عمدة بلدية العرية محمدن بن آمغر في لقاء مع الفكر/ لدينا قانون يتيح لنا إنشاء شرطة بلدية وما زالت وزارة الداخلية تمانع حتى الآن في إنشائها

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع إحدى القامات السياسية بالبلد،  ممن خبروا دروب العمل التنموي والتنمية المحلية، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل يتناول واقع وآفاق العمل البلدي، وأبرز معوقات ومشاكل العمل المحلي، بالنسبة لبلدية العرية التابعة لمقاطعة واد الناقة، كما يتطرق اللقاء إلى ما تم إنجازه وما سيتم على مستوى بلدية العرية بالإصافة إلى أبرز المواضيع التي تهم الساحة.

 فأهلا وسهلا بضيفتنا الكريم العمدة الأستاذ محمدن بن آمغر

موقع الفكر: حدثونا في البداية عن الوضعية العامة لبلدية العرية وأهم المشاكل التي يعاني منها السكان

محمدن بن آمغر: هي بلدية ريفية وهي تمثل إحدى البلديات الثلاث  المشكلة لمقاطعة واد الناقة تم إنشاؤها بمقتضى المقرر88ـ 178  الصادر بتاريخ 6 ديسمبر 1988م تبلغ 2699 كيلومتر مربع وساكنتها 6153 نسمة حسب إحصاء 2013 وعدد قراها في نفس السنة 55 قرية وهذه القرى تآكلت بفعل تحكم عوامل الطرد  وغياب  عوامل الجذب  كالعطش  وضعف الأداء التعليمي وغياب الصحة   وحتى تراجعت  الآن إلى 40 قرية   وهذه القرى من بينها عشر قرى ذات كثافة سكانية عالية وتبلغ نسبة البطالة في البلدية 25% ونسبة الشباب فيها نسبة 60% مما يشكل يفسر نسبة الإعالة المرتفعة والضغط على النشاط الاقتصادي الهش أصلا  والتعليم والصحة وغيرها.

يعاني السكان في البلدية مجموعة من المشاكل يمكن أن نجملها أساسا في أربع  نقاط: 

المشكلة الأولى مشكلة العطش فالنقطة الممتدة من منطقة اجدير إلى دبي على الطريق الرابط بين نواكشوط وروصو لا يوجد فيها ماء أصلا، ولا يمكن حفر الآبار فيها  بسبب ملوحة الأرض وبالتالي تسقى الساكنة عن طريق صهاريج تابعة للبلدية وكذا الصهاريج التجارية والمشكلة الثانية مشكلة التعليم فالبنية التعليمية هشة ويزيدها غياب الرقابة وضعف البرامج والمشكلة الثالثة  هي مشكلة الصحة فالصحة غائبة تماما وهناك بعض النقاط الصحية المتهالكة والمشكلة الرابعة أكبر من جميع المشاكل السابقة وهي مشكلة مكب تفيريت كما جاء في دراسة بيئية أعدت حوله وبينت أن له  أضرارا كبيرة على الإنسان والبيئة في  محيط يصل قطره  إلى حدود 40 كلم،  فمعنى ذلك أن تفيريت والوئام والتيسير ومجموعة من القرى في المحيط  متضررة من هذا المكب.

 ومجموعة تفيريت رفعت القضية إلى المحكمة وكسبتها فحكمت لهم المحكمة بإغلاقه ولكن للأسف  لم ينفذ الحكم وحدثت بعض الاحتجاجات قوبلت بالقمع،  فلم يكن تجاوب الدولة تجاوبا موفقا.

وقد تعهدت وزيرة البيئة بغلق المكب ومع ذلك ما زالت الشاحنات تحمل القمامات إلى المكب ولم نعرف بعد  إن كان سيتم تنفيد تعهد الوزيرة  أم لا!

موقع الفكر: هل تضع البلدية رسوما على مكب تفيرت؟

محمدن بن آمغر: لا، لم تضع البلدية عليه رسوم، وهو تعارضه وتكافحه بكل قوة، كنبتتة غريبة على بيئة هذه البلدية.

موقع الفكر: ما هي أبرز التحديات التي تواجه العمل البلدي بشكل عام؟

محمدن بن آمغر: أبرز التحديات التي تواجه العمل البلدي  بشكل عام،  يمكن إجمالها في خمس نقاط: 

 محدودية صلاحية العمدة وهذه المحدودية تحد النشاط وتحجم من نشاطه وتضعف من عمله، فمعنى ذلك أنه ينبغي توسيع صلاحيات العمدة وثاني النقاط غياب المركزية وعدم تفعيلها فصحيح أن الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني أنشأ المجلس الأعلى للامركزية ويحاول أن يقدم فيها عملا جيدا ولكنها ما تزال محاولة خجولة يلفها الغموض حتى الآن  والأمر الثالث زيادة مخصصات العمدة فالعمدة مخصصاته المادية ضعيفة جدا ، مهمش فحاله كما قيل :

و يقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأمرون وهم شهود

 وشح الموارد البلدية وعدم وجود الشرطة البلدية ولدينا قانون يتيح لنا إنشاء شرطة بلدية وما زالت وزارة الداخلية تمانع حتى الآن في إنشائها.

موقع الفكر: كيف تؤثر التقاطعات  على صلاحيات البلديات والمجالس الجهوية ؟

العمدة محمدن بن آمغر: البلدية مؤسسة معنوية اعتبارية كاملة الاستقلالية ماليا وإداريا والجهة مؤسسة لديها قانونها الذي ينظم صلاحيتها ولديها نظامها المستقل وكلتا المؤسستين  تقوم بدورها دون تداخل أو تقاطع مع المؤسسة الأخرى خاصة أن البلدية تتبع لوصاية الحاكم أما  الجهة فتتبع لوصاية الوالي وبالتالي لا تقاطع بينهما مطلقا.

موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء  السلطة المحلية في تعاطيها مع الإشكالات التي تواجهها البلديات بشكل عام؟

العمدة محمدن بن آمغر: السلطة المحلية مكملة لدور السلطات البلدية  وصية عليها وتشكل حلقة وصل بينها وبين السلطات العليا تحيل الرسائل وتعالج الإشكالات الأمنية وتقوم بدورها كما يجب ونحن راضون تماما عن دورها ونثمنه ولكننا مستاؤون من دوائر الحكومية العليا.

موقع الفكر: ما أهم إنجازاتكم خلال السنوات الثلاث الماضية؟

العمدة محمدن بن آمغر: البلدية تتكون من 40 قرية متناثرة تشغل حيزا جغرافيا كبيرا جدا بإمكانية وموارد شحيحة ورغم  كل هذا هنالك مكاسب كبيرة حققتها البلدية خلال السنوات الماضية  منها إقناع أهل العرية بوجود بلدية تسمى بلدية العرية  وأهميتها ومركزيتها في التنمية المحلية وعندما جئتها لم أجد إرشيفا ولا مداولات ولا محاضر ولا وعاء ضريبيا ولا أي شيء يمكن أن يبنى عليها فبدأت عملية بناء إرشيف للبلدية وبدأت منذ 2018 بتنظيم سقاية مجانية من منطقة أجدير إلى منطقة دبي بالصهاريج وذلك عن طريق نظام المداولة فنسقي هذه الحاضرة اليوم ثم نسقي  التي تليها في الفترة الموالية  حتى الآن ،وقد كلف هذا المشروع 21 مليون أوقية قديمة بمجهودات خاصة وعن طريق بعض الخيريين من أبناء البلدية وغيرهم وقمنا بمشروع موسمي خلال  شهر رمضان  حيث لا  تتوفر اللحوم وتكون أثمانها مرتفعة فصرنا نبيع  اللحم مخفضا  بسعر 1000 عن طريق سيارة تابعة للبلدية تجوب  المنطقة من قرية اجدير إلى منطقة نواش نتيجة لحاجة المنطقة وهشاشة القرى في تلك المنطقة وكثرة الفقر فيها.  ولدينا 15 مدرسة ورممنا ثلاثة مدارس مدرسة التنعيم في الكيلومتر 28 ومدرسة أتويرجه في الكيلومتر 31 ومدرسة بغداد في الكيلومتر 37 وبنينا خزانا أرضيا في قرية بيجل في الكيلومتر 84.

 وفي الموجة  الأولى من كورونا ضخت 9  ملايين أوقية في المواد الغذائية والمعقمات وغيرها بدعم من تجار مقاطعة واد الناقة ، وخلال الموجة الثانية تم توزيع المعقمات ومواد النظافة  والتعقيم التي تساهم في القضاء على كورونا وأجهزة رش وتعقيم الأماكن المهمة غي وجهزت النقطة الصحية في منطقة اجدير بالمواد وأدت عملا رائدا وأوجه الشكر للدكتورة اغلانه بنت سوله فقد أدت أداء مميزا في خدمة الساكنة فخلال فترة كورونا كان هناك ضغط كبير على مستشفيات الصحة في نواكشوط.

وخلال هذه السنة في الشهر الثامن سنستلم ثلاثة مشاريع :ترميم مدرسة دبي وإضافة مكتب للمدير وترميمه   وبناء مسلخة في عاصمة البلدية لفريوة وترميم شبكة أغورس في حدود أربعة آلاف متر من الأنابيب ستسلم يوم 30 في الثامن .

موقع الفكر: ما تقويمكم لسنتين من حكم الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني؟

العمدة محمدن بن آمغر: حقيقة أنا كغيري من المواطنين الموريتانيين كنا متفائلين بخطابات الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني والانفتاح الكبير على ألوان الطيف السياسي المعارض داخل موريتانيا وبعد مرور سنتين أصبت بإحباط كبير بسبب ضعف الأداء الحكومي حتى الرئيس اعترف ببطء الأداء في الدوائر الحكومية  و اعترف بذلك الوزير الأول أيضا والعمل كان ضعيفا وما يزال دون المستوى المطلوب ودون توقعات الشعب الموريتاني  التي يؤملها من الرئيس.

موقع الفكر: ما تقويمك لواقع التعليم في موريتانيا؟

العمدة محمدن بن آمغر: التعليم في موريتانيا وصل للحضيض ، التعليم يمكن أن نقسمه إلى ناحتين لدينا طرفا عملية الأستاذ والتعليم  من جهة والإدارة   من جهة أخرى ويجب أن يوضع طرفا العملية التربوية في ظروف لائقة فيجب أن يوضع الأستاذ في بيئة تعينه من الناحية المالية ومن ناحية البرامج والتكوين ويجب أن يوضع التلميذ في بيئة يستطيع أن يدرس فيها فيجب أن يحجم عدد التلاميذ في الفصل و تنجز قاعات يمكن أن يدرس فيها الطلاب والإدارة يجب أن يحجم من واقع تحكم  مافيا الفساد فيها  ويجب أن يكون  هناك قدر  من المساواة و  العدل وعدم  التمييز وهناك الكثير من الظلم  وصحيح أن الوزير الحالي يحاول جاهدا وضع الإدارة  على السكة ولكن الأمور لما تتضح بعد، وعليه فإن الواقع مر ما يزال واقعا مرا حتى اللحظة.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع الزراعة في موريتانيا؟

العمدة محمدن بن آمغر: موريتانيا لدينا إمكانيات كبيرة جدا في مجال الزراعة فلدينا سهل شمامة وهو سهل خصب و طوله 500 كيلومتر وعرضه 25 كيلومتر وبالتالي موريتانيا أمامها فرصة كبيرة نتيجة لتوفر الأرض الزراعية وهناك مجموعة من الأمور التي تحجم العمل الزراعي من بينها الآفات الزراعية وهي أمور خارجة عن السيطرة ولكن عادة ما يخسر بعض المزارعين في الحملات بسبب عدم توفر الحاصدات وبإمكان الدولة أن توفر الحاصدات وبإمكانها أن تفتح الباب أمام التجار لتوفير الحاصدات بعيدا عن الاحتكار وأتوقع أنه إذا سارت الأمور على نفس الوتيرة بوجود مصانع التقشير وتجار في الميدان وتغلبت الدولة  كذلك  المشاكل والفوضوية  أن تتحسن الأمور في المنظور القريب.

موقع الفكر : ما تقويمكم لواقع الجريمة في موريتانيا هل تطورت أم هناك طفرة إعلامية؟

العمدة محمدن بن آمغر: الواقع  الحقيقي  أنه كلما كبرت المدينة ازدادت الجرائم هناك تناسب طردي بين حجم  المدينة ومعدل الجريمة ومدينة نواكشوط من أكبر المدن في موريتانيا وأكثرها نموا  وبالتالي زيادة الجريمة فيه أمر طبيعي وأعتقد أن الطفرة كانت في الإعلام أكبر منها في الواقع حتى أصبح وكأنه معدل مخيف وفي الواقع معدل في بلد مثل موريتانيا  يبقى معدلا معقولا نتيجة  للتفكك الأسري والتسرب المدرسي واستبدال المدرسة بمدرسة الشارع وانتشار البطالة ونتيجة لسوء الواقع المعيشي وتطور تقنيات الجريمة  وعدم مواكبة إدارات الأمن لواقع الجريمة من الناحية المالية  واللوجستية والفنية  ورغم ذلك أرى أن الجريمة ما تزال في معدل عادي جدا، طفرة في الإعلام أكثر منها في الواقع ولله الحمد.

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

العمدة محمدن بن آمغر: لسكان العرية لن آلو جهدا إن شاء الله تعالى في خدمتكم .

وليس يلام المرء في مبلغ الجهد.

وللحكومة ينبغي أن تبذلوا جهدا للارتقاء بالمستوى المعيشي والفكري للشعب الموريتاني فعمل الحكومة الموريتانية لا يزال سرابا بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ولرئيس الدولة آن الأوان أن تبذل جهدا أن  يتغير الحال وألا يكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، ولموقع الفكر أشكركم ولكم كامل الود و التقدير والاحترام.