ميناء نواذيبو أول أيام الإغلاق: حركة دائبة وجدوائية مشروطة  (تقرير)

الفكر(نواذيبو): حركة دائبة ونشاط محموم يعرفه الميناء التقليدي بنواذيبو قبل ساعات من موعد بدء العطلة البيولوجية للصيد الصناعي والأعماق.

قوارب و وزواق من مختلف الماركات والاحجام ترسو في غير انتظام على الرصيف فيما تملأ الأفق جيئة وذهابا زوارق الصيد السريعة وهي تنزل حمولتها من البحارة ومعدات صيد الأخطبوط ثم تعود الكرة لتأتي بالمزيد.

ساعات فاصلة تمثل نهاية مرحلة لبعض الصيادين  وبداية أخرى لغيرهم.

مزاولو الصيد السطحي من أسماك القشريات ينتظرون هذه اللحظة ليخلو لهم عرض البحر، ويلقوا بشباكهم دون أن تزعجهم زوارق صيد الأخطبوط ، ولا بواخر الصيد الصناعي العملاقة ذات المعدات الضخمة والطواقم المتمرسة.

أما المعنيون بقرار الإغلاق فيودعون البحر وهم مكرهون ،مع أنه لا وقت لديهم لإظهار المشاعر والتعلق بالماضي ،فهم منشغلون بطي شباكهم والتأكد من سلامة أسطوانات البلاستيك السوداء التي يستدرجون بها الأخطبوط.

وفي المقابل لا تزال زوارق الصيد تلقي بحمولاتها من الأسماك الطازجة التي يتلقفها الباعة، ليعاودوا عرضها من على عربات البيع، ومنافذ تسويق السمك المنتشرة على طول الشاطئ.

 

حركة دائبة

محمد أمبارك ولد الشيخ خمسيني من سكان الترحيل في ضواحي المدينة، كان من مزاولي صيد الأخطبوط لكنه حضر اليوم إلى الشاطئ ليبدأ أول رحلة له بعد الحظر لصيد القشريات ،أو صيد الكشبه كما يسمونه.

هنا يجهز قرابه بالمواد التموينية ويتأكد من سلامة شباكه قبل أن ينطلق في رحلة قد تستمر أياما في عرض البحر كما يقول.

إنه مثال لصيادين كثر أرغمتهم الظروف المعيشية الصعبة على الجمع بين نمطي الصيد والتعرض لنفحات البحر في كل من مواسم الإغلاق والفتح.

 

تأثير ضعيف

من جهته يعمل محمد أمبارك المولود في جزيرة لكويرة في صناعة الشبابيك أو "fils a tourner" كما يسمونها، هنا جاء مع بدء الإغلاق لعرض بضاعته المزجاة والتي عادة ما تلقى رواجا ،في مثل هذه المواسم لدى هواة الصيد السطحي الذين جاءوا، ومن اليوم الأول ليخلفوا زملاءهم من صيادي الرخويات والاخطبوط.

غير بعيد داخل الميناء تمتد معروضات السمك من مختلف الأنواع ،في السوق المعروف محليا بسوق اليابان يتحدث رواد السوق عن ضعف تأثير الحظر على أسعار السمك ،والتي تظل غالية بشكل عام ويكفي أن كلغ سمك الكربين وصل اليوم حوالي ٢٩٠٠أوقية قديمة ،كما يقول النقابي عزيز وهو يعمل على تعبئة إحدى الطلبيات من نفس النوعيات في صندوق من الكارتون بعد تغليفها بالبلاستيك.

 

قوارب من ماركات شتى

يدفع أحد الصيادين عربة محملة بالثلج وبعض مواد التموين نحو الرصيف وهو يتحرك بحذر وسط زحام من البحارة والباعة والمتسوقين، إنه يريد اللحاق برحلة صيد قد تستمر لأسابيع في عرض البحر، كما يقول وهو يشير إلى ماركات القوارب التي غص بها الرصيف، والتي لا تعمل كلها في مجال الصيد فمنها قوارب الرقابة البحرية التي تبدو أكثر تجهيزا وتماسكا ،ومنها قوارب تعمل بالأجرة لنقل البحارة والصيادين إلى قواربهم الجاثية وسط المحيط كما تحمل المحروقات والمؤن ولربط السفن باليابسة.

 

جدوائية مشروطة

يؤكد الجميع هنا على أهمية الإغلاق وفترة الراحة البيولوجية ،لتكاثر الرخويات وزيادة تنوع الحياة البحرية، لكن البعض لا يخفي قلقه من عدم جدوائية هذا الإجراء ،بعد ما أصبح واقع الصيد البحري على شفا الكارثة بسبب الاستنزاف والصيد الجائر، وارتفاع التلوث البحري إلى مستويات غير مسبوقة لا يجدي معها غير سنتين أو أكثر من الإغلاق ،كما يقول محمد المختار محمد الأمين الذي يعمل في مجال تصنيف الأسماك.

يتساءل البعض عن جدوى الغلق في ظل الحديث عن حالات خرق متكررة ،ولجوء البعض إلى ما يسمونه بالكزرة لخرق سريان الحظر والوصول إلى المناطق المحظورة.

 

احتكار ومضاربة

لا يعول كثيرون هنا على بدء الإغلاق في توفير الأسماك وخفض أسعارها ،بعدما وصلت النوعيات الجيدة إلى مستويات غير مسبوقة، كالأخطبوط الذي يباع الكلغ منه اليوم في حدود 4500 أوقية وكان العام الماضي علامة فارقة ،عندما هبطت الكميات المصطاد منه إلى 654 طنا، في شهر ديسمبر مقابل، 4384 طنا، في 2019.

فيما شهدت الكمية تحسنا في هذا العام، لكنه تحسن محكوم بقواعد الاحتكار والمضاربة ،وبالتالي لم يترك أثره على الأسعار التي ظلت في منحى تصاعدي، و إلى اليوم كما يشرح المتسوقون ورواد الميناء في أول أيام العطلة البيولوجية.