موقع الفكر ينشر ترجمة لتوصيات واستنتاجات من تقرير مبادرة الشفافية 2022 (الجزء1)

احتضنت مدينة ازويرات بحر الأسبوع الجاري، أشغال يوم تشاوري لمناقشة تقرير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية لسنة 2022، المنظم من طرف اللجنة الوطنية لهذه المبادرة.

وقد استخلص هذا التقرير جملة من النتائج لها علاقة بقطاع الصناعة الاستخراجية في موريتانيا مقدما في ذات الوقت عديد التوصيات التي من شأنها النهوض بهذا القطاع الحيوي والتي سنحاول التطرق إليها - كما ورد تباعا في التقرير الذي صدر الأسبوع الماضي:

أوضح النتائج الرسمية الواردة في التقرير، أن الآداء في مستوى احترام معيار مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية ITIE يرتبط إرتباطًا وثيقًا بالسياق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد وفي الواقع، فإن "الحوكمة بجميع أبعادها بما في ذلك على وجه الخصوص مناخ الأعمال، هي مؤشر مهم لمستوى الشفافية في إدارة الموارد الاستخراجية" ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من التقدم الذي يتعين إحرازه، لا سيما فيما يتعلق بعدم  الحسم القانوني وبعدم كفاية رأس المال البشري و بنقاط الضعف في البنية التحتية الأساسية، التي تشمل الولوج  إلى الماء والكهرباء والإنترنت وقنوات الاتصال في ظروف مناسبة  ومكافحة الفساد إضافة الى  اختلالات أخرى على  مستوى حوكمة المؤسسات المملوكة للدولة والتصرف في المالية العامة.

وهذا من شأنه أن يقلل بشكل كبير من كتلة النفقات التي يتم تمويلها من إيرادات القطاع الإستخراجي بشكل خاص.

وجاء في التقرير المذكور :"كما هو الحال في القطاعات الأخرى،  وفي القطاع الاستخراجي بشكل خاص، تعد الشفافية إحدى أفضل الميزات الجاذبة للأنشطة الاستخراجية والضامنة لاستدامتها".

ولكن ليس من المستغرب، أن موريتانيا ليست من بين الدول الإفريقية التي تجني أكبر قدر من الأرباح من مواردها الطبيعية ،إذ يبلغ متوسط معدل الضريبة الفعلية TEMI لمشروع تعدين (التي تحدد حصة إيجار التعدين  لفائدة  الدولة) نسبة 38.2%  عام 2019 مقارنة بـ 50.4% في السنغال.

 والواضح أن أوجه النقص المذكورة أعلاه وغيرها من الأمور الأقل "وضوحا" لا تساهم في "التقاسم العادل لعائدات التعدين" عند التوقيع على اتفاقيات تقاسم الإنتاج.

إضافة الى ذلك هناك جوانب أخرى مثيرة للقلق بنفس القدر سواء كان الأمر يتعلق بالإنفاق الاجتماعي للشركات أو الآثار السلبية للأنشطة الاستخراجية على البيئة، ولا سيما استخراج الذهب الخام وإنتاج الذهب الصناعي الذي يتطلب مزيدا من اليقظة واتخاذ التدابير التي ترتكز على المعطيات العلمية وعلى الإرادة السياسية لإشراك أكبر عدد من المعنيين، ولا سيما من السكان المحليين من خلال ممثليهم والمجتمع العلمي، وشركات التعدين، وعمال مناجم الذهب، والسلطات العامة.

وبغض النظر عن مستوى الريع الاستخراجي، فإن فعالية وكفاءة الإنفاق هو جانب آخر يجب أخذه بعين الاعتبار. هذا زيادة على المراقبة المسبقة، وخاصة تلك المتعلقة بالميزانية من خلال متابعة الرقابة عبر محكمة الحسابات والهيئات الرقابية الأخرى التي يجب أن تضاعف اليقظة وتفرض ثقافة المساءلة. كما يمكن أن يشكل تداول المعلومات ويقظة المجتمع المدني عوامل مساعدة على ذلك أيضا. 

وبالاتفاق مع مجموعة أصحاب المصلحة المتعددين، اقترحت الوكالة الدولية للصناعات التحويلية إصلاحات تتعلق بحوكمة القطاع الاستخراجي وتأثير تنفيذ مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية وبالنسبة للجزء الأكبر فقد تأخر تنفيذها كما توجد توصيات جديدة متعلقة بذلك تهدف إلى تعزيز الشفافية وأنظمة المراقبة والمراجعة من أجل تحسين الإيرادات والتوزيع وفعالية وكفاءة الانفاق العام.

 وفيما يتعلق بهذه التوصيات، فهي تهدف إلى تحسين حصة موريتانيا من الاستخراج الصناعي إضافة إلى تخصيص هذه الموارد الناتجة لصالح القطاعات ذات الأولوية من حيث التنمية وفعالية وعدالة الإنفاق العام.

 وبعبارة أخرى، فإن الأمر يتعلق بخلق توازن قوى أكثر ملاءمة لموريتانيا من أجل التفاوض بشكل أفضل على عقود الاستكشاف والإنتاج ويتعلق ايضا بإدارة أفضل للإيرادات المتأتية من أنشطة القطاع الاستخراجي وبإنشاء نظام فعال للرقابة والتدقيق في سياق تنفيذ عقود تقاسم الإيجار وتنفيذ النفقات العامة.

وعلاوة على ذلك، سيتعين على CN-ITIE مضاعفة جهودها والانخراط بشكل أكبر في تنفيذ الامتثال لمتطلبات مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية ولتوصيات التدقيق الداخلي.

بالنسبة لأهم التوصيات الواردة في تقرير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية لعام 2022 فقد توجهت إلى عديد الجهات الفاعلة المعنية ومنها وزارة العدل حيث أكدت على أهمية التدقيق بشكل دوري على عينة من الأحكام القضائية وإحالة الأمر إلى المجلس الأعلى للقضاء للنظر فيه علاوة على تسليط عقوبات خاصة ضد القضاة غير الأكفاء أو الفاسدين وتم تبرير ذلك بعدم "االتثبت القانوني" من قبل المستثمرين والمجتمع المدني والمؤشرات الدولية المتعلقة بالحوكمة.

التقرير أوصى أيضا بتكثيف التدريب المهني في المهن المرتبطة بالصناعات الاستخراجية وذلك لأن مؤشر رأس المال البشري ضعيف للغاية وفي المرتبة 150عالميا.وأكدت العمل على ضمان الولوج إلى المياه والكهرباء والإنترنت وتطوير طرق الاتصال البرية والجوية والبحرية في ظل ظروف مرضية وذلك بسبب وضعية البنية التحتية بما في ذلك في المراكز الحضرية والمناطق الصناعية، وصعوبات في الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب والكهرباء والإنترنت والصرف الصحي، وسوء نوعية الطرق والنقل البري، وهشاشة النقل الجوي والبحري .

كما أوصى الوزارة  المعنية عن الاقتصاد ووزارة العدل ومنظمات المجتمع المدني بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بسبب ارتفاع مستوى الفساد حيث احتلت موريتانيا المرتبة 140 من أصل 180 دولة عام 2021 .

أما بالنسبة لوزارة المالية فقد تمت توصية مديري ورؤساء مجالس إدارة الشركات عالية المخاطر، وخاصة تلك التي تستغل الموارد الاستخراجية، أن يستوفوا مواصفات محددة مسبقا كما يجب اختيار المراجعين والمدققين على أساس شفاف ونشر تقاريرهم.

وفي حالة رفض التصديق على الحسابات، يكون تدخل الهيئات الرقابية الأخرى ممنهجا  ويتم  تبرير ذلك بوجود مخاطر عالية متعلقة بميزانية المؤسسات العامة المرتفعة نظرًا لتراكم ممارسات الإدارة السيئة على مدى عدة عقود عبر التعيين غير الشفاف للموظفين، والالتزامات المالية المشكوك فيها، والنفقات المتكررة غير المحسوبة، والمبالغة في تقديرالأصول، وسوء صيانة المنشآت .ولنفس الاسباب تمت التوصية  بتدقيق عينة من تقارير مدققي الحسابات بشكل دوري ونشرها ومعاقبة المخطئين والتأكيد على ضرورة تتبع جميع تقارير التدقيق وذلك نظرا إلى أن محتوى تقارير مدققي الحسابات غير متجانس ويختلف باختلاف كتابها .وبالنسبة للجمعية  الوطنية ووزارة المالية ومنظمات المجتمع المدني فقد تمت توصيتها بالإنضباط في الميزانية نظرا لوجود عديد التجاوزات المتمثلة في الإختلاف في تكوين الإيرادات المحققة والنفقات الفعلية مقارنة بالتوقعات الأولية؛ علاوة على أن متأخرات الدفع ليست تحت السيطرة ونظرا لوجود صعوبات في دمج إيرادات ونفقات بعض المشاريع وايضا بسبب عدم تقديم تقارير تنفيذ الموازنة.

هذا زيادة على أن الهيئات المعنية بالرقابة الخارجية غير مؤهلة لممارسة أدوارها 

وبالنسبة  للجمعية الوطنية ووزارة الاقتصاد وزارة المالية والبلديات ومنظمات المجتمع المدني فقد تمت توصيتهم بإعداد خطط الآداء السنوية ووضع استراتيجيات قطاعية للقطاعات ذات العلاقة باستغلال الموارد الاستخراجية  خاصة وأنه لا يتم تقدير  تكاليف الاستثمار المتكررة التي لا تؤخذ في الاعتبار في برمجة الميزانية متوسطة الأجل وهذا لأن التخصيص الاستراتيجي للموارد الاستخراجية ينطوي على نقائص في مستوى إعداد خطط الآداء السنوية و تقدير تكاليف الاستراتيجيات القطاعية للقطاعات الصناعية والتعدين وفي مستوى تكاليف الاستثمار المتكررة.

أما الوزارة المعنية بقطاع  المناجم والمحروقات ووزارة  المالية فتمت توصيتهما بالالتزام بإجراءات الترخيص وتنفيذ البنود التعاقدية حيث لوحظ عدم وجود طرقة واضحة أو تقليد متبع  لإجراءات التدقيق وتنفيذ الشروط التعاقدية مع التحقق من البيانات من مصادر مختلفة.

وتم توجيه توصيات أيضا الى وزارة العدل ووزارة المالية وديوان المحاسبة ومنظمات المجتمع المدني من أجل تعزيز الضوابط المسبقة وتعزيز ديوان المحاسبة بالموارد البشرية ذات الكفاءة وتزويده بالإمكانات اللازمة للقيام بمهامه اضافة الى تعزيز الضوابط الداخلية في الخدمات العامة والشركات ووضع إرشادات واضحة يجب مراعاتها عند إعداد تقارير مدققي الحسابات بحكم آفتقار هيئات الرقابة والتدقيق  إلى النشاط والمهارات ولا تتم متابعة نتائج تحقيقاتها دائمًا. كما ان تقارير مدققي الحسابات ليست منظمة بما فيه الكفاية.

وبخصوص وزارة المالية والهيئة الوطنية للمحاسبين القانونيين تمت التوصية بتنظيم مهنة المحاسبة بناء على معايير العضوية المتوافقة مع المعايير الدولية أو الموجودة في معظم دول المنطقة خاصة وأن النظام الوطني للمحاسبين القانونيين يكافح لوضع معايير شفافة للعضوية.

 أما بالنسبة لوزارة المالية ووزارة العدل فهما مدعوتان الى مراجعة النصوص القانونية لإعادة تحديد الملفات الشخصية المقبولة لتصديق الحسابات، وإعادة تحديد مسؤولياتهم والعقوبات التي يتعرضون لها بما يتوافق مع المعايير الدولية بالنظر الى أن ممارسة التدقيق القانوني ليس منظما بشكل كافٍ.