هل الجنة روحانية أم جسمانية؟- المصطفى ولد اكليب

سألتني طالبة لي قديمة على الخاص نيابة عن طالبة سألتها هذا السؤال :
 هل الجنة روحانية أم جسمانية؟

فأجبت على سؤال السائلتين بهذا الجواب :
 

الجنة ليست من الموضوعات التي يمكن أن يصل فيها البحث العقلي إلى نتائج حاسمة لأن مجال العقل هو عالم الشهادة حيث يمكن أن يصل العقلاء إلى أحكام يقينية محل اتفاق سواء كانت مطلقة أم نسبية .
أما الغيبيات والجنة من ضمنها فلا يمكن أن يصل فيها العقل إلا إلى ظنون و تخمينات  لذلك كانت محل اختلاف بين العقلاء 
تلك هي الخلاصة التي توصل إليها الفيلسوف المسلم أبوحامد الغزالي والفيلسوف الآلماني آمنويل كانط على اختلاف بينهما في  المنطلقات والمقاربات 
وقد توصل ابن خلدون إلى خلاصة لا تبتعد كثيرا عما توصلا إليه وهي أن العقل ميزان صحيح غير أنك لا تستطيع أن تزن به أمور التوحيد والآخرة والنبوة وأن من يحاول أن يفعل ذلك كمن يريد أن يزن الجبال بميزان الذهب 
وإذا كان هذا هكذا فإنه لا سبيل إلى معرفة المغيبات إلا عن طريق خبر الوحي .
وقد أخبرنا علام الغيوب الذي أحاط علمه بكل شيء أن وجود الجنة وجود جسماني : ففيها أنهار من لبن وأنهار من عسل وعيون جارية وقصور وحور عين ...إلخ 
وفيها من الملذات والمتع مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
ولكن هذه السعادة الحسية الغامرة تخالطها سعادة روحية فائضة .
ففي الجنة لا وجود للغل ولا للأحقاد وليس فيها صراع أو شرور ولا مؤامرات وليس فيها أمراض أو موت 
وكل مايريده الإنسان يتحقق دون مشقة أو نصب .
مما يجعله  يعيش طمأنينة وسعادة روحية لا توصف . 
وإذا كانت بعض الديانات تتنكر للسعادة الحسية وبعض الفلسفات تنفي الحياة الروحية فإن الإسلام ينطلق من البعدين معا مؤلفا جامعا بينهما في إطار واحد .
فالإنسان له جسد وروح فمن جرده من الجسد جعله ملكا وهو ليس من الملائكة ومن جرده من الحياة الروحية جعله مجرد حيوان بينما هو مزدوج التكوين وسعادته ينبغي أن تجمع بين البعدين الجسمي والروحي