كثيرا ما تستوقفني بعض المغالطات التي يدفع بها البعض عند أي حديث أو نقاش في ملف الوحدة الوطنية والتعايش بين شرائح ومكونات المجتمع.. هذه المغالطات من كثرة تكرارها تحولت لدى البعض إلى مسلمات أو حقائق لا يمكن التشكيك فيها.
المغالطة الأولى (تاريخية):
يحاول البعض أن يرسخ في الأذهان بأن ملف التعايش بين المكونات الوطنية لم يطرح إشكالا حقيقيا إلا مع بداية النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، أي من بعد وصول الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع إلى السلطة، وبالعودة إلى مذكرات الرئيس الراحل المختار ولد داداه رحمه الله (موريتانيا على درب التحديات)، فسنجد أنه في العام 1966 حدثت صدامات عرقية في منتهى الخطورة تسببت في وفاة 5 موريتانيين وإصابة 70 آخرين بجروح، وكان سبب تلك الصدامات حسب ما جاء في المذكرات هو إضراب "التلاميذ الزنوج" ضد إلزامية تدريس اللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية في التعليم الثانوي!!
وقد جاء في المذكرات أن بعض الأطر الناطقين بالفرنسية من الزنوج استغلوا العطلة الصيفية قبل الافتتاح الدراسي في ذلك العام لتعبئة التلاميذ من "بني جلدتهم" لتنظيم مظاهرات ضد إلزامية تعليم اللغة العربية، كما أعلن 19 موظفا ساميا من "منطقة النهر" في "بيان التسعة عشر" أنهم يساندون إضراب التلاميذ الزنوج ضد إلزامية تعليم اللغة العربية. من هنا يمكن القول بأن إشكال التعايش بين مكوناتنا الوطنية قد بدأ يطفو على السطح منذ منتصف عقد الستينيات من القرن الماضي، أي من قبل من وصول الرئيس معاوية إلى الحكم بثمان عشرة سنة.
المغالطة الثانية : إن التذكير بأن الصدامات العرقية قد بدأت في العام 1966 سيقودنا إلى كشف مغالطة أخرى يُحاول البعض من خلالها أن يرسخ في الأذهان بأن إقصاء بعض المكونات الوطنية من الوظائف ومن خيرات البلد هو السبب الأول في الصدام العرقي، وفي كل ما يطفو على السطح من مشاكل تتعلق بإشكالية التعايش بين المكونات الوطنية.
إذا كان هذا التفسير صحيحا فلنا أن نتساءل: بأي منطق يقود بعض الموريتانيين الزنوج مظاهرات واحتجاجات ذات طابع عرقي في العام 1966، وهم الذين كانوا يشكلون في تلك الفترة أغلبية كبيرة في الوظيفة العمومية؟
جاء في كتاب " موريتانيا : إشكالية التعايش العرقي" لمؤلفه الدكتور أعل ولد أصنيبه أن الباحثة "كامي هود" ذكرت في أطروحتها للدكتوراة بأن " التوجيهات الاستعمارية خلفت داخل الوظيفة العمومية في بداية الستينيات تمثيلا قويا للزنوج ( ما يناهز 75% من الموظفين و80% في البريد والمواصلات)".
إن الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من هذه الفقرة هي أن الاحتجاجات ذات الطابع العرقي قد ظهرت في فترة كان فيها الموريتانيون الزنوج يشكلون الأغلبية العظمى في صفوف عمال وموظفي الدولة الموريتانية.
المغالطة الثالثة :
يُحاول البعض أن يرسخ في الأذهان بأن تدريس اللغة العربية، وجعلها لغة رسمية في موريتانيا من بعد ذلك ما هو إلا وسيلة لإقصاء الموريتانيين الزنوج من الوظائف وحرمانهم ـ بالتالي ـ من خيرات بلدهم، ولذا فقد جاء في "بيان التسعة عشر" أنهم "يساندون إضراب التلاميذ الزنوج من أجل سد الطريق أمام التعريب القسري، ومن أجل فرض تعديل قوانين 30 يناير 1965 لأن الازدواجية ليست سوى خدعة لإقصاء المواطنين السود من كل شؤون الدولة.".
إن مما يجب لفت الانتباه إليه هنا، هو أنه حتى ولو بقت اللغة الفرنسية هي اللغة الوحيدة في التعليم والإدارة في موريتانيا، فإن ذلك لن يمنع تراجع نسبة الموظفين الزنوج في الوظيفة العمومية. لقد استفادت هذه المكونة من التعليم المبكر لأبنائها في زمن الاستعمار، ولذا فقد كان من الطبيعي جدا أن تشكل أغلبية في صفوف العمال والموظفين خلال السنوات الأولى من بعد الاستقلال. وقد كان أيضا من الطبيعي جدا أن يشكل الموريتانيون "البيظان" أغلبية في الوظيفة العمومية، وذلك من بعد إقبالهم على التعليم. ومما لاشك فيه كذلك أن شريحة "لحراطين"، والتي لا تحظى اليوم بما يناسب حجمها من الوظائف، ستحظى عاجلا أو آجلا بنسبة كبيرة من الوظائف، تتناسب طرديا مع ازدياد إقبال أبنائها على التعليم.
إن تغير نسبة الحضور الشرائحي والعرقي في الوظائف لا علاقة له باللغة، وإنما يرتبط أساسا بحجم الشرائح والمكونات وكثرتها العددية، وبمدى إقبال أبنائها على التعليم. يمكن للغة أن يكون لها الأثر السلبي في حالة واحدة، وهي أن يرفض بعض أبناء مكونة معينة تعلم اللغة الرسمية لبلد ما، فمثل ذلك قد يقلل من حظوظهم في الوظيفة، إذا ما قام ذلك البلد بتفعيل ترسيم اللغة التي اختارها لأن تكون لغته الرسمية.
المغالطة الرابعة
هناك من يعتقد أن الوحدة الوطنية يمكن أن تتحقق في بلد يرفض بعض أبنائه تعلم اللغة الرسمية لذلك البلد، بل فيهم من يرفض استخدام تلك اللغة بحجة أنه لا يعرفها، وهو في حقيقة أمره يعرفها، وقد اطلعت شخصيا على أمثلة من هذا النوع.
لا يمكن للوحدة الوطنية أن تتحقق، ولا للحمة الوطنية أن تتجذر في بلد ما إذا ما استمر ذلك البلد في اللجوء إلى الترجمة بلغة أجنبية من أجل ضمان التفاهم بين أبناء مكوناته.
إنه لمن المخجل حقا، أننا وبعد مرور أكثر من ستة عقود على الاستقلال ما يزال بعض الوزراء والموظفين السامين يعجزون عن تهجي خطاب رسمي من سطر واحد باللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية. في بعض الأحيان أشاهد سفراء بعض الدول الغربية في نواكشوط يتحدثون باللغة العربية في نشاط تحدث فيه وزراء موريتانيون بلغة أجنبية!!
لقد آن الأوان لأن نكون مثل كل بلدان العالم لنا لغتنا الرسمية التي لا يجوز استخدام غيرها في الخطابات الرسمية، ولا في المراسلات الإدارية، ولا في غير ذلك من المجالات التي يجب فيها استخدام اللغة الرسمية للبلد.
لو كانت هناك حجة منطقية واحدة تسمح بجعل أي لغة أخرى غير اللغة العربية لغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية لقبلنا بهذا التردد في تفعيل ترسيم اللغة العربية، ولكن لا حجة منطقية واحدة يمكن أن تقف ضد جعل اللغة العربية لغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، ولا حجة واحدة يمكن أن نبرر بها عدم تفعيل ترسيمها، فاللغة العربية هي:
1 ـ اللغة العالمية الوحيدة من بين كل لغاتنا الوطنية، وهي تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد الناطقين بها؛
2 ـ هي لغة قرآننا، وهي اللغة التي نحتاج لتعلمها لأداء بعض شعائرنا الدينية، وكذلك للتفقه في ديننا؛
3 ـ هي لغة المراسلات والمعاملات لكل الموريتانيين من قبل دخول الاستعمار؛
4 ـ هي اللغة الأم لعدد كبير من الموريتانيين، وهي لغة دين لكل الموريتانيين الذين يدينون جميعا بالإسلام؛
5 ـ كانت الحجة الوحيدة التي يتقدم بها البعض لتبرير بقاء اللغة الفرنسية مسيطرة، هي أن اللغة الفرنسية لغة تحتاجها بعض مكوناتنا الوطنية للتواصل مع امتداداتها في إفريقيا. هذه الحجة لم تعد مقنعة كما كانت، فاللغة العربية تحتل اليوم الرتبة الثانية في إفريقيا من حيث الاستخدام، في حين أن اللغة الفرنسية تأتي في الرتبة الرابعة في إفريقيا، وهي في تراجع مستمر نتيجة لتخلي بعض الدول الإفريقية عنها، وإبدالها باللغة الانجليزية. كما أنه من الملاحظ أن عداء فرنسا وكل ماله صلة بها يتنامى بوتيرة سريعة داخل الأوساط الشابة في إفريقيا السوداء، وقد أصبح من النادر جدا أن تنظم احتجاجات في بلد إفريقي دون أن يحرق فيها العلم الفرنسي.
كل ذلك سيزيد مستقبلا من سرعة تراجع اللغة الفرنسية في إفريقيا، وذلك بصفتها لغة تواصل، وهو ما يعني سقوط آخر حجة يمكن للفرانكفونيين في هذا البلاد أن يبرروا بها تمسكهم بلغة أجنبية تتراجع بشكل ملحوظ، وبدأ أهلها يتخلون عنها.
إن استمرار احتلال اللغة الفرنسية لمساحة لا تستحقها في التعليم، وهي اللغة التي تتراجع مكانتها عالميا، يعني سرقة مستقبل أجيال بكاملها، وإن استمرار احتلال اللغة الفرنسية لمساحة لا تستحقها في الإدارة الموريتانية يعني الاستمرار في إبعاد خدمات الإدارة من المواطن، ويعني كذلك بقاء أهم عائق ضد تعزيز وحدتنا الوطنية، ففي كل دول العالم، ومع الاعتراف بوجود استثثناءات قليلة جدا جدا هناك دائما لغة واحدة وواحدة فقط هي التي تستخدم في كل ما هو رسمي، حتى في البلدان التي يوجد بها تعدد لغوي، ذلك أن وجود لغة رسمية واحدة يعد من أهم العوامل التي تعزز من وحدة وتماسك المجتمعات.
حفظ الله موريتانيا..
كثيرا ما تستوقفني بعض المغالطات التي يدفع بها البعض عند أي حديث أو نقاش في ملف الوحدة الوطنية والتعايش بين شرائح ومكونات المجتمع.. هذه المغالطات من كثرة تكرارها تحولت لدى البعض إلى مسلمات أو حقائق لا يمكن التشكيك فيها.
المغالطة الأولى (تاريخية):
يحاول البعض أن يرسخ في الأذهان بأن ملف التعايش بين المكونات الوطنية لم يطرح إشكالا حقيقيا إلا مع بداية النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي، أي من بعد وصول الرئيس الأسبق معاوية ولد سيد أحمد الطايع إلى السلطة، وبالعودة إلى مذكرات الرئيس الراحل المختار ولد داداه رحمه الله (موريتانيا على درب التحديات)، فسنجد أنه في العام 1966 حدثت صدامات عرقية في منتهى الخطورة تسببت في وفاة 5 موريتانيين وإصابة 70 آخرين بجروح، وكان سبب تلك الصدامات حسب ما جاء في المذكرات هو إضراب "التلاميذ الزنوج" ضد إلزامية تدريس اللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية في التعليم الثانوي!!
وقد جاء في المذكرات أن بعض الأطر الناطقين بالفرنسية من الزنوج استغلوا العطلة الصيفية قبل الافتتاح الدراسي في ذلك العام لتعبئة التلاميذ من "بني جلدتهم" لتنظيم مظاهرات ضد إلزامية تعليم اللغة العربية، كما أعلن 19 موظفا ساميا من "منطقة النهر" في "بيان التسعة عشر" أنهم يساندون إضراب التلاميذ الزنوج ضد إلزامية تعليم اللغة العربية. من هنا يمكن القول بأن إشكال التعايش بين مكوناتنا الوطنية قد بدأ يطفو على السطح منذ منتصف عقد الستينيات من القرن الماضي، أي من قبل من وصول الرئيس معاوية إلى الحكم بثمان عشرة سنة.
المغالطة الثانية : إن التذكير بأن الصدامات العرقية قد بدأت في العام 1966 سيقودنا إلى كشف مغالطة أخرى يُحاول البعض من خلالها أن يرسخ في الأذهان بأن إقصاء بعض المكونات الوطنية من الوظائف ومن خيرات البلد هو السبب الأول في الصدام العرقي، وفي كل ما يطفو على السطح من مشاكل تتعلق بإشكالية التعايش بين المكونات الوطنية.
إذا كان هذا التفسير صحيحا فلنا أن نتساءل: بأي منطق يقود بعض الموريتانيين الزنوج مظاهرات واحتجاجات ذات طابع عرقي في العام 1966، وهم الذين كانوا يشكلون في تلك الفترة أغلبية كبيرة في الوظيفة العمومية؟
جاء في كتاب " موريتانيا : إشكالية التعايش العرقي" لمؤلفه الدكتور أعل ولد أصنيبه أن الباحثة "كامي هود" ذكرت في أطروحتها للدكتوراة بأن " التوجيهات الاستعمارية خلفت داخل الوظيفة العمومية في بداية الستينيات تمثيلا قويا للزنوج ( ما يناهز 75% من الموظفين و80% في البريد والمواصلات)".
إن الخلاصة التي يمكن أن نخرج بها من هذه الفقرة هي أن الاحتجاجات ذات الطابع العرقي قد ظهرت في فترة كان فيها الموريتانيون الزنوج يشكلون الأغلبية العظمى في صفوف عمال وموظفي الدولة الموريتانية.
المغالطة الثالثة :
يُحاول البعض أن يرسخ في الأذهان بأن تدريس اللغة العربية، وجعلها لغة رسمية في موريتانيا من بعد ذلك ما هو إلا وسيلة لإقصاء الموريتانيين الزنوج من الوظائف وحرمانهم ـ بالتالي ـ من خيرات بلدهم، ولذا فقد جاء في "بيان التسعة عشر" أنهم "يساندون إضراب التلاميذ الزنوج من أجل سد الطريق أمام التعريب القسري، ومن أجل فرض تعديل قوانين 30 يناير 1965 لأن الازدواجية ليست سوى خدعة لإقصاء المواطنين السود من كل شؤون الدولة.".
إن مما يجب لفت الانتباه إليه هنا، هو أنه حتى ولو بقت اللغة الفرنسية هي اللغة الوحيدة في التعليم والإدارة في موريتانيا، فإن ذلك لن يمنع تراجع نسبة الموظفين الزنوج في الوظيفة العمومية. لقد استفادت هذه المكونة من التعليم المبكر لأبنائها في زمن الاستعمار، ولذا فقد كان من الطبيعي جدا أن تشكل أغلبية في صفوف العمال والموظفين خلال السنوات الأولى من بعد الاستقلال. وقد كان أيضا من الطبيعي جدا أن يشكل الموريتانيون "البيظان" أغلبية في الوظيفة العمومية، وذلك من بعد إقبالهم على التعليم. ومما لاشك فيه كذلك أن شريحة "لحراطين"، والتي لا تحظى اليوم بما يناسب حجمها من الوظائف، ستحظى عاجلا أو آجلا بنسبة كبيرة من الوظائف، تتناسب طرديا مع ازدياد إقبال أبنائها على التعليم.
إن تغير نسبة الحضور الشرائحي والعرقي في الوظائف لا علاقة له باللغة، وإنما يرتبط أساسا بحجم الشرائح والمكونات وكثرتها العددية، وبمدى إقبال أبنائها على التعليم. يمكن للغة أن يكون لها الأثر السلبي في حالة واحدة، وهي أن يرفض بعض أبناء مكونة معينة تعلم اللغة الرسمية لبلد ما، فمثل ذلك قد يقلل من حظوظهم في الوظيفة، إذا ما قام ذلك البلد بتفعيل ترسيم اللغة التي اختارها لأن تكون لغته الرسمية.
المغالطة الرابعة
هناك من يعتقد أن الوحدة الوطنية يمكن أن تتحقق في بلد يرفض بعض أبنائه تعلم اللغة الرسمية لذلك البلد، بل فيهم من يرفض استخدام تلك اللغة بحجة أنه لا يعرفها، وهو في حقيقة أمره يعرفها، وقد اطلعت شخصيا على أمثلة من هذا النوع.
لا يمكن للوحدة الوطنية أن تتحقق، ولا للحمة الوطنية أن تتجذر في بلد ما إذا ما استمر ذلك البلد في اللجوء إلى الترجمة بلغة أجنبية من أجل ضمان التفاهم بين أبناء مكوناته.
إنه لمن المخجل حقا، أننا وبعد مرور أكثر من ستة عقود على الاستقلال ما يزال بعض الوزراء والموظفين السامين يعجزون عن تهجي خطاب رسمي من سطر واحد باللغة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية. في بعض الأحيان أشاهد سفراء بعض الدول الغربية في نواكشوط يتحدثون باللغة العربية في نشاط تحدث فيه وزراء موريتانيون بلغة أجنبية!!
لقد آن الأوان لأن نكون مثل كل بلدان العالم لنا لغتنا الرسمية التي لا يجوز استخدام غيرها في الخطابات الرسمية، ولا في المراسلات الإدارية، ولا في غير ذلك من المجالات التي يجب فيها استخدام اللغة الرسمية للبلد.
لو كانت هناك حجة منطقية واحدة تسمح بجعل أي لغة أخرى غير اللغة العربية لغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية لقبلنا بهذا التردد في تفعيل ترسيم اللغة العربية، ولكن لا حجة منطقية واحدة يمكن أن تقف ضد جعل اللغة العربية لغة رسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية، ولا حجة واحدة يمكن أن نبرر بها عدم تفعيل ترسيمها، فاللغة العربية هي:
1 ـ اللغة العالمية الوحيدة من بين كل لغاتنا الوطنية، وهي تحتل المرتبة الرابعة عالميا من حيث عدد الناطقين بها؛
2 ـ هي لغة قرآننا، وهي اللغة التي نحتاج لتعلمها لأداء بعض شعائرنا الدينية، وكذلك للتفقه في ديننا؛
3 ـ هي لغة المراسلات والمعاملات لكل الموريتانيين من قبل دخول الاستعمار؛
4 ـ هي اللغة الأم لعدد كبير من الموريتانيين، وهي لغة دين لكل الموريتانيين الذين يدينون جميعا بالإسلام؛
5 ـ كانت الحجة الوحيدة التي يتقدم بها البعض لتبرير بقاء اللغة الفرنسية مسيطرة، هي أن اللغة الفرنسية لغة تحتاجها بعض مكوناتنا الوطنية للتواصل مع امتداداتها في إفريقيا. هذه الحجة لم تعد مقنعة كما كانت، فاللغة العربية تحتل اليوم الرتبة الثانية في إفريقيا من حيث الاستخدام، في حين أن اللغة الفرنسية تأتي في الرتبة الرابعة في إفريقيا، وهي في تراجع مستمر نتيجة لتخلي بعض الدول الإفريقية عنها، وإبدالها باللغة الانجليزية. كما أنه من الملاحظ أن عداء فرنسا وكل ماله صلة بها يتنامى بوتيرة سريعة داخل الأوساط الشابة في إفريقيا السوداء، وقد أصبح من النادر جدا أن تنظم احتجاجات في بلد إفريقي دون أن يحرق فيها العلم الفرنسي.
كل ذلك سيزيد مستقبلا من سرعة تراجع اللغة الفرنسية في إفريقيا، وذلك بصفتها لغة تواصل، وهو ما يعني سقوط آخر حجة يمكن للفرانكفونيين في هذا البلاد أن يبرروا بها تمسكهم بلغة أجنبية تتراجع بشكل ملحوظ، وبدأ أهلها يتخلون عنها.
إن استمرار احتلال اللغة الفرنسية لمساحة لا تستحقها في التعليم، وهي اللغة التي تتراجع مكانتها عالميا، يعني سرقة مستقبل أجيال بكاملها، وإن استمرار احتلال اللغة الفرنسية لمساحة لا تستحقها في الإدارة الموريتانية يعني الاستمرار في إبعاد خدمات الإدارة من المواطن، ويعني كذلك بقاء أهم عائق ضد تعزيز وحدتنا الوطنية، ففي كل دول العالم، ومع الاعتراف بوجود استثثناءات قليلة جدا جدا هناك دائما لغة واحدة وواحدة فقط هي التي تستخدم في كل ما هو رسمي، حتى في البلدان التي يوجد بها تعدد لغوي، ذلك أن وجود لغة رسمية واحدة يعد من أهم العوامل التي تعزز من وحدة وتماسك المجتمعات.
حفظ الله موريتانيا..