يثير البعض ملاحظات حول انتخابات 13مايو منها ماهو إيجابي وموضوعي ومنها ماهو أقرب للتخرصات والخطاب العدمي الذي ينبغي تجاوزه .الانتخابات في العموم من منظور سياسي وتحليلي جرت في ظروف جيدة وشهدت مشاركة واسعة والدولة وفرت الدعم المالي لجميع الأحزاب ولم تقبل استخدام الوسائل العامة ورئيس الجمهورية حافظ على دوره التحكيمي ولم ينخرط في حملات دعائية كما كان بعض أسلافه يفعل.
وهناك ملاحظات سجلتها حول الانتخابات أردت مشاركتكم إياها تتعلق بمختلف جوانب العملية الانتخابية،وهي تعبر عن موقفي الحزبي ولكنها أيضا تتقمص دور المحلل السياسي .
أولا-بخصوص اللجنة المستقلة
أولا-اللجنة المستقلة للانتخابات هي لجنة توافقية يشارك فيها الجميع وهي المعنية -وحدها-بإدارة العملية الانتخابية ومتعلقاتها وإذاكانت هناك ملاحظات أو أخطاء أو خروقات فيتحمل الجميع مسؤوليتها وعلى ممثليه داخل هذه اللجنة كشف ذلك .
ثانيا- لايمكن أن تسلم أي عملية انتخابية لاسيما في ظرف ضاغط وتعقيدات فنية من أخطاء ولكن يجب النظر لتلك الأخطاء بشكل موضوعي وتقديرها وفق ماتستحق دون تهويل أو تهوين .
ثالثا-البطء في عملية الفرز نسبي ولايزال في حدود المعقول .
رابعا-المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات جاءت معبرة عن موازين القوة السياسية والانتخابية بدرجة واقعية ومتسقة مع سير الحملة واتجاهات الناخبين.
ثانيا-نتائج حزب الإنصاف على مستوى العاصمة
أولا-تم الإعداد المبكر والجيد لتحقيق نتائج مهمة على مستوى العاصمة وتم إعداد خطط وترتيبات وتوزيع مهام ورصد إمكانات ،وكما يقال عرق التدريب يوفر دماء في ميدان القتال،فالذي يخطط ويعمل يحصد نتائج أفضل.
ثانيا -النتائج في العاصمة على مستوى البلديات ليست مفاجئة لجملة أسباب منها :
-الحزب كانت لديه ستة بلديات من أصل تسعة وبالتالي التقدم جاء منطقيا
-بلدية السبخة كانت لدى حزب صغير قفز بلباقة وانتهز فرصة 2018 وتم التغلب على تلك الثغرات من خلال عمل منهجي وشامل .
-بلدية عرفات كانت عند حزب تواصل لاعتبارات لم تعد قائمة .
-إدخال النسبية في المجالس البلدية له وجهان إيجابي وسلبي من منظور ديمقراطي ،يتعلق أولهما بإشراك الجميع في التسيير البلدي ويتعلق الثاني بحصد الحزب الأقوى لعمادة المجلس البلدي وهذه النقطة خدمت الإنصاف لأسباب موضوعية ،وإلى جانب ذلك ساهمت النسبية في تفتيت أصوات أحزاب المعارضة وحرمتها من فرصة التحالف في الشوط الثاني في مواجهة الحزب الحاكم.
-البرامج والسياسات الإجتماعية لرئيس الجمهورية مست عمق أحزمة الناخبين من الفئات الفقيرة والهشة التي كانت وقود انتخابي لبعض الأحزاب وبالتالي هذه الجموع صوتت بكثافة لحزب الإنصاف الذي تعتبره حزب الرئيس وبرامجه الاجتماعية.
-الحزب الذي كسب بلديات العاصمة لأعتبارات موضوعية خسر بلديات ذات رمزية خاصة مثل انواذيبو وكيفة وأطار وألاك وباسكنو لأسباب موضوعية تتعلق بوجود قوى منظمة مضادة وتم الاعتراف ديمقراطيا بهذا التراجع.
ثالثا-بخصوص تراجع أحزاب المعارضة
-التراجع الانتخابي للمعارضة كانت متوقعا لأعتبارات بعضها يتعلق بخطاب وممارسات وإنجازات النظام مما أفقد المعارضة الوهج السياسي ونزع منها ورقة المظلومية .
-هناك أحزاب معارضة في طور التراجع منذ سنوات لأسباب بنيوية ومؤسسية وقيادية رغم تاريخها المجيد وباعها الطويل في النضال الديمقراطي .
-هناك أحزاب معارضة تعاني من انسحابات وأزمات ملموسة في القيادة وفي الخطاب وبالتالي ليست في أفضل أحوالها .
-وفي المقابل هناك تحولات عميقة في المشهد المعارض وهناك صعود قوى معارضة جديدة حققت نتائج جيدة مثل الجبهة الجمهورية وحزب التخطيط والبناء.
رابعا-بخصوص اللوائح الوطنية
-يرجع التقدم الكبير لحزب الإنصاف في هذه اللوئح إلى جملة أسباب موضوعية منها:
-إعطاء عناية خاصة لهذه اللوايح بشكل غير مسبوق باعتبارها مؤشرات انتخابية وطنية عابرة للمحليات وتعكس اتجاهات الرأي العام الوطني إزاء برامج النظام وسياساته .
-التعبئة المنظمة بخصوص هذه اللوائح من قبل جميع مرشحي الحزب بل وحتى أن بعض المغاضبين حرصوا على التصويت للحزب في اللوائح الوطنية كنوع من الإيجابية تجاه الحزب.
-الجولات الواسعة لقيادات اللوائح الوطنية لمعظم مناطق البلاد مما منح الموضوع زخما واهتماما كبيرين.
-ومع هذا كل الأحزاب ذات الحضور الانتخابي أو التي نجحت في تحالفات اجتماعية مؤثرة حققت نتائج متسقة مع تلك المؤشرات .
خامسا-الدوائر البرلمانية
جاءت نتائج الدوائر البرلمانية أيضا متسقة مع موازين القوى المحلية سواء تلك التي تم حسمها أو تلك التي رجعت للشوط الثاني واعتقد أن خروج بعض المغاضبين وفر لبعض الأحزاب من الأغلبية والمعارضة فرصا كبيرة،ومن الطبيعي أن ينال حزب الإنصاف أغلبية المقاعد البرلمانية نظرا لأسباب تتعلق ببرامج الرئيس وتقوية الذراع السياسية للنظام والحرص على استقرار البلد في محيط مضطرب .