استغلال منجم "غار الجبيلات" يثير الجدل مجددا بين المغرب والجزائر 

تستمر الجزائر في “الاستغلال الفردي” لمنجم “غار الجبيلات” الغني بمادة الحديد، الذي نصت اتفاقية ترسيم الحدود لسنة 1972 على “استغلال مشترك له بين الرباط والجزائر”.

“غار الجبيلات” المتاخم للحدود المغربية شهد تطورا جديدا، بعد إعلان الجزائر بدء استغلاله، متجاوزة الاتفاقية الموقعة مع المملكة المغربية في السبعينيات، إذ تم هذا الأسبوع توقيع اتفاق مع ائتلاف صيني، يضم 3 شركات، بقيمة مالية قدرها مليار دولار، قصد بناء مصنع بـ”بشار” يهم تحويل الحديد الخام للمنجم.

هذا التطور يعد “إقبارا واضحا” للاتفاقية التي جمعت البلدين، بعد دخول الصين التي لا تجد “حرجا” في الاستثمار في جل الفرص بين الجارين، اللذين تعرف علاقاتهما تراجعا كبيرا منذ إعلان الجزائر قطع العلاقات من جانب واحد.

وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية بينت في بلاغ لها أن “المصنع سيبدأ تحويل الحديد الخام إلى مواد نصف مصنعة كـ’البلاطات’، وذلك بطاقة إنتاج تصل إلى مليون طن سنويا”، باستثمار كبير رقمه المليار دولار.

عبد الخالق التهامي، باحث ومحلل اقتصادي، يرى أن “مسألة منجم ‘غار الجبيلات’ هي قانونية أكثر مما هي اقتصادية”، موردا أن “السجال حول استغلال هذا المنجم بين المغرب والجزائر يجب أن يقول القانون الدولي كلمته فيه قبل الحديث عن الأضرار الاقتصادية لكلا الطرفين”.

وأضاف التهامي ضمن تصريح لهسبريس أن “وضع افتراض بأحقية الجزائر في استغلال المنجم قانونيا سيكون له أثر سلبي بالأساس على الجارة الشرقية وليس على المغرب فقط، إذ ستزداد كلفة تصدير الحديد، في وقت يوجد المغرب بقربه”.

“حتى لو كان المنجم قريبا للغاية إلى المغرب كان يجب ترسيم الاتفاقية الموقعة بين الطرفين وتنزيلها على أرض الواقع”، يورد الباحث والمحلل الاقتصادي ذاته، مستطردا بأن “هذا الأمر يمكن للمغرب طرحه للقضاء الدولي ليفصل فيه، طالما هي مسألة قانونية بحتة”.

من جانبه، وفي سياق متصل، سجل وليد كبير، صحافي جزائري معارض، أن “الجزائر منذ سنوات توظف ملف منجم ‘غار الجبيلات’ لخلق ابتزاز واضح للجار الغربي، المغرب”.

وفي حديث لهسبريس أورد كبير أن “اتفاقية 1972 هي بمثابة معاهدة دولية، وسارية المفعول إلى حدود الساعة، إذ جاء في بنودها أنه في حين إنشاء الشركة المغربية الجزائرية المستغلة للمنجم ستصل مدة إنجاز المشروع إلى 60 سنة، وهو ما لم يتم تنزيله إلى حدود اللحظة”.

واعتبر المتحدث عينه أن “النظام الجزائري يحاول جر المغرب إلى نزاع حقيقي حول المنجم، في إطار سعيه إلى كسب الشرعية المفقودة محليا”، مشيرا إلى أن “الخبراء الجزائريين أنفسهم يسجلون صعوبة استخراج الحديد من منجم ‘غار الجبيلات’، نظرا لحمله كمية هائلة من الفوسفور، إلى جانب التكاليف الباهظة لنقله إلى الشمال ثم إلى الموانئ قصد التصدير للخارج”.

وشدد الصحافي الجزائري المعارض على أن “المغرب لم يرد على خطوات الجزائر بخصوص المنجم، التي تعتبر خارقة للقانون الدولي، وفي حالة البدء الفعلي لاستغلاله من حق الرباط اللجوء إلى القضاء الدولي”، وزاد أن “المستثمر الأجنبي لا يمكنه أن يضع أمواله في منطقة تعرف نزاعات، إذ تتاخم مخيمات تندوف، تحديدا بمخيم الداخلة، وقريبة من الحدود مع موريتانيا، وهي المنطقة التي تعرف ‘سيبة’ (فوضى) قانونية بسبب تحركات البوليساريو التي تشدد على استمرار النزاع مع المغرب”.