تعرف أسواق المواد الاستهلاكية وسط نواكشوط مظاهر سلبية لا تخطئها العين من قبيل فوضى العرض، وغياب الأخذ بأبسط تدابير الوقاية ضد الحرائق مثلا حيث تنتشر الأخبية والأسمال وطاولات الخشب التي يمكن أن تشكل وقود لأي شرارة من نار..لكن المظهر الأبرز للفوضى يظل في وجود معروضات السموم والمبيدات الحشرية إلى جانب معروضات اللحوم والخضروات والمواد الاستهلاكية الأخرى..ولا تخلو أسواق المواد التموينية من بؤر لبيع المواد منتهية الصلاحية أو تلك التي أوشك تاريخ صلاحيتها على الانتهاء في سباق محموم للتربح والكسب ولو على حساب صحة المواطن...مثل هذه المعروضات تجد إقبالا من محدودي الدخل خاصة من أصحاب المطاعم ومن يشترون بكميات كبيرة ليس من أجل الاستهلاك بل لإدخال هذه المواد منتهية الصلاحية في منتوجات أخرى يصعب على المستهلك تمييز غثها من سمينها كالألبان المجففة والمايونز والفارين وغيرها كما يقول أحد المتسوقين.
غياب الرقابة وتدني الوعي لدى الباعة وخفوت الوازع الأخلاقي والديني لدى الباعة أبرز أسباب انتشار مثل هذه الظواهر والتي أذكتها حالة الغلاء التي تعرفها أسعار المواد الاستهلاكية وطوفان المواد الغذائية المستوردة مجهولة المصدر والتي تكاد تغرق أسواق المواد الغذائية.
ومن أكثر المواد الغذائية إثارة للجدل معلبات العصائر المصنعة والتي يزيد الطلب عليها في رمضان لنكهاتها الصناعية المتنوعة وعدم حاجتها إلى السكر...فضلا عن معروضات التمور من النوعيات الرديئة سيئة التعبئة والعرض والتي لا يجد الكثير من المستهلكين بديلا عنها..
وما فتئت مصالح حماية المستهلك تطالب بوضع حد لمظاهر بيع المواد منتهية الصلاحية عن طريق تشديد الرقابة على واردات المواد الغذائية وتزويد المنافذ الحدودية بمختبرات للكشف عن جودة الأغذية والتعرف على مدى صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.. وفي هذا الإطار طالبت مصالح حماية المستهلك بتفعيل قانون المستهلك والمسارعة في إنشاء هيئة عليا لسلامة الغذاء والدواء في موريتانيا على غرار المعمول به في بلدان كثيرة.
وتشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى وفاة 600مليون شخص سنويا بسبب الأغذية الملوثة على المستوى العالمي.
وفي بلادنا التي تستورد أزيد من 80% من حاجاتها الغذائية فإن الاحصائيات الأخيرة التي كشف عنها أخصائي في الانكولوجيا تكفي لدق ناقوس الخطر حيث قال إنه سجلت في العام الماضي وحده 2021 أزيد من 1500 حالة إصابة بمرض السرطان مما يؤكد حجم المأساة التي باتت تحدق بالموريتانيين بسبب الأدوية والأغذية المزورة.
من المظاهر المنفرة في أسواق المواد الاستهلاكية انتشار الأوساخ وحاويات النفايات التي تنبعث منها الروائح الكريهة فيما تتراكم الأوساخ في ممرات السواق وجنباتها وأصبح التعايش معها قدرا للباعة والمتسوقين على حد سواء يعلق أحد المتسوقين.
ويحمل الباعة شركات النظافة مسؤولية تراكم الأوساخ، وعدم التخلص منها بشكل دوري مما حول السوق إلى مكب للنفايات على حد تعبيرهم، كما أن المسؤولية تظل مشتركة بين رواد السوق والبلديات وجهة نواكشوط حتى يتم القضاء على هذه الاختلالات والمظاهر المشينة التي تتكرس سنة بعد آخرى للأسف كما يجمع الباعة ورواد السواق.