نسائم الإشراق الحلقة رقم (1630) 29 يونيو 2021م، 18 ذو القعدة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (660).  

   الإيمان بالربوبية فطرة بشرية:
وفي الندوة تعرّضنا للشيوعية وموقفها من قضية الألوهية، وأنها تقول: لا إله، والحياة مادة. وقلت فيها: إن الإيمان بالألوهية فطرة بشرية. تشترك فيها كل أمم، كما قال أحد المؤرخين: قد وُجدت في التاريخ مدن بلا قصور، ومدن بلا حصون، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدًا مدن بلا معابد!
وذكرت له قصة أحد المصريين الذين تعلَّموا في أوربا، ثم عاد ليعلن على الناس: أنه ملحد، فقال له بعض الحضور: لا نصدقك، أنت تخدع نفسك. فقال لهم في حماسة: والله العظيم أنا ملحد!
وقد أُعجب الخولي بهذه الحكاية، فكان يردِّدها بعد ذلك في كل مناسبة.
أهمية الدين في المعركة بيننا وبين اليهود:
وفي الندوة اختلفنا في قضية مهمة فيما يتعلق بفلسطين، وهي: مدى أهمية الدين في المعركة بيننا وبين اليهود. فكان هو يرى أن الأهمية للإعداد العلمي والتكنولوجي، ونقل العرب إلى التقدم.
وقلت له: أنا أول الداعين إلى ذلك كله، وأراه فريضة وضرورة، ولكن للدين في أمتنا أهمية كبرى، فهو الذي يعطي الفرد الحوافز، وهو الذي يحرِّض على التضحية والبذل بلا تردّد ولا تخوف، وهو الذي يجمع القلوب على الهدف الكبير، ولا سيما في قضية فلسطين خاصّة، لأنها تتعلق بأرض لها حرمتها وقدسيتها عند المسلمين، أرض الإسراء والمعراج والمسجد الأقصى الذي بارك الله حوله... ثم إنّ عدونا هنا يستخدم الدين بقوة وبراعة في هذه القضية، وعلى أساس عقيدة التوراة، ومفاهيم التلمود، جمع اليهود من أنحاء العالم إلى «أرض الميعاد» وما زال إلى اليوم يذيع فيهم: أنّ الهجرة واجبة دينيًا عليهم، وما زال للأحزاب الدينية سلطان فيهم، للحاخامات كلمة مسموعة. حتى العلمانيون منهم الذين لا يؤمنون بالدين، يؤمنون بضرورة توظيف الدين في المعركة مع العرب والمسلمين.
فلا يجوز أن يدخلوا المعركة معنا يهودًا، ولا ندخلها نحن مسلمين، ولا يجوز أن يقولوا: التوراة، ولا نقول نحن: القرآن. ولا يجوز أن يقولوا: الهيكل، ولا نقول نحن: الأقصى.