الاستاذ الجامعي بوننه محمد سالم: واقع التعليم مترد، ويزداد ترديا وانحدارا.

موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في بلادنا؟

الدكتور و المحامي  و الأستاذ الجامعي بوننه محمد سالم: واقع التعليم متردّ، ويزداد تردّيا وانحدارا.

موقع الفكر: ما تقويمكم للإصلاحات التربوية التي قيم بها، وما العوامل التي أدت بها جميعا إلى الفشل؟

الدكتور بوننه محمد سالم: الإصلاحات قبل إصلاح 1979م كانت تسير في الاتجاه الصحيح وهو التعريب المتدرج، أما إصلاح 1979م فكان كارثيا حيث جعل المجتمع مجتمعين: مفرنسا ومعرّبا، وكان إصلاح 1999م. عودة لتوحيد المنهج، فكأنه عودة لإصلاح 1973م. لكن مقاربة الكفايات جعلت تطبيقه في واقعنا متعذّرا، فازداد به التعليم انحطاطا والمستويات تدنّيا. أما إصلاح 2016م فمن إيجابياته التحرر من مقاربة الكفايات إلا أنه نسخ بإصلاح 2020م. قبل أن يكتمل تطبيقه، كما أن إصلاح 2020م الموسوم بالمقاربة الشمولية يتسم بالغموض وعسر التطبيق.

-لعل من عوامل فشل هذه الإصلاحات مركزية اللغة الفرنسية فيها حيث تدّرس بها الموادّ العلمية، وربطها بنظريات يصعب تطبيقها كمقاربة الكفايات والمقاربة الشمولية واكتظاظ الفصول وعدم توفر متطلبات تدريس العلوم الدقيقة، فالفيزياء والكيمياء فهمهما محدود لعدم توفر المختبرات مثلا.

- إصلاحات مرتجلة، متجاهلة للواقع، مستوحاة من غير واقعنا

- صحيح، فهي لم تنطلق من فلسفة تربوية محددة الأهداف تجيب على الإشكال الجوهري: من نحن؟ وما ميزات المواطن الصالح الذي نريد لمنهجنا أن ينتجه؟ كما أنه لم يلبث أي إصلاح تعليمي واحد فترة تكفي لتخريج جيل يحمل ملامح ذلك الإصلاح، فمن أمثل هذه الإصلاحات السابقة إصلاح 1973م الذي أشرف عليه الأستاذ محمذن باباه، وزير التعليم يومها، فقد بدأ تطبيقه 1975م. وأنهاه إصلاح 1979م. الذي هو في الحقيقة إجراء قسم المجتمع مجتمعين.

موقع الفكر: ما الأسس الموضوعية والفنية للإصلاح الجاد( العناصر اللازم توفرها لكي يبلغ الإصلاح الغايات والأهداف المؤملة)؟

الدكتور بوننه محمد سالم: تحديد الأهداف، والانطلاق من الناظم الحضاري بأن ينطلق الإصلاح من دين المجتمع ولغته دون إملاءات خارجية، مع توفير اللوازم المطلوبة من قاعات ومختبرات ومن عنصر بشري، كما أن تعليما يراد نجاحه لا بد من العناية بمن يقوم عليه وتكريمه معنويا وكفايته مادّيا وتكوينه تكوينا مستمرا.

موقع الفكر: هل المشكل اللغوي مشكل تربوي أم سياسي؟

الدكتور بوننه محمد سالم: المشكل اللغوي مشكل تربوي تحول إلى مشكل سياسي بسبب أن بعض فئات الشعب لا تعتبر العربية لغتها ، لكنها لغة الإسلام الذي يدين به الجميع.

 موقع الفكر: ما المخرج السليم من الإشكال اللغوي( ما المقاربة الأمثل في نظركم لحل هذا الإشكال؟) -هل هو تعميم اللغة العربية أم إدخال اللهجات  أم الإبقاء على الفرنسية كعامل موحد؟

الدكتور بوننه محمد سالم: المخرج السليم من الإشكال اللغوي أن نتصالح مع ذواتنا ونختار لغة واحدة جامعة بيننا فندرس بها العلوم المختلفة شأن كل الدول التي ارتقت وتقدمت لتدريسها العلوم بلغة واحدة رغم تعدد اللغات واللهجات، بالإضافة لاختيار أمثل اللغات العالمية لنتواصل بها مع العالم، وهذه اللغة هي اللغة العربية لغة ديننا ولغتنا الرسمية.

موقع الفكر: ما ذا عن واقع موظفي التعليم؟ ( هل تحقق الدولة كمشغل الحد الأدنى من الرضا المهني- الضروري للمردودية- للعاملين في المجال التربوي مثل الرواتب المجزية الضمان الصحي العناية بالأسرة والمعاشات، التحفيز، التكوين المستمر، الترقي في السلم الوظيفي؟

الدكتور بوننه محمد سالم: لا شيء من ذلك متحقق في واقعنا، فالرواتب هزيلة ويزيد الغلاء هزالها، والضمان الصحي ناقص، والمعاشات قليلة والتحفيز نادر إن لم يكن منعدما ولا تكوين مستمرا، أما الترقي في السلم الوظيفي فتتحكم فيه غالبا الوساطة والرشوة.

موقع الفكر: هل يمكن النهوض بالتعليم بموظفين يعيشون واقعا مثل واقع المدرس؟

الدكتور بوننه محمد سالم: بالطبع لا يمكن إلا إذا كان المدرّسون ملائكة.

موقع الفكر: إلام  ترجعون الأزمة المستفحلة في نسب النجاح في الامتحانات الوطنية.

وهل ترون أن هذه النسب الكارثية للنجاح في الامتحانات مظهر من مظاهر الفشل أم أنها مظهر من مظاهر الجدية والصرامة في التقويم كما يرى بعضهم ؟

الدكتور بوننه محمد سالم: هي مظهر من مظاهر الفشل، وإذا كان بعض المصححين جادين فجديتهم كشفت عن الفشل.

موقع الفكر:  التدني الشديد في مستوى جامعتنا والتي تحتل ذيل الترتيب العالمي هل له علاقة بالفشل في المراحل الابتدائية والثانوية أم في إدارة وتخطيط وتمويل قطاع التعليم العالي؟

الدكتور بوننه محمد سالم: له علاقة بالفشل في المراحل الابتدائية والثانوية، كما أن للإدارة والتخطيط والتمويل دورا في ذلك.

موقع الفكر: إلام ترجعون الأزمة المستفحلة في القدرة الاستيعابية في مختلف مؤسسات التعليم العالي؟.

الدكتور بوننه محمد سالم: سبب الأزمة الاستيعابية ضعف الإنفاق على هذا المجال وسوء التسيير والإدارة.