الجزائر تتطلع لتنشيط الجهود المتعثرة لإحياء اتحاد المغرب العربي 

أعلن رئيس الدولة الجزائري عبد المجيد تبون، في ديسمبر الماضي، عن نيته إعادة إطلاق مشروع التحاج المغاربي. فقبل ثلاثة وثلاثين عامًا، قررت خمس دول في شمال إفريقيا - الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وليبيا - إنشاء اتحاد المغرب العربي، وهو مجموعة سياسية و اقتصادية على غرار المجموعة الاقتصادية الأوروبية التي سميت بعد بالاتحاد الأوروبي.

وإبان سنوات النشوة الأولى من هذا التفاهم الودي، ألغت الدول الخمس تأشيرات الدخول، وبنت مشاريع مشتركة وأنشأت شركات مختلطة على حدودها، خاصة بين الجزائر وتونس من جهة والجزائر وموريتانيا من جهة أخرى. وتم إنشاء هيئات، أبرزها الأمانة العامة والبرلمان وما تزال تعمل بالحد الأدنى. و أصبحت القمم التي أصبحت طقوسًا في وقت ما، أكثر ندرة قبل أن تتوقف.

 وفي لحظة تم التخلي عن هذا المشروع. وبحسب عمر بنجلون، أستاذ القانون الدولي بجامعة الرباط فإن نزاع الصحراء الغربية واختلاف طبيعة الأنظمة السياسية لدول المنطقة والتدخلات الأجنبية تضافرت من أجل افشال المشروع.

 فبينما يدافع المغرب عن سيادته على الصحراء ويقترح خطة للحكم الذاتي، تطالب جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر باستقلال هذه المنطقة. ويضاف إلى ذلك ظهور الجماعات المسلحة في الجزائر خلال التسعينيات، والذي اتهم المغرب آنذاك بإيواء قادته.

 وفي عام 1994 قرر المغرب و- في أعقاب هجوم في مراكش- إغلاق حدوده مع جارته الشرقية. وقد أدى الهجوم إلى تفاقم التوترات بين البلدين، حيث اشتبت الرباط في تورط المخابرات الجزائرية فيه.

ثم استمرت العلاقات بين الجارتين في التدهور حتى قطعتها الجزائر في أغسطس 2021.

الاستياء

وفي هذا المناخ، أعلن رئيس الدولة الجزائري عبد المجيد تبون، في ديسمبر الماضي، عن نيته إعادة إطلاق اطلاق الاتحاد المغاربي، و أكد وزير خارجيته أحمد عطاف أن حلم الوحدة المغاربية لا يمكن تدميره أبدا. وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة في ديسمبر/كانون الأول: “إنني أتطلع إلى اليوم الذي نحاول فيه مرة أخرى إعادة إطلاق هذا البناء”.

وفي هذه الأثناء، زار تونس وطرابلس ونواكشوط حاملا رسائل خطية من الرئيس تبون إلى نظرائه. ومما لا شك فيه أن هذه الجولة هي التي دفعت إلى القمة الثلاثية يوم الأحد 3 مارس. واتفق قادة الجزائر وتونس وليبيا على عقد سلسلة اجتماعات فصلية، ومن المقرر عقد أولها في ابريل المقبل في تونس العاصمة.

"المغرب والجزائر قطبا المغرب العربي"

ولكن هل هذا المشروع ممكن دون إشراك المغرب؟

يعتقد عمر بنجلون أنه لا يمكن إنشاء مؤسسة إقليمية ذات طابع جيوسياسي دون مراعاة الحتمية الجغرافية؛ لأن المغرب العربي له قطبان هما المغرب والجزائر. أما الدول الأخرى المشاركة في هذه المبادرة الجديدة فتابعة، خاصة أنها تدخل في إطار الخلاف مع المغرب.

ومن ناحية أخرى، فإن هذا "قد يكون مفيدا" لإعادة إطلاق اتحاد المغرب العربي نظرا لوجود مشاريع مشتركة بين هذه البلدان- حسب تقديرات الخبير السياس التونسي كمال بن يونس الذي يعتقد أنه حتى مع ثلاثة تمكن إعادة إطلاق العملية. والدليل على ذلك أن المجموعة الاقتصادية الأوروبية بدأت بعدد قليل من الدول قبل أن تتوسع.

ويصف بن يونس المؤسسات القائمة مثل البرلمان المغاربي والأمانة العامة بــ"مشاريع" ، كما يطلق نفس الصفة على المنجزات الاقتصادية مثل الاستثمارات المشتركة بين شركات من هذه البلدان.

قبل ثلاثة وثلاثين عامًا قررت خمس دول في شمال إفريقيا: الجزائر والمغرب وموريتانيا وتونس وليبيا

إنشاء اتحاد المغرب العربي.

ويهمل العديد من السياسيين الحديث عما يسميه بن يونس "خسارة الدخل" نتيجة لغياب اتحاد المغرب العربي. ويرى أن الخسائر الناجمة عن هذا الوضع بما تتراوح بين 4 إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي لجميع بلدان المنطقة التي غالبا ما تضطر إلى توريد سلعها أو بيعها في أماكن أبعد على الرغم من وجود سوق مشتركة؛ وذلك بسبب محدودية التجارة بين هذه البلدان. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم التجارة بين الجزائر وجيرانها المباشرين 2.21 مليار دولار في عام 2018، معظمها من مبيعاتها من المحروقات والكهرباء.

ومع ذلك فالآفاق مفتوحة لمزيد من التجارة مع موريتانيا وتونس. لكن هذا يظل دون المستوى الازم محدودا لمجموعة إقليمية يبلغ عدد سكانها حوالي 120 مليون نسمة.

تي آر تي الفرنسية

                                                ترجمة موقع الفكر