
موقع الفكر: ماذا أنجزتم في وزارة الاقتصاد؟
الوزير المصطفى بن اعبيد الرحمن: أهم ما تم في وزارة الاقتصاد هو المفاوضات مع الشركاء الممولين فقد تم التفاوض مع الأوروبيين والفرنسيين والألمانيين بصفة خاصة، ومع الصناديق العربية، ومع مؤسسات التمويل العالمي كالبنك الدولي وما يشبهه، وأذكر من المشاريع المهمة التي حصلنا لها على تمويل في تلك الفترة مشروع كهربة 15 مدينة، وتم من خلال ذلك المشروع إيصال الكهرباء إلى بعض المدن لأول مرة حيث إنه قبل ذلك كان وجود الكهرباء قاصرا على مدينة نواكشوط، وقد تم هذا المشروع بتمويل من صندوق الإنماء العربي، وكنت من اقترح فكرة المشروع، وكان الرئيس معاوية منفتحا على كل ما يمكن القيام به، ولكن المشكلة أن الذين يعملون معه منهم من يقترح المشاريع ومنهم من لا يقترحها، وأذكر من ذلك أن الطريق التي تمر من صنكرافة إلى تجكجة كان إنشاؤها مستحيلا بحسب الدراسة التي أجريت لها – وكان يشرف عليها الوزير محمد بن الناني – فقد قال الخبراء إنه لا يمكن أن تكون لها جدوى، وكل مشروع لا جدوى له لا فائدة منه وسيمثل خسارة أبدية، وعندما قال الخبراء رأيهم، قلت: لمعاوية إن هذا خطأ فربما يكون رأيهم صائبا اقتصاديا، نظرا لقلة السيارات التي ستسلك هذه الطريق، فحتى السيارات التي تمر بطريق الأمل يمكن ألا تكون هناك جدوى من ورائها، لاسيما طريق صنكرافة تجكجة التي ربما تمر بها سيارتان أو ثلاث أو أربع أسبوعيا، وأن الممولين فعلا لن يمولوا مشروعا بدون جدوى ولكن يمكننا نحن أن نموله نظرا لجدواه بالنسبة لنا فتلك الطريق لها نتائج اجتماعية وسياسية تتمثل في توحيد البلاد، وربط أجزائها، فقال لي هل ترى أن هذا ممكن وأنت تعلم مبلغ الميزانية، فقلت يمكنني أن أجد شركة تقوم بتمويله وندفع لها ما يمكننا دفعه من الميزانية، وقلت له إننا لو تمكنا من تحصيل 200 مليون أوقية في السنة سنجد شركة تقوم بتمويله وقبل بذلك، وقام باستدعاء الوزير في تلك الفترة محمد بن الناني وأخبره بالأمر وقمنا بدراسته، وخلال أسبوع واحد وجدنا شركة برازيلية قامت بتمويل المشروع على هذا الأساس، وقلت له إن تكلفته ستكون أكبر، ولكن ذلك لم يتم؛ فما إن بدأت الشركة في أشغال تلك الطريق حتى قبل الممولون الغربيون تمويله.
وكنت قد اقترحت إنشاء أول خط يمكن أن يربط شرق البلاد بشمالها، فاقترحت أن يتم إنشاء خط يمر بالنعمة، وولاته، وتيشيت، وتجكجه، وأطار، وكتبت عنه وبنيت فكرتي على الجانب السياسي؛ لأن الغرض منه كان توحيد البلاد أما جدوائيته الاقتصادية وإمكانية إنشائه فذلك أمر آخر
موقع الفكر: هل ترون أن بيع مؤسسات الدولة كان خطأ استراتيجيا؟
الوزير المصطفى بن اعبيد الرحمن: ربما لا يتفق رأيي في هذا الموضوع مع رأي الكثير من الأطر فيما يخص بيع مؤسسات الدولة، فأنا أرى أن الدولة تمتلك فقط المؤسسات السيادية فكلما كان مجسدا للسيادة الوطنية يجب ألا تفرط فيه الدولة.
فملك الدولة لأي شركة مثل شركة النقل ليس ضروريا، فمثل هذه المشاريع يمكن أن يملكها أي فرد؛ لأن المهم أن يظل النقل مستمرا، والدولة لا تهتم بالربح بل مهمتها إيجاد الخدمة وأن تكون بأقل الأسعار، ومن المؤكد أن كل الشركات التي تولتها الدول في بلدان العالم الثالث أفلست كلها، ولذلك تكون أموال الدولة دائما تهدر بالإنفاق على تلك الشركات بسبب ما يحدث فيها من الفساد، وضعف القدرة على تسيير تلك الشركات، ومن السهل أن يقوم الأفراد الخصوصيون بتسيير تلك الشركات لأنها شركاتهم ولا يريدون لشركاتهم أن تفلس وإذا رأوا أن شركاتهم تتجه للإفلاس سيغيرون تسييرها والدولة ستبقي على الطرح نفسه مهما أفلست شركاتها.














