الوزير السابق أعل ولد أحمدو في حوار شامل مع موقع الفكر: من الضروري إنشاء محطة لتحلية المياه بمدينة نواكشوط لاستخدامها عند الحاجة

السادة القراء يسرنا في موقع الفكر أن نلتقي بكم اليوم في مقابلة شاملة مع شخصية وازنة شغلت مناصب حكومية متعددة وسايرت فترات حساسة ومفصلية في مسار الدولة الموريتانية وأدارت ملفات مهمة ،إنه الوزير والسفير أعلي ولد أحمدو .

وقد تناولنا معه في هذه المقابلة رؤيته لواقع التنمية الحيوانية ومصادر المياه بموريتانيا، وإنجازاته في وزارة المياه والتنمية الريفية التي كان وزيرا لها خلال المرحلة الانتقالية 2005م. كما تناول اللقاء بعض القضايا المتفرقة والمطروحة على الساحة الوطنية.

فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم الوزير أعلي ولد أحمدو.

 

موقع الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهد والقارئ بشخصكم الكريم من حيث النشأة والدراسة وأهم الوظائف التي تقلدتم خلال مسيرتكم المهنية؟

الوزير أعل ولد أحمدو: الاسم اعل ولد أحمدو تلقيت التعليم في المرحلة  الابتدائية في مدينة تمبدغه والمرحلة الإعدادية في مدينة النعمة والمرحلة الثانوية ما بين لعيون ونواكشوط، وقد حصلت على شهادة البكالوريا ثم التحقت بجامعة داكار لأحصل على شهادة الدكتوراه في الطب البيطري سنة 1988م. ثم عدت بعدها إلى الوطن لأعمل في قطاع التخصص وهو قطاع التنمية الريفية وعملت أولا في الحوض الغربي لأنتقل بعد ذلك إلى مدينة نواكشوط لأعين مفتشا جهويا في القطاع ثم رقيت إلى رئيس مصلحة في إدارة البيطرة، فمديرا لإدارة البيطرة ثم انتقلت بعدها إلى عدة إدارات بوازرة التنمية الريفية، منها إدارة البحث والإرشاد والتكوين ومنها إدارة المصادر الرعوية والمركزية للأدوية البيطرية ،بالإضافة لعدة مشاريع في هذا المجال، وخلال الفترة الانتقالية 2005م. عينت وزيرا للمياه ثم عينت سفيرا للجمهورية الإسلامية الموريتانية بدمشق عام 2009م. ولمدة 11 عاما.

 

موقع الفكر: ما أهم المشاكل التي تواجه الصحة الحيوانية؟

الوزير أعل ولد أحمدو: أهم المشاكل التي كانت تعانيها الصحة الحيوانية هي المشاكل المتعلقة بالأوبئة وقد قامت الدولة بمجهود معتبر للقضاء على بعضها مثل وباء الطاعون البقري ووباء ذي الرئتين بالإضافة لعدة أمراض قد لا ترقى إلى مستوى الأوبئة لكنها تشكل حاجزا دون التنمية في هذا القطاع. 

وبالنسبة للمعوقات الأخرى فهي مرتبطة بالبيئة، والجفاف وعدم توفر المراعي كميا ونوعيا، خاصة في بعض مواسم السنة، والمساحة الكبيرة للوطن وصعوبة الوصول لبعض المناطق بالنسبة للمصالح البيطرية.

 

موقع الفكر: ما الجهود المبذولة لترقية هذه الثروة؟

الوزير أعل ولد أحمدو: الدولة تقوم بمجهودات لا بأس بها فيما يخص التأطيرالبيطري والتلقيح ضد بعض الأمراض الأساسية، وكذلك بالنسبة لتطوير الثروة الحيوانية، وفي السنوات الأخيرة شهدنا إدخال بعض السلالات على الأبقار، ولي الشرف أن أشير إلى أنني عملت في بداية هذا المشروع سنة 2004م. حيث عملنا في إطار ما يسمى ب"تحسين الثروة الحيوانية" آنذاك بدعم من البنك الإفريقي للتنمية على عقد اتفاقية مع جهات معينة في الخارج لإدخال هذه السلالات وتطور الوضع بعد ذلك إلى أن أدخلت هذه السلالات مع ما يتطلب ذلك من  متابعة ضرورية؛ لأن إدخال هذه السلالات يترتب عليه تغيير بعض العقليات فيما يخص التغذية و الاستفادة من الإنتاج، لأنه في الآونة الحالية ليس من الضروري أن يكون القطيع كبيرا؛ فبقرتان أو ثلاث يمكن لعائلة ما  أن تحقق احتياجاتها الأساسية من الألبان لكن من الضروري إيجاد وسائل للتسويق من خلال توجيهه إلى أسواق مضمونة حتى تتم الاستفادة من فائض الألبان وتصنيعها بما يخدم عملية التنمية والثروة الحيوانية، فهذه بعض المشاكل التي يجب على الدولة أن تعمل على تذليل العقبات في سبيل حلها .

والهدف من هذا المشروع هو إدخال سلالات ذات إنتاجية عالية، فهناك عدة سلالات تنتج حوالي أربعين إلى خمسين لترا من اللبن يوميا ،وعند تلقيح السلالات المحلية بها فإنها تعطي ما بين 20 إلى 30 لترا يوميا، وهذه الكمية يلزم استهلاكها أو تسويقها وهوما يتطلب سوقا أو مصانع جاهزة، وما يزال ذلك ناقصا حتى الآن.

والمشروع القديم كان الهدف منه إدخال هذه السلالات وتم ذلك وأصبح موجودا ما يسمى بالجيل رقم 1 وهذا الهجين له مترتبات تخصه من حيث التغذية والصحة ويلزم تكوين الأشخاص على طريقة التعامل معه وتسويق الإنتاج واستهلاكه وهذا ما يزال ناقصا حتى الآن نظرا لضعف البنية التحتية، وقد أنشئ مصنع واحد حتى الآن وهو مصنع "انكادي" بمدينة النعمة وبه بعض الاختلالات التي يلزم تصحيحها، ومن المؤكد أن الجهات الحكومية  بصدد معالجة تلك الاختلالات.

 

موقع الفكر: البعض يرى أن سبب قلة الإنتاج هو النقص الحاد في تغذية الحيوانات هل هذا صحيح ؟

الوزير أعل ولد أحمدو: لا، ذلك غير صحيح فالأبقار عندها عدة مؤهلات ومن المعلوم أن أبقار الساحل لا يمكن أن تعطي أكثر من عشرة لترات ولو وضعت في أحسن الظروف، ومن المعلوم أيضا أن السلالات المهجنة تهجينا جيدا على فترات طويلة يمكن أن تعطي ما بين 60 إلى 65 لترا لكنها تعاني هي الأخرى مشاكل صحية وضعف في التأقلم مع البيئة ولذلك نأتي بلقاح منها فتجمع  بين خصلتي كثرة الإنتاج من جهة ومقاومة بعض الأمراض والبيئة القاسية من جهة أخرى، وهذا هو الهجين المطلوب بقاؤه وتثبيته.

 

موقع الفكر: البعض يسأل عن المواد االمعالجة وراثيا هل هي مسرطنة؟

الوزير أعل ولد أحمدو: حسب معلوماتي لا خطورة فيه بل هو يغذى تغذية جيدة ويعتنى به مما يساهم في نموه نموا سريعا وليس فوق المعتاد كما يظن البعض.

 

موقع الفكر: لماذا لم تزرع الفصة بكثرة مع العلم أن الحيوانات تحتاجها ، هل قمتم بدراسة فيما يتعلق بزراعتها؟

معالي الوزير أعل ولد أحمدو: مشاريع الزراعة ممكنة فعلا، وفيما يتعلق بالفصة فقد زرعت لكن ليس على المستوى المطلوب نظرا لأولويات المزارعين فهم ليسوا متأكدين من شراء الناس لها بكثرة وبالتالي لم تنتشر كانتشار زراعة الأرز؛ لأن سوقه مضمونة، لكن إذا توجهت إليها الدولة بجدية وقامت بتشجيع مزارعين من هذا النوع وتكفلت بتعويض العجزلدى المزارعين فحينها نستطيع تأمين حاجيات الحيوانات منها.

 

موقع الفكر: ما أهم المشاكل التي تعاني منها وزارة التنمية وما أهم إنجازاتكم فيها؟

 الوزير أعل ولد أحمدو: أنا لم أكن يوما وزيرا للتنمية حتى يكون لدي تصور شامل حول عمل الوزارة لكن القطاع الذي كنت أعمل فيه أنجز إنجازات معتبرة فيما يخص الصحة الحيوانية حيث قضى على مجموعة من الأوبئة والأمراض كما كان يواجه الأوبئة التي كانت تجتاح الثروة الحيوانية من فترة لأخرى، وأدخل تقنيات مهمة في مجال البيطرة كما أشاع ثقافة استخدام الأدوية إذ لم تكن الناس تشتري أدوية الحيوان أو تعيرها اهتمامها. كما أدخل للقطاع السلالات المنتجة التي لها مشاكلها الإيجابية والسلبية التي تستلزم تدخل الدولة دائما. كما شارك في تنظيم المنمين في بعض المناطق، بحيث صار بإمكانهم تنظيم أنفسهم وتموين أنفسهم أيضا بالأعلاف والأدوية ولهم صيدلياتهم المحلية التي ساهمت بها الدولة مع مشاريع مختلفة لخلق رصيد يمكن البناء عليه فيما بعد من طرف المنمين، كما ساهم بحفرالآبارفي المناطق الرعوية التي لم يكن في الإمكان الوصول إليها بسبب ندرة المياه كمنطقة ظهر النعمة وغيرها .

وحفر الآبار مكون أساسي في جميع الخطط الاستعجالية بعد توفير العلف وغيره من الأمور الضرورية، فتعمل الدولة خلال سنوات الأزمات على حفر الآبار لتوفير نقاط مياه في الأماكن التي توجد بها مراعي لكنها لا تتوفر على الماء، ربما تكون هناك سلبيات لمثل هذه الخطوات – وأنا دائما أشير إليها- لأنه عند حفر الآبار تنشأ عنها نقاط تقري جديدة ستشكل فيما بعض نقاط تصحر جديدة، فأعتقد أنه إذا كان بالإمكان تعطيل هذه الآبار ونقاط المياه بعد انتهاء الأزمات فيكون ذلك أسلم من تركها.

 

موقع الفكر: هل هناك جهود فيما يتعلق بالتوعية في مجال استخدام الأدوية الحيوانية؟ 

الوزير أعل ولد أحمدو:  الأدوية كلها خطرة إن استعملت بكمية زائدة عن المطلوب، لكن إن استعملت استعمالا صحيحا يكون خطرها منعدما أو في أدنى مستوياته  قليلا، بالنسبة لحقنة "هيموفوغ" استعملت بشكل مفرط نظرا لفعاليتها وكونها تقضي على الديدان والحشرات الخارجية ولكن لا ينبغي على حسب علمي إعطاؤها لحيوان ينتج اللبن أو يزمع شرب لبنه.

وتقول إرشادات المخبر الذي صنعها إن هذا الدواء لا ينبغي إعطاؤه لحيوان يشرب لبنه ويمكن أن يؤكل لحم هذا الحيوان بعد ثلاثين يوما من حقنه.

 

موقع الفكر: ماأهم الأدوية التي ينبغي على ملاك الماشية استعمالها؟

الوزير أعل ولد أحمدو: بالنسبة للخريطة الموريتانية كانت المصالح دائما تنصح باللقاحات السنوية كاللقاحات المتعلقة بالأمراض والأوبئة الكبيرة بالنسبة للبقر والغنم، وللإبل  الأمراض المزمنة مثل "إميندي" وغيره.

ومن الضروري إعطاء الأدوية وقائيا وعلاجيا إن كان مالك الحيوانات يريد تحصيل ثروات من حيواناته.

واللقاحات كانت مجانية لكن مع برامج البنك الدولي أصبحت الدولة تشارك مع المنمين في توفير اللقاحات لكي تكون متوفرة.

 

موقع الفكر: البعض يرى أن الدراسات المتعلقة  بالإبل ما زالت متأخرة عن تلك المتعلقة ب الحيوانات الأخرى، فهل هذا صحيح ؟

الوزير أعل ولد أحمدو: صحيح أن الغرب اهتم بأمراض الحيوانات التي يستعملها لكن هناك مراكز أخرى في دول آسيا وغيرها تهتم بأمراض الإبل وإنتاج اللقاحات الضرورية لها ، وهو ما تستفيد منه بلادنا في تتبادل المعلومات وليست أمراض الإبل مجهولة وإن كانت ليست بكثرة الأمراض الموجودة في البقر والغنم ولأن الإبل حيوان متناغم مع البيئة التي يعيش فيها.

 

موقع الفكر: لدينا ثلاثون مليون رأس من الحيوانات غير داخلة ضمن الدورة الاقتصادية، من هنا  البعض  ينتقد على الدولة تقديم الأعلاف للمنمين ما رأيكم ؟

الوزير أعل ولد أحمدو: موريتانيا تستفيد من هذه الثروة الحيوانية لأنها على الأقل لا تستورد مادة اللحم كما تصدر سنويا عشرات آلاف الحيوانات من كباش وأبقار لدول كالسنغال ومالي وبوركينافاسو وبنين وساحل العاج والبعض يحتاج إلى هذه الثروة موسميا والبعض الآخر يحتاج إليها على مدار العام ،وهو ما يعود بالنفع الاقتصادي على البلاد، وهو دخل اقتصادي كبير لكن الأضواء غير مسلطة عليه وحسب الأرقام الموجودة لدى الإدارات فهو دخل كبير.

واستيراد الألبان من الخارج إنما هو بسبب الهدر وعدم التنظيم لهذه الثروة، ولأن الإنتاج موسمي خلال فترة شهرين أو ثلاثة ولو أنه خزن وعولج لكانت له نتائج كبيرة لكن النقص يعود إلى نقص البنى التحتية من كهرباء ومصانع وسيارات مخصصة لنقل البضائع وتسويقها.

 

موقع الفكر: كيف تم تعيينكم على وزارة المياه؟

الوزير أعل ولد أحمدو: استدعاني الوزير الأول سيدي محمد ولد بوبكر وأخبرني أنه تم تكليفي بوزارة المياه وهي وزارة مقتطعة من وزارة كبيرة تسمي وزارة المياه والطاقة والتنمية الريفية، نظرا لإعادة هيكلة الوزارات ولم يكن هناك صرف صحي وعملت بالوزارة طيلة 18 شهرا وكان العمل الحكومي آنذاك عملا جماعيا والهدف منه إجراء انتخابات شفافة، وكانت الموارد شحيحة، ففي تلك الفترة توقفت تمويلات البنك الدولي نظرا لمشكلة الأرقام غير الدقيقة التي أثيرت قبل ذلك وبدأت الحكومة تعالج تلك الاختلالات، وبعد فترة من إعادة تنظيم وهيكلة الوزارة بدأنا نعمل على أولويات الوزارة حسب البرامج المعدة آنذاك والهدف الأساسي من وجود الوزارة هو توفير الماء الصالح للشرب للمواطنين وللحياة الاقتصادية كلها كالصناعات وغيرها، وفي هذه الفترة كان الأساس من عمل الوزارة هو تذليل العقبات أمام البرنامج الكبير الذي كان يسعى إلى تزويد مدينة نواكشوط بالماء وهو برنامج "آفطوط الساحلي" لأن سكان نواكشوط يبلغون حوالي مليون ساكن وهو ما يمثل ربع السكان، وبالتالي بذلنا جهودا مضنية في هذا المضمار، وأعتقد أننا أنجزنا في نهاية المرحلة جميع الصفقات المتعلقة بالمشروع. لكن المشكلة كانت في التمويل فهناك تمويل من الصندوق العربي للإنماء الاجتماعي والصندوق السعودي والصندوق الكويتي لكن عندما عرضت كل شركة المبالغ التي يمكن أن تنجز بها الجزء الخاص بها من المشروع وجدنا أن إجمالي المبالغ أكبر بكثير من مبلغ القرض الأولي.

وكان الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي سخيا مع موريتانيا في بذل المبالغ المطلوبة وحتى إنه ساعد في جذب الآخرين للمساعدة في توفير المبالغ المطلوبة. وأصبحت الشركات جاهزة للعمل.  وساهم نفس الصندوق بشكل كبير في تمويل مشروع آخر متعلق بالمشروع الأول هو تمويل إعادة بناء شبكة مياه نواكشوط لأنه تبين أن المياه المزمع ضخها من النهر لا يمكن للشبكة القديمة تحملها نظرا للتهالك والقدم؛ ولأن أقصى ما كانت توصله شبكة إديني هو 50 ألف مترمكعب يوميا، في حين أن هذا البرنامج سيضخ على الأقل ما بين 120 ألف متر مكعب إلى 130 ألف متر مكعب يوما، وتفهم الشركاء هذا الموضوع وبدأوا في المساهمة في التمويل كما أسلفت آنفا.

كما استكملنا في تلك الفترة بعض الدراسات الضرورية المتعلقة بخريطة موريتانيا المائية، وكما قلت سابقا اتخذ قرار فيما يتعلق بمياه بحيرة "اظهر" بعد التأكد من أنه يمكن جلب الماء منها، وطلب مني رئيس الدولة السابق أعل ولد محمد فال الإعلان عن اتخاذ قرار بتزويد بعض المدن بمياه اظهر دون ذكر لأسماء محددة.

وهناك مشاريع لم يتم تنفيذها وهي دراسات متعلقة بتحلية المياه وهو مشروع كبير وطموح في إطار الأمن المائي، فمدينة نواكشوط والمدن الموجودة على شاطئ الأطلسي من الضروري أن توجد بها محطات للتحلية وذلك لاستخدامها عند الحاجة وفي تلك الفترة عقدنا عدة اجتماعات بالقصر الرئاسي حول هذا الموضوع، وطلب من وزارة المياه  العمل على كيفية إنشاء مشروع كهذا ووجدنا شركاء أجانب مستعدين لاستجلاب التجهيزات المطلوبة في فترة معقولة لكنهم طلبوا أن يتولوا التحصيل من المواطنين على مدى ثلاثين سنة و لكن نظرا لطول أمد الالتزام لم يكن من اللائق أن تأخذ حكومة انتقالية مثل هذا الالتزام فاستبعد المشروع. ومن المشاريع كذلك التي تم تقديمها في زيارة قام بها الرئيس آنذاك إلى الصين مشروع الصرف الصحي ولكن لم يكتب لهذا المشروع أن يجد تمويلا، وأرى أنه يمكن أن ينفذ هذا المشروع، وأن يتم تقديمه لبعض الممولين، فمدينة مثل نواكشوط لا يمكن تركها بدون صرف صحي تسبح على بحيرة من الفضلات والمياه المضرة بالصحة، ومن الغريب أننا نسكت على هذه الوضعية، حيث نعيش فوق هذه البحيرة الكارثية.

وقد واصلت الوزارة عملها التقليدي في تموين القرى بالمياه وصيانة ما هو موجود من الشبكات القديمة وإنشاء شبكات جديدة عن طريق المؤسسات التابعة للوزارة، وأنشأت في تلك الفترة عشرات شبكات المياه.

وأحدثت نوعا من خصخصة تسيير الشبكات حيث يصبح المسيرون المحليون شبه مؤسسات صغيرة خاصة يتقاضون من رواتبهم من المياه الموفرة من قبل الدولة وبعض الشركاء، وتحديد أسعار المياه في كل منطقة حسب أسعار المدخلات الأساسية كالبنزين والزيوت والصيانة الضرورية وغيرها من الخدمات، وهذا ما وفر المياه في عشرات القرى النائية في إطار مشروع "آنيبا".

وبالمناسبة من أكبر العقد التي واجهتها الوزارة هي المؤسسات التي تعمل باستقلالية وعدم التنسيق مع الوزارة كوكالة النفاذ الشامل ومكافحة الفقر و بعض المنظمات غير الحكومية. حتى أن بعض هذه المنظمات كان يقوم بإنشاء شبكات دون علم الوزارة الوصية وهذا من التحديات الأساسية التي كنا نواجهها في تلك الفترة.

 

موقع الفكر: ماذا أنجزتم فيما يتعلق بمنطقة "تامورت النعاج"؟

 الوزير أعل ولد أحمدو: "تامورت النعاج" منطقة زراعية لم أكن على علم بأن فيها مشروعا له علاقة بالمياه لكن في فترة وجودي في الوزارة ركزنا على المياه السطحية وقلنا إنها يجب أن تستغل باعتبارها مصدرا من مصادر المياه واستغلالها يختلف عن استغلال المياه الجوفية وهذا يتطلب تغييرا حتى في عقليات الفنيين ويجب ألا يؤثر استغلالها على البيئة وهذا في إطار استراتيجية وطنية بعيدة المدى، تعمل على إنشاء خزانات وطنية وشبكة وطنية. وهذا يتطلب وسائل كبيرة.

 

موقع الفكر: ماذا أنجزتم في مناطق الشمال أثناء توليكم وزارة المياه؟

الوزير أعل ولد أحمدو: نواذيبو مزودة بالماء من بحيرة "بولنوار" ولا مشكلة فيها إلا ما كان من نقص في الآبار أو نقص في الشبكة، وهناك مشروع جديد لتموين المدينة من خلال توسعة الشبكة وحفر آبار جديدة على المدى المتوسط على أقل تقدير.

وفيما أعتقد أنه يوجد الآن توجه أو مشروع جديد يتعلق بتوسعة تلك الشبكة حسب معلوماتي من أجل تموين مدينة نواذيبو بالمياه على المدى المتوسط.

 

موقع الفكر: لماذا لم تدرسوا خيار شق قناة من نهر السنغال إلى الشمال الموريتاني؟

الوزير أعل ولد أحمدو: لم ندرس الموضوع؛ لأن الفترة كانت فترة استثنائية وقصيرة. وكانت لنا في الشمال مشاريع  آبار ارتوازية في منطقة ازويرات وأذكر أن البنك الإسلامي سحب تمويلها لبطء تنفيذها، ويعود البطء أساسا إلى الحكامة وعدم التنفيذ.

وكنا نشكو من أن شركة MCM تستنزف كميات كبيرة من المياه الجوفية.

 

موقع الفكر: ماذا عن استغلال النهر؟ هل فكرتم في تزويد  كيفة بالماء الشروب انطلاقا من النهر؟

الوزير أعل ولد أحمدو: كيفه كنا دائما نفكر في موضوعها ولا يمكن أن يتم الحل النهائي إلا من خلال النهر أو سد فم لكليته، إذ لا توجد مياه جوفية يمكنها أن تسد حاجة المدينة من الماء الصالح للشرب حسب المعلومات الجوفيزيائية، والحلول حتى الآن حلول ترقيعية وحينما كنت وزيرا لم نقم بالدراسات اللازمة لهذا المشروع الكبير.

 

موقع الفكر: هل تصنف موريتانيا ضمن  الدول الفقيرة أو الغنية مائيا؟

الوزير أعل ولد أحمدو: موريتانيا دولة صحراوية توجد بها العديد من مصادر المياه لكن توزيع المياه قد لا يكون متطابقا مع توزيع السكان، هناك مناطق فيها بحيرات معتبرة وبها مناطق فيها مياه سطحية وفيها مناطق كأضاة المحمودة بالحوض الشرقي ومقاطعة باركيول في ولاية لعصابه بها هي الأخرى أماكن  ذات مياه سطحية لكنها غير مستخدمة مصدرا للمياه بل يستخدمها بعض الماليين للصيد.

وكذلك هناك مناطق بلعصابة توجد بها العديد من نقاط المياه لكنها بعيدة عن مناطق وجود السكان، توجد منها نقاط بمقاطعة باركيول، لكن من الصعب تغذية كيفه من فم لكليته؛ فلكي تغذي مدينة كبرى كمدينة كيفه، تحتاج إنشاء عدة تجيهزات. وهذا عكس عملية تغذية باركيول المؤسسة على أنبوب واحد ومحطة واحدة للتصفية وخزان واحد.

أما بالنسبة لبحيرة اظهر فدراساتها غير مكتملة، والبعض من الدراسات تقول إنها متجددة من نهر النيجر وهو الحال بالنسبة لبحيرة اترارزه التي يقال إنها هي الأخرى متجددة من النهر السينغالي.

 

موقع الفكر: ماذا عن الهدر الذي يمارسه السكان وأنتم كنتم في المشرق وتعرفون أن البيوت تستعمل الماء المالح للغسيل وغيره من الحاجيات بينما الماء العذب يباع معلبا وهل وضعت خطط لمواجهة هذا الإشكال؟

الوزير أعل ولد أحمدو: الدول التي تحدثتم عنها بها صرف صحي منذ قرون، لذلك إذا لم يوجد صرف صحي فلا يمكن حل هذا النوع من الإشكالات.

فالصرف الصحي إذا وجد وربطت به المنازل يمكن أن يبحث عن حل للمخلفات القديمة، ويلاحظ في بعض مناطق نواكشوط ظهور برك مياه وذلك نتيجة لقرب المياه الجوفية ولأن مدينة نواكشوط تقع تحت سطح البحر، ولأن كل منزل في المدينة مشيد على بحيرة ذاتية نظرا لما يمر تحته يوميا من مياه الصرف الصحي.

أيامي في الوزارة كانت توجد خلية تابعة للصرف الصحي تحت وصاية الشركة الوطنية للمياه وهي مسؤولة عن متابعة وتخزين مياه الصرف ولا أعرف كيف يتعاملون معه هل يبيعونه للحدائق لست أدري، وهم يقومون على الصرف الصحي لمدينة نواكشوط الأولى.

 

موقع الفكر: نلاحظ أن مدينة نواكشوط دائما تعاني العطش في حين نجد أن المزارعين في مقاطعتي دار النعيم وتوجنين كثيرا ما يثقبون أنابيب المياه ويأخذون منها حاجتهم لماذا لم تحل هذه المشكلة؟

الوزير أعل ولد أحمدو: هي عملية قرصنة للشبكة، وقد شاهدتها أيام كنت وزيرا وعملنا على وقفها، لكن الدولة كثيرا ما تراعي مجموعة من الاعتبارات منها على سبيل المثال أن هؤلاء الأشخاص لا يمتلكون مصدرا للعيش غيرهذا العمل ،فتقتضي الضرورة أن يتم التغاضي عنهم لبعض الوقت إن كانت هناك وفرة في المياه.

 

موقع الفكر: ما تقويمكم لأداء  للشركة الوطنية للمياه؟

الوزير أعل ولد أحمدو: الشركة الوطنية للمياه مؤسسة من مؤسسات الدولة وأيام مجيئنا للوزارة كانت في تلك الفترة في حالة إفلاس بسبب سوء الحكامة ،وتلتزم الحكومة لها أحيانا ولا تسدد وتأخذ ديونا من البنك وفي تلك الفترة غيرنا المدير واعتبرنا أنه كان شريكا في هذا الإفلاس وعينت الحكومة مديرا جديدا ،وقام بإعادة هيكلتها وضخت لها الحكومة مبالغ مالية واستطاعت أن تبدأ من جديد على أساس سليم.

وهذه الفترة من أحسن فتراتها في اعتقادي، وبدأت بعض المشاريع كمشروع آفطوط الساحلي واستطاعت أن تبدأ بعض المشروعات التي كانت متوقفة وبدأت بناء مقرها الجديد ومكنها ذلك من ترشيد نفقاتها. وعلى العموم فيها بعض من الهدر وأكبر مشكلة كانت هي هدر المياه، لأن نسبة كبيرة من المياه التي تستجلب تذهب دون فوترة، وهذا له عدة أسباب كتسرب شبكة المياه أو السرقة من الأنابيب كما ذكرت مسبقا، وإذا نظرنا إلى المياه المسجلة في الخزان الرسمي وإلى المياه "المفوترة" -ولا أذكر أرقاما بالتحديد- سنجد تفاوتا كبيرا، وأذكر أن هذا الموضوع كان مطروحا بقوة آنذاك.

 

موقع الفكر: ما الآلية المتبعة في اكتتاب عمال الشركة الوطنية للمياه؟

الوزير أعل ولد أحمدو: أذكر أنه في تلك الفترة اقترح علي مدير الشركة أن تكون العلاقة غير مباشرة بين الشركة والعمال وإنما تتم عبر وسطاء ووافقت له على المقترح، لأن مشاكل العمال لا تنتهي ولا أذكر أنه أجري اكتتاب رسمي في تلك الفترة.

 

وأعتقد أن قرار الفصل بين الشركتين (الشركة الوطنية للمياه والشركة الموريتانية للكهرباء) كان قرارا صائبا لأن كلتيهما أصبحت جسما هائلا لا يمكن التحكم فيه، وضرائب شركة الكهرباء تختلف عن ضرائب شركة المياه لأن الأولى تضع ضريبة على أضواء الشوارع وعلى عدة أمور بينما ضرائب المياه أخفض وكلما ازداد الاستهلاك ارتفع السعر، فالفصل بينهما يسقط العبء عن الشركة الوطنية للمياه.

 

موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟

معالي الوزير أعل ولد أحمدو: أشكركم جزيلا على إتاحة هذه الفرصة ونرجو لموقعكم المحترم أن يتألق في المستقبل بإذن الله، وشكرا.