جانب من حضور الأعياد في ثقافة هذه البلاد- موقع الفكر

اعتادَ أهل هذه البلاد ومنذ أمد سحيق الاحتفال بالأعياد الشرعية؛ كالفطر، والأضحى، وذكرى المولد النبوي الشريف.
لقد جعلوا من أيامها  أيام فرح وسرور، يتزينون فيها بفاخر الثياب، و يقيمون الموائد العامرة، ويتبادل الأصهار فيها الإكرام والاحترام، ويحضر الأزواج من أماكن عملهم ودراستهم إلى الحي، ويعتبر تخلفهم نوعا من عدم الاهتمام بالزوجات لا ينبغي إلا لعذر ضاغط واضح، لذلك كان الرجال لا يتخلفون عن ذلك الموعد، وقد خلَّد التاريخ الأدبي ذلك الكاف السيارَ الذي يتحسر صاحبه بأدب على عدم رواج بضاعته التي يريد أن يذهب برعيها   إلى أهله في عيد أزف يومه:

يَلاَّلك يَـحدْ فَـــطْرَكْ   راهُ شرگْ افْمالْ
وفْبوتلميتْ حَصرَكْ    تِـــــتگارأرحَّــال
 ويروى أن الأديب محمد ولد محمد اليدالي، أرسل في طلب صاحب هذا الكاف واشترى منه بضاعته بسعر تشجيعي؛ كي لا يتأخر عن شهود العيد مع أهله.
 و يتشوق الأديب الكبير الولي بن الشيخ يبَّ إلى بلشان بعد أن أصبح العيد قاب قوسين أو أدنى بأسلوب أدبي يكل الأمور إلى الله جل في علاه:

يلّال مگْرب ذا الْعيد   عاد ومَبْعد بَلْشانَ
مني بعدانَ، ما ابْعيد ش گاع اعلَ مولانَ.

ويستغل الموريتانيون بمختلف جهاتهم ومشاربهم فرصة الأعياد، للتزاور والتواصل والتسامح، وغير ذلك من العادات الحميدة.
لقد صار العيد عند الإطلاق - عند أهل هذه البلاد-  علما بالغلبة على عيد الأضحى، الذي يلقبونه أحيانا "عِيدْ الْحَمْ" أما عيد الفطر وذكرى المولد فيسمونها هكذا.
ومن مظاهر تعظيم  ساكنة هذه الصحراء للأعياد الشرعية، جعلها ظرفا زمانيا لمناسباتهم الاجتماعية، فكثيرا ما تسمع لقد قرر أهل فلان أن تكون مناسبتهم في العيد أو في عيد الفطر أو في ذكرى  المولد.
تشترك كل  الجهات الموريتانية في كثير من مظاهر الاحتفال بالأعياد، فبعد الصلاة يخرج الرجال للتزاور، كما يبدأ الأطفال التجول في شوارع المدن والقرى مرتدين ألبستهم الجديدة الجميلة، والفرحة تحملهم إلى عوالم من نور،  وربما طلبوا من بعض الكبار العيدية أو "انْديونَه" وهي كلمة ولفية تطلق على الدعاء الذي يعقب صلاة العيد، وقد غلب استعمالها لهدية العيد.
 أما النساء فيخرجن في كامل  زينتهن زرافات ووحدانا،  حين تميل الشمس إلى الغرب، ومن عادات بعض المناطق في هذه البلاد أن يتجمع النساء عند "طبل العيد"، وفي سابق الزمن كُنَّ يخرجن ضحوة العيد؛ نستشف ذلك من قول العلامة الشاعر امحمد ولد أحمد يوره، في أبيات طريفة - كعادته - عقد بها حكم المعلوم بالنحر والمعدود بالرمي،  وبدل تذييلها ببيت عزو، ذيلها ببيت ضبط فيه وقت تحريرها، وفي ذلك براعة أي براعة!

يوم الأضاحـي يومه معلوم  وغير معدود وذا معلوم
و بعد يوم عيدنا يومان يا صاح معدودان مـعلومان
و ثالـث الأيام عكس الأول وغير ذا عليه لم يعول
نظمت ذا ضحوة يوم العيد  قبل خروج "الغيد"  في الجديد

 

عيدكم مبارك، أعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين أعواما عديدة وأزمنة مديدة.. وعيد غزة نصر.. فالصمود نصر، والثبات نصر، واليقين بالنصر نصر.
{ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَـٰلِبُونَ }
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام، وكل عام وأنتم  بخير وصحة وعافية وسعادة.

أما فرحة الطاعة فتمت.. وأما فرحة النصر والفرج، فما زلنا مرابطين على ثغر الرجاء، والنصرة.
كل عام وأنتم بخير
كل عام والأمة مقتبسة من سنا عزة  غزة  وهجًا.

عيد بأية حال عدت يا عيد  بما مضى أم لأمر فيك تجديد