القاضي محمذن ولد محنض باب الملقب سيلوم ولد مزروف لموقع الفكر: حملني على التأليف في السيرة النبوية الجهل ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم

فضيلة القاضي محمذ بن محنض بابه الملقب سيلوم بن المزروف

قال القاضي محمذن بن محنض بابه الملقب سيلوم ولد مزروف: إن باعثه إلى التأليف في السيرة النبوية هو شعوره بنقص معارفه في هذا الميدان المهم، إضافة إلى تعلقه وحبه للنبي صلى الله عليه وسلم.

ووصف ولد مزروف منظومة الإمام أحمد البدوي في الغزوات التي وشحها باحمرار أنها من المنظومات المفيدة النادرة بهذا القطر، فهي تشكل رافدا مهما من روافد المعرفة ومنهجا دراسيا محظريا مفيدا، يضاهي في إفادته وأهميته منظومتي الألفية لابن مالك و إضاءة الدجنة للمقري.

وهكذا تحدث القاضي سيلوم في مقابلته عن بعض ذكرياته في القضاء وموقفه من توبة المسيئ للجناب النبوي إلى غير ذلك من المواضيع  التي تجدنوها ضمن هذه اللقاء المفيد....فإلى المقابلة:

موقع الفكر: حبذا لو تحدثتم عن مؤلفاتكم في السيرة؟

القاضي سيلوم: السبب الرئيسي لتأليف هذه الأنظام هو الجهل بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد قلت في بعض الأنظام:

وآلمتني كلوم جهلي         تنكؤها أظفار جهل الأهل

بنسب المختار والأخيار    من المهاجرين والأنصار

إضافة إلى المحبة العاطفية والدينية للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسيرته المطهرة، وأول هذه الأنظام هو نظم قرة العينين في غزوات سيد الكونين، وأول من ألف في هذا الميدان وكان له السبق فيه هو العالم أحمد البدوي تغمده الله برحمته وجزاه بأحسن الجزاء، فقد كتب الله لأنظامه القبول، وأدركت الأكابر يقولون إن منطقة "القبلة" دخلتها ثلاثة أنظام، نظم ابن مالك "الألفية" ونظم أحمد المقري "إضاءة الدجنة"، ونظم البدوي في المغازي ،ولذلك فشهرة أنظام أحمد البدوي جعلتها غنية عن التعريف، جزاه الله خيرا.

موقع الفكر: كم مكثتم في تأليف نظم قرة العينين؟

القاضي  سيلوم: في الواقع لم أتابع تأليفها بشكل منتظم،لأن البدو لا ينتظمون للدراسة لكثرة الأشغال وكانت المهنة شغلا شاغلا، لذلك مكثت في تأليف الكتاب ما يقارب سنتين.

موقع الفكر: لديكم بعض الاستنتاجات كقولكم:

والله قد رضي في القرآن  ** نصا عن أهل بيعة الرضوان.

والله قد رضي في القرآن ** نصا عن اهل بيعة الرضوان

فهل هل معنى ذلك  أنكم تفضلون أهل بيعة الرضوان على أهل بدر؟

القاضي سيلوم: الراجح أن أهل بدر أفضل الأمة، وأفضلهم معروف وهم الخلفاء الراشدون والعشرة المبشرون بالجنة من الصحابة، ثم بقية أهل بدر فالله سبحانه تعالى كما أنه فضل من شهد بدرا من الصحابة فكذلك فضل من شهدها من الملائكة على من سواهم من الملائكة، والأرجح أن أهل بدر أفضل ثم أهل بيعة الرضوان ثم أهل أحد.. إلى آخره والخصوصية لا تقتضي الأفضلية لأن بعض الصحابة لديهم خصوصيات ليست لأبي بكر ومع ذلك أبوبكر أفضل منهم.

موقع الفكر: هل سبق لكم مراجعة بعض أبيات النظم أو استبدالها بأبيات أخرى أثناء التأليف؟

القاضي سيلوم: بالتأكيد قمت بذلك كثيرا، وعدلت عن بعض الأبيات واستبدلتها بأخرى وما زلت أفعل، وهذا أمر لا يزول أبدا، وقد أخبرني بعض العلماء أن شيخا جليلا قال له لا تنقل كتابا لمؤلف حي، لأنه إن رآه لا محالة سيبدل فيه أو يختصر، فسيرى في أولية تقديم أو تأخير أو اختصار.

موقع الفكر: في بعض استنتاجاتكم قولكم بترجيح إسلام مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم، هل وجدتم ذلك في مصادر غير ما ذكر الشيخ محمذن فال بن متالي؟

القاضي سيلوم: الخلافات كثيرة في مختلف العلوم ومن أكثرها خلافات علم السيرة، والقاعدة تقول إن الأثر إذا كان يبين فضل الصحابي ولا يوجد ما يعارضه فالأرجح الأخذ به، وقد وردت  رواية أوروايتين تفيد إسلام حليمة السعدية ومثل ذلك ما يقال في فضائل الأعمال عكس التحرير المطلوب في باب الأحكام الشرعية.

موقع الفكر: وكذلك ذكركم لطبل أهل بدر وأن بعض الثقات أنكره؟

القاضي سيلوم: الطبل المذكور أن سماعه مازال مستمرا بمنطقة بدر إذا  لم أطلع عليه أنا أو يطلع عليه غيري، فليس ينفيه ذلك لأنه يصح عقلا ويصح شرعا، وليس فيه مطعن شرعي، وقاله أئمة ثقات، فإن نفاه آخرون فليس لنا أن نعترض على نفيهم، ولكننا نقدم من سمعه على من لم يسمعه.

موقع الفكر: كثر التوسل في النظم مع نهاية الترجمة لكل صحابي ألا ترون في الأمر إطالة؟

القاضي سيلوم: تلك مسألة أمتن بها على كل من حسن عنده وأعتذر ممن ساءه الأمر، وأذكر أن أحدا من الناس قال لي ذات مرة إن النظم جميل لو تجنب تلك التوسلات، واستأذنني في حذفها فأعطيته الإذن وقلت له أن يحذفها من نسخته فقط!

موقع الفكر: ماذا يمكن أن تخبروا المشاهد والقارئ عن كتاب عمود النسب؟

القاضي سيلوم:  قلت في مقدمة النظم:

هذا ولما كان نظم البدوي          أحمد في  الأنساب مرهم الدوي

فيه شفاء الدنف الجهول            قابله الكثير بالقبــــــــــــــــول

قبوله لم يحظ أي نظم              بأرضنا بمثله في علمي

وآلمتنيً كلوم جهلي            تنكؤها أظفار جهل الأهل

بنسب المختار والأخيار    من المهاجرين والأنصار

أردت أن أضع هذا المرهما       على كلوم جهلنا فانبهما

لبعد غوره ولاتساع  باعْ       قاطفه الجاني ثمار الاتباعْ

ولم يزل منبهما عليا            حتى استعنت ربنا العليا

على احمرار فيه كشف عما     خفي منه يوضح المعما

وهذا ما أردت أن أقوله للقراء وهو ما يعبر عني.

موقع الفكر: هل اقتصرتم في مصادركم ومراجعكم  على  ماهو متاح وموجود في موريتانيا أم استجلبتموها من الخارج؟

القاضي سيلوم: ما أنا إلا رجل من أهل موريتانيا وأغلبية المراجع كانت موجودة إلا ما استجد منها أخيرا، ومن المراجع المتوفرة قديما كتاب الاستيعاب والسهيلي وكتاب الشفاء في التعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض، وشرح محمد فال بن آبه لنظم البدوي.

موقع الفكر: هل لديكم ملاحظات على كتاب الشفا؟

القاضي  سيلوم: معاذ الله أن تكون لي ملاحظات على كتاب الشفا.

موقع الفكر: هل من توبة للمسيء للجناب النبوي وهل أنتم مع الرأي القائل بقتله حدا ولو تاب؟

القاضي  سيلوم: أنا من القائلين بقتله حدا ولو تاب وأكرهه وأكره من يحبه، وكم أتمنى أن أتولى قتله بنفسي، والتوبة لا يغلق بابها إلا بعد الغرغرة أو طلوع الشمس من مغربها، بل قال بعضهم إنها تقبل أثناء الغرغرة وبعد طلوع الشمس، قال الناظم:

وتوبة المؤمن جاءت مثمره .. مقبولة ولو بعيد الغرره

 وهذه القولة أيضا قل بها.. بعد طلوع الشمس من مغربها

ولكن التوبة لا تسقط الحد فمن تاب بعد أن غصب مالا فعليه التوبة وغرم ما أخذ.

موقع الفكر: ماذا تذكرون من غرائب القضاء أثناء توليكم له؟

القاضي سيلوم: أحيانا أرى تباينا في المواقف فبعض المتخاصمين يبسط الأمر وقد يكون الأمر متفاقما، وبعضهم يعقد الأمور وقد تكون بسيطة.

موقع الفكر: ماذا تفعلون مع من لا يبسط الأمور؟

القاضي سيلوم: أحسن لهم تبسيطها ما استطعت إلى ذلك سبيلا.

موقع الفكر: ما هي أغرب القضايا التي رفعت إليكم؟

القاضي  سيلوم: من أغرب القضايا التي طرحت علي أنه أتاني رجل محترم يشكو زوجته بدعوى أنها أعطت معلقة من الطعام لأمها، ولما سألتها عن الموضوع قالت إن أمها كانت وحدها وإنها لم تكن تظن أن في الأمر حرجا وتعهدت ألا تعود!

موقع الفكر: ذكر الدكتور يحيى بن البراء في تحقيقه لبعض النوازل أن من أصبح لدى أصهاره يمكنه التيمم إذا لم يجد الماء إلا عند أصهاره لما في طلبه منهم من المشقة،  ما رأيكم؟

القاضي  سيلوم: ذكر ذلك في كتب الفروع ولست أدري  صحته من عدمها!

موقع الفكر: هل تقرضون الشعر وما رأيكم في أشعار محمد بن أحمد يوره؟

القاضي  سيلوم: لا أقرض الشعر لا فصيحه ولا ملحونه، وأشعار محمد بن أحمد يوره جميلة ورائقة، وأفضل غرض بالنسبة لي هو غرض مديح النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك قصيدة ببها ولد أحمد العاقل التي مطلعها:

أدخلت نفسي ومن خاللت من أحد  في الميم والصاد من لفظ اسمك الصمد

وفي الدوائر من لفظ الجلالة والمي  مَينِ ميمي سماك المومِنِ الأحد

والميم والطاء من لفظ المحيط كما   أدخلتهم جيب طه مظهرِ المدد

أدخلتهم جيب أبهى من به سبَحَت شياظِمُ العيس من بطحان للبلد

موقع الفكر: هل من كلمة أو نصيحة عامة؟

 القاضي سيلوم: أوصيكم وأوصي نفسي بتقوى الله العظيم، وأحذركم من مخالفته ومعصيته، وأسأله أن يرزقنا وإياكم التمسك بالسنة حتى نلقى الله عز وجل على ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله.