نسائم الإشراق الحلقة رقم (1621) 18يونيو 2021م، 7 ذو القعدة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (651)          

        .

  إلى القاهرة في أول طائرة:
بقيت نحو خمسة أيام على ما أذكر، أنتظر فتح المطار، حتى إذا فُتح، كنت أول المسافرين في أول طائرة مصرية تنطلق منه. ونزلت في مطار القاهرة.
وكان مما آلمني كثيرًا وكدّرني: أني وجدت الإخوة السودانيين وقفوا في طوابير طويلة أمام نوافذ الجوازات، ولم يسمح لأحد منهم بالدخول إلى مصر، مع أنّ لهم عائلات وأقارب داخل مصر، ومنهم من يدرس في مصر، ومنهم من يعمل في مصر... ولكن السلطات اتّخذت منهم موقفًا صارمًا بل قاسيًا: لا إذن لأحد بالدخول، ومعظمهم فقراء، ربما كلفتهم التذكرة كثيرًا حتى قطعوها، فكيف يرجعون بخفي حنين، أو بغير خف أصلًا؟ وما ذنبهم إذا وقفت حكومتهم مع صدام؟ هل تعاقب الشعوب بذنب حكامها، إذا افترضنا أن هذا ذنب؟
لقد حزنت لهؤلاء المساكين، ولكن ماذا ينفعهم حزني، وعليهم أن يعودوا خائبين!
إلى الجزائر مرة أخرى:
أحسب أني بقيت ليلة بالقاهرة، ثم امتطيت الطائرة الجزائرية، لأعود إلى الجزائر مرة أخرى، وأباشر دروسي في التفسير في الجامع الكبير القديم، وبدأت وزارة الشئون الدينية تنظم لي محاضرات في ولايات مختلفة، وفي الجزائر 48 ولاية، لو ذهبت في كل أسبوع إلى ولاية منها، لاحتاج الأمر مني إلى سنة كاملة، لو واظبت على ذلك، ولكن المثل يقول: ما لا يدرك جلّه أيّ معظمه لا يترك قلّة أي قليله.
وكانت ليالي حافلة يحتشد فيها جمهور كبير من أهل البلدة، وكنت على العادة أُلقي المحاضرة، ثم أردّ على أسئلة الجمهور. ونزور بعض الأماكن أو الشخصيات المهمة. وكثيرًا ما نزور والي الولاية. ونبيت في الولاية غائبًا، ثم نعود إلى العاصمة في اليوم التالي.