المحامية فاتمتا امباي في حوار شامل مع موقع الفكر: سجوننا أخطر مدرسة للإجرام 

الحقوقية فاتمتا امباي

قالت المحامية والناشطة الحقوقية "فاتمتا أمباي" إن وضعية السجون لم تتغير كثيرا في موريتانيا ولا زالت بؤرا لتعليم الجرائم وتعاطي المخدرات.

وأضافت المحامية أن الشرطة هي مصدر كل المشاكل المتعلقة بالقضاء على الجريمة حيث دأبت على التدخل بمحسوبية في القضايا المحالة إلى القضاء.

وفي تقييمها لأوضاع حقوق الإنسان بموريتانيا قالت: إن الواقع والممارسة يكشفان أن الإنسان في موريتانيا لا حقوق له ولا احترام.

وعن رؤيتها لتسوية ملف الإرث الإنساني ردت المحامية أن على الدولة أن تستدعي أصحاب القضية وتجلس معهم على طاولة الحوار وأن تدرك أن الإغراءات المادية ليست هي كل شيء.

وتناول الحوار محطات بارزة في حياة الناشطة الحقوقية وموقفها من التعريب وتجربتها مع السجن والاعتقال.

فإلى نص المقابلة:

موقع الفكر: في البداية نطلب منكم  أن تعرفوا المتابع بشخصكم الكريم من حيث تاريخ ومحل الميلاد ،وكذلك من حيث الدراسة والشهادات التي حصلتم عليها والوظائف التي تقلدتم ؟

المحامية فاتيماتا امباي: بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي على نبيه الكريم.

 شكرا لكم في البداية، أنا اسمي فاتيماتا امباي، محامية ومناضلة عن حقوق الإنسان، موريتانية الجنسية ودرست هنا في بلدي جميع دراساتي من الابتدائية حتى تخرجت من كلية الحقوق، وكنت ضمن أول دفعة تتخرج من جامعة نواكشوط، والتحقت بمجال المحاماة سنة 1988م. وما زلت فيه حتى الآن، ولدي ولله الحمد خبرة دولية، فأعمل تارة مع منظمة الأمم المتحدة، وبعض المنظمات الدولية حول حقوق الإنسان، وأنا ربة بيت ولدي أبناء وأخوات وإخوة، وإخوتي درسوا ولله الحمد وأصبحوا من الأطر، وبعضهم يعمل خارج البلاد، وبعضهم يعمل هنا في منظمات المجتمع المدني، وأهتم بمشاكل كل المواطنين ،وأتعاطف مع المظلومين منهم، ولدي علاقة طيبة بجميع الزملاء الذين أعمل معهم ويحترمونني كما أحترمهم ولله الحمد.

موقع الفكر: كيف كانت بداياتك مع ممارسة مهنة المحاماة؟

المحامية فاتيماتا امباي: الظروف كانت صعبة؛ لأنني كنت أول امرأة تلتحق بسلك المحاماة، وكان هناك حماس لدى الموريتانيين للانتماء لهذا السلك، لأنهم يرون أنه بإمكانهم من خلاله تغييرالعقليات والمشاركة في بناء الوطن، وبناء المؤسسات الشفافة وكذلك إسناد المواطن الضعيف، ولما التحقت بسلك المحاماة كانت هناك المحكمة العسكرية الخاصة، وكان فيها الكثير من كبت الحريات،  ولكن بعض المحامين كان له دور في تغيير ذلك النمط؛ فالمحامي الآن لم يعد كما كان وإنما تطور كثيرا، أتذكرأنني حين كنت طالبة في الجامعة عندما تقع محاكمة يحضر لها الطلاب وكان المحامي حينها محل تقدير، وجميع الطلاب يودون لقاءه والحديث معه، حتى يقتبسون من أسلوبه وشخصيته، وطريقة لبسه، وكنا نرى بعض المحامين نظن أنهم ليسوا موريتانيين لما يتميزون به، وكانوا معتزين بمهنتهم،أما الآن فقد تغير الأمر كثيرا.. إذ لم يعد بإمكانك أن تميز بين المحامي والمواطن العادي.

موقع الفكر: ما أهم القضايا التي دافعتم عنها؟

المحامية فاتيماتا امباي: أذكرأن أول ملف عملت فيه كان يتعلق بمقتل شاب أجنبي من دولة غانا قتل في مقاطعة واد الناقة، وهو ملف مشهور يسمى "ملف ايجناون" وكنت حينها مجرد متدربة ولم أدخل السلك بشكل رسمي، وبعد ذلك دخلت مجال الملفات السياسية المتعلقة بمعتقلي الرأي مثل ملفات أحمد ولد داداه ومسعود ولد بالخير وحابه ولد محمد فال وولد ابريد الليل، وصاحب مؤسسة النهر باب سيدي عبدالله ،وكذلك ملفات البعثيين والإسلاميين ،وفرسان التغيير ،وملفات أخرى عديدة..وسبق أن تعرضت للاعتقال قبل التحاقي بسلك المحاماة ،وذلك بعد تخرجي في الجامعة، وهذا هو السبب في عدم تأديتي لليمين عام 1986م. وجاء الاعتقال بعد أن شاركت في مؤتمر الطلاب العرب في ليبيا بصفتي عضوا في اللجنة الوطنية للطلاب، وحين رجعنا بدأنا في تشكيل مكتب يسمى "اتحاد الطلاب الموريتانيين"، ووقع خلاف بين الطلبة خلال انتخاب أعضائه وبعد انصرافنا اعتقل بعض الطلاب والأساتذة بتهمة المشاركة في كتابة الميثاق الزنجي الموريتاني، وقام بعض الطلاب بمظاهرات من أجل إطلاق سراح أساتذتهم؛ لذلك تم اعتقالنا، وكان وعي الطلاب وتحمسهم في تلك الفترة منتشرا أكثر مما هو واقع الآن وكنا نكتب المناشير ونوزعها وأذكر أنه تم اعتقالنا أثناء توزيع المناشير.

موقع الفكر: كيف كانت ظروف الاعتقال؟

المحامية فاتيماتا امباي: ظروف الاعتقال كانت صعبة؛ لأنني تعرضت فيها للتعذيب النفسي والجسدي حتى فقدت الوعي، وقد تعرضت "للجكوار"،  وأذكر أن الشرطي المشرف على التعذيب كان يستفزني بقوله إذا مت سنأتي بطيب ليكتب لنا شهادة طبية أن موتك كان موتا طبيعيا، والغريب أن الشرطي الذي كان يعذبني دافعت عنه بعد ذلك عندما كنت محامية وكان ضمن بعض الشرطة المتهمين في ملف المخدرات وقد توفي بعد ذلك رحمه الله.

موقع الفكر: كم كانت فترة السجن؟

المحامية فاتيماتا امباي: قضيت في السجن ستة أشهر وكانت معي أختي الصغيرة التي أبت إلا أن ترافقني مع أن لديها 14سنة فقط ومما آلمني أنها تعرضت للتعذيب أيضا كما تعرضت للاغتصاب، وكنا في السجن المدني ( المكان الخاص بالنساء ) وكانت هيئة المحامين تتولى الدفاع عني؛ لأنني قبل الاعتقال كنت قد سجلت من أجل الالتحاق بهيئة المحامين، وعلق تسجيلي بعد أن أمضيت محكوميتي في السجن، وأذكر أنني داخل المعتقل كنت أحتج على الشرطة حين أشاهد تعذيب الآخرين دون إنسانية، كانت ظروف اعتقال النساء صعبة فقد كانوا يجمعونهن في بيت واحد وليس به فراش، ويمنعونهن من الخروج حتى للصلاة وقضاء الحاجة، وكنت أرفض تلك المعاملة وأقول لهم ذلك، وأذكر من مشاهد قساوة الظروف أن بعض النساء كن يلدن داخل المعتقل نتيجة منعهن من الذهاب إلى المستشفى وكنت أسعى لمساعدتهن والإشراف على إنفاسهن، رغم أنني لست خبيرة بالمجال، وكانت تأتينا امرأة نصرانية بسجن بيلا (سجن النساء) وكانت تعلمنا بعض المهن مثل التطريز، وكيفية تربية الأبناء، وقد تعلمت منها الكثير، أما الوجبات الغذائية فقد كانت رديئة بكل معنى الكلمة ،مع أنني أنا وأختي كان يأتينا الطعام من خارج السجن وأحيانا يصلنا وأحيانا لا يصلنا، ولاحظت أيضا أنه كان يقع التمييز في تعامل الشرطة مع المعتقلات خصوصا الأجنبيات منهن، أما أنا وأختي فقد كانوا يعرفون أن ملفنا ملف سياسي؛ لذلك لم تكن معاملتنا بحجم معاملة المعتقلين الآخرين لكن لم نكن نرتاح نفسيا ولا إنسانيا ونحن نشاهد الآخرين تداس كرامتهم أمامنا ولذلك لم نكن نسكت عما يحدث أمامنا، ويمكن القول باختصار إنها كانت مرحلة صعبة ،وخرجنا بعدها من السجن دون عفو بعد أن انتهت الفترة المحددة لنا، وبعد خروجنا عزمت على أن أكون محامية وتلك رغبتي منذ الصغر، وتعززت بعد دخولي للسجن لما شاهدته من الآلام ،والتي شكلت لدي قناعة حول أهمية المحاماة ومساندة الضعاف

موقع الفكر: وضع السجن الآن من ناحية الغذاء والظروف هل تغير بالمقارنة مع فترة اعتقالكم؟

المحامية فاتيماتا امباي: لم يتغير شيء كثير، فعلا أصبح لديهم حمامات لكن لا يهتمون بتنظيفها، والسجين مهما بلغ يظل إنسانا ويستحق المعاملة الانسانية مهما كانت هويته وجنسيته، هذا من ناحية، من ناحية أخرى نحن بذلنا الجهد في المطالبة بتغييروضعية السجون وقد تغير وضع الغذاء قليلا، لكن المشكلة أن حراس السجن أحيانا يأكلون أطعمة السجناء المقدمة لهم بغير حق للأسف، ويوجد في السجن بعض المرضى الذين هم أصحاب حالات خاصة مثل أهل السكري والقلب وكان ينبغي أن يكون لهم نظام غذائي خاص، والمشكلة أن الأهالي قد يأتون السجناء بالأكل لكن الحراس لا يوصلونه إلا بعد التفتيش وهذا يعرض غذاء السجناء للجراثيم والتلوث، وأحيانا إذا كان الطعام جيدا فإن الحرس يستأثرون به، وحجتهم في تفتيش الطعام أنهم يبحثون إن كان طعام السجناء قد أدخل إليهم معه سلاح أبيض أو مخدرات، لكن الدولة ينبغي أن توفر وسائل حديثة لتفتيش أغراض السجناء وأطعمتهم بطرق غيرهذه الوسائل البدائية التي تعرضهم للخطر.

موقع الفكر: هل تزورين السجناء الآن وما هي الحقوق التي يفتقدونها ووضعية ترتيب السجناء؟

المحامية فاتيماتا امباي: نعم أزورهم الآن، أما عن ترتيب السجون فقديما كانوا يجمعون أكثر من 10 أشخاص في زنزانة واحدة وإذا مرض أحدهم لا يقومون بعزله ولا يأتونه بطبيب ويمكنه أن يقضي فترة بتلك الحال إذا لم يكن لديه محام، وتقوم الأسرة بالتحرك من أجل إيصاله إلى الطبيب، وقضية السجناء وإيصالهم إلى المستشفى ما تزال تمثل مشكلة كبرى.

موقع الفكر: من يتحمل المسؤولية فيما يحدث هل تقع على الوزارة أم إدارة السجن؟

المحامية فاتيماتا امباي:  المسؤولية في هذا تقع أولا على إدارة السجون ،وثانيا على وكيل الجمهورية ،وثالثا على القاضي المكلف بزيارة السجون ،والمسؤولية الرابعة على مفتشية القضاء الموجودة في وزارة العدل ،وعلى المدعي العام لدى المحكمة العليا أيضا أن يزور السجون حتى يطلع على وضعيتها، والوزير ليس لديه الوقت الكافي لمثل هذه المتابعات وليست مسؤوليته المباشرة.

فالسجون قد تطورت كثيرا من حيث البنى التحية وقد تم ترميم بعضها مثل سجن دار النعيم والسجن المركزي وسجن النساء، لكن  أرى أن ذلك لا يكفي وحده وإنما ينبغي أن تتحسن وضعيتها من حيث الصيانة، وأن يتم تنظيفها من حين لآخر حتى لا تكون بؤرة للجراثيم وأن يتم عزل أصحاب الأمراض الخاصة والمعدية عن باقي السجناء وأن يتم الاهتمام بنظامهم الغذائي، وهناك مسألة أخرى مهمة جدا وهي أنه ينبغي، بل يجب أن يكون للسجن طبيب خاص داخله، فعلا أحيانا يجدون بعض الأطباء ولكنهم ليسوا رسميين ، وإنما هم أصحاب منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة الصليب الأحمر التي تأتيهم أحيانا ببعض الأدوية، لكن لا قيمة لها لأن المسجونين يتم منعهم من انتظام استعمالها، وقد تنتهي صلاحيتها، وهناك مسألة أخرى يتم الإخلال بالقانون فيها، فالقانون ينص على ترتيب السجناء حسب جرائمهم فأصحاب السوابق العدلية مثلا لا يمكن أن يتم جمعهم مع أصحاب الجرائم الذين لم يسبق لهم دخول السجن وأعرف شخصا عشرينيا عانى كثيرا من هذا الأمر، حيث تم وضعه مع كبار المجرمين وتم الاعتداء عليه بالسلاح، وهذا يفرض أن يتم عزل أصحاب الجرائم الخطيرة ،خصوصا من صدر عليهم الحكم بالإعدام عن بقية السجناء، فهذه مسائل قانونية مهمة لكن لا يعبأ بها مثل كل قضايا المجتمع.

موقع الفكر: من دخل ابنه السجن هل سيخرج منه صالحا أم أفسد مما كان؟

المحامية فاتيماتا امباي: أعتقد أن السجن هو أخطر مدرسة للجرائم ويتم فيه تعاطي المخدرات بين المعتقلين فأحيانا يسجن أشخاص أبرياء لم يعهدوا مثل هذه الأمور ولا يخرجوا من السجن إلا وقد أدمنوا على تعاطي المخدرات .

موقع الفكر: هل يتوفر السجن على المرافق الخدمية الضرورية(مسجد ومطعم وأمكان لممارسة الرياضة)؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا يوجد به مطعم وإنما يوجد به فريق مسؤول عن الطبخ ،وهذا الفريق نفسه لم يعد يتولى تلك المسؤولية ،وإنما يستخدمون بعض السجناء لذلك، وحين ينتهي الطعام لا يتم توزيعه بطريقة عادلة، وفي السجن أيضا لا توجد بقالات رسمية وإنما أحيانا بعض الحراس والسجناء يفتحون شبه محلات ،وأحيانا تقع مشاكل كثيرة حول عدم تسديد بعض السجناء للديون ،ويتم تهديدهم بالقتل من طرف الدائنين ،وتتحول القضية إلى حرب عصابات ،وهذا يوجد كثيرا في سجن دار النعيم وسجن ألاك وفي السجن المركزي ما زال يوجد شيء من ذلك،  معتقلو السلفية الجهادية يقومون بمساعدة الناس وتعليمهم، غير أنهم قد لا يتمكنون من تعليم السجناء الذين لا يخالطونهم كثيرا، والمشكلة أن العسكريين قد يأتون السجن ليلا بحجة التفتيش ويقومون بضرب السجناء دون أن يعلم السبب الذي من أجله ضربوا، وكانت آخر مرة يتم فيها ضرب السجناء في سنة 2019م. قبل أن تقوم الحكومة بتحويل بعض السجناء إلى الداخل، مثل من تم تحو يلهم إلى سجن بير أم اكرين وانبيكه و ألاك.

موقع الفكر: لماذا لا يطرح المحامون مسألة السجناء؟

المحامية فاتيماتا امباي: طرحنا ها عليهم فأنا كنت في الأيام الماضية مع وزير العدل، وطرحت عليه بعض الملفات التي لم يتم النظر فيها وقد مضى عليها الكثير من الزمن، جرى اللقاء بصفتي محامية وما زلت أنوي لقاءه بصفتي حقوقية، وقد كلمته في ملفات بعض السجناء منهم مرضى عقليا وبعض السجناء الأجانب، فاعتقال السجناء المجانين لا معنى له، لأنه يجب أولا أن يذهبوا للمستشفى حتى تتم معالجتهم، وكذلك السجناء الأجانب الذين لا يوجد لهم أهالي هنا، لا ينبغي تحويلهم إلى الداخل؛ لأنهم لن يجدوا من يمكنه أن يترجم عنهم، وقد يتعرض لبعض المشاكل، فالسجن يعيش أوضاعا مزرية لدرجة أنني أعرف أشخاصا كنت أتابع مشاكلهم وقد ماتوا داخله خلال السنوات الأخيرة نتيجة المرض والإهمال فقد كنت أتابع ملفات ثلاثة سجناء وقد هلكوا، وآخرهم كانت وفاته في سنة2018م.  ولم يتلق العلاج ،وكان مصابا بمرض عقلي وكان أهله يأتونه بالدواء ولكن تم تحويله إلى سجن "بير ام اكرين" رغم أننا طالبنا بعدم تحويله بسبب ظروفه الصحية لكننا لم نجد آذانا صاغية وأصيب بإسهال شديد هلك بسببه.

موقع الفكر: ما المعايير التي على أساسها يتم تحويل السجناء إلى الداخل؟

المحامية فاتيماتا امباي: تلك المسألة تخضع للفترة التي حكم على المسجون بها فمن كانت فترته فوق 5 سنوات في العادة يتم تحويله إلى سجون الداخل حتى يخففوا على السجون بالعاصمة وكذلك بسبب أنه تم بناء سجون بالداخل لا نزلاء بها في حين أن السجناء بالعاصمة مكتظة.

موقع الفكر: هل لديك نماذج من بعض السجناء الذين سجنوا لأسباب تافهة وانتهت فترتهم ولم يتم إطلاق سراحهم ؟

المحامية فاتيماتا امباي: مثل تلك الحالات أكثرها يكون من الشباب الذين ما زالوا صغارا ،ويتم سجنهم لأسباب تافهة مثل سرقة شيء تافه مثل سرقة قنينة غاز أو زوج نعل، لكن التهمة التي تلفق لهؤلاء في الغالب ليست سرقة ذلك الشيء الزهيد وإنما تتم صياغتها ب " تكوين جميعة أشرار" ، وعندما ننظرالملف سنجد أنه سرق تافها، لكنه وصل في الوقت غير المناسب، وربما كان معه سلاح، ومن أسباب طول فترة اعتقال هؤلاء أيضا أن يصل أحدهم السجن رفقة إحدى العصابات ويحسب منهم ويطبق عليه ما يتم تطبيقه عليهم.

فأنا لا أبرء مثل هؤلاء فمن بينهم مجرمون حقيقيون.

موقع الفكر: هل هناك نماذج من أشخاص انتهت محكوميتهم  ولم يتم إطلاق سراحهم أو أشخاص طلب منهم تسديد ما سرقوه ولم يفعلوا ذلك فظلوا في السجن؟

المحامية فاتيماتا امباي: مسألة الإكراه لم تعد موجودة وإنما يوجد فقط الإكراه البدني فمن سرق شيئا وطلب منه تعويضه ولم يفعل يدخل في السجن لمدة تتراوح ما بين شهرين إلى 6 أشهر وحين تنتهي تلك المدة يفترض أن يطلق سراحه لكن الطرف المدني من صلاحياته أن يعترض على إطلاقه حتى يسدد ديونه لكن هذا يترتب عليه شيء وهو أن الطرف سيصبح مسؤولا عن التكاليف الغذائية للمعتقل.

موقع الفكر: تعيش العاصمة وضعية أمنية مزرية ،والشرطة تقول إن العصابات التي تعتقل تحيلها إلى العدالة لكن العدالة تطلق سراحهم فما رأيك في ذلك؟

المحامية فاتيماتا امباي: الشرطة هي مصدر جميع المشاكل في مثل هذه الأمور فنسبة القضايا التي تصل للمحاكم قليلة بالمقارنة مع القضايا التي تحدث يوميا لكن الشرطة تتدخل بمحسوبية في بعض الملفات فمثلا تجد من يسرق أموالا كثيرة ويقوم بعملية رشوة للشرطة حتى لا تتم إحالته إلى العدالة ،وبالتالي يصبح الموجهون إلى العدالة هم الضعاف فقط.

موقع الفكر: هناك انتقادات لحالات العفو عن سجناء الحق العام؟

المحامية فاتيماتا امباي: العفو ينبغي أن يشمل فقط من ارتكب جريمة عادية وقضى فترة طويلة في السجن ولديه وضعية خاصة مثل المريض، ورئيس الدولة وحده من يملك حق العفو، أما السجناء الذين وقع عليهم القصاص فالتعامل معهم يخضع لمسألتين، الأولى: إذا كان هناك شخص مثلا قد قتل شخصا ودفع الدية ووقع التصالح بين الأهالي حينها يمكن للرئيس أن يعفو عنه، أما المسألة الأخرى فهي القضايا التي ليس فيها طرف مدني ،وإنما هي حق الدولة فهذه يحق للرئيس أن يصدر فيها عفوا، لكن بشرط أن يكون هذا الشخص ضعيفا ومريضا ولا حول له ولا قوة، ويمكنني القول إن أغلب ما يقع في مثل هذه الأمور خاضع لاستخدام العلاقات والمحسوبية والنفوذ فهناك أشخاص يستحقون العفو ولم يجدوا ذلك، وإنما يستفيد من العفو من كان لديه تدخلات، فخلال العشرية الماضية كان العفو يمنح لمن دفع 50 ألف أوقية، ومن لم يدفعها لا يستفيد من العفو، فقد كانت لدي ملفات وقدمتها لكي يستفيد أصحابها من العفو، وقال أصحبها إنه طلب منهم دفع مبلغ 50 ألف أوقية، وقد أمرتهم بعدم دفعها؛ لأنها غير شرعية، ولم يدفعوا؛ لذلك لم يستفيدوا من العفو.

موقع الفكر: ما  تقويمكم لراهن حقوق الإنسان في موريتانيا بين الأمس واليوم؟

المحامية فاتيماتا امباي: من الناحية القانونية يمكنني القول إننا كسبنا الكثير من القوانين والاتفاقيات التي تصب في مصلحة حقوق الإنسان، لكن من ناحية الواقع والممارسة نجد أن الإنسان في موريتانيا لا حقوق له ولا احترام، والمواطن الموريتاني لا يحسن فهم حقوق الإنسان الحقيقية ،ويظن أنها مجرد شعارات يرفعها الغرب ولا يدرك أن الإسلام هو أكبر راعي لحقوق الإنسان؛ لأن القرآن يقول: "ولقد كرمنا بني آدم" . وهذا يكفي.

موقع الفكر: هناك بعض القوانين قد لا تناسب المجتمع مثل القوانين التي تخص المرأة وتعطيها ميزات أكثر على حساب الرجل، ما هو رأيك في ما يسمى قانون الأسرة؟

المحامية فاتيماتا امباي: بالنسبة لي قانون الأسرة الموريتاني ليس فيه ما يخالف الشريعة مخالفة صريحة، وإذا كان الأمر كذلك فسنقف جميعا بالمرصاد ضده؛ لأن مجتمعنا له ضوابط شرعية واجتماعية يجب التقيد بها،عكس المجتمعات الغربية، مثلا المرأة في الغرب حين تثور على العادات الاجتماعية ولا تلتزم بقواعد الأسرة يتبرؤون منها ،وتصبح حرة تفعل ما تشاء، وتذهب مع من تشاء وتنقطع علاقتها بأسرتها، أما قانون الأسرة عندنا فهو قانون محترم ليس فيه ما يخالف الشريعة ويحتوي على أمور مهمة تضبط العلاقات الزوجية التي تقتضي احترام الزوجة وتقديرها في جميع الحالات، سواء كان زواجا أو طلاقا، كما يجرم المعاملات السيئة التي تتعرض لها المرأة في بعض المجتمعات كالضرب، وما يتم الحديث عنه من ظاهرة ضرب المرأة لدى مكون معين لم يعد كما كان، وإنما أصبحت تلك الظاهرة منتشرة بين جميع المكونات، ولم يتعرض قانون المرأة لموضوع تعدد الزوجات وإنما وضع حدا لبعض المسلكيات مثل الاعتداء الجسدي ،لأنه تصرف لا أخلاقي ولا إنساني ولا إسلامي، وليست هناك أية دولة في العالم مهما كانت ستقبل به.

موقع الفكر: هل شاركتم في التسوية التي قام بها الرئيس السابق ولد عبد العزيز حول الإرث الإنساني؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا، لم أشارك فيها بصفة شخصية، وإنما قمت بتبني الملف ضمن أعضاء الجمعية الموريتانية لحقوق الإنسان،التي كنت أتولى رئاستها وطالبنا حينها فيه بإنصاف "منظمة الأرامل واليتامى" وهي منظمة لبعض ضحايا الإرث الإنساني، وتجدر الإشارة إلى أن هيئات المجتمع المدني لم تشارك في قضية تصفية الإرث الإنساني.

أرى أن قضية الإرث الإنساني سبقت ولد عبد العزيز وولد الشيخ عبد الله ،وأعتقد أن الرئيس معاوية كان يفكر في حل لها، وربما هذا هو السبب في الانقلاب، وحين وقع الانقلاب قامت الحكومة الانتقالية بتنظيم مبادرات للإرث الإنساني شاركت فيها هيئات المجتمع المدني وجميع الأطر وناقشنا فيها جميع القضايا التي تخص الموريتانيين، ومن بينها قضية الإرث الإنساني، وأذكرفي هذا السياق أنه قبل تنظيم تلك المبادرات استدعاني الرئيس السابق اعلي ولد محمد فال رحمه الله في القصرالرئاسي رفقة بعض الأطر مثل صارمامادووبوبكرمسعود والشيخ سعدبوه كامارا، وحين أتيناه أخبرنا أن لديهم لجنة تم تشكيلها لتسوية مشكل الإرث الإنساني وستذهب إلى ابروكسيل لمناقشة هذا الأمر، وطلب منا مرافقتها للمشاركة فيما ستقوم به، وقلت له إننا سنذهب لكن على أساس أن يكون لنا دور نلعبه في الأمر، وأن نشارك في المبادرات التي ستنظم حول هذا الأمر وأن تكون كلمتنا مسموعة فيما سنذهب إليه، وأننا لا نريد فقط أن نذهب في الرحلة ونبقى في الفنادق وكأننا آلات أو أمتعة ،وعلق بوبكر مسعود بأن هذا صحيح ،وضحك الرئيس وقال لي:" أهيه أنت ألا مزلت بطبيعتك ذيك "، وفي النهاية لم نسافر معهم لأننا لم نتوصل إلى حل في تلك النقطة، وتم تنظيم المبادرات بعد ذلك وتم الاتفاق فيها على 23 نقطة، ستقوم بها الدولة من بينها رجوع المواطنين الموريتانيين الذين تم طردهم واسترداد الحقول الزراعية ،وحل مشكل الحالة المدنية ولم يتحقق شيء من تلك النقاط في فترة الرئيس اعل؛ لأن حكومته  كانت حكومة انتقالية وحين جاء الرئيس ولد الشيخ عبد الله قام بتنفيذ بعضها مثل عودة اللاجئين، حيث عاد36 ألفا وحين وقع الانقلاب على ولد الشيخ عبد الله توقفت المتابعة في بقية النقاط، وقامت الحكومة الجديدة بتعيين أفراد من الزنوج في وظائف سامية ومنها وزير للعدل، مثل الأستاذ با، وتم تشكيل لجنة لتسوية مشكل الإرث الإنساني، وكانت تلك اللجنة تفكرفي تنظيم مبادرة حول هذا الأمر وقلت لهم إن تلك المبادرة لا يمكن أن تتم بدون مشاركة أهالي الضحايا.

موقع الفكر: يرى  البعض أن ذوي الضحايا حصلوا على تعويض في زمن الرئيس معاوية فهل ذلك صحيح؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا، ليس صحيحا لم يتم تعويضهم، أذكر أن منظمة الأرامل واليتامى نظمت مسيرة ذات مرة باتجاه أركان الجيش،وأخبرتهم الحكومة أنها ستعوضهم فقالوا إنهم لا يريدون التعويض ،ومستعدون للمسامحة، لكن بشرط أن يدلوهم على مكان دفن الضحايا ،ويبرروا لهم سبب قتلهم ،ويعترفوا بالخطأ الذي ارتكبوه تجاههم، فقال لهم الرئيس إنه يود تسوية القضية وسيعوضهم بمنازل في منطقة "سيتى ابلاج" ،فرفضوا ذلك وعرض عليهم "دفتر المعاش" ،فرضوا ذلك أيضا دون إعطاء مبرر لقتل ضحاياهم، وبعد تلك المرحلة انقسمت منظمة الأرامل إلى قسمين، قسم تقوده الوالدة الحقوقية "هولي صل" والقسم الآخر يقوده الحقوقي "سي آبو" ،ووافق القسم الأخير على عرض الحكومة المتعلق بدفتر المعاش واستفادو من مبلغ يتراوح بين 700 ألف ومليون600 ألف، ودفعت لهم دفاتر معاش، وأنا شخصيا لدي ملف ضد أحد المنخرطين في المنظمة أخذ دفتر معاش وهو لا يستحقه؛ لأنه بعد انقسام المنظمة اختلط الحابل بالنابل وأصبح الكل يأتي ويقول إن لديه ضحايا.

موقع الفكر: ما تقويمكم للإجراءات التي اتخذ الرئيس ولد عبدالعزيز في موضوع التسوية؟

المحامية فاتيماتا امباي: ولد عبدالعزيز لم يتعرض لهذا الجانب، فقد استدعى "سي آبو" ذات مرة وأعطى ميدالية للحقوقية "راكي باري" وهي إحدى أرامل المنظمة التي اقتربت من الحكومة، أما القسم الآخر الذي تقوده " هولي صل " فلم يفعل له شيء، مع أن هذا القسم هو الذي يناضل عن حقه ولم يبع قضيته مقابل مصلحة شخصية، وذات مرة قرر ولد عبدالعزيز زيارة مدينة كيهيدي للحديث حول موضوع الإرث الإنساني وقلت أنا - رغم أن كيديهي مدينتي - وقد وقع فيها شيء من المآسي إلا أنها ليست من أكثر المدن ضحايا في هذا المجال.

موقع الفكر: اعتذرالرئيس السابق ولد الشيخ عبدالله في خطاب شهير عن تلك  الأحداث المأساوية  وقال إن الدولة تتحمل المسؤولية الكاملة عن ما وقع، ما رأيك في تلك الخطوة؟

المحامية فاتيماتا امباي: أنا أدخل تلك القضايا بصفتي محامية، لكن حين يكون لدي ملف أريد تسويته مع طرف مدني هناك أمور حساسة أحاول أن أتجنب الحديث فيها، طبعا بالاتفاق مع زبوني الذي أحامي عنه، فيمكن أن يعطيني الوكالة لكن بعض الأمور قد أعرضها عليه ويرفضها.

موقع الفكر: ألم يعط الرئيس محمد ولد عبدالعزيز تعويضات مادية لذوي الضحايا؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا علم لي بذلك، والتوزيعات التي تحدثتم عن أنها وقعت في " السبخة " لا علم لي بها كذلك، ما أعرفه أنه كانت هناك منظمة تشمل العسكريين والموظفين في الدولة، وتم جرد أسمائهم على أساس أنه سيتم منحهم امتيازات بدل الفترة التيعم لوا فيها بالوظيفة العمومية، وتراوحت تلك الامتيازات ما بين 800 ألف أوقية حتى مليوني أوقية زيادة، وقد عاد بعضهم ولم يعد الآخر، وأنا أتابع الموضوع ، والآن قد راسلت وزارة الداخلية في الموضوع والأسبوع الماضي راسلت وزارة المالية، وقد وكانت هناك لجنة وزارية مكلفة بهذا الأمر وفيها وزير الوظيفة العمومية ووزيرالمالية ووزيرالداخلية شكلت خلال عامي: 2012-20213م.

وهناك مشكلة في موريتانيا تتعلق بتعامل الإدارة، وهو أنه إذا كانت هناك تعويضات أو امتيازات أعلن عنها فلن يستفيد منها الجميع بعدالة، فقد يحصل عليها البعض دون البعض، فالمفصولون من شركة اسنيم حصلوا على تعويضات، في حين أن المفصولين من صندوق الضمان الاجتماعي لم يحصلوا على حقوقهم، ولدي ملفاتهم أتابعها الآن أمام القضاء.

موقع الفكر: ما هو تصوركم لتسوية ما يسمى بالإرث الإنساني؟

المحامية فاتيماتا امباي: يجب أن نفهم أولا أن الضحايا لا يريدون تصفية الحسابات، وإنما يريدون أساسا معرفة سبب ما وقع، وكان لدي تقرير سبق وأن كتبه العقيد ولد ابيبكر رحمه الله، وبعث به إلى الرئيس السابق ولد عبد العزيز ،وقال له فيه إن المعايير التي يتخذونها لتسوية القضية ليست معايير شفافة ،وإن هناك فترة تمتد من سنة 1989 حتى سنة 1997، ضحاياها معروفون، سواء من المدنيين أو العسكريين،وبالتالي لا ينبغي أن تتم زيادتهم بملفات أخرى أقدم من ذلك، ذلك أن ولد عبد العزيز قد زاد هذه الملفات بملفات من الستينيات.

 أما تصوري أنا شخصيا حول موضوع تسوية الإرث الإنساني فأرى أن الدولة ينبغي أن تستدعي أصحاب القضية مثل الأرامل واليتامى وتجلس معهم على طاولة الحوار وأن تدرك أن الإغراءات المادية ليست هي كل شيء، ولن تكون حلا مرضيا، وأن تدرك أيضا أن بعض المجتمعات ليست لديها مشيخة تتكلم باسمها، وبالتالي لابد من الحديث مع أصحاب الضحايا أنفسهم.

موقع الفكر: هل تقرضين الشعر وبأي لغة تقرضينه؟

المحامية فاتيماتا امباي: نعم ولله الحمدلله، أقرضه باللغتين العربية والفرنسية.

موقع الفكر: هل سبق أن كنتم عضوا في حركة سياسية أو أيدولوجية؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا لم أنتم يوما لحزب سياسي؛ لأنني أعتبر نفسي شخصية متمردة، ولا أحب التنظيمات التي أتلقى فيها الأوامر .

موقع الفكر: مارأيكم في واقع العبودية في مجتمع الفلان؟

المحامية فاتيماتا امباي: في مجتمع الفلان توجد مظاهر من ذلك للأسف، خصوصا في المناسبات الاجتماعية، وقد كانت لدينا آثار من ذلك تتعلق بالطبقية.

موقع الفكر: هناك من يقول إن الحقوقي الفلاني يكيل بمكيالين، حيث يهتم بمناهضة العبودية في مجتمع البيظان ،ويتجاهلها في مجتمعه، كيف تردون؟

المحامية فاتيماتا امباي: هذا ليس صحيحا،  ففي المنظمة التي أتولى ـ شخصياـ رئاستها نهتم بمناهضة العبودية بشتى أنواعها وأشكالها ،وفي جميع المجتمعات، لأنني أعتبرها كارثة إنسانية ،ولا ينبغي أن تقبل لدى أي مجتمع.

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لسنة ونصف من حكم الرئيس محمد الشيخ الغزواني؟

المحامية فاتيماتا امباي: تقويمي مثل تقويم الكثيرين، وهو أنني لا زلت أعلق عليه الكثير من الآمال ،رغم أنه وجد أمامه بعض الملفات المعقدة، مثل قضية الإرث الإنساني وواقع الاقتصاد.

موقع الفكر: هل القضاء الموريتاني مؤهل لمحاكمة الرئيس السابق محمد عبد العزيز؟

المحامية فاتيماتا امباي: نعم مؤهل لذلك حقا.

موقع الفكر: بصفتك محامية هل كنتم تودون الدفاع عن الرئيس السابق؟

المحامية فاتيماتا امباي: لا لم أفكر في ذلك ولله الحمد ،رغم أنه اتصل بي يريد ذلك، ولكنني أحببت أن أختار موقف الحياد من قضيته ،لأنني أعتبر أن المتهم بريئ حتى يثبت العكس ،ولديه كامل الحق في أن يدافع عن نفسه ويختار من يدافع عنه، كما يحق للدولة نفس الشيء ،وأي شخص ناشط في المجتمع المدني يمكنه في أي وقت أن يطرح شكاية ضد ولد عبدالعزيز.

أما أنا فإنني لم أتدخل في قضية ولد عبد العزيز، وأكتفي فقط بمراقبة ملفه، هل سيمنح له الحق في الدفاع عن نفسه ،وهل العدالة الموريتانية تمتلك من الأنصاف ما يمكنها من اتخاذ الحكم الصحيح، وقد سبق لي أن عملت في ملفات دولية، مثل ساحل العاجل حيث كنت ممن أعد التقرير الذي حوكم على أساسه اغباغبو، وكذلك عملت في لجنة تحقيق بوسط إفريقيا، ووضعنا تقريرا لدى مجلس الأمم المتحدة عن الواقع هناك، وآخر لجنة أشارك فيها لجنة تحقيق في شأن قتلى كونو كنشاسا، ولدي تجربة طويلة في هذا الميدان، ولا أحب دخول الملفات، لأنك ستكون طرفا، أما إن اكتفيت بأن تكون مراقبا فإنك ستكون حياديا؛ مما يمكنك من أن تحكم بشكل موضوعي.

موقع الفكر: كيف تصفين واقع اللغة العربية في مجتمع الفلان؟

المحامية فاتيماتا امباي: واقعها جيد ولله الحمد، فالفلان أصلا لم يكونوا يعرفون لغة رسمية غير اللغة العربية،لكننا نحن شعب لدينا إرث تركه المستعمر حول صراع اللغة العربية واللغة الفرنسية، والمدارس الموريتانية من قبل كانت مزدوجة وأهلها يتكلمون بالعربية والفرنسية ، وكذلك حال بقية الدول العربية فهي مزدوجة، فلماذا نحن الآن نريد منع أولادنا من تعلم لغات أجنبية أخرى نفعها أكثر من ضرها ،وكذلك المثل الحساني يقول :" أحكم أحكم اتزيد أحكيم "، وما يتحدث عنه البعض من أن الفرنسية لم تعد لغة عالمية ،فهوأمرغير صحيح ،فهي تحتل الآن المرتبة الثانية عالميا بعد الانجليزية .

موقع الفكر: في نهاية هذا اللقاء نتقدم بجزيل الشكر للمحامية الموقرة فاتيماتا امباي على ما أتحفتنا به.