حول حماية رمزية رئيس الجمهورية/ محمد المامي ملاي اعل

مفهوم حماية رمزية رئيس الجمهورية مفهوم جمهوري تقليدي معروف، وقد انبثقت عنه قاعدتان في فرنسا هما: قاعدة عدم جواز مساءلة رئيس الجمهورية عن أفعاله أثناء ممارسته للسلطة الواردة في المادة 68 من دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة لسنة 1958، والثانية: قاعدة تجريم المساس برمزية الرئيس عبر الإهانة أو التجريح، الواردة في المادة 48 من قانون 29/07/1881 المتعلق بالإعلام.

غير أنه مع دخول الألفية الثانية احتدم النقاش حول ضرورة تعديل هاتين القاعدتين، ونتج عن ذلك النقاش تعديلان دستوريان بتاريخ 19 يونيو 2001 و23 فبراير 2007 طالا المادة 68 من الدستور الفرنسي، فحصرا عدم مسؤولية رئيس الجمهورية في الأفعال التي ارتكبها أثناء مأموريته وكان لها ارتباط بمهامه دون تلك غير المرتبطة بها مستعينين بنظرية الأفعال المتصلة والأفعال المنفصلة من القانون الإداري.

نتج أيضا عن استمرار ذات النقاش التخلص من قاعدة تجريم المساس برمزية رئيس الجمهورية بهذه الصفة في فرنسا سنة 2013 وذلك بتعديل قانون 1881، لتسوى الإساءة لرئيس الجمهورية بالإساءة لأعضاء الحكومة والبرلمانيين والموظفين العموميين.

في موريتانيا احتدم النقاش مؤخرا حول هذه الرمزية في شقها المتعلق بعدم مساءلة رئيس الجمهورية عن أفعاله أثناء ممارسته للسلطة الواردة في المادة 93 من الدستور، مما جعل البعض يدعو صراحة لتعطيها، وكنت أتوقع أن يتم تعديل هذه المادة خصوصا أن الشق المتعلق بتجريم المساس برئيس الجمهورية بهذه الصفة الذي كان معاقبا بالمادة 35 من الأمر القانوني رقم 017/2006 المتعلق بحرية الصحافة الصادر 12 يوليو 2006، وكانت عقوبته غرامة من 200 ألف إلى مليونين، قد ألغي بالقانون رقم 054/2011 بتاريخ 24 نوفمبر 2011، وبموجبه أصبح تجريح الرئيس كتجريح الخواص.

غير أنني تفاجأت يوم أمس بالمصادقة على مشروع قانون متعلق بحماية الرموز الوطنية، يعيدنا بشأن حماية رمزية رئيس الجمهورية للوضعية الأولى أو أشد، ما يعني أنه لا نية لتعديل المادة 93 من الدستور، رغم أن التعديل أولى وأنجع وأبقى من التعطيل.