أثار انقلاب الغابون المعلن الأربعاء 30 أغسطس/آب 2023، مخاوف في أسواق النفط؛ نظرًا لعضوية الدولة الأفريقية في منظمة أوبك، إذ تعدّ من الدول المصدرة للخام.
وأعلن عدد من ضباط الجيش الانقلاب على الرئيس الغابوني علي بونغو (صباح الأربعاء)، بعد فوزه بولاية ثالثة في الانتخابات التي أجريت السبت (26 أغسطس/آب 2023).
وتوقع أحدث تقرير تحليلي -حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- أن تكون إسرائيل أكبر المتضررين من انقلاب الغابون، في حين سيكون التأثير محدودًا في أسواق النفط العالمية.
واستند التقرير الصادر عن شركة إنرجي أوتلوك أدفايزرز، إلى بيانات تحليلية متخصصة رجحت خسارة إسرائيل للنفط الغابوني وعدم تضرر الصين رغم كونها أحد المستوردين.
ويعد انقلاب الغابون الثامن في القارة الأفريقية خلال السنوات الـ3 الماضية، كما يأتي بعد شهر واحد من انقلاب النيجر (26 يوليو/تموز 2023)، ما يشير إلى حالة تمرد ضد هيمنة فرنسا على وسط وغرب أفريقيا، واقتراب المنطقة أكثر إلى روسيا والصين، حسب التقرير.
إسرائيل الخاسر الأكبر
تعد الغابون أحد الدول الأفريقية المنتجة للنفط، كما تتمتع بعضوية منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وقد انتعش إنتاجها بصورة جيدة خلال الأشهر الأخيرة رغم تخفيضات تحالف أوبك+، وفقًا لتقرير إنرجي أوتلوك أدفايزرز.
وينفذ تحالف أوبك+ سياسة خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 على أن يستمر حتى نهاية العام المقبل (2024).
وتجاوز إنتاج الغابون من النفط الخام 210 آلاف برميل يوميًا في شهر يوليو/تموز 2023، ارتفاعًا من 206 آلاف برميل يوميًا الشهر السابق له، بحسب البيانات الدورية الصادرة عن منظمة أوبك.
وتصدر الغابون نفطها إلى عدة دول، أبرزها الصين وإسرائيل وإندونيسيا إلى جانب دول أخرى، لكن ليس لديها عملاء ثابتون باستثناء بكين، وفقًا لبيانات شركة كبلر المتخصصة في تتبع سفن وناقلات النفط والغاز.
وفي يوليو/تموز 2023، بلغت صادرات الغابون إلى الصين أكثر من 29 ألف برميل يوميًا، كما استوردت إسرائيل 59 ألف برميل يوميًا من الدولة الأفريقية.
ولم تستورد الصين أي نفط من الغابون خلال شهر أغسطس/آب 2023؛ ما يرجح ضعف تأثر بكين بتداعيات انقلاب الغابون، بحسب تحليل إنرجي أوتلوك أدفايزرز.
على الجانب الآخر، تبدو إسرائيل مستمرة في استيراد النفط من الغابون، والذي لجأت إليه بعد خسارة واردات نفط كردستان العراق منذ مارس/آذار 2023، بعد توقف الضخ عبر خط الأنابيب التركي.
وإذا قرر قادة انقلاب الغابون وقفت الصادرات النفطية خلال المدة المقبلة، فستكون الغابون المصدر الثاني للنفط، الذي تخسره إسرائيل خلال 5 أشهر، بحسب تقديرات إنرجي أوتلوك أدفايزرز.
تأثير محدود في أسواق النفط العالمية
لن تتأثر أسواق النفط العالمية بأي توقف محتمل للصادرات بسبب انقلاب الغابون، وإذا حصل تأثير سيكون محدودًا، بالنظر إلى حجم الإنتاج الصغير الذي يتحكم فيه ذلك البلد الأفريقي العضو في منظمة أوبك، وفقًا للتحليل.
ويعزز من هذا التوقع، أن تخفيضات إنتاج النفط الأخيرة التي قامت بها السعودية ودول أخرى، كانت طوعية، ما يعني أن أيّ تخفيف في التخفيضات يمكنه أن يعوض صادرات الغابون النفطية لو تعرضت لتوقف محتمل.
ومع ذلك، سيظل التأثير ملحوظًا أكثر في إسرائيل، وربما تضطر إلى البحث عن موردين آخرين خلال المدة المقبلة، بحسب التحليل المفصل، الذي رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
على الجانب الآخر، يصنف أغلب إنتاج الغابون من النفط ضمن الخامات الخفيفة متوسطة الحلاوة ويسمى "خام رابي"، على الرغم من تصنيفه عند (API 33) من جانب شركة تيوللو أويل البريطانية، فيما تُصنف بعض المصادر خام رابي الغابوني فوق (API 37)، وفق مؤشر معهد النفط الأميركي (API gravity).
وبحسب مقياس معهد النفط الأميركي، عادةً ما تكون درجة كثافة النفط الخام -وزنها مقارنة بحجمها- بين 15 و45 درجة، فالنفط الذي تقل كثافته عن 25 درجة يُعدّ ثقيلًا، أما الذي تتراوح كثافته بين 25 و35 درجة فيكون متوسط الكثافة، والخام الذي تتجاوز كثافته 35 درجة يُعدّ خفيفًا.
ويصنف سوق النفط الخام المتوسط من الأسواق الضيقة بالفعل، ما يعنى أن غياب النفط الغابوني قد يؤثر في فروق الأسعار، بحسب إنرجي أوتلوك أدفايزرز.
احتياطيات النفط تصل إلى ملياري برميل
بدأت الغابون التنقيب عن النفط في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، وتقدر احتياطيات النفط المؤكدة لديها بنحو ملياري برميل في الحقول البرية والبحرية.
وشهد تاريخ الغابون محطتين كبيرتين في زيادة إنتاج النفط، الأولى كانت في ستينيات القرن الماضي والثانية في تسعينياته، وفقًا لما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وبلغ إنتاج النفط ذروته عند 370 ألف برميل يوميًا في عام 1996، ثم بدأ في الانخفاض تدريجيًا، إذ يدور متوسطه الحالي حول 200 ألف برميل يوميًا، وسط حالة ترقب لأحداث انقلاب الغابون وآثاره المحتملة في معدلات الإنتاج والتصدير.
على الجانب الآخر، قد يؤثر انقلاب الغابون في واردات المنتجات النفطية، التي بلغت الأشهر الأخيرة 20 ألف برميل يوميًا.
وعلى صعيد الغاز، تقدر احتياطيات الغاز الطبيعي المؤكدة في البلاد بنحو 26 مليار متر مكعب، بينما بلغ إنتاجها 463 مليون متر مكعب في عام 2022، مع استهلاك أغلبه أو إعادة حقنه في حقول النفط.
نقلا عن محظة الطاقة