صحة الاقتراع ومصلحة المسار الديمقراطي: الأستاذ يعقوب السيف

من يحكم على صحة الانتخابات بمعيارحصوله على بطاقات تصويت بحجم أصوات حشده الحملاتي ، كمن ينتظر من استبدال أوراق نقد وطنية الحصول على عدد  مساو من أوراق عملة صعبة.
حقيقة "صوت الناخب الذى يعكس إرادته الحرة " بحاجة ماسة للحماية؛ فالمال السياسي واستخدام النفوذ وضغط العوامل الاجتماعية وتوظيف الانتماءات الضيقة، تتناهشه حد الإجهاز عليه، لكن مقومات تحقق تلك الحماية تحتاج لجهد جاد ودؤوب يعتمد التبادل والتشاور بين كل الفرقاء وخارج أوقات الدوام السياسي الرسمي، أي شرط أن لا يكون بمناسبة انتخابات قائمة أو حالة، وأن يتوج بصياغة نصوص واعتماد إجراءات يحترمها الجميع، و تفرض عليهم.
"أصوات الشباب ما دون سن التصويت" تصدر عن حبالهم الصوتية (حس بالحسانية) وصحتها فيزيولوجيا تكون بعقلنة استخدامها فى المهرجانات والتظاهرات الانتخابية. ويستعان عند اعتلالها برأي الطبيب المختص(أنف ،أذن وحنجرة).
سياسيا تحمى تلك الأصوات من خلال التنشئة السياسية السليمة.
أما " الصوت الانتخابي المجسد فى بطاقة التصويت" فحمايته فرض عين بالنسبة "للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات "والهيئات القضائية (المجلس الدستوري بالنسبة للاقتراع الرئاسي) ولأجهزة الدولة كافة فى الإطار العام لمسئولياتها.
أكبر فشل للمستقلة للانتخابات؛ أنها لم تستطع أن تتزحزح عن مرمى التشكيكات والاتهامات التى كانت توجه لإشراف طرف فى التنافس السياسي هو السلطة ممثلة فى وزارة الداخلية على الانتخابات.
يحصل ذلك رغم كون تشكيلة لجنة تسيير اللجنة هذه المرة يمثل فيها أبرز مرشحي المعارضة :(ممثل عن حزب تواصل وآخر عن حزب الصواب)، ما كان يفترض أن يضمن تفهم وسكوت الفرقاء السياسيين عن ما يقع من هنات أثناء سير العملية الانتخابية.
فشلت اللجنة ،ربما خارج إرادتها، أحيانا ، ولكن بفعل مايشوب أداءها أحايين كثيرة ،فى جر أولئك الفرقاء للنظر لها كقيم على حسن سير العملية لا كخصم أو طرف منافس، ومن ثم التعاون معها لا الاكتفاء بانتقادها.
أسهم احتجاب أعضاء لجنة التسيير الذين اقترحتهم المعارضة فى إعطاء الانطباع بدرجة عالية من الانسجام داخل اللجنة حتى بخصوص ما يتعلق بالتبريرلما يقع من خلل .ما وضع المستقلة للانتخابات دائما فى موقع  يرسخ فقدان ثقة المنافسين للسلطة، 
المفترض لتغيير تلك الصورة النمطية أن تهتم اللجنة بكل الملاحظات بل وأن تطلبها وتطلب فوقها توجيهات واقتراحات ومشاركة الكل للتغلب على كل خلل تتم ملاحظته.
كذلك يتطلب تغيير الصورة أن تكشف للعلن حدود ما تمتلك فعليا من الاستقلالية التامة التى أعطاها القانون وعن مكامن ضعفها فى مواجهة السلطة، وأن تسعى بمساعدة الكل للحصول على استقلالية حقيقية ومكتملة المقومات ،خصوصا فى المجالين المالي والقانوني.
حماية الصوت الانتخابي إذا، تحتاج: تعهد "مشروع الصوت الانتخابي" بالعناية قبل سن الرشد، من خلال توفير تنشئة سياسية سليمة. ثم لاحقا حماية "إرادة الناخب " المشكلة لصوته بتحريرها من كل إكراه. 
وأخيرا، حماية "صوته الانتخابي المعبر عنه " من خلال توفير الضمانات اللازمة لأن تعكس نتيجة الاقتراع بصدق إرادة أغلبية الأصوات المعبر عنها فعلا.
لذلك، لا يعد تعهد أي طرف بحماية أصوات ناخبيه "تحديدا " حرصا على سلامة العملية الانتخابية أوخدمة للصالح العام، فحق التمثيل فى المكاتب الانتخابية وحضور عمليات الفرز والحصول على نسخة من محاضر التصويت أمور "متاحة " وتفي بالغرض، إذا لم يكن المقصود من إعلان ذلك التعهد التحضير لتبرير عدم الحصول على نسبة معينة حددت سلفا ووعدت بها الجماهير، دون مراعاة أن الأصوات المعبر عنها هى وحدها التى لها أن تحدد تلك الحصة.
التشكيك المسبق في نتائج الاقتراع لا يؤثر في مصداقية الانتخابات، فالشك الانتخابي الذى له رصيد والقابل للصرف هو ذلك الذي  يرتب عليه المجلس الدستوري :تعديل، الغاء، إعادة أو تحصين كل الانتخابات أو بعضها. 
الاعتراف بالنتائج التى تعلن جهات الإشراف على الاقتراع الرئاسي ، أو بعبارة أخرى "منح الشرعية "يمكن ان يوظف فى الإعداد المبكر لانتخابات رئاسية يضمن لها أن تكون أكثر حرية ونزاهة فى العام  2029 ، شرط أن لا تركن قوى التغيير لبيات سياسي يستمر حتى حلول الاستحقاقات القادمة . وأن تبتعد فى أدائها خلال هذه المدة عن تكرار ذات الممارسات بنفس الأساليب حتى لاتحصد ذات النتيجة أو تتهم بالغباء ...