قررت اللجنة المستقلة للانتخابات 22 يونيو من هذا العام موعدا للاقتراع الرئاسي المقبل بعد خمس سنوات حافلة بالإنجازات من مأمورية رئاسية تولي خلالها الأخ الرئيس محمد الشيخ الغزواني مقاليد الرئاسة فشهدت هذه الفترة استقرارا مشهودا ونموا منصفا ملحوظا رغم ما تعرض له البلد من تحديات داخلية وخارجية.
وقد تجسد هذا الاستقرار في:
1. تطبيع المشهد السياسي الوطني الذي ظل يطبعه التأزيم والتوتر إلى أن جاء الرئيس محمد الشيخ الغزواني الذي كان أول رئيس في تاريخ موريتانيا يستقبل ويحتفي بمنافسيه الذين نافسوه على الكرسي الرئاسي سنة 2019؛ سيد محمد ببكر، وبيرام الداه اعبيد، وكان حاميدو بابا رحمه الله.
وكان أول رئيس موريتاني كذلك يكرم وينزل القادة التاريخيين للفعل السياسي المعارض والحقوقيين منزلة التقدير؛ مسعود بلخير، وأحمد داداه، ومحمد ولد مولود، والمرحوم المصطفي بدر الدين، وببكر مسعود، ويتذكر الجميع ما كان عليه مشهدنا السياسي من تجاذبات طاحنة وحادة ومن احتقان أفسد على البلد فرصا متعددة. وطويلة من الاستقرار السياسي الذي يعتبر شرطا ضروريا من شروط التنمية.
2. اختفاء الأزمات الدبلوماسية مع دول الجوار، فخلال الأعوام الخمسة لم نسجل أي تجاذب دبلوماسي مع هذه الدول الشقيقة، بل أصبحت دبلوماسيتنا رائدة وحاضرة على المستويين الإقليمي والدولي بحكم مكانة وحكمة وحنكة هذا القائد الذي كان قد فاجأ الجميع وأبهره عند أول خرجة له للمشاركة في أحد المحافل الإقليمية بعد تنصيبه مباشرة.
ومما هو معروف أن كل الرؤساء الذين حكموا البلد لفترة تزيد على ثلاثة أعوام شهدت فترة حكمهم أزمات دبلوماسية مع بعض دول الجوار، ويعود الفضل في هذه المكانة الدبلوماسية لمهارة وإنسانية صاحب الفخامة محمد الشيخ الغزواني وأسلوبه المتميز في إدارة المشهد السياسي بقوة هادئة انتزعت وفرضت احترام الجميع وبوأت البلد مكانة دبلوماسية سامقة على المستويين الإقليمي والدولي.
3. استتباب الأمن والسكينة، فخلال هذه المأمورية مكنت المقاربة العسكرية والأمنية من توفير الأمن بكافة بقاع الخريطة الوطنية، وذلك رغم تحديات هشاشة الأمن ببعض المناطق الحدودية ببلدان شقيقة كما شاركت وتشارك قواتنا العسكرية والأمنية بفعالية كبيرة في العديد من عمليات حفظ السلام الإقليمية وفق مأمورية منظومة الأمم المتحدة.
4. الانحياز القوي للمغبونين وتعزيز السلم الاجتماعي، وقد تجلي هذا الانحياز وتجسد في آليات مؤسسية كمندوبية "تآزر" المكلفة بردم ومحو الفوارق المجتمعية، وقد حققت في ذلك نتائج بالغة الأهمية، وتظل السرعة مطلوبة لتحقيق المزيد وصولا إلى الهدف النبيل المنشود، كما تجسد الانحياز في خرجات إعلامية وجماهيرية قوية كخطاب وادان وإعلان جول ومحاربة الذهنيات والقاموسيات المضادة للمساواة والممجدة لبعض التراث الظلامي السلبي الرجعي المتعفن والمقيت الذي بتنافي مع ديننا الإسلامي الحنيف ومع مبادئ العصر وقيم الجمهورية.
يقول الرئيس في خطاب وادان (يحز في نفسي ما تتعرض له هذه الفئات من ظلم ونظرة دونية مع أنها في قياس الميزان السليم ينبغي أن تكون علي رأس الهرم الاجتماعي، فهي في طليعة بناة الحضارة والعمران وهي عماد المدينة والابتكار والإنتاج.. ولقد آن الأوان أن نطهر موروثنا الثقافي من رواسب ذلك الظلم الشنيع وأن نتخلص نهائيا من تلك الأحكام المسبقة والصورة النمطية).
ولن أكشف سرا حين أقول من موقع الخبرة والممارسة إن محمد ولد الشيخ الغزواني كان الراعي والفاعل في إقرار قانون العبودية، فلقد كان كلما اتصلت به من أجل حلحلة إشكالية يقوم بالاتصال بالمغفور له الرئيس سيد ولد الشيخ عبد الله ليضغط علي أغلبيته لتتعاطي مع مشروع هذا القانون وفق رؤيتنا في التحالف الشعبي التقدمي، واعتقادي جازم أن الإجراءات التي اتخذها في مجال حقوق الإنسان وترسيخ المساواة نزعت البساط من تحت غلاة الشرائحية وحشرتهم في زاوية ضيقة من المشهد السياسي تجعلهم إما أن يبيضوا قاموسهم من مفردات الغلو والتهويل أو يستعدوا لمكانة هامشية جدا في المشهد السياسي.
تلكم أمارات تحقيق الاستقرار ببلادنا خلال المأمورية الأولي لرئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني.
أما بينات النمو المنصف بمعني النمو المنحاز للفقراء والمغبونين، فيمكن إيجازها في:
1. توفير التأمين الصحي المجاني لـ100000 أسرة متعففة مسجلة في السجل الاجتماعي لـ"تآزر"، ليس فقط للوالدين والأبناء وإنما يشمل من يسكن مع العائلة تحت سقف واحد من ذوي الأقارب والقربى الآخرين.
2. توفير رواتب شهرية منتظمة لما يزيد على 100000عائلة من العائلات المصنفة شديدة الفقر.
3. إعادة تأسيس المدرسة الجمهورية على قاعدة اعتماد مجانية التعليم وتكريس اللغة العربية كلغة التعليم بلا منازع ولا منافس، وتكييف اللغة الفرنسية والإنجليزية كلغتي انفتاح، والتكفل بالتغذية المدرسية.
4. التمييز الإيجابي لصالح الشباب من خلال تخصيص كوتا للشباب بالبرلمان لأول مرة في تاريخ البلد وهو ما جسد طموحات ناضلت من أجلها عقودا من عمري قناعة مني بأن الشباب هو محرك التغيير المجتمعي، وقد علمتنا دروس التاريخ أن أغلب التحولات المجتمعية الإيجابية قادها شباب ميامين.
5. الإيمان العميق بأسبقية معالجة رواسب الاسترقاق والعمل الحاسم الواعي على إزالتها والتفعيل السريع لكل الآليات والرافعات التي من شأنها تجسير الفوارق المضادة لمقاصد العصر والدولة الحديثة.
وتأسيسات على هذه الحصيلة المشرفة المحصنة للاستقرار الذي هو أس بنيان الدول، وتأمينا للنمو المنصف المنحاز للفقراء، ومعرفة مني خالصة بسيرة ومسار الرئيس محمد الشيخ الغزواني وجمعه بين القوة في موضعها واللين في محله، أعتقد أن مصلحة موريتانيا هي في ترشحه لمأمورية ثانية ضمانا لاستمرار مسيرة النمو والاستقرار وطمأنة للشركاء الإقليميين والدوليين الذين تجمعه بأغلبهم صداقة وثقة وإخوة ووداد كرئيس دولة الامارات العربية المتحدة محمد بن زايد، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
فلنشد الأحزمة، ونجعل من سنة 2024 سنة إجماع وطني حوله في الاستحقاق الرئاسي القادم إذا كنا نريد حقا لبلدنا التقدم والازدهار، فوضعنا المعقد يحتاج إلى قائد كيس بحجم ومكانة غزواني المؤهل وحده اليوم بحكم معطيات موضوعية لإيصال سفينة الوطن إلى بر الأمان في عالم مضطرب.
ومن واجبي أن أجدد هنا وأكرر دعوتي لكل الوطنيين الصادقين إلي التمسك بهذا القائد ومواكبته في مأموريته الثانية هذه التي نتطلع إلى أن تكون بحول الله خالية من الأزمات والعواصف والهزات مكرسة للإصلاحات الجوهرية المنشودة التي ينبغي أن يكون في مقدمتها إصلاح عقاري ينهي احتكار الأراضي الزراعية وإعطائها لمن يزرعها في كنف دولة المواطنة دولة العدل والإنصاف التي تذوب فيها الفوارق الاجتماعية وتتساوي وتتكافؤ فرصها بين المواطنين حتي تتحقق دعوة الرئيس في رفع الظلم عن الفئات المحرومة والهشة، قال تعالى جل من قائل: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، وقال: {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}.