حبيب الله بن أحمد: هنالك تجهيل ممنهج لغياب مدرسة موريتانية جمهورية تسعى إلى خلق تنمية بشرية مستقلة

هذا السؤال مفخخ؛ لأن الحديث عن التعليم يقتضي الحديث عن تاريخ التعليم، ويقتضي أيضا استشراف مستقبل التعليم، والتعليم في موريتانيا يعاني بسبب مروره بحقب منها إصلاح 99 19م. ومشاكل 66 19م. والآليات التي وضعت لإصلاحه، والشد والجذب بين المدرسين والوزارة والمشاكل في المناهج الدراسية  وغياب الخبرات وضعف القدرة الاستيعابية للمؤسسات العليا ومن أكبر المشاكل غياب المدرسة الجمهورية فأنت إذا دخلت أي مدرسة موريتانية لا تحس بأن هناك جهودا لخلق جيل موريتاني موحد، ففي أيام المختار بن داداه عليه رحمه الله رغم الجفاف والحرب  والمشاكل في بداية النشأة ومع ذلك كنت هناك مدرسة جمهورية موحدة ولباس موحد وعزف للنشيد الوطني ورفع للعلم وتحس بأن هناك مدرسة جمهورية حقيقية  رغم الفقر والخصاصة ورغم أننا حاليا لدينا إمكانيات حقيقية ولله الحمد ولكن تنقصنا الإرادة ويجب أن تكون المدارس العمومية مصنعا للوطنية ولا يمكن أن تكون المدارس العمومية حكرا على أبناء الفقراء والطبقات الهشة بينما أبناء الأثرياء يذهبون إلى المدارس الخاصة والمعاهد الأجنبية. وأقترح أن تكون السنة الأولى والسنة الثانية والثالثة حكرا على التعليم العمومي وأن يصبح من حق المدارس الخصوصية التدريس ابتداء من السنة الرابعة، لأنه يمكن أن نخلق جيلا موحدا، وأذكر أنني كنت أدرس في إعدادية المربط مع أبناء الأغنياء ولم نكن نشعر بأن هناك فرقا بيننا وكان ابن الغني يأتي في سيارة فارهة ويجلس بجانبي وأنا الذي لا أملك حمارا ولا شيء وكنا نحن جيل السبعينات والثمانينات جيلا نظيفا، جيلا موحدا وليست لديه تلك الفوارق الطبقية بأن ذاك فقير وهذا غني. وأظن أن الدولة الموريتانية ظلت محافظة على المدرسة الجمهورية إلى حدود منتصف الثمانينات وبداية التسعينات وضاع المفهوم الجمهوري للمدرسة وهناك أيضا مشكلة الازدواجية  فنحن نكون جيلين متنافرين فهؤلاء يعرفون اللغة الفرنسية وهؤلاء يعرفون اللغة العربية ومع الأسف نسبة كبيرة مزدوجة لا تعرف اللغة العربية ولا اللغة الفرنسية؛ لأن هنالك تجهيلا ممنهجا لغياب مدرسة موريتانية جمهورية تسعى إلى خلق تنمية بشرية مستقلة.