الدكتور محمد أحمد ولد الحاج سيد في حوار شامل مع موقع الفكر/ موريتانيا دولتنا جميعا.. ونحن مطالبون بترقيتها وحمايتها

قال المحامي والأستاذي الجامعي الدكتور محمد أحمد والحاج سيد إن الموجود من السجون بموريتانيا مجرد مؤسسات عقابية وليست مؤسسات تأهيل، حيث يفترض أن يخضع الداخل إلى السجن لنظام تأهيل يجعل منه شخصا صالحا متصالحا مع المجتمع، وأضاف الحاج سيدي في هذا اللقاء الشامل مع موقع الفكر أن موريتانيا إلى حد الساعة ليست لديها سياسة رقابية واضحة المعالم فيما يتعلق بالسجون، حيث يودع صغار السجناء مع السجناء الكبار، ويتم وضع أصحاب المخالفات البسيطة مع أكبر المجرمين!، هذا بالإضافة إلى غياب قطاع التكوين أو مبادئ التكوين والتربية وإعادة التأهيل الذي هو القصد من السجون أصلا.

وفيما يتعلق بالجريمة وانتشارها قال ولد الحاج سيد إن الجريمة قد تفاقمت مؤخرا بشكل لافت، ولا تمكن محاربتها إلا عبر مضاعفة الجهود في دعم التعليم ومحاربة المخدرات، والمؤثرات العقلية، إضافة إلى محاربة الفقر.

 

وفي شأن التعليم قال ولد الحاج سيد إن التعليم بموريتانيا لا تنطبق عليه المعايير الأكاديمية المعتمدة دوليا، وضرب ولد الحاج سيد مثالا لذلك بأن الجامعة يدرس بها من ليس حاصلا على شهادة الدكتوراه، وأضاف ولد الحاج سيد أنه ذات مرة سافر إلى السنغال رفقة زميل له يبحث عن التسجيل في الدكتوراه فأقام لهما عميد إحدى الكليات مأدبة عشاء، وحين قدم زميله نفسه للحاضرين قال: "إنه أستاذ تعليم عالي"، فكان محل استغراب من الحاضرين؛ "وبدأ كل منهم يسألني " هو أستاذ في ما ذا؟! " لأن المنطق عندهم يقول إنه لا يمكن أن يكون أستاذا في الجامعة وهو قادم للتسجيل في الدكتوراه".

 

وقال محمد أحمد ولد الحاج سيد إنه مكث في التعليم العالي أزيد من عشرين سنة ولم يتم ابتعاثه يوما واحد في دورة بحثية، وقال إن الدول المجاورة تفرض على الأستاذ أن يذهب في دورة أو رحلة بحثية كل سنتين على الأقل.

وفيما يخص النواقص على مستوى التعليم العالي نبه ولد الحاج سيد إلى أن هناك ثلاثة أمور ضرورية لابد من توفرها في التعليم العالي، وهي: أولا: دمرقطة التعليم العالي، ثانيا: وجود الوسائل كالمخابر والمكتبات، ثالثا: تطوير مؤهلات الطواقم البشرية.

وهذا النص الشامل للحوار الذي أجراه موقع الفكر مع الحقوقي الأكاديمي الموريتاني، والذي تطرق لعديد المواضيع التي تجدونها ضمن هذا اللقاء، فأهلا وسهلا بضيفنا الدكتور محمد احمد ولد الحاج سيد.

 

موقع الفكر: في البداية نطلب من الضيف أن يعرفنا بنفسه من حيث تاريخ ومحل الميلاد وكذلك من حيث الدراسة والشهادات المتحصل عليها والوظائف التي تقلدها ؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: بسم الله الرحمن الرحيم وأصلي على نبيه الكريم، في البداية أشكركم على هذه الاستضافة، اسمي محمد أحمد ولد الحاج سيدي ولدت في مدينة تجكجة،  دراستي دراسة قانونية، حصلت سنة 1996م. على شهادة دكتوراه في القانون الدولي للأعمال ثم بعد ذلك قمت بالتدريس في جامعة نواكشوط وانتقلت بعد ذلك للتدريس في جامعة اندر بالسينغال وكذلك جامعة وجدة بالمغرب ثم التحقت بعد ذلك بمهنة المحاماة وبشكل موجز ما زلت موظفا إلى الآن وما زلت بالإضافة لذلك أستاذا في جامعة نواكشوط.

 

موقع الفكر: كيف تصفون واقع العدالة بموريتانيا الآن؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: بكلمة موجزة يمكن القول إن الواقع صعب وذلك لعدة عوامل، منها العامل الثقافي للمجتمع الموريتاني، فالعدالة لا يمكن إلا أن تكون مرآة عاكسة للواقع الحالي للمجتمع وثقافته وتجلياته السياسية، لذلك واقعها للأسف الشديد هو واقع مر والكثير من الناس يظن أن القضية قضية القضاة وأنهم ربما غير أكفاء أو غير نزيهين أو يتم استغلالهم لمآرب سياسية، ومن نظر في هذا الأمر يتذكر المثل "اوحلت في الزركه وخليت الزراك" فليس من الواقع ولا الحقيقة أن جميع القضاة الموريتانيين غير أكفاء وليس من الإنصاف وصفهم جميعا بعدم النزاهة، فهذا تعميم فيه مجازفة، فهم في النهاية قضاة موريتانيون يعملون في  موريتانيا؛ وهذا يعني أنه تنطبق عليهم القواعد والأحكام التي تنطبق على المجتمع الموريتاني، فحين ننظر إلى المجتمع الموريتاني القديم نجد أن القضاة فيه لم يكونوا موظفين ولم تكن لديهم أدوات السلطة ومع ذلك كانت قراراتهم نافذة والجميع يقبلها، ولا يبحث عن ملاذ آخر للتحايل على أحكامهم، أما اليوم للأسف الشديد لا تجد من يقبل الحكم عليه، ويسعى بكل الوسائل لذلك، وبالتالي أصبحت القرارات التي تصدر تشوبها الكثير من الشبهات، باستخدام المحسوبية والمؤثرات المادية والسلطوية، وبما أن تلك الثقافة أصبحت منتشرة إلى حد كبير أصبح القضاة عرضة بشكل دائم لتلك المسلكيات، فمنهم من تؤثر عليه تأثيرا قويا، ومنهم من تؤثر عليه تأثيرا دون ذلك، ومنهم من لا تؤثر عليه، ومنهم من يؤثر عليه أحد هذه العوامل دون غيرها، وبطبيعة الحال يوجد نقص في الوسائل كما يوجد نقص في التكوين؛ لأن المجتمع يتطور بشكل لافت، فالجريمة التي كانت ترتكب في الأمس بوسائل معينة أصبحت ترتكب بوسائل أخرى وانتشرت الجرائم التي لم يعهدها الناس وهذا يتطلب أن القضاة ينبغي أن يكونوا في حالة من التطوير الدائم والمستمر وهذا عجزنا عنه للأسف، فنحن دولة فقيرة بطبيعة الحال ولكن أرى أننا تنقصنا الإرادة السياسية والقناعة بأنه لا يمكن أن يقع أي نمو سياسي ولا اقتصادي ولا أي تطور دون جهاز قضائي قوي، ففي هذا الجو من المستحيل أن يقتنع المستثمر الأجنبي - وحتى المستثمر الوطني - بإمكانية الاستثمار إذا لم يقتنع أن هناك قضاء قوي يمكنه أن يضمن له حقوقه وحرياته

 

موقع الفكر: ما هي النقاط المضيئة  والتي تحتاج إلى مراجعة في مجال عمل القضاء؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: هناك نقاط لا شك أنها مؤلمة فأنت لديك مثلا عدد كبير من السجناء الذين لم يسبق لهم المثول أمام القاضي، وأحيانا يقضي بعضهم سنة وهو ينتظر المثول أمام قاضي التحقيق وفي النهاية يظهر أن عقوبة التهمة الموجهة إليه لا تصل إلى سنة في حالها ثبتت، فالاكتظاظ الواقع في السجون الموريتانية يجعل انتشار الجريمة والأمراض أمر سهل، فهذا الجانب من واقع السجون مؤلم، وهو أنك تجد شخصا متهما بمخالفة صاحبها يستوجب عقوبة سنة أو ستة أشهر، وليس من أصحاب السوابق، وفي مفهوم أهل علم الجرائم والقضاء يمكن أن يعاقب عقوبة واقفة، ومع ذلك يتم وضعه مع كبار المجرمين؛ فيتكون على أيديهم  وفي فترة وجيزة على فنون الإجرام، إن من ينظر إلى موضوع السجون والجرم الجنائي والجزائي في القضاء يمكنه أن يقول – وليست تقولا على القضاء وليست تقولا على القطاع بشكل عام- إن أهل موريتانيا ليس لديهم إلى حد الساعة سياسة رقابية واضحة المعالم، تجد السجناء الصغار يتم وضعهم مع السجناء الكبار، تجد أصحاب المخالفات البسيطة يتم وضعهم مع أكبر المجرمين، هذا بالإضافة لغياب قطاع التكوين أو مبادئ التكوين والتربية وإعادة التأهيل الذي هو القصد من السجون أصلا، لا يمكنك أن تجد في السجون إلى حد اليوم مدارس ولا معاهد ولا إمكانية للتكوين لهؤلاء الناس الذين ربما الجهل والفقر كان من أهم الأسباب التي أدت بهم إلى ارتكاب الجريمة.

 

موقع الفكر: هل تعتبرون أن الخلل في السجون ناتج عن إرادة محلية أم ضعف في الإمكانيات؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: قد يقول البعض إنه يلزم أن تكون هناك سياسة عقابية واضحة المعالم لكن ينبغي أن يكون هناك أيضا توجه لإعادة تأهيل السجناء ففي بعض الأنظمة القضائية يتم تعريف السجون بأنها دور ومؤسسات للعلاج  وليست مؤسسات عقابية فقط كما في المفهوم الأصلي، ولذلك ينبغي أن يكون الهدف من سجن السجناء هو إعادة تأهيلهم وتكوينهم من جديد وهذا أمر غائب اليوم للأسف الشديد، فمؤسساتنا يطلق عليها بالمفهوم القديم أنها مؤسسات عقابية، ومع أنها يطلق عليها هذا المفهوم فهي تعاني الاكتظاظ، ويوضع فيها الجميع: (البادئ- المجرب – المتخصص) الجميع يوضع في مكان واحد، وبطبيعة الحال فإن تبادل الخبرات هناك لا حدود له؛ وعليه فإن هذا يجري دون ان يغيب عن علم القطاعات المعنية، فالعدالة والقضاء يعلمون ذلك وهذا يؤكد أن هناك تقصيرا سياسي في هذا الموضوع وينبغي أن تتم معالجته

 

موقع الفكر: ما هو رأيكم في خدمات السجن كالصحة والتغذية وغير ذلك؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: فعلا ذاك جانب لم أتكلم عنه وليس لأنني نسيته، فأنا أنطلق من أننا دولة فقيرة ولذلك ربما توفير الحد الأدنى ينطبق عليه قانون النسبية، وإذا افترضنا أن الدولة غير قادرة على أن توفر للسجين ثلاث وجبات من نوع معين وتوفر لكل 100 أو 200 مريض في السجن طبيبا أو طبيبين يزورنهم يوميا، أو أسبوعيا على الأقل، وبما أن نواكشوط من أكثر الولايات التي يوجد بها السجناء ينبغي أن يكون لديها مستشفى خاص لكل سجن كبير وبه أخصائيون،  وهذا غير موجود، فالسجناء يمرضون دون أن يجدوا العلاج في الوقت المناسب، فعدم وجود هذا الأمر فيه مخالفة للنظم العالمية؛ ذلك أن صحة السجناء وغذاءهم غير معتنا بهما، لكن هذا جزء من واقع السجون المتردي، وأخطر من عدم العلاج والتغذية كون السجناء لا يتلقون التأهيل والتعليم والتكوين.

 

موقع الفكر: غالبا ما تتم تبرئة عصابات السرقة ويطلق سراحها والشرطة تقول إن ذلك نتيجة لتعقيدات القوانين ما رأيكم؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: انتشار الجريمة ظاهرة عامة وليست خاصة بموريتانيا، لكن لاشك أنها مؤخرا تفاقمت كثيرا، وهذا من الأمور التي ننظر إليها كظاهرة ولا نبحث عن أسبابها، فنحن لدينا نظام تربوي متدني كما هو الحال مع جميع المجالات، ولدينا انتشار واسع للبطالة والفقر وتأثيرهما قوي على الأسر مما تسبب في كثرة التسيب المدرسي وانتشار المخدرات، وهذا من العوامل الأساسية في كثرة انتشار الجريمة، إذا أردنا اليوم أن نحد من الجريمة ينبغي أن نقوم بزيادة ميزانية التعليم الابتدائي والثانوي  وأن نضاعف الجهود في محاربة المخدرات وجميع المؤثرات العقلية وأن نحارب الفقر أيضا، أما مسألة تبرئة العدالة للعصابات والتعقيدات القانونية فلا أعتقد أن هذا صحيح وليست هناك تعقيدات قانونية، حين تلتقي بعض القضاة سيخبرونك أن الكثير من أصحاب الجرائم المعتقلين لا يصلونهم والكثير منهم لا تعد لهم محاضر أصلا، وهذا هو السبب في أن أغلب من يطلق سراحه منهم يطلق على أساس أنهم ليس له محضر أو أن محاضرهم لم تنجز بطرية احترافية، فينبغي أيضا أن نلتمس أحسن المخارج للقضاة في حال تساهلهم مع بعض أصحاب الجرائم لأنه قد يتصور أحدهم أن هناك متهمين في حال إطلاق سراحهم لن يعودوا  إلى الجرائم التي اعتقلوا بسببها مع أنني لا أنكر أنه قد يكون هناك عكس ذلك.

 

موقع الفكر: ما هو رأيكم في ظاهرة العفو الرئاسي الذي يشمل بعض السجناء في الأعياد وأغلبهم يعود إلى ما اعتقل بسببه؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: قضية العفو هي مبدأ في كل التشريعات والأنظمة السياسية، وهي ممارسة عالمية للسياسة القضائية، وتعني ان يعفو الرئيس عن بعض سجناء الحق العام، لكن تجدر الإشارة إلى أن ذلك العفو لا يقع إلا بمعايير كثيرة جدا، منها مثلا أن يكون السجين صاحب أخلاق ولا سوابق له وقضى مدة من الفترة المحددة لسجنه.. الخ. وكان القصد من هذه المعايير أصلا أن يكون للسجين القدرة على الاندماج في المجتمع من جديد وعليه تتاح له الفرصة، وحسب علمي فإن الوزارة تبعث برسائل حول وضع تلك المعايير لكن هل يتم اتباعها بشكل دقيق أم لا فذلك أمر آخر، لكن الهدف منها والقصد منح السجين فرصة جديد للاندماج في المجتمع الذي وقع له انفصام معه.

 

موقع الفكر: هل ترى أن من دخل السجن بسبب جريمة سيتحسن وضعه داخل السجن أم أنه سيخرج أفسد مما كان؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: هذا سيعيدنا إلى ما تحدثنا عنه من قبل وهو أن السجن ينبغي أن يكون مؤسسة تأهيلية وليس مجرد مؤسسة عقابية، فمثلا إذا وضعت شخصا في السجين وجعلته في وضعية يكون قادرا على أن يتكون ويجد فرصة لدخول المجتمع من جديد لا شك أن وضعيته ستتحسن وسيعود للمجتمع وهو متصالح معه، فحينما تأخذه ويجد امامه مدرسة للتكوين وسيجد من خلالها العناية اللازمة ويتم تكوينه على حرفة معينة، ويوفر له كل ما يمكن أن يسهم في إعادة تأهيله وتكوينه ففي هذه الحال يحتمل أن وضعه سيتحسن وسيعود إلى المجتمع متصالحا معه، لكن حين تأخذه بسبب جريمة ارتكبها وتجعله رهين مؤسسة عقابية مع كبار المجرمين فلا تتوقع أن يتحسن في تلك الوضعية، ونحن في الوقت الحالي المؤسسات التي عندنا هي مجرد مؤسسات عقابية للأسف ولا يتصور منها أن تحسن من وضعية السجناء.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لمهنة المحاماة بين الأمس واليوم؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: المجتمع يبقى هو المجتمع فهل تطور فهم المجتمع بين الأمس واليوم؟ وهل تطور الواقع كذلك، فنحن في المجتمع الموريتاني ليست لدينا قناعة بالمؤسسات حيث هي، ولذلك القاضي يؤثر عليه بعض الأقارب دون علمهم أن ذلك لا يجوز شرعا ولا قانونا، ومهنة المحاماة أيضا ينطبق عليها نفس الشيء فالكثير يظن أنك حين تتعامل مع أحد المحامين سيصنع لك حجة جديدة لم تكن لديك حتى تكون بريئا، فهذا هو مفهوم المحامي عند المجتمع، وهذا ليس صحيح بالضرورة، فالمفهوم الصحيح لمهنة المحامي هو أن المحامي  بإمكانه أن يبلغ الحجة التي كانت لديك لكن لم تكن لديك الآلية المناسبة لتبليغها ويلبسها اللبوس القانوني المناسب لها، أما الصورة النمطية التي لدى المجتمع أن المحامي هو ذاك الذي يكذب من أجل أن ينتصر لفلان او علان فهي صورة خاطئة فالمحامي لا يجوز له أن يكذب وإنما يجب عليه أن يساهم في إظهار الحقيقة من منطلق أن هناك إجراءات معرفتها غير متاحة للعامة يعرفها المحامي ولديه القدرة على إثبات الحجة أكثر من غيره، من خلال توظيف السندات والوثائق والوقائع، التي لدى المحامي القدرة على توظيفها أكثر من غيره، ومن جانب آخر فإن أي قاتل أو مجرم حتى يتم إيقاع العقوبة عليه فإن له حقوقا، فواجب المحامي تجاه هؤلاء الأشخاص المدانين لا يتمثل في السعي لإنكار حقيقة هذا الشخص المدان أو درء العقوبة عنه، وإنما يجب عليه أن يتأكد من أن الحكم الذي صدر فيحق حكما سليما وتم بطريقة سليمة، وأن يمتع بحقوقه التي يكفلها لها القانون حتى يتم تنفيذ العقوبة عليه.

 

موقع الفكر: هناك بيروقراطية قضائية  تتعامل بمرونة مع ملفات أصحاب النفوذ، وتهمل الضعاف والبسطاء، ما رأيكم؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: سأظل دائما أنسب العيوب التي يرمى بها القضاء إلى المجتمع؛ لأنني أرى ضرورة إعادة التفكير في الكثير من سلوكنا ومسلكياتنا تجاه القضاء، ولا شك أن هناك ملفات يتم التعامل معها بمرونة عكس الملفات الأخرى، أجرينا ذات مرة دراسة في الموضوع ووجدنا أن هناك بعض السجناء يقضي أكثر من 5 سنوات دون المثول أما القاضي ولو أنهم تمت محاكمتهم وثبتت تهمتهم، وتمت إدانتهم ونفذت لما كانوا قضوا تلك الفترة في السجن، فهناك مسائل بسيطة لابد أن تتوفر في جميع الدول ومنها المساعدة القضائية فمثلا إذا كان هناك سجين لا يستطيع الحصول على محام فينبغي على الدولة أن تأخذ له من يحامي عنه، وهذا أمر لا يقع عندنا إلا في المادة الجنائية لكن  يقع بطريقة مخلة تماما؛ لأن المحامي يلتقي بالمتهم يوم الدورة فقط، ويقال له نريدك أن ترافع عن فلان دون أن يكون قد اطلع على ملفه، أو يلتقي به أو يطلع على محاضر الشرطة، أو يطلع على أجوبته، فمثل هذه التوكيلات تجعل من دور المحامي في هذه الحالة دورا شكليا، من أجل أن تتم المحاكمة والإدانة، فهذا النمط من المؤازرة لا يمثل المؤازرة القانونية الصحيحة التي فعلا تحمي حقوق المتهم، فأغلب الدورات الجنائية يتم تعهد المحامين وقت انعقاد الجلسة.

 

موقع الفكر: هل ترون أن القضاء الموريتاني مؤهل للتعامل مع ملف الرئيس السابق؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: القضاء الموريتاني جاهز لكل ملف إذا كانت هناك إرادة صادقة لاستقلال القضاء، وجاهز  أيضا -للأسف- للتوظيف والاستغلال وهذا يعني أنه جاهز في كلتا الحالتين، فهو جاهز حين تتاح له فرصة العمل بشكل مهنية، وجاهز أيضا حينما يراد استغلاله سياسيا.

 

موقع الفكر: ما رأيكم في مقاضاة الرئيس السابق من الناحية الدستورية؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: هذا الموضوع أسمع فيه الكثير من التصريحات يمينا ويسارا،  والمحامي يستحسن له - مثل القاضي - أن لا يتحدث عن أي أمر دون وجود دليل قاطع، لكن في ما يتعلق بملف الرئيس السابق تجدر الإشارة إلى أن ما تقوم به اللجنة البرلمانية ليس تحقيقا قضائيا وإنما هو مجرد تحقيق برلماني، وهذا أمر طبيعي وروتيني يقع في جميع البرلمانات التي هدفها مراقبة الجهاز التنفيذي، ومن هذا المنطق لا يمكن أن نقول حتى اللحظة إن هناك ملفا يدين الرئيس السابق، فنحن لدينا تقرير برلماني وقد تم إرساله إلى القضاء وبعثه القضاء إلى الشرطة القضائية ويفترض أن تنظر الشرطة القضائية إلى عدة وقائع وعدة أفعال حتى تتأكد من الأمر وتأتي بنتيجة التحقيق للنيابة ومن ثم يمكن أن نقول إن هذه الوقائع منها ما هو من اختصاص محكمة العدلة السامية، ومنها ما هو من اختصاص القضاء العادي، فنحن إلى حد الساعة نتكلم فيما لم نطلع عليه، لكن بعد،  فبعد أن يتم التقرير ويقع الاتهام، يمكن أن نقول هذا من اختصاص المحكمة السامية وهذا ليس من اختصاصها، وهذا من اختصاص القضاء العادي أو ليس من اختصاصه، ونقول هذا دستوريا أو غير دستوري؛ لأننا أصبحت عندنا تهمة فالرئيس السابق إلى حد الآن لم يتم اتهامه، ونحن قبل أن يقع الاتهام لا يمكن أن نحدد المحكمة المختصة؛ لأن الوقائع محل الاتهام هي التي تحدد المحكمة المختصة.

 

موقع الفكر: في إحدى الخرجات الإعلامية علق الرئيس الحالي على تقرير محكمة الحسابات وقال إنه غير مقتنع به فما رأيكم في ذلك؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: هناك مبدأ أساسي وهو مبدأ فصل السلطات وحين يقع هذا المبدأ لا تؤثر قناعة الرئيس بالأمر من عدم قناعته، فالمبدأ السليم هو أن رئيس الجمهورية لا تصدر منه مثل هذه الأحكام؛ لأن ذلك من صلاحيات الجهات القضائية، وهذا من الخلط الذي يقع فيه الكثير ولا يعرف من أين تبدأ حقوقه وتنتهي.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لواقع حقوق الإنسان في موريتانيا؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: الحديث عن حقوق الإنسان ينبغي أن ننطلق فيه من المفهوم العام، وحين ننطلق من تلك المسألة سنجد أن الوضع وضعا سيئا جدا وذلك بسبب غياب المدرسة الجمهورية في موريتانيا وغياب الصحة وغياب العمل وانتشار البطالة فهذه كلها عوامل تجعل حقوق الإنسان في هذه الوضعية المؤسفة والمؤلمة، نحن نتفاخر بأننا ليس لدينا سجناء رأي في الوقت الذي يتعرض بعض المدونين - من حين لآخر - للتهديد وأحيانا السجن فهذا مساس بحرية التعبير، قبل كوفيد19 كانت الاجتماعات لابد لها من ترخيص فهذا أيضا فيه مساس بحق التجمع الذي يعتبر دعيمة أساسية من دعائم حرية التعبير، كان إنشاء الجمعيات عندنا - إلى حد قريب - يقتضي الترخيص فهذا يعني أن حقوق الإنسان في مفهومها العصري اليوم  وضعيتها ليست جيدة للأسف بالنسبة لنا نحن الموريتانيين، ومن سوء وضعية حقوق الإنسان بالبلد هو أن هناك أمورا هيكلية ناتجة عنها، وهو أن هناك قطاعا من التلاميذ سيدرسون في التعليم الخصوصي من الروضة إلى مرحلة الباكلوريا أو ربما يتلقونا التعليم الخاص بالجامعة، وهذا غير سليم فكأنهم أصبحوا غير مدينين للدولة الموريتانية في تكوينهم، وهناك قطاع آخر من التلاميذ من مستوى آخر يتلقون تكوينا في التعليم العام دون مضامين تربوية أو أكاديمية مفيدة، وهذا نتج عنه أن أصبحت هناك هوة بين بعض شرائح المجتمع، وهذا من الأمور الهيكلية الخطيرة التي تلزم مراجعتها يشكل مستعجل، وفي قطاع الصحة أيضا هناك من يتعالج في المرفق العمومي، وهناك من يتعالج في المصحات الخاصة، والمرفق العمومي يقال إن خدماته ليس بجيدة، ومن هنا تأتي الاختلالات في شأن المواطنة،  فحينما لا توجد المدارس، ولا توجد رقابة للبرامج التربوية، ولا العناية بشأن التوظيف والبطالة.. الخ. كل هذه الأمور تدخل في إشكالية حقوق الإنسان.

 

موقع الفكر: ما هو رأيكم في ظاهرة " إضرابات الطلاب " وتعامل الجهات المعنية معها وهل ترى أن تلك الإضرابات حق شرعي وقانوني للطلاب؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: الإضرابات ظاهرة طبيعية وهي حق مشروع يكفله القانون لكل من لديه مظلمة لكن بشرط أن تكون إضرابات سلمية، وإن كانت كذلك فلا ينبغي مواجهتها بالقمع من طرف قوات الأمن وأي قمع وقع في هذا السياق فهو أمر مدان13:20

 

موقع الفكر: ما هو رأيكم في واقع العبودية في موريتانيا؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: قضية العبودية يمكنني القول إنها ما زالت موجودة لكن ليس بالحجم الذي كانت به، ومخلفاتها ما زالت كثيرة ويطلب منا جميعا أن نبذل مجهودا خاصا للقضاء عليها، وألا تكون مواجهتها من طرف الدولة فقط وإنما على المجتمع والمثقفين أيضا أن يفهموا أن أمة متصالحة فيما بينها أفضل من أمة بينها مظالم، وسبب وجود العبودية أن الجهل ما زال منتشرا وكذلك البطالة، ستختفي العبودية حين يأتي اليوم الذي تصبح فيه المدارس والمعاهد التكوينية موجودة في جميع آدوابة، وكذلك حين تتوفر إمكانية العيش "بآدوابه" بشكل مستقل دون وجود " لمرابط أو العربي " أو شيء من هذا القبيل، على الدولة وجميع مكونات المجتمع الموريتاني أن يدركوا أنم مسؤولون عن بناء مجتمع واحد وموحد ومنسجم وهذا يتطلب منهم النظر في جميع الأمراض والمشاكل الموجودة التي تعكر صفو وحدة المجتمع، وأن تتم معالجتها بشكل غير معقد، فشبابنا اليوم ليسوا مسؤولين عما كان يفعله آباؤهم وأمهاتهم لكنهم يتحملون مسؤولية عدم تغييره، نحن يمكن أن نقول إنها مظالم سبقتنا، لكننا غير معذورون في معالجة الواقع، فعلا تلك أمة قد خلت.. رحمهم الله، أما نحن فينبغي أن نساهم في تغيير واقعنا وأن لا نترك العبودية في مجتمعنا وتلعب المدرسة في ذلك دورا مهما، ينبغي أن تكون لدينا مدارس يدرس فيها جميع أبناء شرائح المجتمع المختلفة وأن يكون هناك عنوان واحد يجمعهم هو المواطنة ولن تتقدم دولتنا ما لم يقع هذا الأمر، وما زلنا نتكتم على أمراضنا لن نتقدم.

 

موقع الفكر: هل ما زال هناك اليوم من يمارس العبودية في موريتانيا؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: ما ذكرته لك هو أمر واضح بالنسبة لي ويوجد لدي أدلة عليه، ما زال يوجد في موريتانيا من يتعاملون مع أناس على أساس أنهم عبيد لهم لكنه أقل بكثير مما كان عليه في السابق، لا يمكنني أن أذكر لك بالأرقام والأسماء إحصائيات معينة لكن حين تأتي لبعض ضواحي وقرى الداخل تجد نماذج من ذلك، أما كونهم لا يمكنهم أن يتحرروا من تلك العبودية لأنهم من الناحية الاقتصادية ليست لديهم وسيلة عيش بدون أسيادهم أو تم ترسيخ قناعة لديهم أن الجنة تحت أقدام أسيادهم فتلك مسألة أخرى.

 

موقع الفكر: ما مدى تعاطي السلطات الإدارية والقضاء مع حالات العبودية التي يتم العثور عليها؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: من أهم أهداف القضاء ما يسمى بالهدف التربوي، معناه أنه حين يقوم القضاء الموريتاني بمحاكمات نموذجية لبعض الأسياد على أساس أنهم استغلوا أناسا باسم العبودية فسيكون ذلك رادعا لمن يمارس العبودية الآن، زملائي الذين يتابعون مثل هذه الملفات يقولون إن تعاطي القضاء مع هذه المسألة ما زال ضعيف جدا ودون المستوى ودون المطلوب.

 

موقع الفكر: ما هو تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا ؟

الدكتور محمد  أحمد الحاج سيدي: واقع التعليم الآن بعيد مما كان ينبغي أن يكون عليه، وأهل موريتانيا لا يعطون قيمة للتعليم لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الفردي والأسري والاجتماعي، ولم يقتنعوا أن جميع الدول تطورت بفضل التعليم، انظر إلى ميزانية التعليم عندنا ستجد أنها ضعيفة جدا لا تصل 3 أو 4%، انظر مثلا ما هي ميزانية التعليم العالي، منذ الثمانينات ونحن لدينا جامعة واحدة تقريبا وجامعة لعيون يمكن أن تقول إنها ما زالت في مسارها التجريبي، وهذا ناتج عن أننا لم نعط التعليم إمكانياته، فالتعليم اليوم لا يمكن القيام به بالإرادة وحدها، وإنما يحتاج للكادر البشري والوسائل المادية، وسأعطيك مثالا، أنا أعمل في التعليم العالي منذ ما يزيد على عشرين سنة ولا أذكر أن الدولة الموريتانية ابتعثتني في يوم من الأيام لحضور ندوة دولية، أو ملتقى دوليا ولم تبتعثني يوما لأشارك في دورة شهر او شهرين للبحث وتطوير وتحديث المعلومات، بينما الأساتذة في الدول المجاورة يتم بعثهم كل سنتين للمشاركة في تلك الدورات وهم من يختارون المكان الذي يريدون الذهاب إليه، وجامعتنا ليس لديها اشتراكات في الدوريات العالمية ولا تنظم ملتقيات، معناه أننا لدينا جامعة فيها أساتذة ندفع لهم رواتب شهرية ولا نسأل عنهم ومن تغيب منهم نقوم بتعليق راتبه، سأروي لك قصة في هذا السياق، في سنة1998م. طلبت مني جامعة اندر رفقة الزميل بال محمد الحبيب وبعض الزملاء من السينغال وغيرهم من جنسيات أخرى بأن نعكف على دراسة مشروع مشترك بين موريتانيا والسينغال حول السلك الثالث في قانون الأعمال، وكان محمد الحبيب ما شاء الله متحمسا للموضوع وكنت أنا دون ذلك فقلت له " إننا لا يمكننا القيام بالأمر" فاعترض واستفسر عن السبب فقلت له: "حين نقوم بهذا الأمر لن ينجح المشروع لأن المعايير الأكاديمية عندنا ليست واحدة" ، فحينما يأتينا الطلبة السنغاليين سيدرسهم فلان وفلان وهؤلاء ليست لديهم دكتوراه، وهذه المعايير الأكاديمية ليس مقبولة، لذلك ينبغي أن نقتصر على أن نطلب منهم أن يمنحونا مقاعد سنوية ونحن بصفتنا أساتذة سنقدم لهم ما نستطيع تقديمه، ولنترك جامعة نواكشوط لأنها لا تسير وفق المعايير الأكاديمية المقبولة، فالوظائف الإدارية بالجامعة كثيرا ما كانت بها أناس غير مؤهلين من الناحية الأكاديمية.

وأذكر مرة أن أحمد الزملاء ذهب معي إلى السينغال بغية التسجيل في الدكتوراه وكنا كلما أتينا لعميد الكلية أقام لنا العشاء رفقة بعض الزملاء الأساتذة في تلك الكلية وقام زميلي الموريتاني بتعريف نفسه للعميد حيث قال إنه أستاذ في جامعة نواكشوط واستغرب الأساتذة الحاضرون وبدأ كل منهم يسألني "هو أستاذ في ما ذا؟ " لأن المنطق عندهم يقول إنه لا يمكن أن يكون أستاذا في الجامعة وهو قادم للتسجيل في الدكتوراه وهذا يعني أن تعليمنا لا تنطبق عليه المعايير الأكاديمية ولا نهتم به للأسف.

 

موقع الفكر: ما هي أهم المعايير المفقودة في الجامعة؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: أولا التعليم في العالم أصبح من الناحية الإدارية مؤسسات ديمقراطية يتم انتخاب جميع هياكله، والمؤهلات التي يجب أن تتوفر في الأساتذة معروفة ومن يحمل السلك الثالث فقط لا يمكن أن يطلق عليه لقب الأستاذ لأن الأستاذ في المعايير الأكاديمية لابد أن يكون دكتورا، الشرط الأول من المعايير المفقودة في الجامعة دمقرطة التعليم العالي والشرط الثاني وجود الوسائل المادية كالمكتبات والشرط الثالث هو تطوير مؤهلات الطاقم البشري، فنحنا عندنا أساتذة دخول بالسلك الثالث يلزم أن يحصلوا على الدكتوراه أو ينجزوا بحثوا من أن ترقيتهم، فنحن نتيح لهم الفرصة، لكن يجب أن يبذلوا جهودا.  

 

موقع الفكر: هل ترى أن وضع التعليم العالي في تحسن أم في تراجع؟

 

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: حتى أكون صريحا معك لا أظن أنه يتحسن بل أرى أنه للأسف يتراجع كثيرا وبخطى حثيثة جدا

 

موقع الفكر: ما تقويمكم للأزمة المستفحلة في القدرة الاستيعابية لدى جامعة نواكشوط ؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: سبب كل ذلك يعود إلى العجز في التخطيط، موريتانيا اليوم معروف كم فيها من نسمة وكذلك معروف نسبة الشباب فيها ولله الحمد، عدم الاهتمام بالتعليم والاستثمار فيه تجعل من أزمة طاقات الاستيعاب تتفاقم والأجيال القادمة تتكاثر ولله الحمد فأولئك الذين درسوا في الجامعة في الثمانينات أبناؤهم يدرسون فيها الآن، فلا يمكن أن تكون نفس الخطة الاستيعابية المعتمدة للأجيال الماضية هي المعتمدة لأجيال اليوم فكلما تكاثر المجتمع كلما ازدادت الحاجة للاستثمار في التعليم وتطوير البنى التحية له.

 

موقع الفكر: موقع الفكر: ما هو رأيكم في الضغط الذي يوجد في التسجيل، مثلا طالب فاته التسجيل لا يسمح له بالتسجيل في السنة الموالية وكذلك منع تعدد التسجيل في مؤسسات التعليم العالي؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: الدراسة ينبغي أن تكون حق للجميع والدولة ملزمة بتوفير وضمان هذا الحق، وإذا كانت البنى التحتية غير كافية فهي ملزمة بتوفير ما يكفي منها وليس هناك أي مبرر ألا تتاح للناس الفرص الكافية للتكوين

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

الدكتور محمد أحمد الحاج سيدي: في النهاية أشكركم من جهة ومن جهة أخرى أريد أن أوجه رسالة وهي أن موريتانيا هي دولتنا جميعا بغض النظر عن انتماءاتنا ومشاريعنا السياسية التي يحمل فلان أو علان، ونحن مطالبون جميعا بترقيتها وحمايتها قبل ذلك، وأن وضعها الحالي هو وضع خطر وسأقول بشكل صريح إن الهوة تزداد بين شرائحنا وأعراقنا يوما بعد يوم وذلك بسبب الفقر والجهل، نحن للأسف نشاهد أحيانا مسابقات خالية من أعراق معينة وبالتالي لا تعكس الحقيقة الاجتماعية للبلد وهذا أمر خطير، لماذا نحن اليوم لدينا مسابقات خالية من الزنوج؟ لأن المسابقة بالعربية والزنوج لم يدرسوا العربية، معناه أن هناك اختلال في منظومتنا التربوية حيث يدرس البعض بالعربية والبعض الآخر بالفرنسية والتوظيف في الناهية مرتبط باللغة الوطنية التي هي اللغة العربية وهذا ينتج عنه أنه سيصبح لديك قطاع من الوظيفة العمومية فيه شريحة واحدة وهذا خطير على مستقل الدولة، معناه أنه ينبغي أن يتم التفكير بشكل جدي وسريع في أن تكون موريتانيا موجودة بجميع ألوانها وأعراقها وشرائحها.