هل"فيه إنً" أم لا ؟: (1)- يعقوب السيف

الثابت أن الوظائف والسلطات التي تعد أساسية للدولة ومبررا لوجودها يكون الاختصاص بممارستها على وجه الحصر للسلطات السيادية، فتقع خارج دائرة قابلية التفويض.
مراعاة لتلك الأهمية تعرف القطاعات الوزارية المتمتعة بهذه السلطات والمعنية بوظائف من ذلك القبيل ب "وزارات السيادة"، وتحوز على المستوى البروتوكولي السبق بالنسبة لباقي الوزارات...
مع بداية العمل بدستور 20 يوليو تصدرت وزارات السيادة القائمة في أول حكومة تم تعينها بموجب المرسوم رقم: 32-92، بتاريخ: 20 إبريل 1992، (الجريدة الرسمية / العدد 781، بتاريخ: 30 إبريل 1992)، وجاءت على الترتيب التالي:" الخارجية –الدفاع-العدل –الداخلية". 
وتمت المحافظة على ذلك الترتيب حتى الحكومة المعينة بموجب المرسوم رقم: 077-2003، بتاريخ :07 يوليو 2003 (الجريدة الرسمية /العدد 1051، بتاريخ: 30 يوليو 2003) والتي تعد آخر حكومة قبل تعليق العمل بالدستور.
لم يطرأ جديد مع "المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية"، فالحكومة التى تم تعيينها بالمرسوم رقم: 2005-95، بتاريخ: 10 أغسطس 2005 (الجريدة الرسمية /العدد رقم: 1102، بتاريخ: 15 سبتمبر 2005)، أبقت على ما استقرت عليه الممارسة بذلك الخصوص، لكنها تميزت بخلوها من وزارة للدفاع " الخارجية -العدل –الداخلية". 
بعد عودة العمل بدستور 20 يوليو1991، عمد لترتيب جديد لوزارات السيادة؛ بموجبه أصبح "العدل" في الصدارة، ظهر ذلك مع الحكومة المعينة بالمرسوم رقم: 057-2007 بتاريخ: 28 إبريل 2007 (الجريدة الرسمية /العدد رقم: 1144، بتاريخ: 30 مايو 2007) "العدل -الخارجية –الدفاع –الداخلية "، واستمر مع الحكومة المعينة بالمرسوم رقم: 139-2008، بتاريخ 15 يوليو 2008 (الجريدة الرسمية /العدد رقم: ،1175 بتاريخ 15 سبتمبر 2008).
احتفظ لوزارات السيادة بذات الرتبة والترتيب "العدل - الخارجية –الدفاع-الداخلية" بعد الانقلاب الثاني، منذ الحكومة المعينة بالمرسوم رقم :159-2008، بتاريخ: 31 أغسطس 2008، (الجريدة الرسمية /العدد 1177، بتاريخ :15 أكتوبر 2008، وحتى آخر حكومات العشرية التى عينت بالمرسوم رقم: 296-2018، بتاريخ: 30 أكتوبر 2018. (الجريدة الرسمية / العدد 1427، بتاريخ: 15 دجمبر 2018). 
فى الخمسية التى تلت العشرية استمر الحال مع الحكومة الأولى، المعينة بموجب المرسوم رقم:377-2019، بتاريخ: 08 أغسطس 2019 (الجريدة الرسمية/ العدد 1446، بتاريخ: 15 أكتوبر 2019)، ومع الحكومة الثانية المعينة بموجب المرسوم رقم:155-2020، بتاريخ :09 أغسطس 2020، (الجريدة الرسمية /العدد 1472، بتاريخ: 30 أكتوبر 2020).
جاء الجديد الوحيد في هذه المرحلة عندما قرر مجلس الوزراء في 27 مايو 2021 ضم وزارة الشؤون الإسلامية لوزارات السيادة، حيث روعي وضعها فى الترتيب "العدل –الخارجية –الدفاع – الداخلية – الشؤون الإسلامية".
التجديد الحقيقي جاء مع بداية الخمسية الثانية للعشرية الجارية؛ فقد أرسى المرسوم رقم: 143-2024، بتاريخ: 05 أغسطس 2024، المتضمن تعيين أعضاء الحكومة (الجريدة الرسمية / العدد رقم: 1563، بتاريخ: 15 أغسطس 2024) نسقا جديدا في ترتيب القطاعات الوزارية، دون إعلان رسمي بتبني الخيار الجديد، تميز ب:
-تصدر الأمانة العامة للحكومة: التي كانت آخر القطاعات ورودا في جميع مراسيم تعيين الحكومات منذ صدور دستور 20 يوليو 1991.
-تقدم وزارة تمكين الشباب والتشغيل والرياضة والخدمة المدنية، ووزارة التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف على وزارات "العدل –الشؤون الخارجية –الدفاع –الداخلية- الشؤون الإسلامية". وتأكد تبنى هذا الترتيب مع:
-اعتماد ذات الترتيب فى تصوير "الموريتانية " لوصول الوزراء لأول اجتماع للمجلس.
- ثم بالمجلس الذى أخذه الوزراء داخل قاعة الاجتماع ؛ حيث زيد عدد المقاعد (تسعة مقاعد) في جهة الطاولة التى تتصدر المجلس ويجلس عليها رئيس الجمهورية ، وحرزت من اليمين بوزير تمكين الشباب والتشغيل والرياضة والخدمة المدنية ومن اليسار بوزير التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف ،بينما توزع وزراء "السيادة" بين طرفي الطاولة.
- فى بيان مجلس الوزراء الصادر بتاريخ: 14 أغسطس 2024؛ حيث تقدمت التعيينات على مستوى تينك الوزارتين الإجراءات الخصوصية المتخذة من المجلس. وتأخرت تلك المقام بها فى وزارات السيادة ، حتى التى منها-من الناحية الموضوعية - يمكن اعتبارها في مرتبة وزارة دولة؛ بحكم انتداب وزير لدى وزيرها (الداخلية).أو تلك منها التى لم يكن من داع لإجراء خصوصي بشأنها لأن أمينها العام بقي هو هو ، فكأنما التأكيد لمكانتها الجديدة لا للأمين العام.
القول بالصدفة فى مقام كهذا مسبة فى حق أهم الأجهزة السيادية للجمهورية الإسلامية الموريتانية "الحكومة".
وغياب تفسير رسمي لهذا الخيار الجديد يصرف الذهن إلى التنافس القائم بين المسافرين الجدد وقدامى الركاب ليس على المقعد الثاني فى القمرة وقد حسم أمره ،بل حتى على مقاعد الدرجة الأولى المفترض حجزها مقدما من الناحية البروتوكولية !