عمدة بلدية لعيون السيد اجه ولد الدي في مقابلة شاملة مع الفكر/ "البلديات هي المؤسسات الطبيعية المجسدة للامركزية"

الفكر (نواكشوط): نطل عليكم اليوم في مقابلة مع أحد المنتخبين الذين خبروا العمل البلدي وربما راكموا فيه تجربة جديرة بالاهتمام ، سألناه عن واقع البلدية التي يتولى تسييرها وأهم المشاكل التي  يعانيها ساكنتها ،والمعيقات التي تعترض سبيلهم والتحديات التي تواجههم, تطرقت المقابلة كذلك لأهم الانجازات التي تمت خلا ل سنتين من توليه منصب عمدة البلدية .

كما تطرق السيد العمدة لواقع التعليم الذي رأى أنه في حالة مزرية تستدعي من السلطات الاسراع بانتشاله .

تضمنت المقابلة كذلك حصيلة سنتين من حكم ولد الشيخ الغزواني ، شملت أيضا حديثا عن الحالة الأمنية وتطور الجريمة، بالإضافة إلى واقع الزراعة في البلاد ورأى أنه لابد من تأمين حاجة البلد الغذائية وأن التجارب أثبتت أنه لا يمكن الاعتماد في ضروراتنا على ما ياتي من وراء البحار.

فإلى المقابلة:

موقع الفكر: نود منكم أن تحدثونا في البداية عن الوضعية العامة للبلدية وأهم المشاكل التي يعانيها السكان؟

عمدة بلدية لعيون : شكرا لموقع الفكر على إتاحة هذه الفرصة ولتسمحوا لي في البداية بتقديم البلدية إلى قراء موقعكم الكرام.

 بلدية لعيون أنشئت بموجب المرسوم رقم 155ـ 86 الصادر بتاريخ 2 أكتوبر 1986م. وتقدر مساحتها بحدود 110 كلم. مربعا، ويبلغ عدد سكانها: 24199نسمة حسب  نتائج التعداد الوطني  للسكان والمساكن 2013 ، وتمثل بلدية لعيون واسطة عقد بلديات مقاطعة لعيون إذ تحدها ثلاث بلديات أو أربع، وقد تعاقب على إدارتها قبل عمدتها الحالي سبعة عمد هم على التوالي: الأمير محمد المختار بن بكار ثم الداه بن سيدي بونا الذي أكمل مأمورية العمدة الأول الذي توفي رحمه 25 نوفمبر 1988م. وانتخب المجلس مكانه الداه بن سيدي بونا أطال الله عمره ومتعه بالصحة والعافية، ثم المرحوم الشيخ سيد أحمد بن أعمر بيو، ثم الإمام بن سيدي محمد حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية وختم لنا وللجميع بالسعادة ثم اب بن سيدي أحمد بن عبد الله ثم سعدنا بن حمادي ثم أعمر بن محمد سيدي وهؤلاء هم العمد الذين تعاقبوا على إدارة على هذه البلدية.

أما فيما يتعلق بسؤالكم، فسكان بلدية لعيون لا يختلفون في هذا المنحى عن بقية سكان بلديات الداخل، فحاجاتهم هي الحاجات المتعلقة بالخدمات الأساسية، كالمياه والكهرباء والطرق وغيرها من الخدمات الضرورية.

وما يهمنا من هذه الخدمات تلك الخدمات التي  أناط المشرع بالبلدية الاختصاص فيها  بالمادة الثانية من الأمر القانوني  87 ـ 289 الصادر بتاريخ 20 أكتوبر 1987م. وهي الطرق الحضرية والتعليم الأساسي ومراكز الأمومة والطفولة الإنارة العمومية  وهي مجالات يكاد يكون التخصص فيها مشتركا بين جميع بلديات الدنيا. ونعمل منذ استلامنا للبلدية على تحسين هذه الخدمات ولنا في العمل على تحسينها  طريقان، أحدهما عبر ميزانية البلدية والثاني تشخيص الحاجات ورفعها مع اقتراح حلول إلى القطاعات الوزارية المختصة.

موقع الفكر: ما أبرز  التحديات التي تواجهكم ؟

عمدة بلدة لعيون: هناك تحديات كثيرة ومتنوعة يمكن تقسيمها إلى نوعين تحديات مالية وتحديات مرتبطة بالوسائل وهذه هي التحديات الكبيرة والبارزة لأن  البلديات تنازلت لها الدولة عن مجموعة من الاختصاصات كما في المادة الثانية التي تناولتها آنفا لكن التنازل عن الاختصاص لم يصاحبه تنازل عن الوسائل المخصصة لهذه المجالات فمثلا نصت هذه المادة على أن البلديات مختصة ببناء وصيانة المنشآت التعليمية والصحة القاعدية لكن الميزانية المخصصة لبناء هذه المنشآت تذهب إلى قطاعي الصحة والتعليم ويبقى هذا الاختصاص اختصاصا نظريا صوريا لأنه لم يصاحبه تنازل عن الصلاحيات، وهذا هو التحدي الأبرز الذي تعمل البلديات على تجاوزه من خلال تصحيح هذا الاختلال. 

والشق الثاني متعلق بالوسائل ـ وسنذكره فيما يتعلق بالسؤال عما أنجزته البلدية خلال السنتين الماضيتين ـ  فالبلدية تعمل على محاولة تحسين هذه الخدمات من خلال ما تحصل عليه من بعض الشركاء والممولين.

وبخصوص الاختلال المتعلق بعدم تنازل الدولة عن الوسائل المخصصة للمجالات التي تنازلت عنها للبلديات صودق مؤخرا على الاستراتيجية الوطنية للامركزية وأنشئ بعد ذلك المجلس الوطني للامركزية وأعيد بناء تلك الاستراتيجية على أساس تشاوري شاركت فيه البلديات والإدارة المحلية والممولون ونأمل أن يتمكن المجلس من تجسيد ما نصت عليه الاستراتيجية، والاستراتيجية معدة بشكل جيد وضمنها العمد كل ما يطمحون إليه والنواقص التي يريدون تكميلها والثغرات التي يريدون سدها.

موقع الفكر:كيف تؤثر التقاطعات في الصلاحيات بينكم و بين المجالس الجهوية على دور البلدية وعلى هذه المجالس؟

عمدة بلدية لعيون: هذا السؤال مهم ووارد ومطروح واسمح لي بأن أمهد له  بالقول إن إنشاء المجالس الجهوية ـ  التي هي حلقة من حلقات تطور اللامركزية ـ لأن البلديات وهي المؤسسات الطبيعية المجسدة للامركزية لما تكمل الصورة المتعلقة بها وتجاوزها إلى حلقة أخرى قبل إكمال حلقة البلدية كان خطأ، ومن الطبيعي أن يشكل مشاكل من أخطرها إرباك المشهد التنموي المحلي بشكل عام وإرباك الممولين والشركاء وهذا الإرباك منعكس على التنمية المحلية بشكل عام، وشركاؤنا أصبحوا يتوجسون ولا يعرفون الجهة التي ينبغي لهم التعامل معها هل البلدية أم المجلس الجهوي وهذا يؤثر سلبا على التنمية المحلية بشكل عام  رغم أن المشرع كان ذكيا وحازما فيما يتعلق بصياغة قانون المجالس الجهوية وهو القانون رقم 10 ـ 30 الصادر بتاريخ 12 فبراير 2018 وكان المشرع حذرا ويتجلى حذره في الفصل المتعلق باختصاصات المجالس الجهوية ، وحدد لها مجالات وكان حريصا على أن تكون خارجة عن اختصاص البلديات وكانت العبارات المستخدمة في المجال توحي بأنها جز من  كل وأنها مكملة لدور جهة  أخرى لأنها تطور وتشارك وليست لها  اختصاصات محددة  إلا تلك التي تقتضيها طبيعتها القانونية لأنها مستقلة ماليا  وإداريا وهذا يقتضي أن تكون مختصة في إعداد ميزانية واكتتاب عمالها.

إذن فنحن نعتبر أن إنشاء المجالس الجهوية  كان خطأ وهذا  مفهوم لأن السياق الذي ولد فيه يؤكد ذلك لأن الرئيس السابق أنشأه لما غضب على مجلس الشيوخ وسعى لمعاقبتهم قرر إنشاء مجالس جهوية يبدو من خلال كلامه في مدينة النعمة أنه لا يدرك دور هذه  المجالس لأنها ستحل محل مؤسسة تشريعية ذلك اختصاصها.

موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء السلطات المحلية  وتعاطيها معكم في حل مشاكل  البلديات؟

عمدة بلدية : هذا واحد من الإشكالات التي ما تزال مع الأسف مطروحة وعلاقة السلطات بالبلديات وما يمكن أن يسمى أيضا تنازع الاختصاصات ورغم أن قانون البلديات قانون جيد و رغم أنه نقص من أطرافه ـ وسأشرح معنى ذلك لاحقا ـ  في نسخته الأولى إلا أنه ظل يفتقر إلى المراسيم التطبيقية مما أتاح للسلطات الإدارية فرصة التفسير بما يضمن للسلطات الإدارية  الهالة التقليدية الموروثة من عهد سلطات الاستعمار، ومع ذلك هنالك إداريون يتفهمون دور البلديات وهناك عمد يعملون على أن تكون العلاقة علاقة تكامل فتقوم البلدية بما هو داخل في اختصاصها وتنقل مشاكل السكان عن طريق  السلطات الإدارية  ولا يمكن أن نقول إلا أنها علاقة تتحدد حسب كل عمدة وكل حاكم وكل وال في انتظار أن تحسم الأمور المتعلقة بتوضيح بعض النصوص الناظمة للمجال.

موقع الفكر: ما أهم الإنجازات التي قمتم بها في السنوات التي خلت من مأموريتكم؟

عمدة بلدية لعيون: نحن الآن في السنة الثالثة وباشرنا تنفيذ ميزانية نحن من أعدها سنة 2019 ، لأنا استلمنا البلدية يوم 14 أكتوبر 2018 وكان يديرها عمدة آخر ومجلس بلدي آخر وكل الوسائل كانت موضع التزام لدى جهات إلا فيما يتعلق ب50% من ميزانية التجهيز وفي تلك السنة لم ننجز إلا فيما يتعلق بأمور العمال فوجدناها متأخرة وسددنا ها ووجدنا وضعية العمال تجاه الصندوق الوطني  للضمان الاجتماعي تحتاج إلى تطبيع وبدأنا بهذا الجانب المتعلق بالعمال وتركنا مبلغ التجهيز لضآلته وحولناه للسنة الموالية ويمكن أن نعتبر أننا بدأنا عام 2019.

وننبه إلى أن لدينا برنامجا انتخابيا محددا وواقعيا وربما تعود واقعيته إلى أني كنت عمدة في السابق وأعرف وسائل البلدية ولدي عنها صورة واضحة.

وهذا البرنامج شقه الاجتماعي المتعلق بالمساعدات التي تقدم للمعاقين والفقراء والمعوزين والأئمة والروابط الثقافية وتشجيع المتفوقين دراسيا أنجزناه100%  في سنة 2019 ونفس الشيء سنة 2020على حساب ميزانية التسيير، وتفصيل ذلك أننا قمنا بما يلي:

ـ سوينا وضعية العمال تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي كان يطالبهم بمتأخرات سنة ونصف.

ـ أمنا العمال لدى الصندوق الوطني للتأمين الصحي  ابتداء من 01 يناير 2021 وصرنا ندفع عنهم بانتظام  الاشتراكات اللازمة حتى يستفيدوا من خدمة الصندوقين وزدنا رواتبهم الزهيدة وما تزال تحتاج  إلى زيادة.

ـ قمنا في المجال الاجتماعي بإعانة أربعة تكتلات نسوية من بائعات كسكس سنة 2019 ودعمنا 15 أو 20 من ذوي الاحتياجات الخاصة ونظمنا في المجال الثقافي والرياضي كأس العمدة بصورة ثابتة تطلق في الشهر العاشر أو الحادي وتكون مباراته النهائية في 28 نوفمبر تخليدا لذكرى الاستقلال الوطني.

ـ في مجال الإنشاءات قمنا بإعادة تأهيل عشرين فصلا دراسيا سلمنا مفاتيحها للإدارة الجهوية للتعليم قبيل افتتاح العام الدراسي المنتهي الآن ويمكن  أن نقول إنه لم يبق في البلدية إلا فصول قليلة لم ترمم إضافة إلى اقتناء بعض وسائل حفظ الماء وتوزيعها على المحتاجين لها.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في بلادنا؟

عمدة لعيون: تقويمي لواقع التعليم في موريتانيا  أنه واقع مزر وأن هذه الحالة فرضت نفسها على السلطات العليا في البلاد من أجل الاسراع في علا جه بطريقة شاملة وأنه يجب القيام بإجراءات متواصلة الأمرالذي يتطلب انتشاله من هذا الواقع  المتردي والأمر يتطلب وقتا وجهودا غير تقليدية.

موقع الفكر :ما تقويمكم لسنتين من حكم الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني ؟

عمدة لعيون : فلتأذن لي بأن أقول إن تقويمي وتقويمي هو تقويم عمدة سابق  يختلف عمن لم يتول هذا المنصب ، لأنها تجربة مرة تقوم على التمييز بين المنتخبين وذوي الصفات المشتركة على أساس مواقفهم ومواقعهم السياسية، وهذه الظاهرة السيئة اختفت واختفت في مجالات أخرى كما أسمع رغم أني مختص  والذي أعرفه من موقعي أن هذا شيء جيد وهو أن يعامل ذوو الصفة بنفس المعاملة وأعرف أن التحديات كثيرة، منها ما يرجع إلى ما فرضته جائحة كورونا ومنها ما ترجع أسبابه  إلى تراكمات اجتماعية وأن رئيس الجمهورية مطالب أن يزيد سرعة وتيرة تحركه لأن حجم المشاكل يتطلب ذلك.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الجريمة في موريتانيا؟

عمدة لعيون : هذا الموضوع فني ومتخصص وكل ما لدي من معلومات عنه هي معلومات مستقاة من وسائل التواصل الاجتماعي ولا شك أنها تحاط بهالة كبيرة ولا تنجو من استغلال، وتقويمي بصفتي  غير مختص وأعمل على ما لدي من معلومات وأقارنها بالسنوات المنصرمة  وأعتبر أنها نقصت ولكن تضخيمها واستغلال الحاصل  منها إعلاميا هو الذي تضاعفت نسبته. 

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الزراعة في موريتانيا؟

عمدة لعيون : أيضا بحكم عدم الاختصاص ولعل عمد شمامه أدرى بالزراعة مني ولكني أعتقد أن واقع الزراعة ما يزال يحتاج إلى أن يحسن وفيه قدرات يمكن استغلالها وهو واقع يحتاج إلى لفتة خاصة والاعتماد على ما وراء البحار في الحصول على الاحتياجات خطير وأثبتت أزمة الكركرات الماضية  خطورته. وبالتالي واقع الزراعة يحتاج إلى تطوير غير تقليدي لخطورة الاعتماد على ماوراء البحار.

هل من كلمة أخيرة؟

عمدة لعيون: أشكر في الختام جريا على عادة المقابَلين موقع الفكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.