نسائم الإشراق الحلقة رقم (1631) 1 يوليو 2021م، 20 ذو القعدة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (661).

 

وفاة الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري

في 12 من شوال 1412هـ الموافق 13 أبريل 1992م أبلغني بعض الإخوة بنبأ وفاة الأخ الحبيب، والصديق الكريم، الأستاذ عمر بهاء الدين الأميري، الشاعر والداعية والسفير والمحاضر.

معرفتي به قبل أن يعرفني:

وقد عرفت الأستاذ الأميري قبل أن يعرفني، حين قرأت في «سجل التعارف الإسلامي» في مجلة «الشهاب» «التي كان الإمام حسن البنا يصدرها» في عددها الثالث: صورة الأميري. وقد كُتب تحتها: سوري من صفوة أبناء حلب، وُلِد سنة 1329هـ، وقضى بعض عمره المبارك في الدراسة بفرنسا، وتخرّج من «الحقوق السورية» سنة 1940م، وكان نجاحه منقطع النظير، واشتغل بالمحاماة، مشترطًا على موكليه أن يتخلى عن دعاويهم، إذا ظهر وجه الحق في غير جانبها! واشتغل بالحركة الإسلامية منذ نعومة أظفاره، وأسَّس مركزًا للدعوة الإسلامية في باريس، وهو شاعر مطبوع، ومجاهد مؤمن.

مناجاة في الحب الإلهي:

كما قرأت له أبياتا مشرقة بالمعاني الربانية نشرتها له «الشهاب» أيضًا تحت عنوان «خماسيات الأميري»: وهي مناجاة يحلِّق فيها بك في سماء الحب الإلهي، ويخاطب فيها ربه:

كلما أمعن الُّجى وتحالك      شِمْت في غوره الرهيب جلالُك

وتراءت لعين قلبي برايا      من جمال آنست فيها جمالك

وتراءى لمسمع العقل همس      من شفاه النجوم يتلون الثنا لك

واعتراني تولّه وخشوع       واحتواني الشعور: أني حيالك

ما تمالكت أن يخرّ كياني      ساجدًا عابدًا، ومن يتمالك؟

لقائي الأول به:

وكان أول مرة ألتقي فيها الأميري وجهًا لوجه، حين كلفني الأستاذ الدكتور محمد البهي المدير العام للثقافة الإسلامية بالأزهر: أن أقدم محاضرة دُعي لإلقائها في الموسم الثقافي للأزهر، بقاعة الإمام محمد عبده، عن «العروبة والإسلام» وكان د. البهي مسافرًا، فأنابني عنه، وقدّمته بما يليق به، وعقبت عليه بعبارات أعجب بها المحاضر، ولم يكن تعرَّف عليَّ قبل ذلك، فعانقني بعد المحاضرة بحرارة، وانعقدت بيننا أخوة صادقة، ومودة عميقة. وقد زادتها الأيام قوة على قوة، حين تلاقينا في بيروت في الفترة التي لم أكن أستطيع النزول فيها إلى القاهرة.