولة تصرفه فيما شاءت من المصالح العامة، لكن إقحام "سنيم" في العقارات في نواكشوط، وإقحامها في الزراعة ومجالات لا علاقة لها بها ليس من التسيير الجيد ولا من السداد وهذه هي وجهة نظري في هذه القضية.

 

موقع الفكر: يقال إن "سنيم" عاشت من بدايتها على الفساد، ما رأيكم؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا رأي لي في هذه المسألة، ولكني علمت من خلال زياراتي الميدانية في الفترة التي توليت فيها وزارة المعادن أن في "سنيم" عدة مهندسين مختصين في المعادن، وكان فيها أيضا مهندسون أجانب حال الاحتياج لمهندسين إضافيين، وتأميمها عام 1975م. كانت الأغلبية الساحقة من مهندسيها موريتانيين.

موقع الفكر: لكن العمال الموريتانيين لم يكونوا في الإدارات فالمصالح كانوا يرأسها الأجانب

الوزير محمد بن إسماعيل: المهم أنها وصلت إلى سنة 2000م. وهي شركة محترمة، كثيرة التكاليف ولكنها تساهم بشكل فعال في استيعاب الكثير من اليد العاملة الموريتانية، وتساهم بقدر كبير من الموارد في ميزانية الدولة.

 

موقع الفكر: يلاحظ على سياسية "سنيم" التشغيلية أن حملة الدكتوراه وخريجي الثانوية الفنية متساوون في الرتب، وأن لديها إشكالية في وضع العامل في المكان المناسب حسب التخصصات.

الوزير محمد بن إسماعيل: شركة "سنيم" فسدت فسادا لا مثيل له منذ سنة 2008م. إلى يومنا هذا، وهي كشركة وطنية كانت مهنية وتعمل في ميدانها ونجحت فيه إلى حد ما، وتزود الدولة بالأموال التي لن تحدث اختلالات في تسيير الأموال ولن تنقص من جهودها، وبلغت نسبة  إنتاجها 12 مليون طن وظلت في حدود ذلك إلى اليوم.

وهناك الكثير من الأمور لا يمكن قوله ولكن تأثيره قوي على الإنتاج الوطني في شركة "سنيم"؛ فـشركة "سنيم" أفسدت، و3 أو 4 من مدريها تم تعيينهم على أساس أغراض خاصة، فقد تعاقب على إدارتها الكثير من المديرين في فترة وجيزة، وشركة "سنيم" حطمت بمفهوم الانتاج عند أهل المعادن، وعند أهل "سنيم" وعمالها.

والذي كان متوقعا منها وكانت ستحققه لم يعد ممكنا، وفسدت تماما، وروح التضحية التي كان يتحلى بها عمالها فسدت ولم يعودوا مدركين لما يقومون به في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الحديد إلى عنان السماء.

موقع الفكر: طن الحديد في هذه الأيام بـ170 دولار وفي بداية العام كان بـ100 دولار أي زيادة 70 دولار للطن

الوزير محمد بن إسماعيل: أيام مجيئي للوزارة كان سعر الحديد 62 دولارا للطن، وفي 2012 و2014 وصل إلى 140 -150دولارا، والآن حسب المواقع والصحافة يبدو أنه يقترب من 200 دولارا، في ذات الوقت شركة "سنيم" غير جاهزة لمواكبة السوق بالشكل الذي كانت به أصلا، حيث تبخرت أموالها وتلاشت بنيتها التحتية، وحدثت اكتشافات جديدة لم تتمكن من الاستثمار فيها، والسوق اليوم يوفر ثمنا جيدا لكننا لا يمكن أن نواكبه.

 

موقع الفكر: هل كانت لديكم رؤية للمستقبل تقوم على رفع الإنتاج أو إنشاء مصانع لصناعة الصلب؟

الوزير محمد بن إسماعيل: فكرنا فيها مرات عديدة، ولكن نحن كنا فقط حكومة انتقالية، والحكومة الانتقالية الوزارات التي فيها أيضا وزارات انتقالية، فقد حددت مأموريتنا بأقل من سنتين، ونحن ملزمون فيها بترتيب ما أمكن في تلك السنتين، وطرح الرؤية المستقبلية يكون عند وزير حكومته لها أفق يمكن أن تصنف وتنظر فيها، وإن غادرها هو.

ونحن في تلك الفترة حققنا وصاية الوزارة على "سنيم"، وحققنا فيها إفهام "سنيم" أنها شركة محل نظر واهتمام وأن عمالها مكرمين ومبجلين، وأنها ترجع لطبيعتها، وأعطينا التعليمات اللازمة لمدريها الجديد بالتوجيهات التي يجب أن تقوم بها من وجهة نظر الوزارة وبالأخص إعطاء العناية للعمال من أجل زيادة الإنتاج، وفي تلك السنة والنصف تقريبا ارتفع إنتاجها السنوي إلى 11 مليون سنويا بعد أن انخفض الإنتاج إلى 9 و10 مليون طن سنويا، وهذا هو ما تمكنا أساسا من إنجازه في تلك الثمانية عشر شهرا.

 

موقع الفكر: هل أنتم راضون عن ما قمتم به فيها؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لم نكن راضون به لأننا كنا نريد أن نقوم بجهود أكبر.

موقع الفكر: هل كانت هناك نذر بما آلت إليه أوضاع شركة "سنيم" مؤخرا، أم تتوقعون أنه جاء نتيجة للسياسات المتخذة؟.

الوزير محمد بن إسماعيل: كإطار في الضمان الاجتماعي لدي حساسية خاصة في هذا الموضوع، وكان لدى مدير "سنيم" حينئذ محمد عالي - بحكم أنه قادم من هيئة دولية للشغل- ذات الحس الذي كان لدي، والمهم أننا في تلك الفترة قمنا بضمان اجتماعي شبه داخلي لعمال "سنيم" وهو الذي لم يكن موجودا قبل ذلك، واتسعت التكلفة الصحية للعمال وتكاليف رفعهم وهو الأمر الذي كان محصورا فقط في بعض الأطر، وكان هذا نتيجة لأننا لمسنا رغبة عند العمال والأطر في تحسين ظروفهم.

 

موقع الفكر: البعض يقول إن ظروف العمال تحسنت أكثر في فترة يوسف؟.

الوزير محمد بن إسماعيل: يوسف لم يمض هناك الكثير بل كانت ظروفهم أحسن في فترة محمد عالي، لأن يوسف لم يمض في إدارة شركة "سنيم" إلا ثمانية أشهر تقريبا، لأنني أنا قدمت إلى الوزارة، ومدير "سنيم" بن هيين وقبل أن أذهب كان يوسف قد أقيل من إدارة الشركة.

 

موقع الفكر: لماذا أقلتم محمد السالك؟

الوزير محمد بن إسماعيل:  ليست عندي إجابة مقنعة للحديث عن الموضوع، ولكني أعلم أنه أقيل من مجلس الإدارة بتوصية من مجلس الوزراء وأنا في جولة خارجية.

 

موقع الفكر: هل تتأسفون على إقالته؟

الوزير محمد بن إسماعيل: أتأسف أن الأطر اللذين ترجمهم محمد سالك بن هيين لم يعودوا يجدوا الثقة اللازمة من أجل النهوض بالمسؤوليات المسندة إليهم، مثله هو وغيره من الأطر ممن هو جاد فيما يقوم به وينهض بالمؤسسات التي يعملون فيها، لكن لم تعد هناك رغبة في هذا النمط من الأطر، ولم تعد النزاهة هي المعمول بها.

 

موقع الفكر: هل كان المجلس العسكري يرسل للشركة ببعض المطالب؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أبدا، وهنا أقول - شهادة لله ثم للوطن - إنني أنا كوزير في الفترة الانتقالية لم يرسل لي أي أمر، ولا إشارة، ولا طلب، ولا حتى نصيحة من الوزير الأول ولا من رئيس الدولة فيما يعني القطاع وخاصة "سنيم".

 

موقع الفكر: هل قمتم بتفتيش شركة "سنيم"؟

الوزير محمد بن إسماعيل: التحقيق الذي أخبرتكم عنه سلفا، حدث فيه أن أرسلنا البعثة التي قمنا بتشكيلها إلى "سنيم" كي تقوم بالتحقيق في مشروع المولدات سالفة الذكر، وعندما وصلت البعثة إلى بوابة "سنيم" لم يسمحوا لهم بالدخول، واتصلوا بنا وأعلمونا أن "سنيم" لم تسمح لهم بدخول الشركة، فتكلمنا مع الوالي في نواذيبو فأرسل معهم حراسا ودخلوها عنوة، وكان هذا هو السبب الذي جعلهم يتصلون بالرئاسة ولم تستقبلهم الرئاسة، والمهم أنه على أساس تقرير تلك البعثة تبنينا تلك الإجراءات.

 

موقع الفكر: هل قامت المفتشية العامة للدولة في فترتكم بتفتيش "سنيم" أو إحدى المؤسسات؟

الوزير محمد بن إسماعيل: المفتشية العامة للدولة أنشئت تزامنا مع قدومنا، واللجنة التي أنشأت للتحقيق في شأن المولدات كان فيها عضو من المفتشية وأظنه ابن الشيخ بن بيده.

 

موقع الفكر: هل تم تفتيش "سنيم" تفتيشا ماليا في فترتكم؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أذكر؛ لأنه لديها مجلس إدارة هو المختص بذلك، فنحن من أنشأنا مفتشية الدولة في الفترة الانتقالية، والبعثة التي أرسلنا لتفتيش مشروع المولدات كان فيها مفتش دولة ابن الشيخ بن بيده.

 

موقع الفكر: ماذا في فعلتم في موضوع فوضى الرخص؟

الوزير محمد بن إسماعيل: نعم، منحنا رخصا لشركات أجنبية وكان ذلك على أساس نسخ عندنا من المؤشرات التي أعدها "لومرجي"، وبعد المتابعة سحبنا رخصتين لأن الشركات التي حصلت عليها كانت وهمية.

 

موقع الفكر: هل تذكرون تلك الشركتين؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أذكرهما، ولكن أذكر أن الفنيين الذين كانوا معنا اكتشفوا أنهما شركتان وهميتان، وقمنا بفتح المجال للشراكة بين المستثمرين الموريتانيين والأجانب، فعندما تكون عندهم شراكة مؤكدة من طرف الجهات المعنية نعطيهم الرخص التي يطلبونها، ومعنى هذا أنا أدخلنا القطاع الخاص الموريتاني في عملية البحث الجيولوجي، وحسب علمي إلى حد قريب لم ينتج عن تلك الشراكة أي شيء.

 

موقع الفكر: ماذا أنجزتم في مجال الصناعة في فترة توليكم للوزارة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: أنجزنا في مجال الصناعة مسألتين:

الأولى: واكبنا قضية انخراط موريتانيا في هيئة شفافية الصناعات الاستخراجية.

الثانية: فتحنا مجال للصناعات المحلية، وذلك بالاكتفاء بالتصريح بدل الترخيص المسبق.

وفي مجال التعاون الثنائي أبرمنا صفقات مع دول إفريقية وعربية في مجال الاستثمار الصناعي والتكوين كتونس وغينيا كوناكري، ولم نر أنه تمت متابعته ذلك بعدنا.

وقمنا أيضا بإرسال مؤطرين للعديد من الشركات من أجل القيام بتأطيرهم في ظرف أسبوعين أو ثلاثة في مجال صناعاتهم، فإذا تعلق الأمر بصناعات غذائية يكون التأطير حول معايير الصحة، وإذا كانت أمور أخرى يكون مجال التأطير الحفاظ على العمال من حوادث الشغل في تلك الصناعات، كالمحروقات، والصناعات التي فيها آليات يمكن أن تضر بالعمال.

 

موقع الفكر: ماذا أنجزتم في مجال تعزيز مناخ الاستثمار؟

الوزير محمد بن إسماعيل: الاستثمار لا يتبع لنا، ونسيت أن أقول لكم إننا تركنا هناك مشروع قانون لتسهيل الاستثمار الخارجي في مجال الصناعات المتوسطة والصغيرة في موريتانيا.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في اتفاقيات الصيد بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي؟

الوزير محمد بن إسماعيل: الحقيقية هي أن دولة كدولتنا لا تملك الأساطيل القوية والأطر المقتدرة والعمال ذوي الخبرة العالية لا بد أن تبرم اتفاقيات مع الدول، فنحن نملك ثروة هائلة من السمك وليس بمقدورنا استغلالها كلها، واتفاقنا مع الاتحاد الأوروبي مثال على الاتفاقات التي يجب أن تبرم مع أطراف أخرى، وليس هو الاتفاق المبرم مع الصين، ولا الاتفاق المبرم مع تركيا، لأنهم يشترطون على أنفسهم أن لا يتعمدوا ما كان مضرا بالبيئة أو بالدولة الشريكة، والبرلمان الأوروبي يلزمهم بذلك.

 

موقع الفكر: ما معلوماتكم عن الاتفاق الموريتاني التركي في مجال الصيد؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أعلم حيثياته، ولكن أعلم أنه اتفاق بين طرفين من المفترض أن كلاهما يبحث عن مصالحه فقط، ولكن أعلم أن الذي قام بالاتفاق من جانبنا لن يكون همه المصلحة العامة بل مصالح خاصة.

 

موقع الفكر: ما معلوماتكم عن الاتفاق الموريتاني الصيني في مجال الصيد؟

الوزير محمد بن إسماعيل: الاتفاق مع الصين يبدو لي أنه كان كارثيا؛ لأنه أولا لم يتم تنفيذ ما تضمنه كاملا، وثانيا تضرر منه حرفييو ومهنييو الصيد بشكل كبير، ولا أقصد بهذا الصين فهي دولة عظيمة وأعطتنا الكثير وليس من اليوم فقد واكبتنا من 1963 و1964 إلى الآن والدليل على ذلك أن كل منشآت نواكشوط الكبرى صينية، كالجمعية الوطنية، ودار الشباب، ودار الثقافة، والملعب .. الخ

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لنظام المختار بن داداه؟

الوزير محمد بن إسماعيل: عارضنا تلك الفترة لأننا كنا في فترة الشباب آنذاك، ولكنها كانت فترة رائعة ومسؤولة وأهلها ذو كفاءة في مصلحة البلد، ويمكن الاتكال عليهم.

 

موقع الفكر: البعض يرى أن الديون التي حصلت عليها موريتانيا في فترة النظام المدني الأول كانت عبئا على موريتانيا  من الناحية الاقتصادية، فلم تنجز على ضوء دراسات اقتصادية  ويمثلون لذلك بمصفاة نواذيبو؟

الوزير محمد بن إسماعيل: ذلك غير صحيح، فهم لم يقوموا بأي شيء غير مدروس لأنهم مهنيين بمفهوم المهنية التي كانت عند المستثمر الفرنسي.

 وربما يكون موضوع المصفاة هذه نقطة في جنب ثور، فالإنسان وإن كان من أهل النزاهة فيمكن أن يخطئ، ولكن لم يتم أخذ أي أوقية بطريقة غير شرعية، ولم يتم تعيين أي أحد إلا وشعر أنه ملزم بأن يكون على المستوى الأخلاقي والوظيفي ومستوى عالي من الكفاءة، وهذا هو الذي تسير به الدول، وهو الذي يمكن أن ينمو به البلد.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في نظام  محمد بن عبد العزيز؟

الوزير محمد بن إسماعيل: لا أرى أنه يحق له أن يكون رئيس جمهورية، وأرى أنه أخذ الحكم بالقوة، وخرج منه بالخداع.

 

موقع الفكر: هل ترون أنه فوت على موريتانيا فرصة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: فوت على موريتانيا عقدا من الزمن أو أكثر خسارة.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

الوزير محمد بن إسماعيل: أشكركم، وأود من أهل موريتانيا اليوم أن يعلموا أنهم دخلوا في فترة جديدة مختلفة تماما عن الفترات العسكرية، وخاصة فترة العشرية الأخيرة، وأننا وإن كنا متفهمين لصبرهم وأنهم يريدون تغييرا عاجلا، إلا أنهم يجب أن يتفهموا أنه لا بد من الصبر على الحكم الحالي الذي واكبته جائحة كورونا، وأن يظلوا واثقين بقياداتهم حتى توصلهم بر الأمان إن شاء الله.