أكثر من سؤال يطرحه حول صندوق النقد الدولي، فهل الصندوق عدو ام صديق؟! هل مايطلبه الصندوق من الدول التي تعاني ازمات اقتصادية أمر مجاف للمنطق ومغرض، ام أنه مبني على أسس سليمة والعيب ليس في الصندوق وإنما العيب في اقتصادات الدول التي تلجأ إلى الصندوق ؟!
فتصنيف الصندوق نفسه تاريخيًا كان عليه الكثير من الكلام والاقاويل والشبهات من أنه ينفذ اهداف أميريكا، لأنها تملك اكبر قدرة تصويتية على قرارات الصندوق ويقال دائما ان أميريكا تستخدم الصندوق كأداة سياسية واقتصادية تهدم بها الدول، وفي مقابل ذلك يعتبر البعض وصفات الصندوق الأكثر منطقية رأيتها في حياتي
بمعنى دولة تنتج عشر سيارات يقول لها انت تستهلكي عشر سيارات، فلماذا عشر سيارات؟!!
وصندوق النقد يعلم ان القرض تفاقم، بمعنى أن الدولة تقترض مرة ومرتين وأكثر حتى يحصل مايسمى بالتعثر وساعتها تلجأ لصندوق النقد الدولي.
و كما حصل مؤخرا في باكستان حيث شهدت تعثرات أو كانت على شبه تعثر حتى تم الاتفاق مع صندوق النقد على حزمة دعم بحوالي 7 مليار دولار، كذلك الحال بالنسبة لسيريلانكا بعدما تعثرت اقترضت من صندوق النقد بحزمة 2.19 مليار دولار.
فصندوق النقد يريد ان يعالج اساس المشكلة قبل وقوعها واساس المشكلة دائما هو صرف اكثر مما ينتج.
ومعظم الدول الناشئة التي تلجأ للصندوق اثناء معظم الأزمات التي حصلت في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين على وجه الخصوص وبعد ازمة كورونا، يرى الصندوق أن العرض الذي ان هذه الدول تثبت سعرف الصرف فترة معينة من الزمن وهذا التثبيت يوهم هذه الدول بوجود فوائد إنتاجية، بينما يرى الصندوق أن تثبيت سعر الصرف هو سبب الاختلال وأن الإنفاق أكثر من الإنتاج، طالما أن سعر الصرف مثبت عند نقطة معينة والدولة المعنية تستورد من الخارج فهذه هي المشكلة، وفقا لوصفات البنك الدولي.
والوضع الأحسن ان يتساوى حجم الانفاق مع الإنتاج .
وجد صندوق النقد الدولي سنة 1944، من طرف المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، بهدف معلن لمنع التلاعب بالعملات ومنع ضرب الولايات المتحدة عن طريق التجارة الدولية.
وانشيء معه البنك الدولي تزامنا معه ليعملا معا في نفس الوقت
فالصندوق يقوم على إصلاح السياسة النقدية من خفض لسعر الصرف او رفع او ضرورة التقشف، من وجهة نظره.
فمثلا دولة تبيع البنزين ب سعر 395 أوقية وسعره عالميا 750 أوقية، وهذا هو مايحصل بالضبط في سعر الصرف، إذ يعتبرالصندوق هذا التصرف ضربا من البذخ في دولة غير منتجة للنفط او البنزين.
فلو أن الدولة استقررأيها على تطبيق برنامجً إصلاحي من اجل انقاذ اقتصادها.
يضرب الصندوق مثلا بحالتي كوريا الجنوبية والمكسيك في تسعينيات القرن الماضي وكيف استطاع إنقاذهما من الأزمات التي حاقت بهم، فبتنفيذهما لخطط الصندوق بحذافيرها شهدت انتعاشا مختلفًا عن ذي قبل، حيث كان احتياطي كوريا الجنوبية قبل الأزمة 30 مليار دولار، وبعد الأزمة أصبح في حدود 60 مليار دولار، وطلبوا منها اجراءات جد قاسية كتخفيض سعر الصرف مثلا وغيره من الشروط المجحفة وفي الوقت الحالي يناهز احتياطي كوريا الجنوبية من العملات الصعبة 500 دولار.
حيث قامت بعديد الاصلاحات الهيكلية وبناء العديد من المشاريع والشركات الصناعية.
الحقيقة التي لا جدال فيها أن وصفات الصندوق مجحفة وقاسية وغير واقعية فكيف لبلد يعيش أزمات اقتصادية متعددة أن يرفع سعر الخبز والبنزين، ويحتال على الأجوز فيخفضها من خلال تثبيت قيمتها الإسمية وتخفيض سعر الصرف.
وبدون شك فقد أثبت النموذج الماليزي أن هناك طرقا أخرى لتجاوز الأ؟زمة من خلالها نجاحها الباهرفي تجاوز أزمة العام 1998، التي ضربت جنوب شرق آسيا.
فزادت ماليزيا الإنفاق، لتثبت بذلك أن التقشف هو أكبر طريق للإنكماش الاقتصادي.
هناك أمر في غاية الأ؟همية، فسبب الأزمات هو التلاعب في تجارة النقود، وتحييدها عن عالم الانتاج، وبدلا من ذلك الاستمرار في تجارة المشتقات، والتلاعب بطبياعة الدولار دون رقيب أو حسيب أو رصيد، حتى بلغ التضخم الزبي.