مشكلتنا مع التشخيص لا أدري بالضبط ما وجه الامتعاض الواسع حين نكون أمام رئيس صادق وشفاف مع رعيته ورعاياه يشخص واقعهم ويدرك مشكلاتهم ويعكس كنهها ولبابها في خرجاته وخطاباته ولقاءاته مع النخب والطاقات الوطنية ليشترك الحاكم والمحكوم والسائس والمسوس في علاج الاختلالات وحلحلة المعضلات المزمنة وهو ما تعتبر المكاشفة بحقيقته وكشط غطائه الوهمي أولى خطوات حله وتغييره بدل إنكاره والتغطية عليه بسرابيل المكابرة والتزييف التي درجت عليها الأنظمة المتعاقبة على سدة الحكم في بلاد الملثمين. إنني شخصيا وعلى عكس معظم الزملاء المدونين أرتاح لهذا الحس الرئاسي النقدي الثائر على واقعنا وأوضاعنا المعيشية والحكامية المزرية، والذي يرفع العقيرة بكل غيرة ووضوح في وجه تلك الاختلالات البنيوية المعشعشة في منظومتنا الإدارية والعقليات الخاطئة المترسخة في ثقافتنا ونظرتنا النمطية للإدارة والتسيير الإداري في وطن مكلوم ومنهوب وموبوء جراء كتم اعتلالاته واختلالاته خلف آكام المجاملة والتزويق، وكم هو قاصر وواهم من يحسب الرئاسة وتقلد المسؤولية العليا في الهرم السلطوي فرعونية أو قيصرية ينحصر دورها في توقيع الإقالات وإمضاء الإعفاءات دون اعتماد المرحلية في ما تتخذ من سياسات وتدابير، ودون أي تفعيل أو عمل بمقتضى سلطاتها التوجيهية والرقابية والعتابية الموازية لسلطة الكي والتصفية المستمرأة في ما يبدو لدى كثيرين على أداء عمالها ومسؤوليها حتى يستفيد الوطن والأمة من خبرات الخبراء وكفاءات الأكفاء، خاصة في بلد كبلدنا وشعب مثل شعبنا حيث لا يمثل مفهوم الدولة وتقلد المناصب فيها لدى الكثرة الكاثرة سوى نهزة وفريسة يجب التهامها وانتهازها في خدمة المصالح الشخصية والعائلية. والحاصل أننا اليوم في عهد أقل ما يوصف به أنه يدرك واقعنا ومشكلاتنا المعيشية والسياسية والإدارية ويبحث لها بإيجابية وهدوء عن حلول ناجعة وترياق شاف يدمل الجرح ولا يدميه ويلم النسيج ولا يفله على خلاف سابقيه الذين قضوا مأمورياتهم على إيقاعات أوتار التزلف والتملق التي تصور لهم الظلام الدامس نورا مبينا والملح الأجاج عذبا فراتا.