حملة السب و الشتم- عبد الفتاح ولد اعبيدن

تنتشر فى مجموعات الواتساب منذ أشهر حملة مفعمة بالسب و الشتم الموجه بشكل مركز للرئيس الحالي و غيره من الشخصيات الحكومية،و كأن هذا برنامجا سياسيا منقذا و أسلوبا دعائيا مقبولا.و لعله من المناسب القول،إن واقع المجتمعات و الدول قد تغيره البرامج و الأساليب الدعائية المحترمة،أما مجرد التحامل و التجنى و الأذى المجاني المتصاعد،فإنما يعبر عن ضعف المستوى و انعدام الاخلاق.

و يلاحظ فى هذا السياق انغماس تيارين فى هذا المنحى ،بعض من يدعو مناصرة ولد عبد العزيز و يدافع عنه بهذا الأسلوب،و مهما تكن المبررات و المسوغات،من دعاوى الظلم و الاستهداف فإن السب و الشتم إنما يكشف عن غياب الحجج الدامغة و الأساليب المقنعة،و تيار أسلوبه أساسا منحصر فى الزاوية المتوترة ،و قد لا يجلب الانتباه الإيجابي،فولد عبد العزيز حكم طيلة 11عاما تقريبا،حكما مباشرا،و كان نافذا قبل ذلك ،و يختلف الناس فى تقييم مرحلته فى الحكم،غير أنه خرج منها شخصيا ثريا ثراءً فاحشا ،و طالب كثيرون بمحاكمة عشريته،و بغض النظر عن الأسلوب الذى تمت به المحاكمات ،فقد سجن إثر محاكمات،و بالنسبة للجانب السياسي من معاناته،فقد أصر على ممارسة السياسة ضد حليفه السابق،رغم علاقتهما الوثيقة،أيام العشرية،بل منذ الانقلاب على معاوية،3أغسطس 2005،و ظل ولد عبد العزيز يخرج فى الشوارع محرضا على ولد غزوانى و نظامه،و هذا من الزاوية الأمنية ،لا يصلح لدولة مثل موريتانيا،لأنه قد يجرنا لتجربة مشابهة للتجربة السودانية المؤلمة،و شخصيا أتمنى لولد عبد العزيز الفرج،لكن ولد غزوانى يتمتع بخلفية أمنية عميقة،و يدرك مدى خطورة التنازع على السلطة،و خصوصا ما بين رئيس حالي و سابق قريب عهد بها،فاختار ربما إبعاد الرئيس السابق عن المشهد،ربما احتياطا من قلاقل النزاع الحاد الممزق،و تفاديا للمزيد من التصاعد،فهل يبرر هذا لبعض أنصاره الانخراط فى مشهد هستيري متواصل من السب و الشتم ضد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى و بعض وزراء حكومته ،و هل هذه طريقة مفيدة لمعالجة بعض مشاكل الدولة و المجتمع؟!.

و ثمة فريق ثان لا يناصر ولد عبد العزيز لكنه يعارض ولد غزوانى و يدعى فشل عهدته المنتهية للتو، و يركز بعمق و وقاحة أيضا على سب و شتم الرئيس الحالي و يأخذ من مجموعات الواتساب أساسا موقعا ملائما لهذه الحرب المستعرة،الخاوية من الأساليب المحترمة،المستمسكة بعروة الأذى و الإساءة البالغة المتنوعة،فهل هذه طريقة و سبيل لعمل سياسي مقبول،خصوصا فى أفق الحملات الرئاسية المرتقبة.

و باختصار أحرى بالمهتمين بالسياسة عموما و بالحملة الانتخابية المرتقبة أن يبتعدوا عن هذا السب الغزير و عن هذه الإساءات المتواصلة ،عسى أن تكون أجواء حضارية لائقة،بإذن الله،و ما سوى ذلك لا يجدى و لا يغير من الواقع ،غير تعميق الجراح و الهوة بين الأشخاص و الفرقاء،و نحن مجتمع مسلم عريق،لا تصلح لنا الأساليب الهابطة و ترسيخ العداوات و الكراهية،فمن أراد العافية و الإصلاح فخير له انتهاج سبيل التهدئة و سلوك طريق راشد مسؤول،عسى أن نتجاوز كل هذه المحطات السياسية و الانتخابية بهدوء و سلام و إيجابية،بإذن الله.