وزير الخارجية أمام مؤتمر "تيكاد": غياب إفريقيا من عضوية مجلس الأمن لا يخدم السلم والأمن العالميين

ترأس وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والموريتانيين في الخارج محمد سالم ولد مرزوك، مع وزيرة الخارجية اليابانية صاحبة يوكو كاميكاو، اليوم في طوكيو، الاجتماع الوزاري لندوة طوكيو الدولية حول التنمية في إفريقيا “تيكاد”، الذي يستمر لمدة يومين، 24-25 أغسطس 2024.

وألقى الوزير خطابا، نوه خلاله على اهمية هذا النوع من الشراكات التي تدعم الأولويات التي حددتها الدول الأعضاء في الاتحاد الافريقي من خلال أجندة 2063.

وفيما يلي نص الخطاب:

“بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

صاحبة المعالي السيدة Kamikawa Yoko، وزيرة الشؤون الخارجية لليابان،

أصحاب المعالي وزراء الشؤون الخارجية للدول الإفريقية،

صاحبة المعالي الدكتورة Monique Nsanzabaganwa نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي،

أصحاب السعادة ممثلي المنظمات الدولية،

السيدات والسادة الحضور الكرام،

يشرفني أن أعرب عن خالص الشكر والتقدير لحكومة وشعب اليابان الصديقين على ما حظينا به من حفاوة استقبال وكرم ضيافة منذ وصولنا لهذا البلد العريق.

كما أود أن أهنئ الحكومة اليابانية ومفوضية الاتحاد الإفريقي ومجموعة السفراء الأفارقة في طوكيو وأديس أبابا على التحضير المتميز لهذا الحدث الهام.

أصحاب المعالي والسعادة

تأتي هذه الدورة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا “تيكاد” المنظمة تحت شعار “الإبداع المشترك لحلول مبتكرة مع إفريقيا” تجسيدا للرؤية المستقبلية للتعاون بين إفريقيا واليابان في مواجهة التحديات العالمية المعقدة.

والحال أن الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، والفجوات التكنولوجية التي تتسع يومًا بعد يوم، والتغيرات المناخية المتسارعة، تحتم علينا بإلحاح تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي تقوم على الابتكار والتفكير الخلاق لصالح بناء مستقبل أفضل لقارتنا ولعالمنا.

ولا جدال في أن قارتنا الإفريقية الغنية بمواردها البشرية والطبيعية تعتبر شريكًا مهمًا في البحث عن حلول مبتكرة لدعم مساعيها الحثيثة نحو تحقيق تطلعاتها التنموية، وتعزيز مكانتها على الصعيد الدولي وفي بناء مستقبل مشترك يتسم بالاستدامة والازدهار.

أصحاب المعالي والسعادة،

إن تحقيق هذا الشعار: “الإبداع المشترك لحلول مبتكرة مع إفريقيا”، يتطلب منا تبني مقاربات متعددة الأبعاد تضمن تكامل الجهود بين إفريقيا واليابان في العديد من الميادين الحيوية. ونعني بوجه خاص:

• التعاون في مجال تحسين البنية التحتية الرقمية وتطوير تقنيات الاتصال، وتعزيز الربط بين الدول الإفريقية، مما يسهل التبادل التجاري والثقافي ويزيد من قدرة القارة على مواكبة التحولات العالمية. وما من شك أن اليابان، بخبرتها التكنولوجية المتقدمة، تمثل شريكاً استراتيجياً لإفريقيا في بناء أنظمة اتصال متطورة تدعم النمو الاقتصادي وتساهم في تحقيق التكامل الإقليمي وزيادة الإنتاجية؛

• تطوير التعاون في مجال التعليم الذي يتبوأ مركز الصدارة في أجندة الاتحاد الإفريقي، ويُعد بوابة لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي؛ ويتم ذلك من خلال تحديث برامج التعليم والتدريب في إفريقيا وتوثيق التعاون في مجالات البحث العلمي والابتكار، مما يساعد في تأهيل القوى العاملة الأفريقية وإعداد جيل من الشباب الإفريقي قادر على مواجهة تحديات المستقبل؛

• تعزيز التعاون في مجال الصحة والرعاية الاجتماعية، من أجل دعم بناء مجتمعات أفريقية قوية وقادرة على مواجهة مختلف التحديات والأزمات الصحية؛

• تمكين الشباب، عماد المستقبل وقوة الإبداع والابتكار في مجتمعاتنا؛ فلا بد من تكوينه وتعزيز قدراته وإفساح المجال لمشاركته الفاعلة في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، والسياسية، لأن تهيئة بيئة تتيح للشباب تطوير مهاراتهم وتفعيل دورهم كقادة للمستقبل، هو ضمان لتحقيق ازدهار شامل ومستدام لأمتنا.”؛

• تمكين النساء، باعتباره مفتاح التنمية المستدامة واستقرار المجتمعات والسبيل الضامن لتحقيق تقدم شامل وعدالة اجتماعية تسهم في النمو والازدهار المستقبلي، وذلك تماشيا مع القرارات ذات الصلة خاصة القرار الأممي 1325؛

• تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين إفريقيا واليابان من أجل ترقية اقتصاد قوي صامد أمام الأزمات الداخلية والخارجية، تتضافر فيه جهود القطاعين العام والخاص؛ والاستفادة من الخبرات اليابانية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والابتكار لتعزيز التصنيع والتنمية الاقتصادية؛

• العمل معا على دعم وتعزيز جهود ترسيخ الحكامة الرشيدة ومكافحة الفساد، وضمان سيادة القانون؛

أصحاب المعالي والسعادة

في الوقت الذي نثمن فيه انضمام منظمتنا، الاتحاد الإفريقي، لمجموعة العشرين والدور البارز لليابان في هذا الانضمام، وما يفتحه من آفاق تعاون واعدة بين إفريقيا وهذا المحفل الدولي الرفيع، فإننا نرى أن النظام المالي الدولي بصيغته الراهنة لا يزال عائقا دون تجسيد المطامح الإفريقية في اللحاق بركب التنمية وتحقيق الرفاه لشعوب القارة. ومن هنا فإننا نجدد المطالبة بإصلاح هذا النظام بشكل يسمح بتمثيل إفريقيا في دوائر صنع القرار المالي العالمي، وبأخذ أولويات القارة في مجالات التنمية بعين الاعتبار. وإننا لنعول على أصدقائنا اليابانيين للدفاع عن هذا المطلب في المحافل الدولية.

وفي ذات السجل، تشكل المديونية معضلة حقيقية بالنسبة لاقتصادات الدول النامية، وخاصة الإفريقية منها. حيث تستنزف مواردها المحدودة على حساب الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وبنى تحتية. ومن هذا المنبر، ندعو شركاءنا الحاضرين للانضمام للجهود المبذولة لضمان معالجة جادة لهذا المشكل.

أصحاب المعالي والسعادة

لا يخفى عليكم أن أساس العمل في الاتحاد الإفريقي قائم على ركيزتين هما، من جهة، تحقيق التنمية المستدامة، ومن جهة أخرى تحقيق السلام في القارة.

وبالنسبة للركيزة الأولى، نعتقد أن تزامن بداية خطة العشرية الثانية من أجندة 2063 مع التحضير لقمة المستقبل التي يُراد لها أن تعطي دفعا جديدا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يشكل فرصة لتقريب وتوحيد آليات العمل لضمان الوصول الى الأهداف المنشودة في الحالتين، وتدارك ما يلاحظ من تقصير في حصيلة العشرية الأولى من أجندة 2063، من جهة، ومن تأخر في بلوغ أهداف التنمية المستدامة، من جهة أخرى.

أما بالنسبة للركيزة الثانية المتعلقة بالسلم والأمن، فإن الملاحظ أنه على الرغم من وجود أكثر من 80% من قوات حفظ السلام في إفريقيا، بسبب تعدد النزاعات والأزمات فيها، وعلى الرغم من وزن قارتنا الديموغرافبي الكبير، فإن غيابها عن مجموعة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن يشكل خللاً بنيوياً يجب تصحيحه بما يضمن للاتحاد الإفريقي تنفيذ توصيته في (إجماع إزويليني)، الداعي إلى منح إفريقيا ثلاثة مقاعد دائمة وخمسة غير دائمة، تحقيقاً للإنصاف.

وفي الختام، أجدد لكم التزامنا الكامل بالعمل سوياً لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها في إطار هذا التعاون، ونتطلع إلى تعزيز شراكتنا لتحقيق مستقبل أكثر إشراقاً لشعوبنا.

أشكركم على حسن الإصغاء، والسلام عليكم ورحمة الله”