الزعيم الحسن ولد محمد لموقع الفكر: ليس من الوارد ولا من المطروح أن ندعم الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية القادمة( نص المقابلة)

-الميثاق أصبح جزءً من التاريخ

-حزب تواصل بخير وهو الحزب الأول في البلد لأن الحزب الذي يأتي قبله في الانتخابات ليس حزبا وإنما هو دولة بأجهزتها ورجال أعمالها  وشيوخ قبائلها وكبار موظفيها وجنرالاتها وأموالها.

الزعيم الحسن ولد محمد، أحد أبرز قادة حزب التجمع الموريتاني للإصلاح والتنمية (تواصل) أكبر أحزاب المعارضة الموريتانية، والمتربع على عرش مؤسسة المعارضة الديمقراطية منذ ثلاثة مواسم انتخابية،  التقيناه في موقع الفكر، وحاورناه حول أبرز مستجدات الساحة السياسية، وكان لوضع البيت الداخلي للمعارضة، نصيب من الحوارفي مستهل صيف انتخابي عاصف بدأت سحبه تلبد الأفق، ثم تطرق الحديث لمواضيع أخرى منها تقييمه للمأمورية الأولى من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وكذا موقفه وموقف حزبه من الحوارات المارتونية بين الأغلبية والمعارضة، ورؤيتهم للانتخابات القادمة وكيفية تنظيمها وماهي ملاحظاتهم على اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وأين وصل بحث المعارضة عن مرشح رئاسي موحد لها، وكيف يرى وضع حزبه بعد الانسحابات المتكررة والفشل في الفوز في بلدية من بلديات العاصمة، إلى غير ذلك فإلى المقابلته:
موقع الفكر: ما تقويمكم لخمس سنوات من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؟

الحسن ولد محمد: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أولا، أشكر موقع الفكر، على هذه الفرصة.
ثانيا، أهنئ الشعب الموريتاني والأمة الإسلامية، بشهر رمضان الكريم، وأسأل الله سبحانه وتعالى، أن يكون مناسبة لعودة انتصارات المسلمين.
ثالثا، أسجل تضامني وحزني وألمي، على ما يجري في فلسطين الحبيبة وفي غزة بالتحديد، وأسأل الله سبحانه وتعالى، أن ينصرهم وأن يخذل عدوهم وأن ينتقم منه، وأسأل الله سبحانه وتعالى للأمة الإسلامية، أن يفرج ما بها من كروب، وأن تخرج من هذا الوضع وهذا الحال الذي يباد فيه جزء عزيز منها وتتفرج عليه، كما أسأله أن يغفر لنا تقصيرنا تجاه هؤلاء  الأعزاء النبلاء..
وفيما يخص السؤال، بالنسبة لهذا النظام وهذا الرئيس بالتحديد، علقت عليه آمال جسام؛ ربما بسبب ما كانت موريتانيا تعيشه، وربما بسبب توق أهل موريتانيا عموما إلى من يخلصهم ولحاجتهم وما يعانون من تبادل الأنظمة غير الرشيدة على حكمهم، وربما بسبب الخطاب الذي رفعه، وهكذا علق الكثير من الموريتانيين الآمالَ على هذا النظام، ويبدو أن هذه الآمال لم تكن في محلها، إذا ما نظرنا إلى الحصيلة التي نعايشها هذه الأيام.
للأسف ظل الفساد منتشرا وظل تدوير المفسدين مستشريا، ولم يقطع بلدنا أي أشواط في أي مجال بشكل يشرف أو يعطي أملا لمستقبلنا.
المبررات التي يسوقها النظام لفشله ولتقصيره وعجزه، هي مبررات يمكن أن يكون لبعضها وجاهة، مثل كورونا، والواقع الذي استلمه، لكن لو صاحبت هذه الفترة إرادة حقيقية ورؤية واضحة وخطة للإصلاح ولمحاربة الفساد وقدرة على الإنجاز وتفكير عميق، لتغلبنا على هذه العوائق ولوصلنا على الأقل إلى الحد الأدنى الذي كنا نودُّ أن نصل إليه.
يمكن أن نصف هذه المرحلة بأنها إلى حد كبير، أقرب لتسيير الشؤون الجارية، لم نقفز قفزة تذكر في أي مجال من مجالات حياتنا، وهذا للأسف ما يجعل بلدنا في وضعية لا يحسد عليها ويجعل مستقبله غامضا إلى حد كبير، وهو أيضا يجعل من الاستحقاقات الرئاسية القادمة فرصة لإصلاح وتغيير هذا الواقع إلى الأفضل.

موقع الفكر:  تفصلنا ثلاثة أشهر عن الانتخابات الرئاسية، وأمامكم  خيارات منها المقاطعة والحياد وتقديم مرشح ودعم مرشح توافقي وتقديم مرشح تشاركي مع المعارضة.فأي هذه الخيارات أقرب لكم في حزب تواصل؟

الحسن ولد محمد: حزب تواصل مهتم بالانتخابات الرئاسية، وقد شكّل لجنة من أجل إعداد خيارات للهيئات القيادية لاتخاذ الموقف الأنسب، من هذه الاستحقاقات،  ولا شك ‐ وبكل صراحة ‐ أن كل الخيارات ليست بتلك السهولة والبساطة والوجاهة، ولكن في النهاية، مهمة السياسي وأي قيادة، أن تختار بين الخيارات الممكنة.
وأتصور أن الخيارات التي أمام الحزب في الوقت الحالي، منها - وهو الخيار الأول ‐ أن تتوحد المعارضة أو  أغلبها خلف مرشح منها أو شخصية مستقلة تحمل مشروعا تغييريا وإصلاحيا، وهذا هو الخيار الأمثل، والبحث عنه هو سبب تأخر إعلان موقف حزب تواصل، وإذا نجحنا في هذا فبها ونعمت، وإذا فشلنا فيه، فمعنى ذلك أن خيار الحزب، سينتقل من خيار جماعي إلى خيار فردي، وفي هذه الحالة سيبقى أمام الحزب، أن يرشح من الداخل، وهذا خيار وارد، أو أن يختار أفضل المرشحين، وهذا خيار أيضا، أو أن يقاطع الاستحقاق، وهذا أيضا خيار له ما يبرره.

إذا نظرنا إلى تجربة الانتخابات الفارطة وما شابها من تزوير ومن قصور في اللجنة المستقلة، وإذا لم تتوفر ضمانات، أن الاستحقاق القادم سيكون أفضل، وستكون فرص شفافيته وعدالته أكبر، فلا شك أن هذا الخيار سيبقى، ولا أتوقع أن خيار الحزب سيخرج عن هذه الخيارات، وفي النهاية اللجنة المكلفة من الحزب، تعمل بشكل جدي، ومؤسسة المعارضة التي يديرها الحزب تعمل بشكل يومي مع كل الأقطاب المعارضة، والحزب يهتم بهذا التحرك الذي تقوم به المؤسسة ويدعمه.
إذا حصلنا على هذا المرشح الموحد، فهذا الخيار الأمثل كما قلت، وإذا لم نحصل عليه ستبقى الخيارات الثلاثة الأخرى، وهذه الخيارات يمكن أن تتم في أي وقت، فالحزب مثلا عنده الاكتفاء الذاتي إذا أراد أن يرشح، فعنده من العمد والمستشارين ما يكفي، وهيئاته وقواعده على صلة بها، وهذا شيء ربما يمتاز به تواصل عن كثير من الأحزاب، وإذا أردنا أن ندعم فنحن أيضا غير مستعجلين، فالحزب في هذه الحالة يحتاج أن ينتظر حتى تكون هناك لائحة نهائية ليختار من بين المترشحين النهائيين، وأما المقاطعة فهي أيضا تنتظر ما سيفرزه تفكير  اللجنة المستقلة للانتخابات وخطتها للانتخابات القادمة واختيارها للمسؤولين ونتأكد من أن السلطة وباروناتها ومترشحها وداعميها، سيرفعون أيديهم عن اللجنة ويعدلوا عن ما تعودوا عليه من تدخل سافر ومن إفساد للعملية، وبالتالي فالمقاطعة أيضا رهن بهذا التصور.
الخلاصة أنه إذا اتحدنا فبها ونعمت، وإن لم نتحد وتوفرت الضمانات للشفافية فيبقى الترشح والدعم خيارين بارزين.
موقع الفكر: أنتم ممثلون في اللجنة، حيث أصر  تواصل أن تكون اللجنة  سياسية وليست فنية، ومع ذلك يستمر الأعضاء المنتدبين من المعارضة في تزكية المسار، وتستمر المعارضة في التشكيك فيه، ومادمتم تطعنون في نزاهة وكفاءة اللجنة، لماذا لايستقيل ممثلكم فيها؟

الحسن ولد محمد: بالنسبة للجنة خيار لجأ إليه الموريتانيون بعدما مارست الداخلية والسلطة من تزوير في بداية المسار الديمقراطي (بين قوسين) وبعد هذه التجارب المريرة وفي الفترة الانتقالية الأولى، حصل الاتفاق على أن توجد اللجنة المستقلة للانتخابات، هذه اللجنة للأسف لم تنجح هي الأخرى في تحقيق ما علق عليه من آمال الحياد والاستقلالية والشفافية والقدرة على إدارة المسار الانتخابي، خاصة هذه اللجنة الأخيرة، فقد كانت تجربتها الماضية من أفشل تجارب اللجان المستقلة للانتخابات، فاللجنة من أجل أن تنجح يحتاج أن يكون حكماؤها يقظين متفقين على الشفافية، بعيدين عن التأثير؛ سواء كان تأثير الحكومة أو تأثير الأجهزة الأمنية أو تأثير الأحزاب والشخصيات النافذة، تحتاج أن تأخذ موظفيها و ؤطرها بكل شفافية وبمعايير موضوعية، وليس عن طريق المحاباة أو المحاصصة بين أعضائها، يجب أن تختار مكاتب التصويت بتأن وتشاور  وبمهنية ومعيارية، ثم تحتاج أن ترفع عنها وزارة الداخلية سوطها ونفوذها، وترفع عنها الحكومة وأجهزتها الأخرى أيديها،  وتحتاج مع ذلك أن يتعاون معها الفاعلون الساسيون؛ مترشحين وغيرهم، وكلما كانت مصداقيتها أكبر، كلما كان تعاطي القوى السياسية معها أفضل.
للأسف تجربتها الماضية وبشيه إجماع الموريتانيين - تقريبا - كانت سيئة.
التجربة الحالية، يقولون إنهم مستعدون للتحسين، لكن القول وحده لا يكفي،  الوزير الأول في اجتماعه مع  اللجنة الأسبوع الماضي، اعترف بالتجاوزات الماضية، وقال بأنهم يريدون انتخابات بدون نواقص، لكن هل سيظل هذا الموقف هو موقف الحكومة، أم أنها عندما تشعر بخطر يهدد مرشحها ستغير منه وستعود إلى عاداتها القديمة؟
هذا يحتاج أن تكون هنالك ضمانات تؤكد أنه لن يحصل.
عموما اللجنة أمامها اختبار، إذا فشلت فيه فمعنى ذلك أن تجربة اللجنة المستقلة للانتخابات، للأسف خاب فيها أمل الموريتانيين وظنهم، ومعناه أننا سنكون بحاجة إلى تجربة جديدة وتصور جديد.

موقع الفكر: يطرح هنا سؤال عن الحاجة للجنة، مادامت مفعول بها في نظركم من طرف الداخلية، ليست لها ميزة سوى تكلفتها الباهظة،  ما رأيكم أن يعود الإشراف على الانتخابات للداخلية؟
الحسن ولد محمد:
 السبب في اللجوء إلى اللجنة، هو أن الإدارة و وازارة الداخلية التي كانت تشرف على الانتخابات، كان ولاتها وحكامها وموظفوها، يعملون لصالح طرف دون الأطراف الأخرى، فتم اللجوء إلى جهة يفترض أن تكون على مسافة واحدة من الجميع، وللأسف هذه الجهة حتى الآن لم تصل إلى المستوى الذي يرضى عنه الجميع، وإن تفاوتت تجاربها وتباين أداؤها من مرحلة إلى أخرى.
رغم كل شيء، أنا مقتنع أن وجود لجنة أو مفوضية أو جهاز مستقل للانتخابات، يعمل بشكل مستمر و على مدار الزمن كله، ومؤسساته منتظمة بشكل دائم، يقيم كل أداء، وعلى مسافة واحدة من الجميع وحكمٍ بين الجميع، يبقى أفضل من العودة إلى التجربة السابقة، وفيما يخص التكاليف فكل انتخابات لها تكاليفها، سواء أشرفت غليها الداخلية أو أشرفت عليها وأدارتها لجنة مستقلة أو مفوضية كما في بعض اليلدان.
وما لم تكن عندنا هذه الجهة الحكم التي يرضى  الجميع عن حكامتها، فلن نصل إلى انتخابات نزيهة، وفي هذه الحالة لا بد أن تكون أيضا أدوات الدولة وبناها التحتية في الانتخابات، رهن إشارة اللجنة وليس العكس، لابد أن يكون الحكام والولاة ورؤساء المراكز الإدارية ومؤسسات الدولة رهن إشارة اللجنة، وتتخذ اللجنة من الأساليب ما يضمن لها تنفيذ سياستها وبرنامجها الشفاف والنزيه.
موقع الفكر: أنتم مشاركون في بناء  هذه اللجنة وممثلكم هو السياسي الوحيد الصريح من بين حكمائها، ألا تشعرون أنكم تتحملون مسؤولية أخلاقية عن كل الثغرات المسجلة عليها؟ 

الحسن ولد محمد: الحكم على اللجنة ليس من خلال حكمائها، هم طبعا قلبها وقيادتها، ولكنهم ليسوا كل شيء في العملية، ثم إنهم يمرون بمرحلتين: أشخاص سياسيون قبل قسمهم اليمين، وأشخاص فنيون وشبه قضاة يحتفظون بسر المداولات بعد القسم والتنصيب أمام المجلس الدستوري، واستقالة واحد منهم أو اثنين غير مؤثرة، ثم إنه قبل أن يكون هناك بديل عن هذه الآلية ..
أنا أتصور أن مشكلة اللجنة ليست في أن حكماءها من خلفيات سياسية  أو من خلفيات فنية، مشكلة اللجنة، هي أنه ما لم تكن هناك إرادة من الدولة ومن الحكومة ومن رئيس الجمهورية،  في لجم المتنفذين في السلطة والحزب الحاكم، فإن أي لجنة جاءت مهما كان نوعها، سيظل أداؤها ضعيفا.
لا شك أن إرادة الحكماء وشفافية عملهم وموضوعيته وأن يكون وفق معايير وعلى مدى زمني متواصل، فلا يمكن للجنة أن تبقى نائمة حتى إذا كانت الانتخابات قاب قوسين أو أدنى،  شرعت في اختيار موظفيها وآلياتها على عجل، ولا يمكن للجنة أيضا أن تقوم باستحقاق دون أن تقوم بتفييم موضوعي سريع له، وترتب على ذلك ما ينبغي أن ترتب  عليه من إصلاحات، فعندنا مثلا لجنة مراقبة الأهلة، كانت تتحرى رؤية هلال شهري رمضان والفطر فقط، فتبين لها أن هذه الوضعية غير سليمة، فأصبحت تتحرى الأشهر كلها، كذلك اللجنة المستقلة للانتخابات لا يمكن أن تتحرى رؤية الانتخابات فقط وقبلها بأشهر قليلة، وإنما عليها أن تتحراها من نهاية الاستحقاق إلى الاستحقاق الذي يليه، فالاستحقاقات آجالها معروفة وهي آجال دستورية وقانونية، فلا بد من لجنة مستقلة حقيقة، تمتلك الإرادة وتوظف مؤسسات الدولة وتستخدمها، وليست تلك اللجنة التي يستخدمها الحزب الحاكم وتستخدمها مؤسسات الدولة، وتظهر حين تقترب الانتخابات وتغيب حين تغيب، فهذا الوضع هو لب المشكلة، وليس أن يكون حكماء للجنة من خلفيات سياسية أوخلفيات فنية.

و أنا لا أوافق أننا كنا وحدنا الحريصون أن يأتي حكماء اللجنة من خلفيات سياسية، ربما نحن نتحمل جزء من المسؤولية، من 3 في المائة إلى 0 في المائة، لأنه إذا كان هناك حكيم مقدم من طرف الحزب، فهو من بين 11 حكيما، ثم إن الحكماء كما قلت لكم  ليسو هم كل شيء، فدور الرئيس وآلية اختيار الطاقم ودور الجهات الحكومية المساعدة والبُنى الإدارية للدولة، هذه هي صاحبة الدور الأكبر وليس حكيم من حكماء اللجنة أو اثنان.

موقع الفكر: نأتي إلى الانتخابات الرئاسية.. هل يعتبر دعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، كمرشح توافقي على برنامج وطني، خيار مطروحا بالنسبة لكم؟ 

الحسن ولد محمد: ليس من الوارد ولا من المطروح. أن ندعم الرئيس الحالي، في المأمورية التي يمكن أن يترشح لها، فنحن حزب يقود المعارضة، ونحن حزب غير راض عن أداء هذا الرئيس والطريقة التي تسير بها الدولة، وبالتالي نحن نبحث عن بديل وعن خيار أفضل من الخيار الموجود حاليا، أو المؤمل ممن جرب في هذه المأمورية.

موقع الفكر: الرئيس محمد ولد مولود، قال إنكم لم تتصلوا بهم بخصوص المرشح الموحد للمعارضة، وأنتم تتحدثون أنكم تنسقون مع المعارضة؟

الحسن ولد محمد: مؤسسة المعارضة الديمقراطية، انفتحت على كل المعارضين، سواء الأحزاب الأربعة المشكلة للمؤسسة أو الأحزاب المشرعة غير الممثلة في البرلمان أو الشخصيات ومشاريع الأحزاب التي طالها ظلم الداخلية وتعسفها، بحرمانهم من الترخيص.
كل هذه الأطراف انفتحت عليها المؤسسة واتصلت بها، لكن تجاوبها تفاوت، ربما حزب أو اثنان من المعارضة غير ممثلين في مؤسسة المعارضة، كان تجاوبهما أفتر، ولكن تم الاتصال بالجميع وحضروا بعض الاجتماعات في المؤسسة.
ربما أزمة ما يسمى الميثاق كان لها بعض الأثر وبعض الدور في فتور العلاقة بين تواصل ومؤسسة المعارضة من جهة، مع ذينك الحزبين اللذين نقدرهم ونحترمهم ونعترف لهم بدورهم الوطني، فالموقف كما قلت من الميثاق، ربما سبب بعض الفتور، ورغم ذلك فنحن منفتحون على تجاوز هذه السحابة وبدء مدِّ أيدينا لكل المعارضين بما فيهم الحزبان المعارضان اللذان شكلا مع حزب الإنصاف، مبادرة الميثاق.

موقع الفكر: هناك أزمة ثقة من أسبابها انحيازكم الواضح لبرام وتماهيكم معه ضد الرئيس محمد مولود؟

الحسن ولد محمد: بالنسبة لنا الموقف الذي حرص عليه الأخ الرئيس والزعيم أمادي، هو القيام بمبادرة اتجاه ما حصل بين طرفي المعارضة، واتصل بالرئيس محمد ولد مولود، عدة مرات، ولكنه لم يوفق في مقابلته، في أثناء هذه المحاولات   للاتصال بالرئيس محمد ولد مولود، اجتمع مجلس إشراف مؤسسة المعارضة، وورد عليه مقترح بزيارة  نائب نزعت حصانته وتعرض لتعسف، من غرفته التي ينتمي لها، لمواساته في هذه الجزئية.
الذي أريد أن أنبه عليه أن موقفنا ليس من صراع بين شخصين، وإنما من مبدإ نزع الحصانة من أي نائب، سواء كان هذا النائب معارضا أو مواليا، وقد كان هذا هو موقفنا من النائب محمد بوي، وظل هو موقفنا أيضا من النائب برام، هذا الموقف من الوارد أن يعبر عنه برلمانيونا، لأنهم فريق في الجمعية الوطنية، يعبر عن هذا، ثم إن الحزب لم يصدر بيانا في هذا الموضوع، ولكن زعيم المعارضة وقادة من المعارضة زاروا الشخص الذي تعرض لهذا التعسف الذي هو النائب برام، ولا يعني هذا أننا منحازون لبرام، ضد محمد ولد مولود، كأشخاص، إنما نحن مع برام، فيما تعرض له من نزع الحصانة عنه، وسهولة هذا النزع نعتبره خطرا يهدد مؤسسة البرلمان، وإن نزع الحصانة عن برلمانيين في أشهر متقاربة، نعتبره خطأ، وهذا هو سبب موقفنا، أما الموقف الذي يمثلنا فهو أن نقوم بدورنا بين الطرفين وهذا يحتاج للاستعداد من الطرفين، أما نحن فمستعدون، من خلال معرفتي بالزعيم وما سمعت منه شخصيا من استعداد لهذه المساعي، لكن ما فهمناه من الأخ الرئيس محمد ولد مولود، هو عدم الاستعداد لهذه المساعي.

موقع الفكر:  هل هذا مما يفهم من حال الشيء؟

الحسن ولد محمد: ما فهمناه من محمد مولود وبرام، هو عدم رغبتهم في المساعي من أي كان لرأب الصدع الذي حصل بينهما، وهو بالمناسبة أمر غير لائق وغير مناسب أن يكون هنالك، فإذا كان الرئيس محمد ولد مولود، فهم مما قال برام، مسا منه، فعلى برام، في هذه الحالة أن يعتذر عن هذا، وعلى محمد ولد مولود أن يقبل الاعتذار، وأنا أدعوهما لطي هذا الملف وتجاوزه.

موقع الفكر:  أثار بيان باسم مؤسسة المعارضة لغطا سياسيا لأنه تضمن شخصيات وتشكيلات ليست في تشكيلة المؤسسة، ما جعل الحكومة تلفت انتباه المؤسسة لهذا الخرق، فما الذي دفعكم لهذه الخلبطة وهذا التمييع؟
الحسن ولد محمد:
 بالنسبة للمؤسسة فهي عنوان المعارضة، والأكيد أن مجلس إشرافها يقتصر على الأحزاب الممثلة في البرلمان. لكن الأحزاب الأخرى غير الممثلة في البرلمان، يمكن أن تكون مشاركة في المؤسسة، ثم إن المؤسسة يمكن أن تكون مظلة لكل المعارضين أحزابا وغير أحزاب، فالدستور الموريتاني يعطي لكل موريتاني الحق في الاجتماع، ويعطي أيضا لكل صاحب رأي الحق في التعبير عنه، وما حصل ليس اجتماعا موقعا من طرف مجموعة من الأحزاب وإنما هو إخبار عن اجتماع حصل وأن أطرافا معينة حضرت ذلك الاجتماع، ولا أتوقع أن هذا يمثل خرقا لقانون المؤسسة، وما كنت أيضا أتوقع أن الحكومة تنتبه لهذا الموضوع، وإذا كان هناك ما يزعجها فليس أن هناك بيانا صدر من المؤسسة، وإنما هو الفاعلية التي شهدتها المؤسسة والحراك الذي شهدته وشعور النظام بخطر وحدة للمعارضة عليه، وأنشطة تواصل الأخيرة ودفاعه عن المظلومين وعن الالتي تطارد المواطنين من كل حدب وصوب، وربما هذا ما يزعج السلطات وليس شيئا آخر.

ونعتبر  ما حصل أقرب هو لمحضر اجتماع، لا يوجد فيه توقيع شخص، أو أي شيء ينم عن عضوية هؤلاء في هذه المؤسسة أو أنهم جزء منها.

موقع الفكر: من تجربة المعارضة القريبة، أنها حين اتفقت وتوحدت حصدت نتائج  معتبرة في استحقاقات2018، وحين اختلفت  تراجع البعض واندثر الآخر، ألا ترون أن اجتماع كلمة المعارضة والتعاون والتنسيق بينها في الاستحقاقات الانتخابية هو مصلحتكم جميعا، فكيف ينصرم حبل وصالكم بسبب توزيع وظائف ليست مهمة، ألم يكن الأجدر بكم كحزب قائد للمعارضة أن تضحوا ببعض مكاسبكم لوحدة المعارضة؟

الحسن ولد محمد: أنا أوافقك أن وحدة المعارضة قوة، وأنها هي الأصل وينبغي للجميع أن يحرص عليها، و أوافقك أيضا أنه حصل هنالك فتور في العلاقة في فترة من الفترات، وأن مؤسسة المعارضة كانت عنوانا لهذا الفتور في بعض مراحلها، وأن ما حصل من غياب أطراف معارضة عنها في مأموريتها الثانية، لأنها لم تشارك في الانتخابات، لكن الانتخابات التي تلتها كان على الجميع أن يكون جزءًا منها، ولم يكن من المناسب الخلاف على تقسيم الكعكعة، فمن لازم الجميع أن يأخذ نصيبه الذي أعطته القِسمة ويقبل بذلك، ومعك أن الأقوى كان ينبغي له أن يتنازل للطرف الثاني،  من أجل الاتفاق، ثم إن التشويش على المؤسسة من بعض مكوناتها في الفترة الماضية ربما لم يكن مناسبا، لكن المرحلة الحالية فيها فرصة للجميع، لأن مجلس الإشراف في هذه المرحلة من رؤساء الأحزاب، وهذه أول مرة في تاريخ المؤسسة، والأطراف كلها مشاركة في الاستحقاق الماضي، وهذا أيضا عامل آخر، ثم إن حاجة المعارضة للاتحاد اليوم كبيرة وملحة  وأهم من أي وقت مضى، ولذلك أتصور أن قيادة المؤسسة وما نعرفه أيضا في الطرف الآخر من نضج ومن تَسَيس، عوامل تجعلني متفائلا بأن المؤسسة يمكن أن تجمع المعارضة، وأرجو أن يكون ذلك قبل الانتخابات الرئاسية، لينعكس على مرشح المعارضة، وإذا لم يحصل قبل الانتخابات الرئاسية، فأتصور أن له فرصة بعدها حين "تشرب كل حفرة  ماها".
موقع الفكر: ماسبب امتناع حزب تواصل عن التوقيع على وثيقة الميثاق، ألاترون أن الميثاق تضمن أمورا كثيرة لمصلحة لموريتانيا؟

الحسن ولد محمد: بالنسبة لوثيقة الميثاق، عمل عليها ثلاثة أطراف لوحدهم بدون أن يشركوا الأطراف الأخرى في التحضير، وحين أصبحت وثيقة جاهزة، اتصل بنا الطرفان المعارصة وأشعرونا بوجود هذه الوثيقة، لكنهم لم يسلموها لنا، ونحن قراراتنا قرارات هيئات، والهيئات لا يمكن أن تصوت على نيات وإنما تصوت على مشاريع، وهذا المشروع لم نستلمه لِنحسم موقفنا منه، بالقبول أو الرفض، وبالتالي تحفظنا عليه، وبعدما خرجت الوثيقة، فمن الأكيد أن بها نيات حسنة، ولكن ثقتنا في السلطة الحالية وفي إرادتها لتنفيذ هذه المضامين، ليست قوية، فقد حصل الاتفاق الذي وقعناه جميعا في الانتخابات الماضية ولم ينفذ، فتعودنا أن يكون الحوار في واد وتكون المخرجات في واد ويكون التنفيذ في واد آخر، لذلك مشكلة الميثاق ليست في مضمونه وإنما في أن الطرف المتحكم في تنفيذه وهو السلطة، والسلطة لا شيء يمنعها من أن تنفذ مضامينه قبل أن يوقع ويمكن أن تنفذه إن كانت عندها إرادة وهو موجود، فأن نكون جزءا من وثيقة أعدت في الخفاء، لم يتح لنا أن نعبر عن موقفنا منها قبل وجودها، لم يكن مناسبا عندنا، ورأيناه نوعا من "التعلق" بوثيقة، تعتبر الجهات التي أعدتها إما جهات لا قدرة لها على الضغط، وإما جهة غير مستعدة أصلا لإنجاز هذا النوع من الإصلاحات.

و ما أفهمه أن الميثاق أصبح جزءًا من التاريخ، فالآجال التي كان يفترض أن تنطلق فيها ورشاته تأجلت أكثر من مرة، والفترة التي كان ينبغي أن ينفذ فيها.. أحزاب الأغلبية لم تنفذه وأحزاب المعارضة لم يوقعه منها إلا الحزبان اللذان وقعاه أول الأمر، وبالتالي أتصور أنه أصبح جزءا من الماضي.

موقع الفكر: حسب الرئيس محمد ولد مولود، فالورشات الأخيرة،  هي جزء من مخرجات الميثاق؟

الحسن ولد محمد: لا، الورشة التي تم تنظيمها الأسبوع الماضي، لا علاقة لها بمخرجات الميثاق، نحن لا نحول بين طرف أن  يقول ما يقول، ولكن تأكدنا حسبما قيل لنا في ورشة الأحزاب أن الورشة ليست من مخرجات الميثاق، وإنما هي استحقاق أرادت الداخلية أن تفي به وقد كانت وعدت بتنظيمه حول قانون الأحزاب الذي عطلته منذ مجيء هذه السلطة، وأرادت أن تسمع آراء المشاركين حوله، ثم أضافت له نقطة أخرى تتعلق بالانتخابات الرئاسية، ولو كانت الورشة فرعا عن ورشات الميثاق، لكان لأعضاء الميثاق ميزة في الحضور ولكانت هنالك خطابات متبادلة بينهم.
فما تم هو ورشة من عدة أجزاء،  فيها رأي الأحزاب القائمة حول الانتخابات الرئاسية وحول قانون الأحزاب، ولم ترد وثيقة الميثاق، و رأي الأحزاب المتقدمة للترخيص والمتعسف اتجاهها حول قانون الأحزاب، ورأي المجتمع المدني حول النقطتين، ولم يرد هناك أي شيء له علاقة بوثيقة الميثاق.

موقع الفكر: في السابق حضرتم لجلسة نقاشية تتعلق بوثيقة الميثاق وطلبتم إضافة بعض النقاط، هل هذا صحيح؟

الحسن ولد محمد: الاتفاق الذي وقعته الداخلية مع الأحزاب قبل الانتخابات البلدية والجهوية والنيابية الماضية، انبثقت عنه لجنة متابعة، هذه اللجنة فيها الداخلية وفيها الأحزاب المشرعة كلها، للأسف هذه اللجنة لم تنتقل إلى مؤسسة ولم تجد من المأسسة ما يجعلها لجنة فعالة لتستطيع أن تقدم شيئا للعملية السياسية والديمقراطية.
كل ما في الأمر أن الداخلية تستدعي هذه الأحزاب من حين لآخر، عندما يكون لها موضوع معين تريد أن تسمع فيه رأيا معينا، وفي الغالب لا تلقي بالا لذلك الرأي، نحن طالبنا ونطالب بأن تكون لجنة المتابعة هذه  في وضع مؤسسي يحدد صلاحيتها وآلية اجتماعاتها وتكون كل الأطراف قادرة على دعوتها لاجتماعات استثنائية، وتكون لها اجتماعات عادية تناقش فيها مخرجات ذلك الاتفاق الذي لم ينفذ منه في الانتخابات الماضية إلا النزر المحدود،  وعادة ما تكون النقاط المنفذة من اختيارات ورغبات السلطة وربما  تأثرت الأطراف الأخرى من ذلك التنفيذ.

موقع الفكر: وزير الداخلية ذكر بالحرف الواحد" أود التذكير أن ملف الانتخابات من اختصاص اللجنة المستقلة للانتخابات، في كل جوانبه.

والأحزاب التي كانت لديها تحفظات على الانتخابات الأخيرة هي التي وقعت على الوثيقة الأخيرة، وهذه الوثيقة نصت في مضمونها ومتنها أن الانتخابات الأخيرة طويت صفحتها، وبالتالي الملف أصبح مغلقا"

وبالتالي الأحزاب التي كانت تحاور وزير الداخلية وقعت على الميثاق؟

الحسن ولد محمد: لم يعلن عن حل هذه اللجنة وما زالت تجتمع وكانت مجتمعة قبل أسبوعين، ولم تحل ولكنها أيضا لم تحقق ما كان يراد منها أن تحققه.

موقع الفكر: حضرتم للحوار الأخير؟

الحسن ولد محمد: نحن حضرنا الجزء المتعلق بالأحزاب القائمة وعبرنا عن رأينا في النقطتين المطروحتين،؛ عبرنا عن رأينا في قانون الأحزاب.. أدنَّا تعطيله وطالبنا بتطبيقه حتى يتم تغييره، طالبنا بأن يكون أي تغيير له في اتجاه تسهيل ترخيص الأحزاب وليس في اتجاه تعقيدها، ثم عبرنا أيضا عن رأينا في الطريقة التي يمكن أن تنظم بها انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة ومستقلة، هذا ما عبر عنه ممثلنا الرئيس أحمدو ولد امباله، الذي تحدث باسمنا على المنصة، وعبرنا عنه أيضا كتابة للجنة الصياغة، لكن للأسف لجنة الصياغة، خرجت بخلاصات عائمة محدودة ومتناقضة  فيما بينها.. الأكيد أن الداخلية ستستفيد منها عندما تريد أن تخرج قانونا أو تغيره، ولكن لا أتوقع أن العملية الديمقراطية في موريتانيا ستستفيد من تلك المخرجات.
حضرنا هذه الفقرة فقط لكننا لسنا معنيين من وجهة نظرنا بحضور الورشة الخاصة بمشاريع الأحزاب أو الأحزاب المحلولة، ولسنا معنيين بالورشة الخاصة بالمجتمع المدني ولسنا معنيين أيضا بعملية الإخراج، فلم نكن جزءا من الصياغة ولم نحضر كل الورشات.

موقع الفكر:  وزير الداخلية ذكر أن ملف الانتخابات أغلق؟
الحسن ولد محمد: ملف الانتخابات من الأكيد أنه أغلق، ولكن هذا لا يعني أن الاتفاق لا تكون له لجنة متابعة التي ينص عليها الاتفاق ومهمتها هي الإشراف ومتابعة التنفيذ وما دام ما حصل من تنفيذ له  في الانتخابات الماضية كان مشوها فإننا أمام الاستحقاقات الرئاسية مطالبون بأن نتابع مضامين هذا الاتفاق وكل شيء يضمن الشفافية والنزاهة والمصداقية للاستحقاقات القادمة.

موقع الفكر: البعض يرى أنكم منحازون للنائب برام ضد الرئيس محمد مولود؟
الحسن ولد محمد:
لسنا منحازين لبرام، في مشكلته مع الرئيس محمد ولد مولود، نحن منحازون لبرام، كنائب برلماني، تعرض لإجراء بالنسبة لنا تعسفيا وينبغي أن لا يتعرض له أي نائب، وهذا الموقف وقفناه مع محمد بوي، وهو نائب من الأغلبية وسنقفه مع أي نائب يتعرض لنزع حصانته، ونريد من مؤسسة البرلمان أن تكون مؤسسة قوية وأن يتمتع أصحابها بالحصانة وأن لا يكون رفع هذه الحصانة شيئا بيد السلطة التنفيذية تستخدمه ضد من تشاء وتسكت عنه مع من تشاء.

موقع الفكر: يتداول هذه الأيام مقطع صوتي لأحد أعضاء مجلس إشراف مؤسسة المعارضة، ما هو موقف الحزب وموقف  المؤسسة وردة فعلها على هذا الخطاب وهذا الشحن العنصري إن ثبت؟ 

الحسن ولد محمد: بالنسبة للمؤسسة موقفها من هذا الأمر  من اختصاص مجلس اشرافها وهو الذي يمكنه أن يبتَّ في هذا، أما موقفي والذي أعتبره موقف الحزب، فهو أننا ندين كل التصريحات التي تمس من وحدة البلد أو تدعو إلى حمل السلاح، ورغم ذلك فإن هذا التسجيل كما جاء في تسجيل آخر لنفس الشخص، والعهدة على صاحبه  تسجيل مجتزء وقد بتر من سياقه وأنه قديم، ثم إنه أكد في التسجيل الأخير أنه يريد الخير لكل الموريتانيين ويدعو للسلم، وبالتالي ربما يكون مثل هذا النوع من التسجيلات، تخرجه بعض الأطراف الأمنية في السلطة من لحين لآخر، لغرض ذاتي وليس للخوف من تأثيره على الوضع الداخلي ولا على وحدة البلد.

موقع الفكر: هناك حديث متصاعد عن تراجع شعبية حزب تواصل وأن الانسحابات أثخنته جراح تراجع الشعبية، وخير مثال على ذلك أنه لم يحصل على بلدية واحدة من بلديات العاصمة في الاستحقاقات الأخيرة؟
الحسن ولد محمد:
لاأوافق، بالنسبة لي حزب تواصل بخير، وما زلت أعتبره الحزب الأول في البلد، لأن الحزب الذي يأتي قبله في الانتخابات ليس حزبا وإنما هو دولة بأجهزتها ورجال أعمالها  وشيوخ قبائلها وكبار موظفيها وجنرالاتها وأموالها،  أما الأحزاب التي تعتمد على الله ثم على مناضليها وعلى وسائلها الخاصة، فأولها هو حزب تواصل.
حزب تواصل كغيره من الأحزاب، معرض للانسحابات كما هو مستفيد من الانضمامات، لكن ميزة تواصل هي قدرته على الاستمرار وعلى القيام بالدور مع الانسحابات القوية التي لو خرجت من حزب آخر لكان تأثيرها أقوى، وليس عيبا أن يكون في تواصل مجموعة من القيادات الجديدة بل هذه ميزة، وأن يوجد قادة يعوضون قادة آخرين خرجوا فهذه نقطة قوة لتواصل.
أما موضوع البلديات فأتصور أن خروج الحزب من العاصمة في البلديات لا يعود لتراجع شعبيته، وإنما يعود للنظام الانتخابي الجديد الذي حكم هذه الانتخابات، والذي لم يعد فيه شوط ثاني، ولو كان فيه شوط ثاني في الانتخابات الماضية لتأهلنا له في الجهة وفي سبعة أو ثمانية من بلديات نواكشوط، وحينها ربما فزنا بعدد أكبر من البلديات وفي الجهة، لأن المعارضة ربما تتكتل في هذه الحالة لصالحنا، ومعها أطراف في النظام كانت مرغمة على موقف وربما كانت ستراجعه في شوط ثاني، لكن عامل غياب هذا الشوط هو الذي أخرجنا من البلديات في العاصمة، بغض النظر عن الظروف التي جاء فيها قانون النسبية، فنحن لم ندع له ولكننا قبلناه.
و الجهات التي كانت حريصة عليه، هي الأحزاب الصغرى سواء في الأغلبية أو المعارضة.
نحن كحزب من الأحزاب الكبيرة لم نعارضه.. وقد جاءت معه عوامل أخرى كالتهجير والتزوير والمال السياسي وتحويل العاصمة من مدينة نخبوية لا يوجد عليها تأثير إلى صناديق تشبه تلك الموجودة في الأرياف، لأن كل واحد منها محسوب على مجموعة من الأشخاص، وملزمين طوعا أو كرها  بالتصويت لحزب الدولة في البطاقات الستة، وهذا الوضع هو الذي أثر على بعض النتائج، ولكنك عندما تعود إلى عدد الأصوات التي حصل عليها تواصل في الانتخابات الماضية في كل الدوائر، ستجده أكثر من التي حصل عليها في الانتخابات التي قبلها، وعندما تنظر إلى صندوق طبيعي  في عرفات مثلا أو توجنين، سلم من الترحيل، ستجد أن لوائح تواصل متقدمة على الإنصاف، لكنك عندما تذهب إلى صناديق جديدة ينتقل فيه المركز من خمسمائة صوت إلى عشرين ألف صوت، فمن الأكيد أن تجد أن أغلبية من استجلب من خارج العاصمة صوتت لحزب الدولة.

موقع الفكر: أنتم غير مستعدين لدعم الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ 
الحسن ولد محمد: صحيح نحن لسنا مستعدين لدعم الرئيس الحالي في مأموريته القادمة إن ترشح لها، وسندعم مرشحا من وجهة نظرنا يمكن أن يحدث تغييرا وأن ينقل بلدنا مما هو فيه من تخلف، إلى بلد أفضل، هذا المرشح هو الذي نبحث عنه وهو الذي سنصوت له إن شاء الله.

موقع الفكر: الرئيس محمد ولد مولود، يشترط في  المرشح الموحد  أن يوافق على وثيقة الميثاق..

الحسن ولد محمد: هذه وجهة نظر نحترمها، وإذا كان هذا المرشح مؤهلا لدعم تواصل فلا مانع من أن يدعمه تواصل، فنحن موقفنا من الميثاق ليس من مضامينه وإنما من إخراجه ومن بعض أطرافه ومن عدم قابليته للتطبيق لدى السلطة الحالية.

موقع الفكر: برام، مطروح ترشيحه أو دعمه بالنسبة لكم؟

الحسن ولد محمد: الوقت لم يحن لنقاش الأسماء، والآن ما زلنا نسعى لذلك المرشح الموحد الذي تتوفر فيه مجموعة من المعايير الموضوعية التي تجعله مؤهلا لهذا المنصب السامي، وعندما نفشل في هذا المسعى، ستكون الأسماء الجادة والقوية والمعارضة في الانتخابات الرئاسية القادمة مطروحة للنقاش لدى هيئات الحزب.

موقع الفكر: هل المقاطعة مطروحة؟

الحسن ولد محمد: المقاطعة خيار من الخيارات المطروحة.

موقع الفكر: والحياد؟

الحسن ولد محمد: لم أسمع من داخل تواصل من يطرح موقف الحياد، وبالنسبة لي شخصيا فالحياد غير وارد أبدا، لأن حزبا بوزن تواصل في معركة بهذا المستوى من الأهمية، سيكون حياده شيئا سلبيا وغير مفهوم وغير وارد.

موقع الفكر: الحديث عن  قيادة من الحزب تدعوا للحياد، غير صحيح؟

الحسن ولد محمد: لا علم لي بعضو في أي هيئة من هيئات الحزب القيادية في الوقت الحالي  يدعو للحياد.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

الحسن ولد محمد: بعد شكركم، أريد أن أنبه إلى أننا أمام استحقاق مهم، صاحبه يجمع كل الصلاحيات الأساسية في يده من رئاسة السلطة التنفيذية والتحكم فيها إلى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء إلى الدور المؤثر في السلطة التشريعية.. وهذا الشخص اختياره يجب أن يكون أهم شيء لدى الناخب الموريتاني.
وإذا كان أهل موريتانيا راضون عن من يرشحهم الحزب الحاكم وعن أدائهم وعن الوضع الاقتصادي و واقع الأسعار والأمن والتعليم والصحة، وعن اللحمة الوطنية وبناء المؤسسات، فلا شك أنهم سيجدون من الحزب الحاكم ودوائره من يدعوهم لهذا الخيار،  فإن دعاته بدأوا منذ سنتين أو ثلاثة بحملة، أما إذا كان المواطن الموريتاني مثلنا فنعتبر أن أمامه فرصة لأن يبحث عن مرشح سيحدث التغيير، وسيحدث قطيعة مع ما نحن فيه، ويسعى للانتقال ببلدنا من واقع التخلف والفقر والفساد والتيه، إلى الواقع الذي يستحقه، ويكون فيه البلد على طريق التنمية والازدهار والتقدم.
نرجو أن يوفق الموريتانيون لهذا الخيار، وأن نوفق في المعارضة لوجود هذا المرشح وأن تكون المرحلة القادمة مرحلة للبناء وليست للاستمرار في التردي في الهوة التي نحن - للأسف - فيها منذ زمن بعيد، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يخرجنا منها و يوفقنا لما يحبه ويرضاه.