ملتمس تأييد ومساندة لجمعية "إيثار" لدعم مرضى السرطان،/ الرئيس محمد فال بن بلال

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على نبيه الكريم، وبعد،

إن للشعب الموريتاني محامد وفضائل كثيرة، ومن أعظمها: المرونة الاجتماعية (la flexibilité, la résilience sociétale) والتكافل الاجتماعي (la solidarité, l’entraide sociale). استطاع بها الوقوف منذ القِدم حتى الآن في وجه عاتيات الزمن وحماية دينه ونفسه وهويته ووحدته وأرضه ودولته...أقصد بالمرونة قدرته على التحمل والتأقلم والتكيف بفعالية قصوى مع الظروف والمتغيرات والتحديات؛ وقدرته على البقاء مهما كانت الصعوبات. وأقصد بالتكافل استعداد جميع أفراده على العناية ببعضهم البعض في لحظات الضعف والأحزان.

لقد استطاع هذا الشعب تجاوز الصعوبات والمطبات عبر التكافل والتعاون وتقاسم الأعباء، وإنتاج الحلول الجماعية، واستشراف الأخطار المتوقعة، والأخذ بأيسر الاختيارات المتاحة، والتعافي بسرعة من الاضطرابات. واستطاع تأسيس دولة مركزية. وفرض لها الاعتراف الدولي. وبسط نفوذها على جغرافية البلد بما فيه من أمراء و مشايخ وقبائل. و واجه الكوارث الطبيعية والبيئية وموجات الجفاف التي سحقت منطقة الساحل، والتصحر، و زحف الرمال. وتصدّى للأوبئة الفتاكة (الكوليرا والملاريا،،،). وحارب الإرهاب والتطرف والغلو، إلخ...

حقق هذه الانجازات كلها في ظل بيئة اجتماعية حاضنة لقيم الدين والأصالة والأخلاق. وعض عليها بالنواجذ رغم تراجع البداوة والأصالة جراء "العصرنة" العشوائية (modernité aléatoire"؛ ولكن تغيرات كبيرة طرأت خلال ربع القرن الأخير.

أجل، إن المتتبع لأحوال البلد والمجتمع اليوم لا بد وأن يلاحظ ما صنعته عواصف العولمة بأجيال كاملة - رجالا و نساء - هم اليوم القوة الفاعلة في المجتمع والدولة. لا بد وأن يلاحظ ما خلّفته من جراح في الذات والوجدان، وتشويه في الثقافة العامة والسلوك والأخلاق ونمط الحياة. لا بد وأن يلاحظ تأثير خطوط الإعلام السريعة (les autoroutes de l’information) والهاتف والحاسوب والاقمار الاصطناعية والأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي على شخصية المجتمع الموريتاني الطيب أصلا، واللطيف، والسهل والمرن.. بدأت الأسرة تتفكك، والتكافل الاجتماعي يتراجع. و بدأت المرونة تتحول إلى "ميوعة"، والنعومة إلى قساوة، والطلاقة والألفة إلى غِلظة ..

في خِضم هذه التغيرات المتسارعة أصبح التضامن والتعاون أكثر وجوبا وأكثر إلحاحا. وبالفعل، تأسست - في السنوات الأخيرة -هيئات خيرية عملت مشكورة على مساعدة الضعفاء في تربية الناشئة وكفالة الأيتام وإفطار الصائم، الخ.. واليوم، هاهي بساتين الخير تزدان وتتجمل بشجرة مثمرة، مباركة لا سياسية ولا جهوية ولا قبلية؛ هيئة مدنية لمساعدة مرضى السرطان (les malades du cancer) تأسست على يد جماعة من أهل الخير يتقدمهم الرجل الفاضل سلام ولد عبد الله (انظر الصورة)، نائب گرو السابق .. إنهم فتية آمنوا بفضيلة التكافل والتعاون والإنفاق في أوجه الخير. زاروا مشفى السرطان في العاصمة، وشاهدوا من الحال ما أوقد فيهم مشاعر الرأفة والحنان، فقرروا إنشاء جمعية أطلقوا عليها إسم "إيثار" لدعم ومساندة المتساكنين مع هذا المرض الفتاك (أعاذنا الله وإياكم من كل سوء ومكروه).

ونظرا لحاجة المجتمع إلى التكافل والتضامن بشكل عام

ونظرا لحاجة مرضى السرطان بشكل خاص إلى من يساعدهم في مصاريف الأدوية الباهظة والمستلزمات الطبية والرعاية الصحية والنفسية،

ونظرا لشرف "إثار" وسمو أهدافها و سلامتها من الأغراض الدونية،

ونظرا لما يحظى به القائمون عليها من ثقة واستقامة والتزام،

ونظرا لما تميّزت به عملية تأسيسها من جدية وسخاء بالوقت والجهد والمال،

نظرا لهذا كله، فإني

أعلن دعمي ومساندتي لجمعية "إيثار"،

وأدعو أصدقاء ومتابعي هذه الصفحة إلى الدعاء لها بخير و دعمها و مساندتها،

وأرجو من فخامة رئيس الجمهورية والحكومة عمومًا و وزارة الصحة (خصوصًا) والبرلمان وبقية مؤسسات الدولة الرسمية والمدنية إلى مد يد العون والمساعدة لها ومنحها التسهيلات اللازمة والضرورية لتحقيق أهدافها الخيرية والانسانية المحضة.

معًا، وبعون الله، نهزم السرطان! (Ensemble, avec l’aide d’Allah, nous vaincrons le cancer)!

"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"..

صدق الله العظيم