نسائم الإشراق الحلقة رقم (1637) 7 يوليو 2021م،26 ذو القعدة 1442هـ، مذكرات الشيخ د.يوسف القرضاوي الحلقة رقم (667

علاقة ود وتعاون:
وقد تحدثت عن العلاقة بيننا، وأنها كانت قائمة على ودّ وتعاون، منذ تعارفنا في إدارة الأزهر 1973م حتى غادر قطر 1986م. وقد كنا نلتقي باستمرار في مناسبات شتى: في مجلس الجامعة، وفي المجلس الأعلى للتربية، الذي يجمع بين رجال الجامعة ورجال وزارة التربية، ويرأسه وزير التربية والتعليم، وفي مجلس إدارة مركز بحوث السنة والسيرة، وفي غيرها من المناسبات. وبخاصة أن د.كاظم كانت روحه إسلامية، وكان ذا اهتمام بالشأن الإسلامي، ولا سيما ما يتعلق ببلاد الشرق الأقصى، التي عمل فيها فترة من الزمن، وتعرَّف على كثير من رجالات الإسلام بها؛ ولهذا سعى إلى تنظيم رحلة إلى الشرق الأقصى، كانت من أخصب الرحلات وأطيبها ثمرات.
وداع العمل الجامعي:
بعد أربع سنوات عميدًا لكليتي التربية، وتسع سنوات مديرًا للجامعة: رأى د. كاظم ببعد نظره، ونور بصيرته: أن يودع قطر مختارًا، ولا سيما بعد أن وجد من أبناء قطر من يستطيع أن يحمل العبء، وقد كانت قطر تطلب التجديد له من مصر، فيصدر قرار من رئيس الجمهورية بتجديد إعارته.
الليالي الكاظمية:
وودّعت جامعة قطر مديرها الأول د. كاظم وداعًا مفعمًا بالمودة والوفاء، كل كلية أقامت له احتفالًا خاصًا، وقدّمت له هدية، ونوّهت بدوره وفضله، ومنها كلية الشريعة، وذلك في ليال جميلة سماها بعض أخواتنا «الليالي الكاظمية»!
المدير الإقليمي لمنظمة اليونسكو:
وانتقل د. كاظم إلى منصبه الجديد مديرًا إقليميًا لمنظمة اليونسكو، وكان مقره عمان، وإن كان دائم التنقل بين عمان وباريس وسائر العواصم العربية، حتى قدر الله له أن يصاب بذلك المرض العضال، الذي أثبت عجز الإنسان وضعفه أمام القدر المغيب عنه، {وَخُلِقَ ٱلۡإِنسَٰنُ ضَعِيفٗا} [النساء: 28]، أصيب الرجل النشيط المتحرك المثابر بسرطان في المخ، وهو في عزّ عطائه، والأبصار ترنو إليه، والأعناق تشرئب نحوه، وترشحه لمناصب كبيرة في الداخل والخارج، ولكن قضاء الله لا يُردّ.
لقد زرته في مرضه مرتين في منزله بمصر الجديدة بالقاهرة... في أول مرة كان متماسكًا حاضر الذهن، وفي المرة الثانية تغير حاله، وبدأت زهرته في الذبول، وودعته وعيني تملؤها دموع حبستها. ورثيت لحال أسرته، وهي تراه في هذه الحال، زميلتنا الدكتورة صفاء الأعسر، أستاذة علم النفس «التي تحمل بين جنبيها أسى عميقًا، وأولاده، د. يسر» وشقيقها وشقيقتها، كان الله لهم.