في أن الإصلاح يحتاج لطول نفس/ محمد المختار كاكيه

تساءل بعض الإخوة إن لم يكن بإمكان النظام الحالي أن يجد من الأقوياء الأمناء من يستبدل به غالب الطبقة الإدارية الحالية.

وكم نأمل أن لا يتأخر كثيرا اليوم الذي نرى فيه كل الممسكين بزمام السياسة والإدارة صالحين مصلحين، وما ذلك على الله بعزيز.

وفي تقييم الوضع الحالي بدا لي التعليق بما يلي:

1

الأصل صحة بقاء من يخدمون الدولة حاليا في مناصبهم، ما دام الأصل في كل مسلم الأمانة والبراءة من الموانع، اللهم من ثبت عليه الإفساد بمثبتات شرعية فتحرم توليته، أو حامت حوله من الشبهات ما يجعل المصلحة في اختيار غيره.

لكن أيضا لا بد للأمناء أن يبذلوا جهدا أكبر، ولا يدعوا الساحة لغيرهم؛ ودعاء عمر بن الخطاب لا زلنا نحتاج إليه كل يوم: اللهم إنا نعوذ بك من جلد الفاجر وعجز الثقة.

فبالتوزاي مع انتظار أن يمتثل كل مسؤول ما أوجب الله عليه من اختيار الأقوياء الأمناء، يحتاج الأمناء أن يأخذوا بأسباب القوة وفق متطلبات العصر، وأن يزاحموا، حتى من داخل الأطر الإدارية والسياسية التي قد يظل فيها دخن زمنا طويلا، ما دام ما سيسهمون في إصلاحه أكثر من الفساد الذي لا يستطيعون درءه.

2

يحتاج تجاوز الأزمة المجتمعية التي أنتجت الوضع الحالي حلا طويل النفس، نحن قادمون من بعيد، ولا زلنا في منتصف الطريق.

فلا يخفى أن الممارسة السياسية منذ التسعينات من القرن الميلادي المنصرم قد فتلت الأصوات الانتخابية والمال السياسي وتعيينات الأطر في حبل واحد، ويحتاج فك تلك الارتباطات إلى وقت وتدرج.

وكتلة الناخبين اليوم تضم أجزاء، لن يهمل أي مرشح جاد للرئاسة أن يحسب لها حسابا، وإلا كان سعيه للنجاح غير واقعي مهما كانت أحقية مشروعه الإصلاحي في الصدارة، ثم إن نجح لم يكن سياسيا بإمكانه الاستغناء الفوري عمن أوصلوه للحكم، حتى إن افترضنا أن لا مانع أخلاقي من ذلك، بل سيسعى إلى تقليم تدريجي لأظافر من يقاومون مساعيه للإصلاح.

ومع ذلك فإن الخير في جميع هذه الأجزاء التي تتألف منها كتلة الناخبين، والآمال في الإصلاح معقودة عليها بمستويات مختلفة؛ فهي تشمل :

١- جزء أكبر هو الكتلة الأهلية، ولا يزال خياره التلقائي الولاء للحاكم وللمترشح من داخل النظام الحاكم، وفيه تقليديا حلف بين الوجهاء والأطر، يضمن الوجهاء الأصوات الانتخابية، ويحصل الأطر على التعيينات السياسية ذو يمولون الحملات ويؤطرون الناخبين. لكن هذا الجزء فيه تيار ناشئ مل الممارسة التقليدية ويأمل في الانتقال إلى موازنة أفضل بين الاستفادة من الرصيد الانتخابي التقليدي ومطالب الإصلاح، فعليه بعض الأمل؛

٢- جزء تمثله النخبة الهادفة بجد إلى الإصلاح من خلال الأطر المدنية الحديثة، وعليها الأمل الرئيس، لكنها اليوم انتخابيا لا تقلب الموازين؛ فالطريق أمامها طويل، وتحتاج الصبر، وحسبها أنها مطالبة بالعمل لا بالنتائج. وفي انتظار نموها لمستوى كاف، يعتبر بعضها الإصلاح من داخل النظام القائم أجدى، ويعتبر بعضها الآخر الإصلاح من خارجه أجدى، وينبغي أن يساندوا جميعا كل رئيس جديد ظهرت عليه دلائل السعي للإصلاح، حتى توضع لبنات أكثر لبناء الإصلاح التراكمي؛

٣- جزءا ممن حسبهم صلاح أنفسهم، فهم تارة مع الكتلة الأهلية وتارة مع النخبة الهادفة للإصلاح؛ فعليهم جزء من الأمل كذلك في الانحياز للإصلاح في المنعطفات الحاسمة في مستقبل البلاد.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

وفقنا الله جميعا لما يحبه الله ويرضاه.