
شيّع آلاف الموريتانيين بعد ظهر اليوم الإثنين، العلامة الموريتاني الفذ حمدا ولد التاه، الذي توفي في نواكشوط، عن عمر يناهز 91 عاما، بعد رحلة حافلة بالعطاء العلمي وإصلاح ذات البين، والمودة لمن عرف ومن لم يعرف.
وأقيمت الصلاة على فقيد العلم في ساحة مسجد ابن عباس؛ أول مسجد شُيد في موريتانيا، وعرف دروس العلامة الراحل، وسط حضور حشود غفيرة من تلاميذ ومحبي الشيخ، وأقربائه، ومحبي العلم وأهله.
كما حضر صلاة الجنازة المهيبة، الوزير الأول محمد ولد بلال، وعدد من أعضاء الحكومة، وكبار المسؤولين في الدولة.
وكان الراحل حمدا ولد التاه يتولى حتى وفاته اليوم، الرئاسة الشرفية لهيئة العلماء الموريتانيين منذ تأسيسها قبل ثلاث سنوات كما أسندت إليه الأمانة العامة لرابطة العلماء الموريتانيين
وتقلد الراحل خلال مسيرته المهنية عدة وظائف حكومية كإدارة التوجيه الإسلامي لفترتين مختلفتين، وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى، وكذا عضوية المجلس الأعلى للفتوى والمظالم، كما مثل موريتانيا في العديد من المحافل والمؤتمرات الدولية والاقليمية ونال عديد الأوسمة وشهادات التقدير.
ولد الشيخ حمدا ولد التاه سنة 1933 في ضواحي المذرذرة بالجنوب الغربي الموريتاني، وتربى في أحضان أسرة علم وتقى وصلاح ومكانة روحية، فتلقى أول معارفه في محيط يتعاطى أهله العلم والأدب مذاكرة وتدريسا ومطارحة، فقرأ متون الفقه الإسلامي واللغة العربية بنحوها وبلاغتها، وأضاف إلى ذلك المنطق وعلم الكلام ودراسة الأصولحرصت على تعليمه وتربيته، فنشأ شاعرا وأديبا وعالما ومرشدا.
وبعد استكماله الدراسة المحظرية انتقل إلى الدراسات المعاصرة في مجال الفقه الإسلامي وعلوم اللغة العربية، فابتعث إلى تونس سنة 1961 ضمن بعثة تكوينية لمدة عام حصل خلالها على شهادة مهنية في التدريس.
و بعد ما زاول التدريس لفترة انتدب في منحة دراسية إلى تونس رفقة العلامة محمد سالم ولد عدود وبعد عودته شغل مناصب سامية من مدير للتوجيه الإسلامي ثم وزيرا للشؤون الإسلامية خلال حكم الرئيس المؤسس المختار ولد داداه في الفترة 1975-1977، ثم سفيرا مكلفا بالشؤون العربية والإسلامية بوزارة الخارجية، ثم مديرا للتوجيه الإسلامي سنة 1978 حتى تقاعده سنة 1988.
بعد تقاعده من الوظيفة العمومية تقلد مناصب في هيئات دستورية في البلاد، فعين سنة 1997 عضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى (هيئة دستورية استشارية عليا)، وعضوا بالمجلس الأعلى للفتوى والمظالم سنة 2012، كما انتخب أمينا عاما لرابطة العلماء الموريتانيين.
ونظرا لاهتمامه بالمالية الإسلامية خاصة المعاملات فقد عرضت عليه عدة هيئات مالية ومصرفيه عضوية هيئاتها الشرعية داخل البلاد وخارجها فعمل مستشارا شرعيا لبنوك ومصارف منها: بنك البركة الإسلامي في موريتانيا، والبنك الإسلامي الموريتاني "موريس بنك"، والصناديق الشعبية للادخار والقرض.
وكان موقع الفكر قد نشر تحقيقا مطولا عن محظرة أهل العاقل أفرد فيه جزء غير يسير للتعريف بالعلامة الراحل وبعطائه العلمي والفكري يمكن تصفحه على الرابط














