انتقدت الباحثة والأكاديمية ريم ساره علوان في مقالها الذي نشر في مجلة الفورين بوليسي قرار سويسرا منع النقاب، وأضافت الكاتبة على أنه بالرغم من أن وباء كورونا فرض حظرا جزئيا في سويسرا ما جعل ارتداء الأقنعة إلزاميا في كل مكان؛ بدءا بالمواصلات العامة وانتهاء بالساحات العمومية، إلا أن ذلك لم يمنع مجموعة من الناخبين السويسريين من إقرار حظر على أغطية الوجه الكاملة في المجالات العامة باستفتاء أقيم في السابع من مارس الجاري.
وأكدت الكاتبة أن القرار يستهدف الأقلية المسلمة في سويسرا مضيفة إلا أن الاستفتاء كان نتاجا لمبادرة شعبية أطلقتها جماعة "إيجركينجر كوميتي" التي تضم أعضاء من حزب الشعب السويسري الوطني المحافظ اليميني.
وتهدف المبادرة إلى وقف صعود المسلمين في سويسرا وكبح أي طموحات سياسية مستقبلية لهم، وقد نجحت هذه الجماعة في جمع مائة ألف توقيع لأجل إخضاع قضية النقاب للاستفتاء، وفي السابع من مارس، أقر 51.2% من الناخبين السويسريين الحظر.
و تضيف الكاتبة بأن التضييق على ظهور المسلمين في سويسرا ليس بالأمر الجديد، حيث يخضع المسلمون السويسريون للمراقبة منذ عام 2004، حين أجري استفتاءان على إجراءات كان من شأنها تخفيف سبل الحصول على المواطنة للجيلين الثاني والثالث من المهاجرين، ونجحت جهود التعبئة التي بذلها حزب الشعب السويسري ضد تلك المبادرة في تحويل الاستفتاءين إلى استفتاءين ثقافيين على ما إذا كان المسلمون جزءا من المجتمع الوطني السويسري، وهي الفكرة التي رفضها أغلب الناخبين السويسريين.
ثم اقترحت جماعة إيجركينجر كوميتي في عام 2009 مبادرة سعت إلى حظر المآذن على أساس أنها رمز للإسلام السياسي، وتم إقرار الحظر بأغلبية 57.5% من الناخبين السويسريين برغم معارضة المنظمات الإسلامية المحلية وزعامات كنسية وجماعات دينية أخرى.
في ديسمبر 2014، سعى حزب الشعب السويسري إلى منع أغطية الوجه الكاملة عبر مبادرة برلمانية لتعديل الدستور الفيدرالي، بزعم أن النقاب يهدد الأمن الوطني. لكن مجلس الولايات السويسري رفض ذلك في مارس 2017 على أساس قلة عدد مرتديات النقاب في سويسرا بما يعني عدم الإخلال بالنظام، فضلا عن التخوف من تأثير الحظر سلبا على السياحة من دول الخليج.
برغم أن حزب الشعب السويسري وجماعة إيجركينجر كوميتي ناشطان منذ عقود، فليس من الممكن تفسير استفتاء النقاب في سويسرا إلا في سياق إقليمي أوسع: وهو تحديدا أزمة الهوية التي تعيشها أوربا في ظل العولمة وتعدد الثقافات في العالم؛ فليست سويسرا إلا أحدث دولة تعبر عن هذا الخوف الثقافي وتخففه عبر التعامل مع حضور المسلمين والإسلام اللذان يعتبران خطرا أمنيا وطنيا أيديولوجيا سياسيا على القيم والحضارة الأوربية حسب اعتقادهم.
وتختم الكاتبة مقالها، إن المسلمين جزء من نسيج أوربا منذ قرون، لكنهم يتعرضون لسوء الفهم وسوء التمثيل في الإعلام والسياسة، حيث غالبا ما يظهر الإسلام في إطار الدين المنطوي بطبيعته على العنف، ويجري تصوير المسلمين باعتبارهم عاجزين عن الاندماج في المجتمعات الأوروبية.