في ذكرى رحيل العلامة لمرابط محمد سالم ولد عدود الشنقيطي- محمد الأمين أحمد بلاهي

لا أستطيع أن أترك منابسة وفاة حبرنا الجليل المرابط محمد سالم بن عدود تمر دون استرجاع لمناقبه ومواهبه التي شرف بها بلاد شنقيط خاصة والأمة الإسلامية عامة .
تمر ذكرى وفاته الثالثة و الأمة لما تسترجع أنفاسها بعد إحراق بعد المتطرفين لكتب في الفقه المالكي المعتمدة لدى العالم الإسلامي خصوصا المغرب العربي وإفريقيا وطالما سمعت الشيخ عدود ينافح عنها وفي ذلك يقول:

وما أبـــرئ نفسي المسكينـه       من ميلها لمذهب المدينة

وهي بها وفي اختلاف الأمه     في غير باب الإعتقاد رحمه

أذكر أنني في العام الماضي في الذكرى الثانية كتبت مقالا أطالب فيه بالإهتمام بتراث هذا العالم الجليل الذي قل نظيره لكن لم أر أثرا لذلك النداء رغم أنه أقيمت عدة نشاطات تكرم أناسا رغم أهميتهم فإنهم لا يرقون لأهمية شيخنا عدود وأصابتني إثر عدم الإهتمام به من طرف الدولة و نخبة المجتمع خيبة أمل شديدة من نكران الجميل لهذا الشيخ الذي رفع رؤوسنا في جميع المحافل العلمية الدولية واستفدنا من علمه الغزير فهل نجازيه بعدم الإهتمام به فأي فتى أضعنا؟
وارتأيت أن أوافي محبي الشيخ بشهادة من شيخ حجازي عثرت على موقع له سماه #المتون وهو كما يصف نفسه تلميذ الشيخ عدود و هو عبد الله بن محمد بن سفيان الحكمي المذحجي وهو سعودي شغف بعلامتنا وأسر بعلمه الجم و كتب عنه في حياته و بعد وفاته عدة مقالات أسوق بعض النتف منها لعلها تفيد محبي الشيخ والذين يتعطشون لكل ما يكتب عنه خصوصا إن من علماء خارج البلد. وقد طلب هذا الشيخ الحجازي من الشيخ عدود نظما لعمدة الفقه لإبن قدامة الحنبلي وكان الطلب في أبيات :

قد كنت أحسب أن العلم قد رحلا 
مع الأوائل أعلام الهدى النبلاء
وأن أمتنا ـ يا للأسى ـ عقمت    
 فلم تلد ذا نبوغ يرتق الخللا
وبينما أنا في نجواي منغلق
إذ جاء ذكر لكم أحيى بي الأملا
سمعت من نظمكم ما هزني طربا   
 وعن تصانيفكم ما زادني جذلا

ويقول هذا الشيخ المفتون بعلم المرابط عدود بعد أن قدم طلبه هذا : { وجاء الرد سريعا ولقد كان انتهاء شيخنا من نظم العمدة فتحا علينا كبيرا ... وإن متنا يقارب أعداد أبياته الأربعة آلاف بيت ليحتاج إلى همة عالية} . لم يقتصر هذا الشيخ السعودي المغرم بعلم المتون والتي خصص لها موقعا على الشبكة العنكبوتية على هذا الحد بل نشر للشيخ محاضرات ودروس مسجلة بالصوت يشرح فيها بعض المتون كألفية بن مالك ، وكذلك كتب عن مواهبه حيث يقول في أحد مقالاته وبعد تلقيه لخبر وفاته : { رحم الله من كان الكاشف للمعضلات العلمية التي تعترضني بعد أن أحار في معرفتها ... فلقد كان مثقبا جمع الله له بين الحافظة الجامعة و الفهم الثاقب ... رحم الله الإمام الحافظ المشارك الجامع بين العلوم العقلية والنقلية البصير بدقائقها ووسائلها ومقاصدها فإن سألته عن دقائق التفسير أجابك بما لم تسمع أو تقرأ} . و يسوق الشيخ الحجازي قصة تعبر عن عبقرية هذا الحبر الذي تنكر له أبناء وطنه المطوقون بفضائله التي كان عليهم الإشادة بها عبر ندوات ومقالات وبرامج في وسائل الإعلام لأن ما حازه من شرف يرف رؤوسنا جميعا . هذه القصة هي زيارة قام بها المرابط  لسوريا في شبابه ولما يتعدى العشرين إلا قليلا وقام بزيارة علمائها الذين سألوه إن كان مازال في بلاد شنقيط حفاظا كابن التلاميد و يحظيه ولد عبد الودود وابن متالي . فأجابهم بأنهم مازالوا موجودين وكان أكبر اختبار له اجتازه بشرف فقد عقدوا له مجلسا طرحوا عليه خلاله بعض الأسئلة في ألفية بن مالك والكافية الشامية لابن مالك أيضا وقال بعض الذين حضروا المجلس: { لقد أذهل الحاضرين بحفظه وسرعة استحضاره فقالوا : الآن نقر أن شقيط بلاد الحفظ و الحفاظ } . جزى الله خيرا هذا الشيخ الحجازي عن المسلمين إذ نشر الكثير من إنتاج المرابط ولد عدود وكتب عنه الكثير من المقالات التي تعرف به وبمواهبه المتعددة وموسوعيته الباهرة الأمر الذي يجب أن يدفعنا نحن طلابه القيام بواجبنا تجاه شيخنا و إيفاءه حقه من الإهتمام والتقدير الذي يستحقه.